قناعة أمريكية بمقترح مصر لحل الأزمة فى غزة، رصدتها مجلة بولتيكو الأمريكية فى تقرير لها، مؤكدة أن البيت الأبيض يرى فى الرؤية المصرية والتى طرحها الرئيس عبدالفتاح السيسى لإدارة غزة وإنهاء الصراع الممتد منذ شهرين، حلًا مثاليًا قابلًا للتنفيذ.
ودفعت وحشية القصف الإسرائيلى على قطاع غزة وتجاهل نتنياهو للازمة الإنسانية التى تزداد حدة يوما بعد يوم، الولايات المتحدة لتحدى حليفتها بوضع خطة متعددة المراحل لمستقبل القطاع بعد الحرب التى توقع المسئولين الأمريكيين انتهائها بحلول يناير.
وضعت الإدارة الأمريكية عودة السلطة الفلسطينية للسيطرة على القطاع المحاصر أول خطوات الخطة التى أمضى المسئولون أسابيع عدة فى وضعها إلى جانب مقترح القاهرة الذى طرحه الرئيس عبدالفتاح السيسى بإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح.
وقالت مجلة بوليتكو، إن المسئولين الأمريكيين ينظرون اليه هذا المقترح باعتباره أفضل الخيارات وربما الوحيد للمنطقة التى دمرت بسبب الحرب، كما يمكن أن يضع الولايات المتحدة على مسار تصادمى مع الحكومة الإسرائيلية.
ووضع المسؤولون فى وزارة الخارجية والبيت الأبيض وخارجها أجزاء من الاستراتيجية خلال اجتماعات مشتركة بين الوكالات منذ منتصف أكتوبر، وعلى الرغم من أن وزير الخارجية أنتونى بلينكن وآخرين فى الإدارة أعلنوا علنًا أن السلطة الفلسطينية "المعاد تنشيطها" يجب أن تدير القطاع، إلا أنهم لم يكشفوا عن تفاصيل حول كيفية عمل ذلك.
وعلى الرغم من الاعتراضات الإسرائيلية، تحدت الإدارة الأمريكية بنيامين نتنياهو، الذى استبعد أى دور مستقبلى للسلطة الفلسطينية فى غزة، ويواصلون وضع خطط العودة إلى السلطة الفلسطينية ويقولون إن هذا الخيار هو الأكثر قابلية للتطبيق.
قال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية: "نحن عالقون هناك تفضيل سياسى قوى للسلطة الفلسطينية للعب دور حاكم فى غزة، لكن لديها تحديات كبيرة على صعيد الشرعية والقدرات".
والرؤية الواسعة التى كشفتها المحادثات الداخلية هى إعادة إعمار غزة على مراحل متعددة بمجرد انتهاء القتال. وستكون هناك حاجة إلى قوة دولية لتحقيق الاستقرار فى المنطقة فى أعقاب ذلك مباشرة، تليها سلطة فلسطينية متجددة تتولى السلطة على المدى الطويل.
وتشمل الأجزاء الرئيسية من الخطة زيادة المساعدات المتعلقة بالأمن التى يقدمها مكتب الشؤون الدولية وإنفاذ القانون التابع لوزارة الخارجية للسلطة الفلسطينية والسماح بدور أكبر للمنسق الأمنى الأمريكى، الذى يتمتع بسجل حافل فى تقديم المشورة لقوات الأمن الفلسطينية.
وقال مسؤول كبير فى إدارة بايدن: "فى النهاية، نريد أن يكون لدينا هيكل أمنى فلسطينى فى غزة بعد الصراع".
ويتوقع مسؤولون أمريكيون، أن تستمر المرحلة الحالية من الغزو البرى الإسرائيلى لغزة الذى يستهدف الطرف الجنوبى من القطاع عدة أسابيع قبل أن تنتقل إسرائيل، ربما بحلول يناير، إلى استراتيجية أقل كثافة تستهدف بشكل ضيق مقاتلين وقادة محددين من فصائل المقاومة.
وقال مسئول كبير فى إدارة بايدن لشبكة سى أن إن، إنه مع دخول الحرب جنوب غزة مرحلة جديدة يشعر البيت الأبيض بقلق بشأن تطور العمليات الإسرائيلية خلال الأسابيع المقبلة، وأضاف أن الولايات المتحدة حذرت إسرائيل بشكل جاد ومباشر من أن قوات الدفاع الإسرائيلية لا يمكنها تكرار نفس التكتيكات التى استخدمتها شمال القطاع ويجب عليها بذل المزيد من الجهد للحد من الخسائر.
وأبلغت الولايات المتحدة، إسرائيل أنه مع تحول الرأى العام العالمى بشكل متزايد ضد حملتها البرية، التى أودت بحياة آلاف المدنيين، فإن مقدار الوقت المتاح لإسرائيل لمواصلة العملية بشكلها الحالى والاحتفاظ بدعم دولى حقيقى يتضاءل بسرعة.
وفى تحذيره العلنى الأقوى حتى الآن، حذر وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن إسرائيل من أنها لا تستطيع "الفوز فى حرب المدن إلا من خلال حماية المدنيين"، وقال أوستن خلال حديثه فى منتدى "ريجان" أن الدعم الأمريكى لإسرائيل "غير قابل للتفاوض".. لكنه أضاف أن إسرائيل تخاطر باستبدال "نصر تكتيكى بهزيمة استراتيجية" إذا لم تفعل المزيد لحماية المدنيين.
ووفقا لتقرير بوليتكو، التحدى الأكثر صعوبة هو معرفة من الذى سيلعب دورًا فى تحقيق الاستقرار فى غزة فى المرحلة الانتقالية التى تلى القتال، واستبعدت الولايات المتحدة ارسال قوات أمريكية إلى قطاع غزة، وقال مسئول أمريكى رفض الكشف عن اسمه أن الأمم المتحدة يجب أن تلعب دور محورى فى غزة ما بعد الحرب على الأقل على الجبهة الإنسانية على الرغم من الخلافات بين الأمم المتحدة والحكومة الإسرائيلية التى ترى الاولى متحيزة ضدها.
ومن غير الواضح إلى متى سيظل نتنياهو متوليا السلطة فى إسرائيل، حيث لا يحظى بشعبية كبيرة ويتهمه العديد من الإسرائيليين بالمسؤولية عن الهجوم المباغت الذى شنته فصائل المقاومة فى 7 أكتوبر ويتوقع المسئولون الأمريكيون رحيله عن المشهد.
حل الدولتين ودولة منزوعة السلاح
وقال مسؤول وزارة الخارجية، إن عدد كبير من إدارة بايدن يرى أن الحل يكمن فى حل الدولتين وإنشاء دولة للفلسطينيين إلى جانب إسرائيل، لكن التخطيط فى الوقت الحالى يركز على تحقيق الاستقرار فى غزة، وأحد أسباب رفض الرئيس جو بايدن ومساعديه الدعوة إلى وقف طويل الأمد لإطلاق النار هو أنهم يدعمون الهدف الإسرائيلى المتمثل فى تدمير فصائل المقاومة، التى تعتبرها واشنطن عقبة رئيسية أمام حل الدولتين.
وذكرت بوليتكو أن مصر من المرجح أن تلعب دورًا رئيسيًا فى غزة ما بعد الحرب، مشيرة إلى أن اقتراح الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن تكون الدولة الفلسطينية المستقبلية منزوعة السلاح مع وجود أمنى دولى مؤقت وهو الامر الذى تردد صداه فى دوائر إدارة بايدن.
فى مؤتمر جمعه برئيس وزراء اسبانيا ورئيس وزراء بلجيكا، طرح الرئيس عبد الفتاح السيسى حلا للازمة قائلا: "مستعدون أن الدولة تكون منزوعة السلاح، وأنه يكون فيه قوات من الناتو أو الأمم المتحدة أو قوات عربية أو قوات أمريكية حتى نحقق الأمن للدولتين الفلسطينية والإسرائيلية".
وأضاف الرئيس السيسى: "إحياء المسار لن يكون الأمر المطلوب.. نحتاج إلى التحرك بشكل مختلف وهو الاعتراف بدولة فلسطينية ودخولها الأمم المتحدة وهو يعكس مسئولية وجدية من المجتمع الدولى ودفع السلام".
وأكمل: "كل 5 سنوات نتعرض لمسألة مماثلة وينتج عنها ضحايا ثم نتكلم عن إحياء المسار وحل الدولتين وتتأكل الفكرة أمام التفاصيل المختلفة"
وقال مسئول فى إدارة بايدن: "المجهول الكبير هو بالضبط ما الذى سيبقى من حماس فى غزة". وحتى لو كانت أعداد الجماعة منخفضة، فإن حصولهم على الأسلحة يمكن أن يغير بشكل كبير حسابات الدول التى تفكر فى إرسال قوات.
وقالت بوليتكو، إن المفتاح إلى إقناع العديد من الزعماء العرب بالتخطيط الجاد لمرحلة ما بعد الحرب هو أن إنشاء دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل هو الهدف النهائي.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع