إلغاء العمل بالاعتمادات المستندية يؤدي الي انفراجه كبيرة في رواج السلع وتوفير الناقص في السوق المحلي
مؤشر الجنيه يعكس الأداء الحقيقي لقيمة العملة المحلية في السوق أمام العملات الأجنبية تمهيدا لربطه بسلة العملات
خلال يومين فقط اتخذت الحكومة قرارات اقتصادية أجمع خبراء الاقتصاد على أنها قرارات شجاعة ومهمة لمواكبة ومواجهه الأزمة الاقتصادية العالمية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية والتداعيات التي أسفرت عنها جائحة والتي تأثرت منها الاقتصادات العالمية ومنها مصر
القرارات تؤكد مدى مرونة واستقرار الاقتصاد المصري وقدرته على التعال مع المتغيرات العالمية ومجابهة الأعباء والتحديات الداخلية وبالتالي لا يمكن الفصل بين قرارات الأمس واليوم من رفع الحد الأدنى للأجور من 2700 الى 3 آلاف جنيه وإقرار علاوة استثنائية بقيمة 300 جنيه استمرار العمل بأسعار الكهرباء الحالية إلى 30 يونيو 2023 ومد العمل بالدعم المالي الاستثنائي على بطاقات التموين حتى 30 يونيو المقبل وإقرار حزمة الحماية الاجتماعية الاستثنائية التي كلف بها الرئيس السيسي بقيمة 67 مليار جنيه ورفع حد الإعفاء الضريبي من 24 ألف جنيه إلى 30 ألف جنيه، وصولا الموافقة على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار وإعلان البنك المركزي رفع سعر الفائدة على الإيداع والإقراض 2%.
ثم قرار إلغاء العمل بالاعتمادات المستندية حتي 500 ألف دولار بدلا من 5 الاف دولار
حزمة القرارات التي صدرت خلال اليومين الماضيين كلها- حسب تأكيدات الحكومة وآراء الخبراء- تصب في صالح الاقتصاد الكلي المصري في مواجهه الأزمة العالمية واحتمالات التحديات الداخلية
قرارات الأمس بإقرار حزمة الحماية الاجتماعية بقيمة 67 مليار جنيه لدعم الشريحة الكبرى من المواطنين في مصر من الموظفين وأصحاب المعاشات بما يعني استفادة حوالي 17 مليون اسرة من هذه الحزمة أي الغالبية العظمى من المواطنين في مصر.
أما قرارات اليوم والتي اتخذتها الحكومة بشأن قرض الصندوق والتعويم الثالث وتحرير سعر الصرف الواعي هذه المرة فانه – كما أكد الخبراء- تعد خطوة مهمة
أولا تحفيز حركة رؤوس الأموال الجديدة داخل السوق واستيعاب السيولة المالية في السوق الى داخل المصارف الرسمية. وكما قال البنك المركزي في بيانه أن الهدف من رفع أسعار العائد هو احتواء الضغوط التضخمية الناجمة عن جانب الطلب وارتفاع معدل نمو السيولة المحلية والتوقعات التضخمية والآثار الثانوية لصدمات العرض.وسوف يتابع البنك المركزي عن كثب كافة التطورات الاقتصادية ولن يتردد في استخدام كافة أدواته النقدية لتحقيق هدف استقرار الأسعار.
ثانيا تشجيع الإنتاج المحلي وبالتالي تحفيز وتشجيع التصدير والتقليل من فاتورة الاستيراد
ثالثا حل إشكالية الاعتمادات المستندية والتي أثرت سلباً على توافر السلع طيلة الشهور الماضية . فالغاء العمل بالاعتمادات المستندية حتي 500 ألف دولار بدلا من 5 الاف دولار سيودي الي انفراجة كبيرة في خروج البضائع المكدسة بالموانيء، وبالتالي حدوث رواج في السلع وتوفير للسلع الناقصة أو التي شهدت عجزا خلال الفترة الماضية.
وكان البنك المركزي المصري قد قرر إلغاء تدريجيا للتعليمات الصادرة بتاريخ 13 فبراير 2022 والخاصة باستخدام الاعتمادات المستندية في عمليات تمويل الاستيراد حتى إتمام الإلغاء الكامل لها في ديسمبر 2022.فالقرار تسبب في تكدس السلع بالموانئ منذ شهر مارس الماضي، وبالتالي لن يحتاج المستوردون الي اعتماد مستندي لها، مما سيؤدي الي سرعة خروجها وتداولها بالأسواق، وبالتالي دواران حركة التجارة كما كانت من قبل.
رابعا وصول العملة الى قيمتها الحقيقية يساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية التي كانت تترقب وصول سعر الجنيه الى قيمته الحقيقية أمام العملات الأجنبية بعد أن نجحت الحكومة خلال الفترة الماضية في قطع شوط كبير في مسار تحسين مناخ الأعمال بما يعزز من فرص جذب السوق للمزيد من الاستثمارات الجديدة في ضوء المتغيرات العالمية الأخيرة والتي تمثل فرصة واعدة للسوق المصرى.
خامسا هناك توقعات بان تحرير سعر العملة المحلية سوف يؤدي الى تشجيع المصريين العاملين بالخارج بزيادة التحويلات بالعملة الأجنبية الى مصر
لكن هل يمكن أن تؤدي القرارات الى زيادات في الأسعار ..؟
الترقب والتوقع الآن كما ترى فعاليات اقتصادية في مصر بأن السوق الذي شهد ارتباكا خلال الفترة الماضية سيتجه الى الاستقرار، فالقرارات تأتي بالتوازي مع حزمة إجراءات الحماية الاجتماعية التي اتخذتها الحكومة بناء على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي لتدارك الآثار السلبية على المواطن المصري
وكما يرى متي بشاي رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن زيادة سعر الصرف في التعاملات البنكية قد تؤدي الي زيادة في الاسعار، لكنها لن تطال السلع الغذائية بشكل كبيرة.فمعظم السلع شهدت زيادات كبيرة خلال الفترة الماضية نتيجة لتوقع بارتفاع سعر الصرف، وبالتالي عدد كبير من القطاعات التجارية لن تشهد زيادات جديدة نتيجة لان هذه الزيادات حدثت بالفعل. والمطلوب حاليا الرقابة الحكومية الصارمة حتي لا يستغلها البعض في زيادة الاسعار بحجة ارتفاع الدولار، رغم ان عدد غير قليل من القطاعات التجارية رفعت اسعارها توقعا بارتفاع سعر الصرف، وبالتالي ليس هناك مبررا لزيادات اخري.
فهل تؤدي القرارات الاقتصادية فعلا الى زيادة حجم الصادرات والوصول الى 100 مليون صادرات..؟
لنا في الصين نموذج في تخفيض عملتها المحلية بما يدعم صادراتها الى العالم الخارج والتي باتت تمثل حوالي 6 تريليونات دولار خلال العام الأخير رغم المحاولات والضغوط العالمية بتخفيض تلك الصادرات ورفع قيمة اليوان الصيني. لكن المهم هو العمل وزيادة الإنتاج المحلي وهو ما تعمل الدولة من أجله بدعم وتحفيز قطاعاتها الإنتاجية وإعادة تأهيلها وبتعميق وتوطين التصنيع الوطني.
وحتى نهاية العام الحالي – وحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة – فقد بلغ إجمالي قيمـة صادرات مصر 43.6 مليار دولار عام 2021 مقابـل 29.3 مليار دولار عام 2020 بارتفاع بلغت نسبته 48.8 ٪.، حيث بلغت قيمة الصـادرات غير البترولية 32.5 مليـار دولار عــام 2021 مقابل 25.1 مليار دولار عام 2020 بارتفاع بلغت نسبته 29.9 ٪. وهو ما يعني بأن تحقيق برنامج زيادة الصادرات الى الـ100 مليون ليس صعبا أو مستحيلا وفي خلال سنوات قليلة.
سادسا ان القرارات الأخيرة بالإضافة الى وصفها بالمرونة في مواجهه الأزمة العالمية فانها تؤكد بأن القطاع المصرفي المصري يتميز بالمرونة الكافية التي تجعله يتعامل مع المتغيرات المحيطة الداخلية والخارجية وهو الأمر الذي اتضح خلال أزمة جائحة كورونا وأثناء برنامج الإصلاح الاقتصادي، و برز دوره بشكل أكبر خلال أزمة الحرب الروسية الأوكرانية من خلال استخدام العديد من الأدوات الخاصة بالسياسة النقدية لاحتواء معدل التضخم والمستوى العام للأسعار في المستوى المتوسط الأجل والحفاظ على مستوى الاحتياطي الأجنبي من التراجع
سابعا التوجه نحو استخدام مؤشر للعملة المحلية يعد من أهم الإجراءات التي يسعى البنك المركزي لتطبيقها من خلال الربط بالعديد من العملات الأجنبية والذهب حيث سيعبر المؤشر عن أداء العملة المصرية في سوق العملات والذي سيساعد في تقييم الكفاءة الكلية لمستوى العملة من خلال قياس قوة أو ضعف العملات الرئيسية أمام العملة المحلية والذي سيعكس بدوره القيمة النهائية للعملة ومتوسط العائد المحصل أو الخسارة خلال الفترات المستقبلية
سابعا مؤشر العملة المحلية يساهم بشكل مباشر في قياس التوقعات المستقبلية لاداء العملة في الأسواق بدلاً من ربط أداء العملة المحلية بعملة الدولار الأمريكي فقط فالاقتصاد المصري غير مرتبط بشكل مباشر بالاقتصاد الأمريكي، وتعامله مع العديد من الدول الأخرى والتي يمكن التعامل بعملاتها – مثل الصين وروسيا-بدلاً من التركيز على الدولار الأمريكي كعملة أساسية للتبادل السلعي في ظل ارتفاع حجم الواردات المصرية من الخارج لحين تحسن الأوضاع الاقتصادية العالمية والأزمات المتكررة سيؤدي الى زيادة حجم الصادرات المصرية من خلال استراتيجية 100 مليار دولار صادرات ، والتوسع في زيادة إنتاجية القطاع الصناعي والزراعي، ودعم جودة المنتجات المحلية لتقليل الفجوة في المنتجات المستوردة والتي ستساهم بشكل مباشر في تقليل فاتورة الاستيراد.
وكما جاء في بيان المركزي فان اتخاذ هذه الاجراءات الإصلاحية جاء لضمان استقرار الاقتصاد الكلي وتحقيق نمو اقتصادي مستدام وشامل. وتحقيقاً لذلك سيعكس سعر الصرف قيمة الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية الأخرى بواسطة قوى العرض والطلب في إطار نظام سعر صرف مرن، مع إعطاء الأولوية للهدف الأساسي للبنك المركزي والمتمثل في تحقيق استقرار الأسعار. وبالتالي، سيمكن ذلك البنك المركزي المصري من العمل على تكوين والحفاظ على مستويات كافية من الاحتياطيات الدولية.
نأتي الى قرض صندوق النقد الدولي والتي أعلنت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي في مصر الدكتورة إيفانا هولار عن التوصل الصندوق لاتفاق مع مصر تمتد لمدة 6 أشهر تصل تكلفته إلى 3 مليارات دولار أمريكي من أجل تمويل الموازنة المصرية وتوفير تمويل للشركاء الدوليين والمحليين من مصر.فالهدف منه مواجهة الأزمات الخاصة بالاقتصاد الكلي، ومن ضمنها أزمة الحرب في أوكرانيا، وكذلك من أجل دعم مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد.
وأوضحت هولار أن الأزمة الروسية الأوكرانية تسببت في أزمات في مختلف دول العالم ومن بينها مصر، مشيرة إلى أن صندوق النقد عمل مع السلطات المصرية من أجل أن تكون هناك تعديلات هيكلية من أجل الوصول إلى التزام أقوى فيما يتعلق بالتعديلات الخاصة بالاقتصاد الكلي وذلك بالطبع في ضوء الضغوط والتحديات الدولية.
هنا يؤكد الخبراء بأن موافقة صندوق النقد الدولي على قرض لمصر تعتبر شهادة دولية على أن مصر قادرة على الوفاء بالتزاماتها الخارجية، و أن احتياجات مصر من الخارج من السلع الأساسية مستلزمات الانتاج، تكون بالدولار وبالتالي اضطرت مصر لقرض الصندوق لتلبية احتياجات الشعب. والصندوق النقد لا يقرض الدولة إلا لتمويل عجز الموازنة فقط أو خلل في الموازنة، وضبط معدل الديون بحيث لا تزيد عن 80% من الناتج المحلي.
فمصر لديها فجوة تمويلية من العملة الأجنبية، لذلك اتجهت للحصول على قرض 3 مليار دولار من صندوق النقض لتمويل ذلك العجز، إضافة آلى 6 مليار من المؤسسات الأخرى سوف تحصل عليها من طرح السندات الدولية.
وكما قال حسن عبد الله محافظ البنك المركزى، إن التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولى، جاء نتيجة مناقشات مثمرة بين الجانبين للاتفاق على حزمة متكاملة من السياسات والتدابير والإصلاحات الهيكلية المتسقة مع برنامج الإصلاح، وسيعزز ذلك من استقرار الاقتصاد الكلي وقدرته على مواجهة الأزمات الخارجية والتى زادت حدتها على المستوى العالمي مؤخرا.
وقد بدأ البنك المركزى فى تحسين كفاءة السياسة النقدية وكفاءة عمل سوق الصرف بما يسهم فى تعزيز الاستدامة، موضحا أن البنك المركزي يستهدف إعادة بناء الاحتياطات الدولية على نحو تدريجي ومستدام ومضاعفة الاحتياطي المصرى.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع