هويدا عوض احمد تكتب : التطبيع الثقافي

هويدا عوض احمد تكتب : التطبيع الثقافي
هويدا عوض احمد تكتب : التطبيع الثقافي


التطبيع : هو محاولة إضفاء صيغة طبيعية علي ظاهرة لها خصوصيتها وفرادتها بحيث تبدو هذه الظاهرة وكأنها تنتمي إلي نمط عام متكرر لا تنتمي له في واقع الأمر 
النشاط الثقافي العربي في مقاومة التطبيع امر يخدم المصالح القومية ،ذلك ان إسرائيل تسعي لأخذ كل مكتسبات السلام مع الإبقاء علي الإحتلال وعلي سياسة العدوان ومع الأسف ،فان بعض الساسة العرب تحت تأثير الضغوط الخارجية سارع للتطبيع تحت شعار مضلل انه يخدم العملية السلمية .
وإذا كانت الحركة الصهيونية والكثيرون في إسرائيل يدعون إلي الكبرى فليس من حق احد أن يمنع السياسي او المثقف من الدعوة إلي الحقوق التاريخية للامة العربيه وشموخها.
أن العملية السلمية في إطار تحقيق مصالحنا يجب ان لا ينظر كمسألة تدعو ألي الريبة لأن مثل تلك النظرة تفتقد إلي الموضوعية .
إن الأنكماش تحت ذريعة الحقوق التاريخية يشكل سدا منيعا أمام التحرك نحو تلك الحقوق ودائما يجب أن ننطلق من قناعة أن تحرير الأرض افضل كثيرا من بقائها تحت الإحتلال شرط ألا يكون التحرير شكليا ويؤدي إلي توسيع فعلي لرقعة الإحتلال .
ويعتبر .أبا إيبان ..وزير الخارجية الإسرائيلي. الأسبق .واحد قادة حزب العمل البارزين اول من أطلق عبارة ،التطبيع ،، وذلك بعد حرب حزيران /يونيو العدوانية التي أشعلها العدو الإسرائيلي 1967.
ويعني التطببيع بحسب مفهوم أبابيان ، إقامة علاقات طبيعية بعيدة عن اجواء الحرب والقتال وفي جو من التعاون والسلام .
ويطالب العدو،،الإسرائيلي ،، بإستمرار بتطبيع العلاقات مع العرب دون ان يغير من إيديولوجيتة الصهيونية واهدافها في إقامة .إسرائيل ..العظمي علي حساب الأرض والحقوق والثروات العربية 
كما يتعامل مع عملية التسوية باستخفاف واستعلاء كبيرين وممارسات إرهابية وإستيطانية وعنصرية لا مثيل لها في العالم علي الإطلاق .
وتسخر ،إسرائيل ،، التطبيع لإعادة تشكيل العقل العربي وحمله علي ..
اولا : القبول بالوجود ،،الإسرائيلي علي حساب الوجود والحق العربي .
ثانيا: تبني الخرافات والاساطير والمزاعم والأكاذيب اليهودية .
ثالثا : التخلي عن ثوابت النضال العربي والتشكيك بجدوى التمسك بالهوية القومية والوحدة العربية 
رابعا: التخلي عن مقاومة الاحتلال والاسيطان ،الأسرائيلي ،، ووصف المقاومة المشروعة بالارهاب .
خامسا:القبول بالشروط والإملاءات ،الأسرائيلية ،،لإقامة إسرائيل العظمي الاقتصادية من الفرات إلي النيل ..علي حد معتقدهم .
إن التطبيع الذي يجرى فرضه وتسويقة ،ليس التطبيع بمعناه السلمي ، فالصهاينة خططوا للتطبيع بمعناه الإستعماري لإنهاء قضية فلسطين بالشروط والإملاءات الإسرائيلية وفرض الهيمنة الاسرائيلية علي الإقتصاديات العربية ،وتعطيل عملية السلام إذا لم تضمن لإسرائيل التفوق والهيمنة .
وتقوم إسرائيل وبدعم كامل من الولايات المتحدة المتحدة بإغراء بعض الأطراف العربية علي القبول بالتطبيع الكامل لقاء إعطائها بعض الأدوار في المنطقة لتقزيم الصراع وإذكاء التنافس علي الادوار الإقليمية لتصب كلها في مصلحة إسرائيل وعلي حساب العروبة والإسلام .
واخذت بعض الدول العربية ترى ان التطبيع مع العدو الصهيوني يشكل حماية لنظامها ويجلب لها رضي الولايات المتحدة الامريكية واليهودية العالمية .
ويمثل التطببع الثقافي الدعامة الرئيسية للتغلغل ،الاسرائيلي، في المنطقة .لانة اعمق وأكثر أستقرار من أي ترتيبات أمنية .مثل المناطق منزوعة السلاح ،ووضع قوات دولية وأجهزة إنذار إلكترونية وغيرها من الترتيبات .فالتطبيع الثقافي يظل العامل الحاسم علي المدي البعيد .لأن الصراع يترسخ في وعي الشعوب وثقافتها وفي ذاكرتها الجمعية ووجدانها القومي ،فتصعب عملية هز القناعات وتدمير مقومات الذاكرة الوطنية وإختراق الثوابت التاريخية والدينية والحضارة دون إقامة جسور للتواصل والتطبيع الثقافي .ومن هنا ،فقد قامت الإستراتيجة الصهيونية وتجلياتها المعاصرة علي محاولة نزع العداء من الوجدان والعقل والذاكرة العربية ، استكمالا لنزع الأسلحة المقاومة ، وهي المهمة التي تضمنها الاتفاقات السياسية والأمنية وضرورة إستيراتيجية إنعقد حولها الإجماع الفكرى في أسرائيل .ويلتفت خلفها المخططون والمنفذون ..
فقامت بتأصيلها والتنظير لها مراكز بحوث علمية وجامعات ومعاهد وهيئات اكاديمية إسرائيلية .كالمركز اليهودي العربي في جامعة حيفا.
ومعهد الدراسات الإنسانية في جامعة حيفا ومعهد الدراسات العربية ومركز الدراسات الإستيراتيجية في جامعة تل ابيب .والمركز الدولي للسلام في الشرق الاوسط .
إن إصرار العدو الصهيوني علي التطبيع خصوصا في الميدان الثقافي إنما ينبع من إدراكه ان هذا الميدان ،هو المؤهل والقادر علي تلويث الفكر العربي والثقافة الشعبية الوطنية ،
وضخ المفاهيم والتصورات المشوهه لقيمة ومبادئه والشخصية القومية .
التطبيع في المجال الثقافي يستهدف التطببق العملي .
إعادة كتابة التاريخ الحضارى لمنطقتنا العربية عبر تزييف العديد من الحقائق والبدهيات التاريخية المتعلقة بالطريقه الاستعمارية الإستيطانية التي أقحمت الكيان الصهيوني في الوطن العربي .حيث أقامت دولته ،،اسرائيل ،، علي الارض العربية في فلسطين مع تشريد اغلبية شعبها.
التوقف عن تدريس الأدبيات والوثائق والنصوص المعادية لليهود والصهيونية ودولة إسرائيل بما في ذلك الوارد منها في بعض الكتب المقدسة كالقرآن الكريم تطبيقا للمادة الخامسة من مواد إتفاقيات كامب ديفيد ..البند الثالث..حيث كثفت إسرائيل جهودها العلمية لرصد وتسجيل وتحليل المفاهيم الإسلامية المؤثره في الصراع مع الصهيونية كأحد أبرز وجوه العناصر البنائية للذهنية العربية .
ان تصبح جامعات العدو ومراكز ابحاثة ودراسات مرجعية علمية للمنطقه باسرها ،بحيث تؤسس للمشروع الصهيوني ، الموجة لتدمير الثقافة والهوية الحضارية للمنطقة العربية بأكملها ،بل إحداث التفكيك والفوضي في داخل كل قطر عربي عبر إذكاء روح التناحر بين المنتميبن للاديان والطوائف والمذاهب والجماعات المختلفه من جهة ،
وعبر محاولة تحقيق السيطرة الثقافية والعلمية والتقنية من جهة اخرى .
عبر بيريز في كتابة الشرق الأوسط الجديد .بان القوة في العقود القادمة في الجامعات وليس في الثكنات يعد تلخيصا مكثفا للإستيراتيجية الصهوينية في هذا المجال .
وتقوم هذه الاستيراتيجية علي تجريد الأمة من ثقافتها لكي تصبح شبيهه بثقافة الكيان القائم في قلبها .
اي من دون ثقافة موحدة ..
التطببع الثقافي يستهدف تدمير المقومات الذاتية للثقافة والحضاره العربية ولهذا فهو في تظر خبراء العدو وباحثية وقادتة العنصر الاهم والأكثر إلحاحا 
في فرض الهيمنه الصهيونية علي العرب وجعلهم يستسلمون نهائيا تعبيرا عن الهزيمة الحضارية 
والانهيار القومي الجماعي ...
وبالتالي .فالمفهوم الصهيوني للتطبيع هو المظلة التي يرتكب تحتها كل مايضمن لها .اي للصهيونية ..تحقق اهدافها التوسعية وأهدافها الإستيراتيجية في نهب موارد الوطن العربي والسيطرة علي مقدراته وتفكيكة وإلغاء العربية ،وتدمير تراثنا وتاريخنا ومستقبلنا .
اما الأساليب والوسائل والبرامج الصهيونية المتبعه لتحقيق هذه الأهداف الخطيرة فهي شديدة الإشعاع والتنوع والتداخل والتجدد .
ومن المعروف ان التطببع ياتي ضمن مخطط دولي تشارك فيه الصهيونية العالمية واسرائيل ومؤسسات وهيئات غربية كثيرة ،عبر التركيز الشديد علي تقويض حقائق ظلت لعقود متتالية قاعدة للثقافة القومية العربية .ولا يمكن دراسة الظاهرة الطائفية التي تصاعدت في السنوات الأخيرة في الوطن العربي ،
بمعزل عن تأثير تلك الجهات والدوائر المشبوهه التي نشرت مايمكن تسميته بثقافة الفتنه .
لدرجة أنها ساهمت مباشرة في التمهيد لعدد من عناصر الانهيار والتردي التي تخترق اوصال الأمة 
وثقافة الفتنة تقوم علي نبش الأحقاد والضغائن وعناصر التوتر في المجتمع وبث ثقافة تعميق التضاد والتناحر والأختلاف والنقاتل بين الجماعات 
المختلفة داخل الأمة
ويأخذ هذا الاختراق شكل الترويج لقيم وعلاقات تصب مباشرة في تدمير المناعة الثقافة العربيه.
مثل مهاجمة ..العقل العربي ..والشخصية العربية والتشكيك بالامة العربية وهويتها الحضارية .
والترويج لمزاعم الصهيونية والتيارات الشعوبية الحاقدة التي تصر علي مزاعم متجدده كالقول بان العرب مجرد نقلة للحضارة او مترجمين او لا يتمتعون بعقل علمي تحليلي نقدي .
وان الثقافة العربية الواحدة والامة العربية الواحدة مجرد وهم وخرافة ..
العقل الصهيوني بات يدرك انه إذا كانت الثقافة العربية صعبة الإختراق لعراقة جذورها ومتانة مقاومتها ، لذلك لجأ إلي وسيلة ايسر وأسهل في إختراق بعض المثقفين العرب الذين يمكن استخدامهم كادوات لتفكيك حصن الثقافة العربية ودك اسسها من الداخل .
وياخذ هذا الإختراق اشكالا واساليب متنوعه من التطبيع وتصفية مصادر او منابع العداء في الفكر السياسي العربي .
ومحاولة إلغاء مايسمي ب الطابع السلبي .السائد في الإيديولوجية القومية العربية تجاه إسرائيل والصهيونية ..وخلق قاعدة فكرية للتواصل والتعامل المباشر مع بعض القوى والهيئات والجماعات والنخب الفكرية والسياسية..