مساجد لها تاريخ.. مسجد العطارين القديمة بالإسكندرية.. مر بمراحل تاريخية متعددة منذ إنشائه عام 370 م.. جدده الخديوى عباس حلمى الثانى.. تميز بالفن والعمارة الإسلامية القديمة.. وأثرى: تراث مميز .. صور

تاريخ الإسكندرية مميز فى كافة التفاصيل، وحتى مساجدها وكل مكان فيها.. فعند دخولك بين المنشية ومحطة مصر، تجد منطقة العطارين القديمة أقدم الأحياء بالمحافظة، وعند مرورك بها تستنشق عبق التاريخ وكأن ألة الزمن تعود بك إلى الوراء سنوات طويلة، بسبب ما تشاهده من تفاصيل فى المبانى والأماكن، ولا يمكن زيارة منطقة العطارين دون زيارة المسجد التاريخى القديم، وبمناسبة شهر رمضان المبارك، نسرد لكم تاريخ وتفاصيل المسجد .

"جُدد هذا المسجد المبارك فى عهد الخديوى عباس حلمى الثانى 1319 هجريا".. كلمات مكتوبة أعلى باب المدخل لمسجد العطارين بالإسكندرية، يدفعك شغفك لدخول مكان أثرى كبير.

تاريخ بناء المسجد

يعتبر المسجد من أقدم المساجد بمحافظة الإسكندرية، وفى البداية كان كنيسة تُعرف باسم كنيسة القديس "أثناثيوس" وبعد الفتح الإسلامي لمصر أصبح مسجدا صغيرا وبمرور الزمن وفى عهد الدولة الفاطمية قام الأمير الجيوشى بدر الجمالى بتطويره وفتحه من جديد وإقامة صلاة الجمعة بالمسجد.

تعرض للعديد من المراحل التاريخية منذ إنشائه ككنيسة عام 370 م، وعرف باسم جامع الجيوشى نظرا لأنه كان له الفضل فى افتتاح المسجد من جديد وتم تطويره على مر التاريخ، كما تعرض للأضرار بعد سقوط عمود عام 722 هجريا، وتم ترميمه بعد ذلك، وكان فى صحنه روضة خضراء وهو كان تقليد متبع بمساجد الأندلس قديما، وتدهورت حالته بعد ذلك، إلا انه فى عهد الخديوى عباس حلمى الثانى تم تجديده وتطويره وفتحه لأهالى الإسكندرية، وتم تدوين عليه اللوحة الموجودة حاليا، وهى أقدم لافتة أثرية فى المسجد يراها من يمر بجوار المسجد.

جدران المسجد

"بسم الله الرحمن الرحيم إنما يعمر مساجد الله من أمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وأتي الزكاة ولم يخش إلا الله.. مما أمر بإنشائه السيد الآجل أمير الجيوش سيف الإسلام ناصر الإمام كافل قضاة المسلمين وهادي دعاة المؤمنين أبو النجم بدر المستنصري عند حلول ركابه الإسكندرية ومشاهدته هذا الجامع خرابا فرأي بحسن ولائه ودينه تجديده زلفا إلى الله تعالي، وذلك في ربيع الأول سنة سبع وسبعين وأربع مائة".. كلمات مدونة على جدران المسجد ويتكون من مساحة مكشوفة غرس بها بعض الأشجار وبلطت جدرانها ببلاطات من القشاني الرائع والفائق الجمال يشبه في زخرفته وألوانه بلاطات الزليج المغربي الطراز وهو باللون الأبيض المزخرف بزخارف ملونة باللون الأزرق.

شكل المسجد

يوجد به ضريح مكتوب عليه "هذا الضريح لسيدى محمد بن سليمان بن خالد بن الوليد سنة 1319" ويتكون المسجد من شكل مستطيلى تبدو مثلثة الشكل وللمسجد واجهتين ، الواجهة الشمالية الشرقية هى الرئيسية والمدخل الشرقى هى الواجهة الأخرى للمسجد.

أما الواجهة الجنوبية الغربية فإنه يقع بها ثماني محلات تجارية كانت موقوفة على الجامع للصرف من ريعها عليه ويقع بالطرف الغربي للواجهة مدخل أخر يؤدي إلى روضة الجامع ويتوج واجهات الجامع من أعلي صف من الشرافات على هيئة ورقة نباتية سباعية الفصوص.

كما يتكون المسجد من طابقين تم تخصيص الطابق الأرضى منه لصلاة الرجال يتوسط الساحة أربع دعامات حجرية تم دمج بكل منهما عمودين مصنوعين من الرخام وتم تغطية الجزء الاوسط بشخشيخه تم فتح اربع فتحات منها للنوافذ وبع زخارف ملونة مميزة بينما خصص الطابع الأول كمصلى للنساء وزخرف المسجد بالكامل بزخارف ملونة قوامها زخارف نباتية وهندسية مميزة.

أما الجامع من الداخل فإنه يتكون من طابقين خصص الطابق الأرضي لصلاة الرجال بينما خصص الطابق الأول لصلاة النساء، يتكون الطابق الأرضي من الداخل من مساحة مستطيلة هي بيت الصلاة يتوسطها أربع دعامات حجرية أدمج بكل منها عمودين من الرخام تحمل عقودا مخموسة، وغطي سقف الجزء الأوسط من الجامع بمنور أو شخشيخة فتح بكل ضلع من أضلاعها أربع فتحات نوافذ من الجص وأسفل سقف الجزء الأوسط شريط كتابي من آيات قرآنية من سورة الفتح، ويتصدر الناحية الجنوبية الشرقية حنية المحراب ويجاورها منبر الجامع وقد زخرف سقف الجامع كله بزخارف ملونة قوامها زخارف نباتية وهندسية رائعة.

وقال محمد يوسف، أستاذ التاريخ بجامعة الإسكندرية، إن مسجد العطارين تم بناءه على أنقاض كنيسة مسيحية أثرية قديمة باسم القديس أثناسيوس سنة 1084 ميلاديا وتم تجديده على إيد الوزير الفاطمي بدر الجمالي.

وأضاف لـ"اليوم السابع"، أن هناك تفاصيل خاصة ببناء المسجد وقصته مدونة على لوح بالخط الكوفي متواجد داخل المسجد، موضحًا أنه أثناء الحملة الفرنسية تحول جزء من المسجد لمستشفى للقوات البحرية وفى عام 1901 أمر الخديوي عباس حلمي الثاني بتجديده.

وأوضح أن المسجد يعتبر أول مسجد معلق في الإسكندرية وهو مكون من طابقين ومأذنته تتصدر الجهة الجنوبية الشرقية وهو ليه واجهتين الأولي الشمالية الشرقية ودي الواجهة الرئيسية والواجهة التانية بالناحية الشرقية وتؤدي إلى القبة الضريحية أما من الناحية الجنوبية الغربية ففيه محلات تجارية كوقف للصرف على المسجد من ريعها.

وأشار إلى أن المسجد تميز بالعمارة الإسلامية القديمة وكان يطوف حوله خط ترام الإسكندرية القديم، ولكن مع مرور الزمن تغيرت ملامح منطقة العطارين، ولكن لازال المسجد يحتفظ بتاريخه حتى الآن.