أجندة ثقيلة تنتظر الدبلوماسية الصينية اعتبارًا من الأربعاء الأول من نوفمبر، مع تولى بكين رئاسة مجلس الأمن، وهى الخطوة التى تتزامن مع اقتراب الحرب الدائرة فى قطاع غزة من ختام أسبوعها الرابع، مخلفة ما يقرب من 9 آلاف شهيد وعشرات الآلاف من المصابين.
وتتسم الصين بعلاقات قوية مع الدول العربية وتتبى مواقفًا داعما للقضية الفلسطينية بشكل عام، وكانت فى طليعة الدول التى ادانت وبشكل واضح استهداف المدنيين فى قطاع غزة على لسان وزارة الخارجية وفى المحافل الدولية ومن بينها الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
وقبل أقل من أسبوع، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا بشأن الوضع الفلسطينى الإسرائيلى بأغلبية مؤيدة فى جلسة خاصة طارئة يوم 28 أكتوبر، وهو القرار رفضته إسرائيل ووصفته بـ"العار"، فيما قابلته الصين بالتأكيد على أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتأييد واضح.
وفى تعليقها على القرار الأممى، قال المتحدث باسم الخارجية الصينية حينها، إن الأراضى الفلسطينية، ظلت لفترة طويلة جدا، تحت الاحتلال غير القانونى، وظل حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولة مستقلة موضع تجاهل لفترة طويلة للغاية، ولفترة طويلة، لم تحصل حقوقهم الأساسية على أى ضمانة أساسية، وهذا هو السبب الجذرى لدوامة الصراع بين فلسطين وإسرائيل، ولا ينبغى لمثل هذا الظلم التاريخى أن يستمر.
وأضافت الخارجية الصينية: "يحق لجميع الدول التمتع بحق الدفاع عن النفس، ولكن هذا الحق ينبغى أن يمارس على أساس احترام القانون الدولى، والقانون الإنسانى الدولى على وجه الخصوص، وحماية سلامة المدنيين، كل الأرواح ثمينة"، مشيرًا إلى أن حياة الفلسطينيين بحاجة إلى الحماية مثل حياة الناس فى أى بلد آخر، والأولوية الملحة الآن هى التنفيذ الكامل لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، ووقف القتال، ومنع المزيد من تدهور الوضع وتجنب وقوع كارثة إنسانية أسوأ.
ولفت ايضًا إلى أن التاريخ يخبرنا أن استخدام القوة لن يحقق السلام الدائم أبدًا، وأن العنف لن يؤدى إلا إلى حلقة مفرغة من الانتقام، ولا يمكن تحقيق الأمن المستدام إلا من خلال السعى إلى تحقيق الأمن المشترك، ولا يمكن تحقيق العدالة والإنصاف الدوليين إلا من خلال مراعاة القانون الدولى، ولن يتسنى معالجة المخاوف الأمنية المشروعة لجميع الأطراف بشكل جذرى إلا من خلال التسوية السياسية، كما أن المخرج الأساسى من القضية الفلسطينية يكمن فى تنفيذ حل الدولتين، وأن تعيش فلسطين وإسرائيل بسلام جنبا إلى جنب.
وتابعت الخارجية الصينية: "ستواصل الصين بذل جهود حثيثة من أجل التوصل إلى تسوية شاملة وعادلة ودائمة للقضية الفلسطينية فى وقت مبكر".
وفى الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن، كان المندوب الصينى الدائم لدى مجلس الأمن الدولى تشانغ جونغ، قد أعرب فى الجلسة الأخيرة عن قلق بلاده من الوضع الحالى فى غزة، داعيا لحماية المدنيين وتوصيل المساعدات لتجنب وقوع كارثة إنسانية.
وأشار المندوب الصينى، إلى أن البعثة الصينية تشجع كل الجهود للقيام بما يلزم للحفاظ على المدنيين وخفض التصعيد فى قطاع غزة وإسرائيل.
وقال تشانغ جونغ، إن الصين قلقة من الوضع الحالى ويجب القيام بما يحمى المدنيين وتوصيل المساعدات لتجنب كارثة إنسانية، نشجع كل الجهود للقيام بما يلزم للحفاظ على المدنيين وخفض التصعيد.
توافق مصرى صينى فى الخطوط العريضة لدعم القضية الفلسطينية
ولم يكن الدعم الصينى للقضايا العربية وليد اللحظة، وإنما يمتد لعقود من الزمن، وتعززه علاقات قوية تجمع بكين بمختلف عواصم العالم العربى وبمقدمتها القاهرة، ففى 19 أكتوبر، كان رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى فى زيارة إلى العاصمة الصينية، التقى خلالها الرئيس شى جين بينج، حيث أكد الأخير حرص بلاده على التواصل مع مصر لتأمين الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط.
وقال الرئيس الصينى خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي فى بكين: "نؤكد دعمنا لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.. والصين مستعدة للعمل مع مصر من أجل حماية العدالة والإنصاف الدوليين بشكل مشترك والمصالح المشتركة للدول النامية من أجل ضخ المزيد من الاستقرار فى المنطقة والعالم".
مظاهر التوافق المصرى الصينى فى دعم القضية الفلسطينية لم يكن قاصرة على زيارة رئيس الوزراء إلى بكين، حيث دعا الرئيس الصينى إلى ضرورة وقف فورى لإطلاق النار فى قطاع غزة، قبل تلك الزيارة بأيام خلال استضافته نظيره الروسى فلادمير بوتين حيث أكد الزعيمان على ضرورة حل الدولتين، وشددًا على ضرورة تجنب استهداف المدنيين فى تلك الحرب.
بكين وغزة.. كيف كانت الولايات السابقة فى رئاسة مجلس الأمن؟
وفى الوقت الذى كان يترأس فيه وزير الخارجية الصينى حينها وانج يى، جلسة مجلس الأمن الدولى، التى تم تخصيصها لمناقشة الأزمة فى قطاع غزة فى 16 مايو 2021، طلب وزير الخارجية الصينى من تل أبيب ممارسة "ضبط النفس فى استخدام القوة"، ودعا جميع الأطراف إلى وقف العنف ضد المدنيين، والموافقة على وقف فورى لإطلاق النار.
وفى إشارة واضحة إلى واشنطن، أكد الوزير على أن "دولة واحدة" فقط هى المسئولة عن فشل مجلس الأمن فى إصدار قرار مشترك للتعامل الفعال مع الحرب الإسرائيلية على غزة، وهو الأمر الذى يعرقل مجلس الأمن عن لعب دور أكثر فاعلية فى حث إسرائيل على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، الخاصة بحل الدولتين، والتوقف عن بناء المستوطنات فى الأراضى المحتلة وعن تهجير الأسر الفلسطينية، ووقف هدم المنازل الفلسطينية، وإنهاء العنف ضد الفلسطينيين، والمحافظة على الوضع التاريخى القائم للأماكن المقدسة فى القدس القديمة.
وأكد وزير الخارجية الصينى أيضًا على أن بكين هى "الصديق الحقيقى للشعب الفلسطيني"، مشيرًا إلى أن بلاده سوف تضاعف من مساعيها الرامية إلى إيجاد حل دبلوماسى "عادل" للصراع الفلسطينى - الإسرائيلى، وفقًا لخطة "النقاط الأربع"، التى أعلنها الرئيس الصينى شى جينبينج عام 2017.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع