المسلسل يكشف سر إجادة المخرج حسن المنباوي في اختيار النجوم
"سوق الكانتو"..هو واحد من المسلسلات المهمة التى تنافس فى موسم دراما رمضان 2023، خصوصا وأن أحداثه تدور فى فترة زمنية قديمة وتحديدا فى عام 1930، وهو أمر يمثل تحديا كبيرا لصناع العمل، ليس فقط على مستوى الصياغة البصرية، والديكورات واختيار أماكن تصوير ملائمة، وتصميم أزياء وإكسسوارات، وتصميم الجرافيك واختيار الموسيقى التصويرية الملائمة لروح تلك الفترة وطبيعة الحياة الاجتماعية فيها، ولكن أيضا على مستوى الكتابة الدرامية وشكل الصراعات، وطبيعة الجمل الحوارية، واللزمات التى تخص بعض شخصيات العمل، وهو التحدى الذى نجح فيه صناع العمل إلى حد كبير.
البداية .. الهادئة
جاءت بداية الحلقات شديدة الهدوء، لا توجد الكثير من الأحداث أو الصراعات استعراض لشكل وطبيعة السوق وأيضا شكل العلاقات، وتفاصيل الشخصيات، هذا الوقت الطويل الذى استهلكه مخرج العمل حسين المنباوى، ومؤلفه هانى سرحان كان من الممكن اختصاره، والبدء من نقطة صراع ساخنة خصوصا وأن الصراع بين شخصيات العمل وتحديدا عائلة حسانين القماش " عبد العزيز مخيون" من ناحية ورشاد "فتحى عبد الوهاب" ووالده واضحة وداخل أسرة القماش نفسها طه " أمير كرارة"، وعمه شحاتة " محمود البزاوي" الذى لا يطيقه ويكره قربه من جده حسانين"، كما أن طه نفسه لديه خطوط درامية أخرى من الصراعات مع تجار الخمور الآخرين حيث كان يقطر مع زملائه الخمر.
رغم البداية الهادئة التى جعلت بعض المشاهدين لا يركزون كثيرا مع العمل فى حلقاته الأولى ولكن مع بداية الحلقة الخامسة وظهور أشكال مختلفة من الصراعات والتحولات سواء التى وقعت لطه وأصدقائه، أو داخل عائلته وبداية تعرفه براوية " مى عز الدين " وتطور العلاقة بينهما شكلت هذه التفاصيل عامل جذب، وهو ما جعل المسلسل أحد الأعمال المفضلة عند شرائح متنوعة من الجمهور الذين بدأوا الحديث عن وجود عمل درامى مختلف يحمل روح فنية خاصة، وتفاصيل دقيقة الصنع وفترة زمنية تجعلنا نشعر بالكثير من الحنين لشكل الحياة فى تلك الفترة الزمنية.
عالم شديد الغني.. وتميز نجومه
بداية المقصود من كلمة "الكانتو"، هو المستعمل باللغة الإيطالية، حيث شهدت مدينة الإسكندرية ثم القاهرة العديد من الأسواق التى يبيع تجارها بالأساس البضائع أو الملابس المستعملة بدأ ذلك فى حى العطارين بالإسكندرية، وصولا إلى وكالة البلح فى القاهرة، عالم الأسواق بدكاكينه وأصحاب تلك الدكاكين والمعلمين الكبار الذين يعملون فى تلك التجارة، ونساء تلك المنطقة، ووجود الفتوات فى تلك الفترة الزمنية، وانتشار المسارح الغنائية، والفرق المختلفة التى كانت تقدم عروضها، وهو عالم درامى شديد الغنى، ولافت للمؤلفين والمخرجين المهمومين بالحس الشعبى فى الدراما الذى بات من النادر أن نشاهده.
قد تكون تلك نقطة البداية التي شكلت جذبا للمؤلف هاني سرحان والمخرج حسين المنباوي اللذان سبقا وقدما معا " لمس أكتاف"، والفتوة"، وفي حقيقة الأمر نجح الاثنان في صنع عوالم فنية شديدة التميز، ساعد في رسم تفاصيلها وملامح تلك الحالة مدير التصوير الموهوب إسلام عبد السميع، ومصممة الأزياء مروة عبدالسميع، والموسيقي التصويرية للموهوب شادي مؤنس والمعبرة عن أجواء تلك الفترة، و روح المكان وطبيعة الشخصيات، وأيضا ديكور أحمد عباس صابر المتميز.
"سوق الكانتو" مسلسل يحمل طابعا اجتماعيا وتاريخيا وأيضا حس وطني واضح يتعلق بمقاومة الاحتلال الإنجليزي، والفترة التي سبقت الجلاء، لذلك فخطوط الصراع الدرامي متشابكة ومتداخلة، لنرى كيف ستغير الأحداث طه القماش، وماذا بعد أن قرر عمه شحاته أن يبعده عن الميراث بعد وفاة جده ، وماذا عن تطور العلاقة بين طه ورواية "مي عز الدين"، والتحولات التي ستحدث له، وكيف ستكون رحلة صعوده من داخل السوق، وكيف سيصبح أحد كباره رغم الغدر والخيانات، وماذا عن رشاد وبحثه عن حجة السوق، والثأر بينه وبين عائلة القماش.
وأيضا كيف ستتكشف الأسرار التى أخفاها الجد عن طه وعائلته؟ وماذا عن صالح الغائب؟ تلك الصراعات التى صاغها هانى سرحان من خلال شخصياته وأداءات نجوم العمل المميزة واللافتة للأنظار، أمير كرارة الذى غير من جلده وظهر فى دور جديد، النجمة مى عزالدين التى أصبحت تختار أدوارها بعناية وذكاء بعيد عن فكرة البطولة المطلقة، فتحى عبد الوهاب الذى يقدم واحد من أهم أدواره فى موسم دراما رمضان 2023 فى دور رشاد تلك الشخصية المليئة بالحقد والغل، مع شعوره بالدونية بسبب تجار وكبار السوق وما يفعلوه معه ومع والده، فتحى الذى استطاع أن يوظف طاقته وصنع تفاصيل مميزة للشخصية، وكذلك مها نصار فى دور فاطمة، وثراء جبيل فى دور عائشة، وندى موسى فى دور دهب، وشريف إدريس فى دور رجب صديق طه، والنجوم المخضرمون عبد العزيز مخيون، ومحمود البزاوى، وشيرين، وسلوى عثمان وعايدة فهمى، والفنان الشاب الذى يتألق عاما بعد الآخر تامر نبيل صاحب البصمة المميزة فى كل دور يقدمه.
ويكشف "سوق الكانتو" أحد أسرار المخرج حسين المنباوي المتعلقة بإجادة اختياره لنجوم أعماله وتوظيفهم، لنتابع عملا دراميا مميزا ملئ بالنجوم المهمين أصحاب الأداء اللافتة حتى في الأدوار الصغيرة، وأيضا خلف الكاميرات، ليستعرض عالم خاص ملئ بالعناصر الفنية الجيدة، ويحتاج لمشاهدة متأنية، ومتأملة لعناصره الفنية والاستمتاع بأداء نجومه، وتفاصيل حكاياته التي يتضمنها، ومنها علاقة الابن (رشاد) فتحي عبد الوهاب بالأب(حسونة) الذي يجسده حمدي هيكل، تلك العلاقة المتناغمة التي يسودها الود والدفء والشعور بالظلم الواقع عليهما، والساعيان إلى ما يؤكدا أنه حقهما في السوق.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع