مدحت بشاي يكتب : "ماري كوري" و"عباس العقاد" سلفي المرجعية

مدحت بشاي يكتب : "ماري كوري" و"عباس العقاد" سلفي المرجعية
مدحت بشاي يكتب : "ماري كوري" و"عباس العقاد" سلفي المرجعية
" إذا ميز الرجل المرأة بين جميع النساء؛ فذلك هو الحب ... إذا أصبح النساء جميعاً لا يغنين الرجل ما تغنيه امرأة واحدة؛ فذلك هو الحب ... إذا ميز الرجل المرأة لا لأنها أجمل النساء، ولا لأنها أذكى النساء، ولا لأنها أوفى النساء، ولا لأنها أولى النساء بالحب، ولكن لأنها هي هي بمحاسنها وعيوبها؛ فذلك هو الحب.." هكذا عرف الكاتب والمفكر الكبير علاقة الحب بين الرجل والمرأة ...
أما كيف كان العقاد يرى المرأة ودورها ، فنحن أمام رؤية رجعية غريبة ، يقول " إن الداعيين لتحرير المرأة ومتهميّ الرجل بالاستبداد لم يقدموا جديدًا، فقد أثبتوا الحقيقة التى لا مناص منها، وليس عيبًا فى الرجل، ولكنها الحقيقة فالرجل بطبيعته أقوى، والله قد خلق الكون لحكمة، فالقوى يغلب الضعيف، والمرأة مُسخرّة لخدمة الرجل، لإنه متميزا عنها وبإمكانه أن يستغلها ولا لوم عليه، وضرب على ذلك مثلا تسخير الأقوياء والأحرار للعبيد.."..
ولا تسلم السيدة "ماري كوري" Curie نفسها، من انتقاص "العقاد" لعطائها العلمي الذي نالت عليه مع زوجها بيير كوري جائزة نوبل مرتين 1903، 1911 ويقول عنها "العقاد" منتقصا مواهبها إنها "لا تعمل مستقلة عن زوجها، ولم يكن عملها من قبيل الاختراع والابتداع، إنما كان كله من قبيل الكشف والتنقيب". ويضيف "إن الاكتشاف ليس كالاختراع، وقصارى الاكتشاف أنه صبر على النظر، ثم إدمان النظر، الى أن ينكشف الشيء". ويقول العقاد إن المرأة "مجبولة على التناقض"، ويقول إن "من أخلاق المرأة الولع بالممنوعات"! ورغم أنه لم يتزوج أبدا، فإنه انبرى مدافعا في الوقت نفسه عن "تعدد الزوجات".
وأتفق مع الكاتب خليل علي حيدر فيما ذهب إليه أن "العقاد" اختار من الفيلسوف الألماني "شوبنهاور" عداءه المعتق للمرأة، وترك تشاؤمه الذي كان من أركان فلسفة "شوبنهاور" بعد "الإرادة" وكان العقاد كأغلب المفكرين في ثقافتنا، "انتقائيا" يتحمس للحقائق أو التوجهات التي تتماشى مع آرائه ونظراته في الحياة، ولا يقف بعمق، كبعض النقاد والفلاسفة الغربيين أمام ما يتعارض معها "كبرتراند راسل" مثلا، ولكن كانت كذلك للعقاد كما هو معروف مواقف بالغة الشجاعة في قضايا عديدة، وأكبرها في رأيي وقوفه ضد النازية وألمانيا النازية، وسط إعجاب عربي وإيراني وإسلامي كاسح، وسط انتصارات آلته الحربية في أوروبا وروسيا وشمال إفريقيا وكثرة مناصري النازية في العراق وسورية ومصر وكل مكان، وكذلك وقوفه ضد ستالين والاتحاد السوفياتي كما وضع كتابا بعنوان "الحكم المطلق في القرن العشرين"، يدافع فيه عن الحكومات النيابية ويهاجم الاستبداد ويبين مثالب الطغيان.
أعتقد أنه وبعد مرور ما يقرب من قرن من الزمان على كلام العقاد هناك من لازال يكرر هذه الدعاوى الغريبة الآن حول ضعف قدرات المرأة ، وأنها ليس لها من سبيل سوى اعتمادها على الرجل الذي يجب أن يخوض عنها وعن المجتمع كل المعارك ، وأن دورها هو التلطيف والطبطبة والحنان وتضميد الجراح .. وأظن أن ما قيل مؤخرا من آراء رجعية حول عدم صلاحية المرأة لمناصب القضاء هو تكرار لحديث قديم !!
وألا تذكرنا تلك التصريحات للعقاد ، بإصدار الدعوة السلفية  في 2010 فتواها بعدم جواز ترشح المرأة في المجالس النيابية" وفي 2011 عادت وأجازت المشاركة مع أنها كانت ترى أن الأصل (عدم الجواز) لضعف المصلحة وما قد يترتب عليه من تنازلات شرعية ، ولكنها عادت وأكدت بعدم وجود ما يمنع من ترشح امرأة على القوائم للأحزاب ذات المرجعية الدينية ، ومنها: "حزب النور" وبررت ذلك بضرورة درء مفسدة ترك البرلمان لليبراليين والعلمانيين يسنون دستورًا يحارب الإسلام، ويقيد الدعوة، بل ويمنعها ويعاقب عليها!
يقول الكاتب رضا عبد الرحمن "الفكر السلفي الوهابي يُحرم الاختلاط بين الرجال والنساء في العمل والدراسة، ويُحرم جلوس البنت بجوار الولد في مدرج الدراسة أو على سلم الكلية، ويُحرم أي نوع من العلاقات الإنسانية البريئة والشريفة بين الذكر والأنثى، الوهابية تحرم النظر للمرأة وسفر المرأة بدون محرم، الوهابية تحرم الخلوة بين رجل وامرأة لأن الشيطان سيكون ثالثهما.." ..
لم يكن العقاد يرى أي استبداد في العلاقة بين المرأة والرجل! ففي كتابه الثاني عن المرأة، بعنوان "المرأة في القرآن الكريم"، سنة 1959، ذهب إلى أن تفضيل الرجل على المرأة صفة "مستحقة بتفضيل الفطرة، ثم بما فُرض على الرجل من واجب الإنفاق على المرأة، وهو واجب مرجعه الى واجب الأفضل لمن هو دونه فضلا، وليس مرجعه الى مجرد إنفاق المال، وإلا لامتنع الفضل إذا ملكت المرأة مالاً يغنيها عن نفقة الرجل أو يمكنها من الإنفاق عليه".
وعليه ، كان من الأهمية بمكان تأكيد الرئيس السيسي في إحدى الاحتفاليات بدور المرأة عام 2017 ، قال : " إن الواجـــب الوطني والمسئولية أمام التاريخ تحتم علينا أن نسرع الخطى في تمكين المرأة، والحفاظ على حقوقها ووضعها في المكانة التي تليق بقيمتها وقدراتها وتضحياتها على مدار التاريخ، التزاماً بالدستور المصري الذي يعبر عن إرادة الشعب المصري والذي رسخ قيم العدالة والمساواة، وإعمالاً لما جاء به من مبادئ تكافؤ الفرص، وما كفله للمرأة مـن حقـوق، واتساقاً مع رؤية مصر 2030 واستراتيجيتها للتنمية المستدامة التي تسعى لبناء مجتمع عادل، يضمن الحقوق والفرص المتساوية لأبنائه وبناتـه من أجل أعلى درجات الاندماج الاجتماعي لكافة الفئات، وإيماناً من الدولة المصرية، بأن الاستقرار والتقدم لن يتحققا إلا من خلال ضمان مشاركة فاعلة للمرأة في كافة أوجه العمل الوطني، وفي إطار إعلان عام 2017 عاماً للمرأة فإننى قررت تكليف الحكومة وكافة أجهزة الدولة والمجلس القومي للمرأة، باعتبار استراتيجية تمكين المرأة 2030 هي وثيقة العمل للأعوام القادمة لتفعيل الخطط والبرامج والمشروعات المتضمنة في هذه الاستراتيجية... " ..