شهادة وفاة قبل الميلاد.. شيماء الغول فلسطينية فقدت زوجها وثلاثة أبناء.. "المعمول" أخر حلوى أعدتها للزوج قبل استشهاده.. أصيبت فى قصف منزلها خلال حملها بالشهر التاسع لتنجب رضيعا شهيدا

 

<< مدير مستشفى  الأوروبى: شهداء كثير من الرضع نتيجة إصابة أمهاتهم بشظايا أو وفاة الحامل
 

<< مدير المكتب الإعلامى الحكومى: عدد الشهداء الرضع بلغ 3435

<< نقيب الممرضين الأسبق بغزة: الاحتلال يستهدف حتى الأجنة والحضانات أصبحت مكتظة

 

"نفسي بالمعمول"، -  نوع من الحلوى الفلسطينية - كان هذا أخر طلب طلبه الشيخ عبد الله من زوجته، حيث وزع على أصدقائه في العمل الكحك الفلسطيني الذي أعدته له زوجته، بينما لم تكن تعلم "شيماء الغول"، أن "المعمول" هي أخر حلوى ستعدها لزوجها بعد طلب منه وكأن هناك هاتف في قلبه يبلغه بأن هذا أخر يوم ستعد له زوجته هذه الحلوى، لم تكن تعلم أن زوجها يودعها ليس هو فقط، بل أيضا ابنها محمد وابنتها جنان، فبعد هذا الموقف بساعات سيقصف الاحتلال منزلها ويستشهد زوجها واثنين من أطفالها، ليس هذا وفقط بل أيضا رضيعها، وتصاب هي وابنها حذيفة، بينما ابنتها مريم فلحسن حظها لم تكن في المنزل خلال لحظة القصف، بل كانت في بيت جدتها.

قصة حزينة ومؤلمة من آلاف القصص التي تنتشر في كل ربوع غزة، في ظل العدوان الإسرائيلي الذي شنه الاحتلال منذ 7 أكتوبر الماضي والمستمر حتى الآن، المؤلم في القصة أن السيدة الفلسطينية التي تعرض بيتها للقصف كانت حامل في الشهر التاسع، وابنها كُتبت شهادة وفاته قبل أن تكتب شهادة ميلاده، حيث خرج من بطن امه متوفيا عقب الإصابة التي تعرضت لها "شيماء الغول" نتيجة قصف منزل الأسرة، لفقدت الأسرة 4 من أفرادها، بينما الأم واثنين من أطفالها نقلوا لمصر وتتلقى الأم العلاج بأحد المستشفيات المصرية.

خلال حديثنا مع "شيماء الغول" أرسلت لنا صورة صعبة للغاية للحظة استشهاد زوجها وخلال تكفينه وهو يبتسم، وكذلك صورة للرضيع وهو متوفيا بعد خروجه من بطن امه، وهى صور لا يمكن أن نرفقها في تلك القصة الإنسانية نظرا لبشاعتها، إلا أنها شاهدة على حجم الإجرام الذي وصل له هذا الاحتلال والذي لم يفرق بين أب وأم وأطفال ورضع، الجميع مستهدف طالما كان يعيش في غزة.

 

زوج شيماء الغول
زوج شيماء الغول

عدد الشهداء من الرضع يبلغ 3435 رضيعاً شهيداً

حاولنا الوصول إلى إحصائية دقيقة بشأن عدد الأطفال الرضع الذين ارتقوا شهداء خلال العدوان الإسرائيلي على غزة 7 أكتوبر الماضي، وتواصلنا مع إسماعيل الثوابتة، مدير المكتب الإعلامى الحكومى في غزة، والذي يؤكد في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن عدد الرضع الذين قتلهم جيش الاحتلال "الإسرائيلي" بلغ 3435 رضيعاً شهيداً.

ويضيف مدير المكتب الإعلامى الحكومى في غزة، أن عدد النساء الحوامل 60,000 امرأة حامل، وهؤلاء لا يتلقين الرعاية الصحية والطبية بسبب ظروف الحرب والنزوح، فيما يولد طفلاً واحداً كل 10 دقائق وسط هذه الحرب الوحشية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي.

ويوضح إسماعيل الثوابتة، أن نسبة الإجهاض بين النساء الحوامل وصلت إلى 300% خلال حرب الإبادة نتيجة القصف والخوف والحالة النفسية والمرضية للحوامل.

نعود للسيدة الفلسطينية، شيماء الغول، وهى أساس قصتنا الإنسانية، حيث تحكى تفاصيل هذه القصة الصعبة بالتفصيل، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" قائلة: "في 14 من شهر أكتوبر تعرض بيتي لأضرار جزئية إثر استهداف بيت جارنا الأسير أحمد أبو جزر، فانتقلت للمدرسة حتى أخر شهر يناير ، ولأني حامل في شهر التاسع عدت لبيتي مرة أخرى حتى أجهز أمور ولادتي".

أخر طلب من زوج شيماء الغول قبل استشهاده

لو تعلم شيماء الغول أن قرار عودتها للمنزل سيكون سببا في فقدان عدد من أفراد أسرتها لما قررت العودة، ولكنها إرادة الله عز وجل، حيث تضيف :"في يوم السبت بعد عودتنا مباشرة للمنزل قال لي زوجي "نفسي بالمعمول"، فقلت له أبشر بكرة إن شاء الله أعملك رغم أني تعبانة من الحمل، وفي بداية يوم الأحد بدأت نهاري بالمعمول من أجل خاطر زوجي عبد الله، وأعدت كمية كبيرة لأنه طلب لأصدقائه، وذهب إلى مكان عمله ووزع على جميع العاملين وقضى نهاره في اللجنة مكان عمله لتوزيع المساعدات على النازحين وأنا قضيت نهاري في البيت".

وعن أخر رسالة لزوجها إليها قبل القصف قالت شيماء الغول :"عندما عاد بالليل قال لي يسلم ايديك الجميع أكل منه، وكان سعيدا للغاية وعندما عاد كان معه كيلو من الحلوى، ثم وزعه على الناس في الطريق، حتى وصل جارنا قال له "تريد حلوى؟"، فرد عليه قائلا " ما عندي سكر شو بدي أعمل بها"، فجاء زوجى إلى البيت وأخذ ما لدينا من سكر وأنزله لجارنا، ثم قلت له "تتعشى؟ "، قال لي "لا تعشيت في اللجنة ونويت الصيام غدا الإثنين فكان أخر عمل له صيام".

اللحظات الأخيرة قبل استهداف منزل شيماء الغول

وعن تفاصيل الليلة التي حدث فيها القصف، قالت "شيماء الغول" :" زوجي صلى قيام الليل، ثم قرأ جزءا من القرآن، وتحدثنا قليلا معا ثم ذهبنا للنوم، ولكن استيقظنا بعدها على صوت الصواريخ الساعة الثانية فجراً، قلت لأبنائي التوأم حذيفة وجنان تعالوا ناموا في غرفتي، بينما ابنتى مريم الصغيرة كان عند دار جدها، وابنى محمد الكبير كان نائما في غرفته، ولكن بعد نصف ساعة جاء محمد وقال لي "خائف يا أمي"، فقلت له "تعال نام مع أخواتك في غرفتي وأصبح بالترتيب ينام محمد ثم جنان ثم حذيفة".

"قلت لابنتى جنان ناوليني خمار الصلاة حاسة حيصير شيء، واستمعنا لسورة تبارك"، هنا تصف شيماء الغول اللحظات الأخيرة للعائلة خلال قصف الاحتلال لمنزلهما، متابعة :"لم يقرأ الشيخ إلا أول أية فقط  حتى بدأت الحجارة تتساقط علينا، وشعرت بنفسي أن السرير انقسم نصفين ونزلت على الطابق الأرضي وقدمى ولعت نار كبيرة، ومل تستطع ابنتى جنان أن تأتى بالخمار لي لأنها كانت استشهدت وتعلقت بجدار المنزل ومعها الخمار".

جنان ابنة شيماء الغول
جنان ابنة شيماء الغول

استشهاد عائلة شيماء الغول وإصابتها وابنها

وعن تفاصيل ما حدث لأسرتها خلال القصف تقول شيماء الغول :"بعدما سقطت للدور الأرضي وحدث حريق كبير في قدمى وجدت برميل مياه، صرت أغرف منه مياه وأضع على جروحي كي تنطفئ النار، ثم سمعت صوت حذيفة ابنى يصرخ ويقول "أمانة يا عم ما تسيبني"، ولم أسمع صوت زوجي أو جنان أو محمد، وحينها أيقنت أنهم شهداء".

"استشهد زوجي الشيخ عبد الله 38 عاما، وكان أخر كلامه أشهد أن لا اله الا الله وأن محمد رسول الله"، هكذا تصف شيماء الغول عائلاتها بعد استهداف المنزل، قائلة :"استشهد ابني محمد 14 عاما، وابنتي جنان 11 عاما، بينما أصبت في قدماي بكسور وتهتك في العظم وشظية في بطني، بينما ابنى حذيفة مصابا في قدمه وكان وجهه محروقا لكن بفضل الله عز وجل تعافى".

عدد الأطفال الشهداء في غزة يفوق المسجل على مدى أربعة أعوام من النزاعات في العالم

في 12 مارس أعلن المفوض العام لوكالة الأونروا، أن عدد الأطفال الذين قتلوا بسبب الحرب المستمرة في قطاع غزة يفوق عددهم المسجل على مدى أربعة أعوام من النزاعات في العالم، متابعا عبر حسابه الشخصي على منصبة "أكس"، أنه أمر مذهل، حيث إن عدد الأطفال الذين أحصي قتلهم في أربعة أشهر فقط في غزة يفوق عدد الأطفال الذين قتلوا مدى أربعة أعوام في جميع النزاعات في أنحاء العالم/ وهذه الحرب هي حرب على الأطفال، إنها حرب على طفولتهم ومستقبلهم.

وفي أخر تحديث للجهاز المركزي للإحصاء الـفلسطيني في 26 فبراير الماضي، أكد أن عدد الشهداء من الرضع والأطفال الفلسطينيين بقطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي بلغ 16 ألفا و660 شهيدا على الأقل في ظل استمرار قصف الاحتلال الذي لا يتوقف على مدار الساعة للمواقع التي هجر إليها أهل شمال ووسط القطاع في الجنوب ومدينة رفح.

فيما يؤكد المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان، في تقريره الصادر بتاريخ 24 فبراير، أن النساء والأطفال يتأثرون بشكل خاص بالإجراءات التي تتخذها إسرائيل ضد السكان في قطاع غزة، وخلال الأسابيع الأخيرة، قتل آلاف من الأطفال والنساء، بمن في ذلك نساء حوامل وأجنة، حيث تواجه النساء الحوامل في خضم الهجمات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، صعوبات قاسية في الولادة في مراكز الإيواء والمستشفيات والمنازل نتيجة غياب الرعاية الصحية وخروج معظم المستشفيات والمراكز الطبية عن الخدمة، وعدم القدرة على الوصول إلى المستشفيات التي تعمل بجزء ضئيل من طاقاتها في ظل تواصل القصف والاستهداف المباشر للسكان.

محمد نجل شيماء الغول
محمد نجل شيماء الغول

ولادة في ظروف غير آمنة

ويضيف المرصد، أن النساء يلدن فى ظروف غير آمنة، غالبًا دون توفر المساعدة الطبية اللازمة، أو في المستشفيات المكتظة، حيث يتفاقم سوء النظافة ويغيب التعقيم، ويزداد خطر الإصابة بالعدوى والمضاعفات الطبية، كما اضطرت نساء حوامل في حالات عديدة إلى إجراء عمليات قيصرية دون تخدير، موضحا أنه مع انعدام الرعاية الطبية للأم والطفل، أصبح هنالك تزايد في وفيات الأطفال حديثي الولادة في قطاع غزة بفعل أسباب يمكن تجنبها، مثل الإسهال والبرد والأمراض المعدية، إلى جانب من يموت منهم من الجوع بسبب نقص الحليب الصناعي، وعدم قدرة الأمهات على إرضاعهم نتيجة الجفاف وسوء التغذية.

استشهاد ابن شيماء الغول فور ولادته والأم تسميه على اسم والده الشهيد

وبشأن عملية الولادة التي تم إجرائها لها بعد إصابتها، تقول:"اخذني الإسعاف على مستشفى يوسف النجار، ليتم تحويلى بعدها للمستشفى الأوروبي في غزة، وثاني يوم من الإصابة جاءني الطلق وذهبت للولادة رغم إصابتي جاء الطفل ميتا بسبب الشظية التي في بطني قد فصلت عنه الحبل السري، فأخبرتهم أن يسموا الطفل بـ"عبد الله" على اسمه والده وأن يفتحوا قبر زوجي يضعوا الرضيع في حضنه، وبالفعل تم ذلك، وعندما فتحوا عليه قبره كان مبتسما ووجهه نور بفضل الله".

ورصدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" في يناير الماضي، ولادة نحو 20 ألف طفل في ما وصفته بأنه جحيم حرب غزة، حيث قالت حينها المتحدثة باسم منظمة اليونيسيف، تيس إنجرام، بأن طفلاً يولد كل 10 دقائق وسط هذه الحرب المروعة، ومن ثم فإن النساء في غزة يلدن طفلاً مقابل كل واحد ونصف ضحية.

مدير المستشفى الأوروبى بغزة: وفاة بعض الرضع إما بسبب وفاة الأم أو إصابتها بالقصف أو المجاعة

تواصلنا مع الدكتور يوسف العقاد مدير المستشفى الأوروبى بغزة، والذي شهد إجراء عملية الولادة للسيدة الفلسطينية شيماء القول، حيث يؤكد مدير المستشفى في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن المستشفى تستقبل كثيرا حالات لرضع توفوا داخل بطون أمهاتهم بسبب إصابة الأم نتيجة قصف الاحتلال أو الإجهاض المبكر، وكذلك نتيجة سوء التغذية بسبب المجاعة التي تسبب فيها الاحتلال في ظل منعه لوصول المساعدات إلى أهالى القطاع.

ويضيف مدير المستشفى الأوروبى في غزة، أن بعض الرضع يستشهدون داخل بطون أمهاتهم نتيجة استشهاد الأم الحامل نفسها إما بسبب قصف الاحتلال أو نتيجة الجوع، وكذلك قد تبقى الأم حية بسبب إصابتها إما بشظايا أو حروق، بينما يتوفى الطفل وذلك في الشهور المتأخرة للحمل، موضحا أن المستشفى بالفعل استقبل العديد من الحالات التي شهدت وفاة الرضيع والأم نفسها أو استشهاد الرضيع نفسه بينما بقيت الأم حية وتم علاج إصابتها.

مدير مستشفى كمال عدوان: تعاملت مع حالتين استشهدت الأم والجنين معا

نفس شيء أكده الدكتور حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان، الذي أكد أن هناك رضع كثر يتوفون داخل بطون أماهتهم، موضحا أن الولادات الطبيعية الآمنة تجري بشكل جيد في مستشفى كمال عدوان.

ويضيف مدير مستشفى كمال عدوان، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن هناك أجنة شهداء في قطاع غزة بسبب العدوان الإسرائيلي، متابعا :"في أكثر من حالتين تعاملت شخصي معهم الأم استشهدت وقمنا بفتح البطن لمحاولة إنقاذ الجنين وللأسف ماتوا".

وفي ذات السياق أعلنت وزارة الصحة في غزة، تسجيل مئات حالات الإجهاض والولادة المبكرة نتيجة الذعر والهروب القسري تحت القصف الإسرائيلي المتواصل، محذرة من أن حياة نحو 60 ألف حامل معرضة للخطر بسبب غياب الرعاية الصحية وصعوبة الوصول إلى المستشفيات.

تعرض حياة مئات الحوامل والأمهات والأطفال الخدج لخطر فقدان الحياة

كما حذر الدكتور أشرف القدرة، المتحدث باسم وزارة الصحة في قطاع غزة، في تصريح صدر له خلال شهر مارس، من تعرض حياة مئات الحوامل والأمهات المرضى والجرحى والأطفال الخدج والنازحين لخطر فقدان الحياة نتيجة الهروب من نيران القصف، والاستهداف المباشر للمستشفيات.

بالفعل أرسلت لنا شيماء الغول صورة للزوج عندما تم فتح قبره، ولكن من الصعب نشر تلك الصور نظرا لصعوبتها، إلا أننا اكتفينا بنشر صور للشهداء من أفراد العائلة.

وحول الصعوبات التي تعرضت لها العائلة داخل قطاع غزة خلال العدوان الإسرائيلي والصعوبات التي وجدتها في الحصول على الطعام والشراب قبل قصف الاحتلال لمنزلهم تضيف شيماء الغول :" عشنا لمدة 120 يوما نازحين في المدرسة بسبب استمرار قصف الاحتلال للمدينة التي نقطن بها، وكنا نعيش على المعلبات، وقلة الماء الصالح للشرب، بجانب قلة المياه للوضوء، وكنا نضطر كثيرا لتيمم قبل الصلاة لعدم توافر المياه، واضطررنا لشرب المياه الملوثة والمالحة وكانت الحياة صعبة للغاية".

500 ألف طفل بحاجة إلى خدمات الصحة النفسية في غزة

في 2 فبراير الماضي، أصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة بيانا تؤكد فيه  أن 17 ألف طفل في غزة أصبحوا من دون ذويهم أو انفصلوا عن عائلاتهم خلال الصراع، حيث يعتقد أن جميع الأطفال تقريباً في القطاع بحاجة إلى دعم في مجال الصحة النفسية، وحينها قال جوناثان كريكس مدير الاتصالات بمكتب اليونيسف، في الأراضي الفلسطينية، إن الأطفال تظهر عليهم أعراض مثل مستويات عالية للغاية من القلق المستمر، وفقدان الشهية. ولا يستطيعون النوم، أو يمرون بنوبات اهتياج عاطفي، أو يفزعون في كل مرة يسمعون فيها صوت القصف، موضحا أنه قبل هذه الحرب، كانت اليونيسف ترى بالفعل أن 500 ألف طفل بحاجة إلى خدمات الصحة النفسية ودعم نفسي في غزة، ولكن واليوم تشير التقديرات إلى أن جميع الأطفال تقريباً بحاجة إلى هذا الدعم، أي أكثر من مليون طفل.

أتبعتها منظمة اليونيسيف ببيان أخر في 17 فبراير الماضي ، ببيان عبر موقعها الرسمي، تؤكد فيه أن أطفال قطاع غزة، الذي يتعرض لعدوان متواصل برا وبحرا وجوا، منذ السابع من أكتوبر الماضي، معرضون لخطر فقدان اللقاحات وتزايد الإصابة بالأمراض، مؤكدة أن أكثر من 16 ألف طفل في قطاع غزة معرضون لفقدان لقاحاتهم الروتينية، محذرة من أن هؤلاء الأطفال معرضون للإصابة بأمراض خطيرة مثل الالتهاب الرئوي وشلل الأطفال.

أطباء في غزة: الحمل في قطاع غزة أصبح صعبا للغاية والحوامل معرضن للخطر مع أطفالهم الرضع

من جانبها تقول الطبيبة الفلسطينية، أميرة العسولى طبيبة النساء والتوليد في مستشفى ناصر بغزة، - والتي لقبت بطبيبة غزة الحديدية بعدما تحدت تتحدى نيران القناصة الإسرائيليين لنجدة مصاب – إن هناك حالات كثيرة لأمهات حوامل في قطاع غزة يتعرضن للإجهاض المبكر أو يتوفى الرضيع بعد الولادة مباشرة ، خاصة أن الحمل أصبح صعبا للغاية في القطاع نتيجة العدوان الإسرائيلي البشع.

وتضيف أميرة العسولى في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الحمل في قطاع غزة أصبح صعبا للغاية، وكذلك الزواج في القطاع أصبح صعبا، حيث لم نشهد سوى حالات قليلة للغاية من حفلات الزفاف، والطفل الذي يولد في القطاع الآن يتعرض لتشوهات خلقية، أو يتعرض للوفاة إما داخل بطن أمه أو بعد الولادة مباشرة.

وبشأن عدد الرضع الذين توفوا فور ولادتهم، تؤكد طبيبة النساء والتوليد الفلسطينية، أنه من الصعب للغاية إحصاء أي أعداد الآن في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على القطاع، ولكن هي أعداد كبيرة، مؤكدة أن نسب الحمل في قطاع غزة أصبحت ضعيفة، وكذلك نسب سلامة المرأة الحامل وسلامة مولودها الجنين داخل بطنها أصبحت ضعيفة للغاية.

وتؤكد أميرة العسولى، أن نسبة الحوامل في غزة قليلة للغاية، كما أن النساء الحوامل في غزة، هم بالفعل حوامل قبل عملية طوفان الأقصى، أن أنهم يكونوا في أواخر شهور الحمل، لأن السيدة الفلسطينية التي كانت في الشهر الثالث من الحمل قبل العدوان أصبحت الآن في الشهر التاسع، وبالتالي يكون موعد الولادة اقترب بشكل كبير، ولكن إما تستشهد السيدة نفسها نتيجة القصف ويستشهد معها الجنين أو تصاب وتؤدى الإصابة لوفاة الجنين.

وتوضح الطبيبة الفلسطينية، أن النساء الحوامل في غزة معرضن لمخاطر عديدة، ونسبة الرضع الذين يولدون أحياء قليلة للغاية، ويكونون مصابين أيضا، بجانب هناك إصابات عديدة للنساء الحوامل ولكن مع ضعف التواصل والاتصالات والإنترنت من الصعب تسجيل كل الحالات وهناك بعض الحالات التي قد لا نعرف عنها شيء، وبالتالي تتضح الأمور أكثر بعد انتهاء العدوان.

نفس الشئ ذهب له الدكتور خالد النبريص، الطبيب بمستشفى شهداء الأقصى في قطاع غزة، الذي يؤكد أن هناك بالفعل إصابات عديدة للنساء الحوامل والرضع، خاصة أن كل شيء أصبح وارد الآن في قطاع غزة مع استمرار حرب الإبادة الجماعة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي في كل بروع غزة.

ويضيف الدكتور خالد النبريص، في تصريح لـ"اليوم السابع" من غزة، أن استشهاد رضع في بطون أمهاتهم، أو استشهاد الأم الحامل والجنين معا هي حالات موجودة بالفعل في قطاع غزة، خاصة أن الاحتلال لا يفرق بين الأطفال والنساء وبالتالي هناك حالات كثيرة تستقبلها مستشفيات غزة لرضع يستشهدن داخل بطون أمهاتهم.

متحدث مستشفى شهداء الأقصى: نواجه صعوبة في إجراء عمليات الولادة  وحالات وفاة كثيرة لأجنة ورضع

الدكتور خليل دقران، المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى، ونقيب الممرضين الأسبق بقطاع غزة، يكشف صعوبة إجراء عمليات الولادة الطبيعية والقيصرية في مستشفيات غزة، حيث يؤكد أن هناك صعوبة بالغة في إجراء الولادة الطبيعية بسبب الظروف الصعبة الموجودة داخل قطاع غزة، متابعا :"بالنسبة للولادة الطبيعية في قطاع غزة وعملية الولادة القيصرية تسرى في قطاع غزة بأوضاع صعبة للغاية خاصة أن مستشفيات قطاع غزة معظمها خرج عن الخدمة الصحية وكذلك المراكز الصحية التي كانت تتابع الحالة الصحية للنساء الحوامل خرجت أيضا معظمها عن الخدمة".

ويضيف المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن هناك عدم مقدرة لمتابعة المرأة الحامل في العيادات بسبب خروج معظم المراكز الصحية عن الصحة، وهناك متاعب بسبب خطورة الذهاب والإياب بين مكان السكن للمستشفيات، كما أن هناك في المحافظة الوسطى مستشفى وحيد صغير يقوم بإجراء عمليات الولادة الطبيعية والعمليات القيصرية وهي مستشفى العودة في منطقة النصيرات في المحافظة الوسطى .

ويوضح خليل الدقران، أن هذه المستشفى غير قادرة على استقبال أعداد كبيرة من النساء الحوامل ومتابعتهم وإجراء لهم ولادة طبيعية وكذلك إجراء ولادية قيصرية بسبب اكتظاظ النازحين بشكل كبير في المحافظة الوسطى، والذين زاد عددهم إلى 3 أضعاف تعداد السكان في تلك المحافظة وهذا يشكل خطر كبير على النساء الحوامل، لافتا إلى أن هناك عدد كبير من النساء الحوامل تم إصابتهن إصابة بالغة من أثار القصف وهناك استهداف للمواطنين في أماكن سكناهم بينهم النساء الحوامل منهم أصيب إصابتهم إصابة خطيرة للغاية وقمنا داخل مستشفى شهداء الأقصى هي المستشفى الوحيد الموجود في المحافظة الوسطى بإجراء عمليات قيصرية للنساء حوامل أصبن خاصة في أشهرهم الأخيرة وهناك أطفال رضع نجحنا في إنقاذ حياتهم وحياة الأم، ومنهم من قمنا بإنقاذ حياة الطفل ولكن للأسف الأم استشهدت والعكس كذلك هناك أطفال واجنة استشهدوا في بطون أمهاتهم والأم أصيبت والأمور صعبة بالنسبة للأم الحامل.

ويتابع نقيب الممرضين الأسبق بقطاع غزة :"بالنسبة للرعاية للأم الحامل والأم التي تضع مولودها في مستشفى شهداء الأقصى، هناك صعوبة كبيرة تواجهنا بسبب أن المستشفى مكتظة بالحالات ولا يوجد أماكن خاصة في هذا المستشفى، وهو ما جعلنا نضطر لنقل قسم الولادة من مستشفى شهداء الأقصى لمستشفى العودة الصغيرة، بسبب الحالات والإصابات الكبيرة ، وأصبحنا مستشفى متخصص فقط باستقبال الإصابات"، لافتا إلى أن معظم النساء الحوامل في غزة، خاصة في المحافظة الوسطى أصيبن بفقر الدم بسبب سوء التغذية وعدم وجود مواد غذائية ومياه صالحة الشرب لتغذية النساء الحوامل، وكذلك يولد الرضع بشكل غير مكتمل بسبب الجفاف والمجاعة المنتشرة في قطاع غزة وهذا يؤثر بشكل خطير على حياة الرضع.

ويوضح خليل الدقران، أن الاحتلال يستهدف حتى الأجنة في بطون أمهاتهم بسياسة التجويع وسياسة الإبادة الجماعية للنساء الحوامل في قطاع غزة، وهناك عدد كبير من النساء الحوامل أجهضن بسبب استهدافهن من قبل قوات الاحتلال وهناك نساء حوامل أجهضن بسبب الجفاف وسوء التغذية وعدم وجود مواد غذائية خاصة من البروتينات واللحوم والطيور، متابعا :"الوضع مأساوى في غزة، من  ناحية المساعدات والمواد الغذائية ، وما يصل لا يكف سوى 3 أو 4 % من احتياجات قطاع غزة، وبسبب الخوف والهلع كثير من النساء الحوامل لم يستكملن الحمل ولذلك أجرينا عمليات ولادة لكثير من النساء قبل موعد الولادة الطبيعية بسبب الاستهداف والإصابات والخوف وقلة التغذية والأمراض التي انتشرت بين النساء الحوامل".

ويؤكد أن الوضع كارثي في قطاع غزة، حيث هناك استهداف لكل مقومات الحياة في قطاع غزة، والنساء الحوامل لم يسلمن من حرب الإبادة والأطفال والأجنة بشكل خاص لم يسلموا من الاستهداف وأعداد الشهداء من الأطفال أكثر من 51 % من أعداد الشهداء ، داعيا المجتمع الدولي بإمداد قطاع غزة بالمساعدات من الأدوية والمواد الغذائية وحليب الأطفال والمستلزمات الطبية بشكل كبير.

كما تطرق نقيب الممرضين الأسبق بقطاع غزة، إلى أزمة حليب الأطفال في فزة، قائلا إن هناك أزمة متعلقة بعدم توافر حليب الأطفال بشكل كافي حيث لا يتعطى 2 % من الكميات اللازمة لحليب الأطفال الخاصة بالأطفال وهذا يؤدى لزيادة الجفاف وفقر الدم ويكون الوضع خطير للأطفال وبالنسبة لأقسام الحضانة في المستشفيات التي امتلأت معظمها عن بكرة أبيها بسبب وجود حالات أجنة غير مكتملة أثناء توليد السيدة الحامل.

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع