قف للمعلم وفه التبجيلا.. عبد الكريم الشعراوى 40 سنة ناظر ومعلم رياضيات.. صاحب الـ80 عاما يسترجع ذكرياته الجميلة مع التدريس.. ويؤكد: تقديم نموذج للاقتداء كان أولويتنا.. وأسعد لحظة عندما يقابلنى طالب ويقبل رأسى

لمدارس زمان حكايات كادت أن تنسى، كان خلالها المعلم "سيد" فصله بالانضباط بالمظهر والقول، بينما ولى الأمر كان مشجعا للمعلم وبدوره الطالب حريصا على عدم مخالفة أى تعليمات توجه له.

من بين هؤلاء المعلمين الذين عاشوا تلك الحقبة، الأستاذ عبد الكريم محمد مصطفى الشعراوى، الذى قضى قرابة 40 عاما من عمره معلما لمادة الرياضيات، وناظر بعدد من مدارس محافظة شمال سيناء، وبعد مرور 80 عاما من عمره يتذكر يوميات عمله مع  تلاميذه، وزملائه وأولياء الأمور.

اثناء ذهابة لعمله

تحدث الأستاذ عبدالكريم الشعراوى لـ"اليوم السابع"، من منزله بالعريش، عائدا بالزمن لفترة ما بعد تخرجه، وحصوله على دبلوم معلمين، وتوزيعه على مدرسة ابن سيناء بمدينة العريش فى منتصف السبعينيات، ولأن المدرسة كانت تخلوا من منصب " ناظر " لأن جميع المدرسين فيها غير مؤهلين وقتها، استلم عمله مدرس وناظر فى نفس الوقت.

أضاف أنه يتذكر الاستعداد للعام الدراسى الجديد فى المدارس فى السبعينيات، تتم مبكرا، بتوزيع أدوار التركيز فيها على طابور أول يوم دراسى وتحديد من سيتحدث للطلبة ومن يتحدث لأولياء الأمور فى طابور الصباح  من المعلمين، والعبارات  التى ستوجه لهم وتحديدا فى ما يخص الانضباط والتشديد على النظافة الشخصية، واحترام المعلمين والمدرسة، واحترام الوقت، والالتزام بواجبات الفصل، وهى رسائل تصل لهم توضح مسار العام الدراسى الجديد الذى يلتزم به الجميع من بدايته حتى نهايته، وأهمية هذه الرسائل أن الجميع فى أول يوم يسمعها الطلبة وأولياء أمورهم الذين يحضرون معهم .

وأكد أن ما كان يعتبر أولوية لديهم كمعلمين، أن يكون مظهرهم أمام الطلبة فى قمة الاحترام والانضباط لأنه "معلم" يعلم كل شيء من أخلاق وسلوك ونموذج للطالب ومثال للاقتداء به داخل المدرسة وخارجها ولا يصح أبدا الخروج بأى شكل مخالف من المعلم .

وأشار إلى أن علاقتهم بأولياء الأمور كانت تحمل ألفة ومحبة، حتى أن ولى الأمر كان يأتى للمدرسة ويقول للمدرس "كسر وأنا أجبر"، فى إشارة للثقة فى المدرس أن يواجه الطالب بالعصا ليعلمه ولن يحسابه كأب .

انشطة كشافة ع8لى العجلة

وتابع قائلا: بالطبع كنا نسمع من أولياء الأمور هذه العبارة، لكن لا ننفذ لهم هذا الطلب، ودائما نوجه المعلمين التعامل مع الطالب كصديق لتكون الثقة أولا، ورغم أن استخدام العصا موجود وقتها إلا أنه يعتبره أسلوب غير تربوى ويدمر علاقة حب الطالب لمعلمه ومدرسه ويعكس هذا أثره على تحصيله العلمى لأن "العلم بالفهم مش بالعافية".

وأوضح أنه كان حريصا على ابتكار أشياء غير مسبوقة لتعليم طلبته مادة الرياضيات من رسومات وتخيل مشاهد فى الحياة، وتطبيقها على مسائل الكسور والجذور وغيرها، واستطرد قائلا "الطريف أنه عندما يقابلنى الآن أحد طلبتى من باب المزح، يذكرنى بإحدى هذه الطرق فى التدريس ونعود سويا لذاك الزمن الجميل .

ويعتبر عبد الكريم الشعراوى أن أسعد لحظة يعيشها بعد خروجه على المعاش وسنوات عاشها بعيدا عن العمل تكاد تقترب من السنوات التى عاشها وراء السبورة وداخل جدران الفصول وأسوار المدارس، أنه عندما يصادفه احد طلبته فى الطريق وهو يسير ويقبل رأسه، فهو عندها يشعر انه ترك تلاميذ تم تربيتهم أدبا وخلقا وعلما، ولا ينسى بالطبع كما يقول المتميزين منهم، والذين شقوا طريق حياتهم وأصبحوا يشغلوا مواقع ووظائف مرموقة فى الجهاز الإدارى للدولة .

وقال إن مقياس وصول المعلومة التى يدرسها للطالب يعرفها من إجابته، ودائما يضع شعار أنه إذا كانت الإجابة خطأ فهو يعتبر نفسه فشل فى توصيل المعلومة، ويعيدها بكثير من التبسيط والأمثلة الدالة حتى تصل لعقل الطالب و يستوعبها بفهم وليس مجرد حشو .

فى الجامعةي

وأضاف أنه تنقل ما بين مدارس كثيرة فى نطاق محافظة شمال سيناء، بينها مدارس العريش والشيخ زويد وغيرها ، ورغم أن مهامه " ناظر مدرسة " إلا أنه مخصص له نصاب 6 حصص أسبوعيا فى مجال تخصصه لتدريس مادة الرياضيات، ومما لا ينساه أن اولياء أمور يحضرون للمدرسة عندما يسمعون من أبنائهم عن معلم يعلم أبنائهم بحب واهتمام، وعند حضورهم يأتون محملين بأشياء بسيطة كمساعدة للمدرسة.

وقال إنه بعد خروجه للمعاش أصبح يقف الى جانب أبنائه فى محل تجارى، واستفاد من تجربته كمعلم فى حسن استقبال ومعاملة الزبائن، وهذا فتح أمامه وأبنائه أبواب من الرزق فى متجرهم .

مع محرر اليوم السابع بجامع العريش

ووجه  عبد الكريم الشعراوى رسالة لكل من فى الحقل التعليمى: نصيحتى لزملائى المعلمين، أن لا ينتظر أبدا أى معلم الجزاء من أحد إلا من عند الله لأن رسالته عظيمة، وكلما أعطى المعلم بإخلاص فى فصله الدراسى داخل مدرسته أعطاه الله وفتحت أمامه أبواب الرزق، كما وجه نصيحة لكل طالب بقوله "لا بد من بذل الجهد وإذا التفت أى طالب خلال دراسته لطريق غير العلم فالنتيجة هى الوصول للشارع، بينما على أولياء الأمور دور كما يقول وينصحهم دائما بالتحفيز للابن والتحبيب فى المدرسة، خصوصا المراحل الأولى من الدراسة لتبنى شخصية الطالب على حب العلم .

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع