سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 8 أبريل 1915.. فشل محاولة اغتيال السلطان حسين كامل فى القاهرة على أيدى الشاب محمد خليل تاجر الخردوات بالمنصورة

سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 8 أبريل 1915.. فشل محاولة اغتيال السلطان حسين كامل فى القاهرة على أيدى الشاب محمد خليل تاجر الخردوات بالمنصورة
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 8 أبريل 1915.. فشل محاولة اغتيال السلطان حسين كامل فى القاهرة على أيدى الشاب محمد خليل تاجر الخردوات بالمنصورة

تقدم شاب يحمل باقة من الورد الأحمر نحو العربة السلطانية التى تقل السلطان حسين كامل، كانت العربة تمر فى شارع عابدين بالقاهرة الساعة الثالثة والثلث من يوم 8 أبريل، مثل هذا اليوم عام 1915، وكان فى داخل الباقة مسدس، حسبما يذكر الدكتور مصطفى الغريب محمد فى كتابه «السلطان حسين كامل.. من الإمارة إلى السلطنة»، مضيفا، أن كبير الأمناء سعيد ذوالفقار الذى كان يجلس بجانب السلطان شك فى الشاب فنبه ضابط الحرس لمنعه من الاقتراب، ولم يكد ينهى عبارة تنبيهه حتى شهر الشاب مسدسه، وأطلق رصاصة تجاه حسين كامل، غير أنها أخطأته.


يذكر «الغريب»: قبل أن يتمكن الشاب واسمه محمد خليل من إطلاق الرصاصة الثانية، استطاع ضابط الحرس أن يسدد ضربة بالسيف إلى أعلاه، فشق طربوشه وأصيب رأسه إصابة خفيفة، وصاح السلطان للإمساك به، مطالبا فى الوقت نفسه بعدم قتله، حيث أراد أن يتعرف على شركائه الذين هدفهم الانتقام منه، وسرعان ما تم القبض على الشاب، بينما استكمل السلطان طريقه لقضاء أغراضه التى كان قد خرج من أجلها.


يضيف «الغريب»، أن الشاب محمد خليل كان يعمل تاجرا للخردوات فى مدينة المنصورة، ومن المتشيعين للحزب الوطنى بزعامة محمد فريد، أما السلطان حسين كامل فكان يحكم فى ظل سخط المصريين عليه، منذ أن نصبه الاحتلال البريطانى حاكما، يوم 19 ديسمبر 1914، بعد خلعه للخديو عباس حلمى الثانى.
يوضح «الغريب» العديد من مظاهر سخط المصريين، كالمظاهرة العسكرية البريطانية التى صحبت الإعلان الرسمى لتوليه العرش، حيث قابل المصريون الموكب السلطانى بالوجوم، وكان الحزن واضحا على الوجوه فلم يسمع هتاف أو تصفيق، وعندما مر فى ميدان عابدين فى طريقه إلى قصره، صفق له العمد والأعيان الموجودين بالمنصة تصفيقا ضعيفا، وكل منهم ينظر حوله ليرى ما يفعله الآخرون.


ويكشف المحامى إبراهيم الهلباوى فى مذكراته، تحقيق دكتور عصام ضياء الدين: إنه كان ضمن عدد كبير من ذوات البلد فى حفلة كبرى أقامها الإنجليز لمناسبة جلوس عظمة السلطان حسين كامل على العرش، وخرج الموكب من منزل الأمير بقصر الدوبارة متجها إلى سراى عابدين، وازدحمت الطرقات بالجماهير، كما أن الصوان اكتظ بالمدعوين المقام أمام عابدين، ولا أذكر أن عينا دمعت وقلبا جرح بين هذه الجموع أكثر منى ومن صديقى أحمد لطفى السيد بك. يضيف «الهلباوى»: «جاءنا الأمير عند دخوله فحييناه بدموع لم نستطع إخفاءها، لأنه خيل إلينا فى ذلك الوقت أننا نشيع جنازة البقية الباقية من استقلال مصر، وأن إنجلترا قد أبدلت هذه الجنازة بمهزلة من المهازل استخفافا بعقولنا واحتقارا لكرامتنا».


كان هناك من اعتزم على التعبير عن غضبه بقتل «حسين كامل»، وحسب الدكتورة لطيفة سالم فى كتابها «مصر فى الحرب العالمية الأولى»، فإن شابا ينتمى إلى الحزب الوطنى عقد العزم على هذا الخطوة، وهو الطالب محمد شكرى الكرداوى، وكان يدرس فى الآستانة، ورجع إلى بلدته المنصورة فى صيف 1914 لقضاء إجازته، لكن وقوع الحرب العالمية الثانية حال بينه وبين العودة، فسافر إلى القاهرة قبيل تتويج السلطان رسميا، مصمما على اغتياله بالرصاص يوم تتويجه، ولما علم بعض أقاربه بما ينوى القيام به، حضروا إليه، وهددوه بإخطار البوليس إذا لم يعد معهم، فرضخ وعاد إلى بلده، وفى البلدة التقى به قريبه محمد خليل وعلم ما كان ينتويه، فعرض القيام بهذه المهمة.


تؤكد لطيفة سالم، أن محمد خليل بدأ فعلا فى التدريب على إطلاق الرصاص من مسدسات أحضرها له الكرداوى ثم سافرا معا إلى القاهرة، لكن كلا منهما فى طريق مختلف، وأقام «الكرداوى» بمنزل ابن عم له، بينما نزل «خليل» فى فندق بشارع كلوت بك، واستعد لتنفيذ مهمته، وبعد التنفيذ ألقى القبض عليه وسيق إلى قسم عابدين، وهو يهتف بسقوط الاحتلال، والسلطان الذى نعته بالخيانة.


فى أعقاب الحادث، وحسب الجزء الخامس من مذكرات سعد زغلول، تحقيق الدكتور عبدالعظيم رمضان: «تقاطر الناس إلى سراى عابدين، وسجل بعضهم اسمه فى سجل التشريفات، وأوعزت الحكومة للحكام ومديرى الأقاليم بأن يدعو الناس للحضور إلى تقديم التهانى، أما محمد فريد رئيس الحزب الوطنى، الذى كان خارج مصر، فيصف حسين كامل بـ«البرنس الخائن»، ويقول فى مذكراته المنشورة ضمن الجزء الثانى لكتاب «مواقف حاسمة فى تاريخ القومية العربية»، تأليف محمد صبيح: «سررت جدا من هذا الحادث، وهذا درس للخونة من المصريين».

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع