حوار مع الكاتب الصحفي بهجت العبيدي

حوار مع الكاتب الصحفي بهجت العبيدي
حوار مع الكاتب الصحفي  بهجت العبيدي

حوار مع الكاتب الصحفي  بهجت العبيدي 

حاوره محمود درويش 

 

* في البداية حدثنا عن نشأتك محل الولادة مشوارك الدراسي ؟ 

 

أنا من مواليد عزبة موسى في لسا الجمالية التابعة لمدينة الجمالية بمحافظة الدقهلية، تلقيت تعليمي الابتدائي في مدرسة كفور الجمالية ثم انتقلت لمدينة الجمالية لتلقي تعليمي الإعدادي والثانوي، حيث لم تكن هاتين المرحلتين متوفرتين في العزبة الصغيرة، حيث تحصلت على الإعدادية والثانوية من مدرسة الجمالية الإعدادية الثانوية المشتركة، بعدها التحقت بكلية الآداب جامعة المنصورة حيث تحصّلت على ليسانس الآداب في اللغة العربية وآدابها، وعملت مدرسا للغة العربية في مدرسة عمر بن الخطاب الإعدادية الجديدة بلسا الجمالية لمدة خمس سنوات قبل أن أغادر مصر متجها للنمسا في هجرة دائمة، لا تمنعني طبعا من زيارة مصر كلما كانت الظروف مواتية. 

ولعله من المناسب هنا أن أذكر أنني قمت على عدة أبحاث أذكر منها بحثا تحت عنوان: الدخيل والمولد في المعجم الوسيط، وبحثا في رواية "القاهرة الجديدة" لنجيب محفوظ وآخر في المجموعة القصصية "رأيت فيما يرى النائم" لنجيب محفوظ، وبحثا في قصة "اللص والكلاب" أيضا لنجيب محفوظ، ودراسة في ديوان طقوس لبيع قلب وكان الديوان الأول للشاعرة الزميلة صفاء البيلي، ودراسة في قصيدة "سندباد قلبي شراع عصية" للشاعر الصديق فتوح مصطفى قهوة وأيضا قراءة في رواية أولاد حارتنا لنجيب محظوظ ... وغير ذلك من دراسات وأبحاث. 

................................................... 

* متى ظهرت موهبتك في الكتابة وكيف كانت بداياتك مع الصحافة ؟

 

في الحقيقة أنا لا أنظم نفسي بين المواهب، فالموهبة تكون في جنس أدبي أو مجال فني، ولكن ما أقوم به هو عمل فكري خالص، طبعا لابد فيه من امتلاك أدواته التي من بينها الصياغة التي يجب أن تكون من الرقي بمكان، أما إن كنت تقصد حضرتك منذ متى بدأت الكتابة، فهذا منذ سنوات الصبا الأولى في محاولات صبيانية أشاد بها البعض في حينها مما ترك أثرا طيبا في نفسي، وهنا يأتي دور التشجيع الإيجابي، فإنني أذكر أننا ونحن في المرحلة الإعدادية، وعلى وجه التحديد في الصف الثاني الإعدادي، وكان يتم الاستعانة في الامتحانات بمراقبين من خارج المدرسة أن راقب عليّ أحد معارف والدي رحمة الله عليه، وكان ذلك في امتحان اللغة العربية، وكان يحضر بين الحين والآخر ينظر في ورقة إجابتي، ولا يتحدث معي، وكان موضوع التعبير عن مبادرة السلام المصرية الإسرائيلية، وحينما عاد أبي إلى المنزل ذكر لي أن المراقب أخبره ببراعة صياغة الموضوع والذي أكد له أنه لا يستطيع الكتابة بهذا الأسلوب، وكان لذلك أثر طيب في نفسي.

وحينما كنا نتلمس ونتحسس قدراتنا كانت لنا محاولات في كتابة القصة القصيرة، فنالت محاولتنا الأولى المركز الأول في مسابقة قصر ثقافة مدينة الجمالية وكانت تحت عنوان "رسالة" وتم إذاعتها في محطة إذاعة وسط الدلتا وكانت تميل للرمز، بعد ذلك كتبنا قصة قصيرة تحت عنوان "النافذة" في نفس الاتجاه الرمزي، وكان لنا عدة محاولات قبل نهجر هذا الفن الأدبي ونتجه للمقال الصحفي. 

....................................................

* هل تعتقد أن الصحافة تندرج تحت مسمى الهواية أم الموهبة أم هي خلاف ذلك؟! 

 

الكتابة في المطلق تحتاج للموهبة بدرجة أو بأخرى، وبالطبع فإن الصحافة عمل أساسه الرئيسي الكتابة، ومن هنا فإن الموهبة تكون لازمة في الصياغة، والتي يمكن هنا أن تُكْتَسَب، عكس الموهبة في الأجناس الأدبية والتي هي سليقة، أقول يمكن للصحفي حتى الذي لا يمتلك الموهبة أن ينمي نفسه وذلك بالعمل على امتلاك أدوات العمل الصحفي والذي يلزمه أول ما يلزم الثقافة الموسوعية، فلا يمكن بحال أن يحقق صحفي مجدا دون أن يتحصل على ثقافة موسوعية، حيث أن الكتابة في مجال ما تحتاج إلى معارف في كافة المجالات، فهل يمكن الكتابة في المجال السياسي دون معرفة عميقة للمجال الاقتصادي، ودون إلمام تمام بالحالة الاجتماعية، ودون معرفة دقيقة لما يعتمل في المجتمع عوامل: سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية،  ومن هنا فإن حالة "الفهلوة الصحفية" التي تملأ الساحة لا يمكن أن تخرج لنا صحفي ذا بال.

....................................................

* بمن تأثر بهجت العبيدي ولمن تقرأ؟

فلنبدأ من الشطر الثاني من السؤال وهو لمن أقرأ، فأنا أقرأ كل ما يقع في يدي وفي كافة المجالات: الأدبية والسياسية والاقتصادية والعلمية والدينية، أهتم كثيرا بالفلسفة وتاريخ العلم، أقرأ في التاريخ، أهتم بالحضارات، أتابع النظريات العلمية، أتعرف على الثورات، أهتم كثيرا بتكوين العقل الحديث، أتابع علوم الفضاء، لا أغلق ذهني ولا عقلي على مجال من المجالات.

أما من تأثرت بهم من الكتاب فيأتي على رأسهم طه حسين وجبران خليل جبران ونجيب محفوظ. وطبعا هناك العديد من الكتاب العرب: قديما وحديثا، وكذلك من الكتاب الغربيين. 

.................................................. 

* هل واجهت صعوبات في بداية مشوارك الصحفي وكم مرة سببت كتابتك مشاكل لك إن وجدت؟

 

في الحقيقة كنت محظوظا لدرجة كبيرة، حيث أنني في بداية هجرتي للنمسا تعرفت على صحفي سوري هو الأستاذ نبيل الصفدي والذي كان يصدر مجلة ورقية بطباعة متميزة تحت مسمى "سكوب العربي" وبعد أن نشرت فيها لعدة أعداد أصدر مجلة  أخرى تحت  اسم "المغتربين" والذي جعلني، منذ عددها الأول، مدير التحرير، وكان لهذا الرجل فضل كبير في تقديمي للقارئ العربي في النمسا وأوروبا، حيث كان يتم توزيع المجلتين في النمسا وبعض العواصم الأوروبية، بعد ذلك كان الصديق الأستاذ محمد عزام قد أطلق موقع جسور وكان حريصا على جودة المقالات به، فلم يكن ينشر إلا المقالات الرصينة وسعدت كثيرا بنشر بعض المقالات، وكان ذلك قبل ربع قرن تقريبا، بعد ذلك عملت مع الأستاذ عزام في شبكة الجديدة الإخبارية، التي كان يمتلكها صحفي عراقي، حيث كان يرأس تحريرها وزاملت فيها الأديبة الجزائرية الصحفية سعاد سعيود والصحفي المصري الأستاذ أسامة نصحي مدير مكتب أنباء الشرق الأوسط وصحفيين من لبنان واليمن والعراق، ثم بعد ذلك ظهرت في الصحافة المصرية بعد أن كنت قد حققت انتشارا كبيرا في أوروبا، ففتحت لي روزاليوسف أبوابها قبل أن تغلقه دون ذكر الأسباب، وكذلك البوابة نيوز التي خصصت لمقالنا بابا، وكذلك موقع صدى البلد الذي نشرت فيه مئات المقالات وصدى العرب الذي كان لنا فيه باب،  كذلك موقع هاشتاج الكويتي، ولنا صفحة خاصة في الحوار المتمدن العراقية، وصفحة كذلك في الموقع المغربي أنطولوجيا السرد العربي، أما الصحيفة الجزائرية الكبيرة والتي أعتز بها كثيرا صحيفة الأمة العربية الجزائرية فلنا فيها مساهمات دورية، وكذلك جريدة صدى ليبيا. وساهمنا في مجلة الديوان الجديد بمقال دوري منذ عددها الأول حتى الآن وكذلك نقوم بالنشر في مجلة صوت بلادي التي يصدرها الزميل الأستاذ بالولايات المتحدة الأمريكية. 

.................................................... 

* هل هناك قيود في العمل الصحفي وخطوط حمراء وما هي أبرز المعوقات التي تواجه الكتاب؟!

 

للأسف الشديد نعم هناك خطوط حمراء في الصحافة خاصة المصرية، والغريب أن هذه الخطوط الحمراء ليست، كما يظن البعض، حول القيادات السياسية، فربما تكون هذه القيادات صاحبة أقل الخطوط الحمراء، فهناك خطوط حمراء في مجال الأديان،  وهناك خطوط حمراء على الشخصيات التاريخية، وهناك خطوط حمراء على الرموز في كافة المجالات، أضف لذلك خطوط حمراء لبعض المتنفذين، أذكر مرة أنني كتبت مقالا عن مرتضى منصور، ولم يكن يتناوله بصفة شخصية، ولكنه وكان خاصا بنشر الخرافة والشعوذة والسحر، فطُلِب مني عدم التعرض له.

................................................ 

* كيف ترى حرية الصحافة في الوقت الحالي ، وهل لهذه الحرية سلبيات أكثر من الإيجابيات ؟!

 

ليس هناك حرية بشكل كاف للصحافة خاصة كما ذكرت لحضرتك في بعض الموضوعات أو لبعض الشخصيات، ومع ذلك فأنا أرى أن على الكاتب الصحفي أن يبتعد عن الإسفاف فقط ويتناول ما يشاء تناوله بشكل مناسب يبتعد فيه عن الابتذال وله بعد ذلك الحرية في التناول. 

 

............................................ 

* ما مدى تأثير النقد لأي سلبيات في المجتمع وهل ما يتم تشخيصه يلقى أذاناً صاغيه؟!

 

مهمة الصحفي الحقيقية هي النقد، فهو السلطة الرابعة، ويجب أن يتم الالتفات لكل ما يخرج، ليس فقط عن الصحفي، بل عن العقول النقدية، فلا يمكن أن يتم تقدم ما لم يكن هناك نقد، فالنقد هو جناح الطائر الآخر، فبدونه لا يستطيع الطائر أن يحلق في السماء.

............................................ 

 

* بما أن الصحافة الالكترونية سرقت الأضواء من الصحافة الورقية هل لديك أمل بنهضة الصحافة الورقية من جديد ؟!

 

أظن أن الصحافة الورقية في طريقها للاندثار، ستصبح من التاريخ، وهذا لا شيء فيه، ولا داعي للبكاء عليها، فلم يعد من المعقول أن يحمل معه الإنسان في العصر الحالي جريدة "طويلة عريضة" وهو يحمل جهاز هاتف في حجم كف اليد فيه كل شيء.

 

 

......................................... 

* بهجت العبيدي  مدرسة صحفية عطاؤها لا ينضب بشهادة الجميع يستلهم منها الصحفيون والكتاب وأنا منهم أصول وقواعد وأساسيات العمل الصحفي كيف ترى ذلك ؟

 

أرى هذه مجاملة رقيقة، لو ارتقت للحقيقة، فإنها ولا شك تسعدني أيما سعادة، فكل ما أحاوله، على حد تعبير الفيلسوف الإنجليزي ديفيد هيوم في كتاب اعتذارات الموتى، حينما جاءه ملك الموت: مهلا شارون الطيب فكل ما حاولته هو أن أفتح أعين الناس على بعض الخرافات، وهنا يدفعه ملك الموت دفعا: انهض اركب الزورق من فورك هل تظن أنني سأترك كل هذه مئات السنين، فإن صح ما تذكر حضرتك، فهذا يعني أننا غرسنا بذرة علها أن تنمو.

................................................ 

 

* وأخيرا رأيك في المشهد الرياضي المصري؟ 

بائس مؤسف.. في كلمة واحدة.

 

حاوره : محمود درويشحاوره : محمود درويش