أنفاق سيناء الجديدة.. آفاق للتنمية الاقتصادية وتعزيز الوجود الأمني .. دراسة تكشف جدوى تنموية وأمنية واستراتيجية واجتماعية للأنفاق الجديدة .. تساعد فى سهولة التنقل وتعزز مفهوم الأمن الغذائى

أنفاق سيناء الجديدة.. آفاق للتنمية الاقتصادية وتعزيز الوجود الأمني .. دراسة تكشف جدوى تنموية وأمنية واستراتيجية واجتماعية للأنفاق الجديدة .. تساعد فى سهولة التنقل وتعزز مفهوم الأمن الغذائى
أنفاق سيناء الجديدة.. آفاق للتنمية الاقتصادية وتعزيز الوجود الأمني .. دراسة تكشف جدوى تنموية وأمنية واستراتيجية واجتماعية للأنفاق الجديدة .. تساعد فى سهولة التنقل وتعزز مفهوم الأمن الغذائى

بمناسبة افتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسى لعدد من المشروعات القومية خلال الأيام الماضية ومنها نفق الشهيد أحمد حمدى 2 بمدينة السويس، والذى جاء فى إطار خطة الدولة لتنمية محور قناة السويس -التى تربط قارة إفريقيا وأسيا وأوروبا- والتى بدأت بإنشاء قناة السويس الجديدة ومرورًا بحفر خمس أنفاق جديدة أسفل القناة، إلى جانب نفق الشهيد أحمد حمدى 1 الذى تم افتتاحه فى عام 1981، كشفت دراسة للمركز المصرى للفكر والدراسات عن الجدوى الاقتصادية والأمنية والتنموية لهذا المشروع العملاق.

ما هى أنفاق قناة السويس الجديدة؟
 

تقدمت هيئة قناة السويس منذ سنوات قليلة وتحديدًا فى عام 2014 بخطة لتطوير محور قناة السويس والتى اشتملت على بناء قناة جديدة موازية لقناة السويس القديمة لتسهيل حركة الملاحة فى القناة، وحفر عدد من الأنفاق أسفل القناة، وإنشاء وادى للتكنولوجيا الذى يرتبط بالإسماعلية وقنطرة شرق وقنطرة غرب، وإنشاء عدد من الكبارى العائمة بهدف زيادة دخل البلاد من العملة الصعبة، وزيادة الطلب على القناة كممر ملاحى عالمى من خلال زيادة قدرتها الاستيعابية لتصل إلى 97 سفينة بحلول عام 2023 وتقليل تكلفة الرحلة الملاحية، فضلاً عن جعل مصر مركز تجارى ولوجيستى عالمى. وقدرت تكلفتها بـ60 مليار جنيه مصرى أى ما يعادل بـ٨,٢ مليار دولار.

فقد تم حفر أنفاق قناة السويس أو التى تُعرف أيضًا بأنفاق سيناء الجديدة والبالغ عددها خمس أنفاق على مرحلتين. فقد تم افتتاح المرحلة الأولى منها فى مايو 2019 عقب الانتهاء من حفر أنفاق تحيا مصر بالإسماعلية وأنفاق 3 يوليو ببورسعيد خلال ثلاث سنوات بدءً من يوليو 2016 حتى مايو 2019. بينما تم افتتاح المرحلة الثانية بانتهاء نفق الشهيد أحمد حمدى 2 بالسويس أمس. والتى استغرق تنفيذه 28 شهرًا والذى يستوعب 2000 سيارة كل ساعة أى بمعدل 40 ألف سيارة كل يوم. 

وتجدر الإشارة إلى أن تلك الأنفاق (نفقا الإسماعلية ونفقا بورسعيد) تتكون من اتجاهين بحيث تسمح للعبور ذهابًا وإيابًا. ويوجد بكل نفق حارتين للسيارات بعرض 3.7 أمتار لكل حارة. كما أن تلك الأنفاق مزودة بكاميرات مراقبة ورادارات لمتابعة السرعة وأنظمة حريق، ناهيك عن وجود غرف طوارئ ونقاط تفتيش. كما أنه تم ربط نفقى قناة السويس بعدد من الممرات العرضية المتكررة بطول 500 متر لكل ممر.

وبلغت التكلفة الإجمالية للمرحلة الأولى من الأنفاق – التى يصل عمقها لـ70 مترًا تحت سطح الأرض و53 مترًا أسفل سطح قناة السويس – 12 مليار جنيهًا. فقد تم حفر أنفاق بالإسماعلية وعددها 2 نفق لتصل إلى وسط سيناء ذهابًا وإيابًا فى غضون 15 أو 20 دقيقة. كما أنه تم حفر نفقى بورسعيد اللذين يربط غرب وشرق القناة، وهو ما يؤدى بدوره إلى تسهيل حركة التجارة داخل وخارج البلاد، وعلاوة على ذلك، تم إنشاء خمس كبارى عائمة، ومنها كوبرى الشهيد أحمد منسى بالإسماعلية والشهيد أبانوب جرجس بالقنطرة وطه زكى بالسرابيوم وكوبرى الشهيد عمر الشبراوى بالشط بالسويس والنصر ببورسعيد.

 

الجدوى الاقتصادية والتنموية والأمنية والاستراتيجية والاجتماعية للأنفاق الجديدة
 

هناك جدوى اقتصادية وأمنية واستراتيجية وتنموية من هذا المشروع العملاق الذى أشار إليه البعض بكونه أهم ثانى مشروع بعد السد العالى. وتتجسد جدوى المشروع من الناحية الجغرافية بأنها ربطت شبه جزيرة سيناء بدلتا النيل وباقى محافظات مصر من خلال 20 نقطة اتصال بعد أن كان نفق الشهيد أحمد حمدى 1 وكوبرى السلام بالإسماعلية، إلى جانب عدد من المعديات هم نقاط الاتصال والربط بين شبه جزيرة سيناء ودلتا النيل. ولهذا، الربط الجغرافى مميزات عديدة، ومنها على سبيل المثال، اجتماعية واقتصادية وأمنية.

فمن الناحية الاجتماعية، فإنها تسهل حركة المرور الأفراد، لاسيما أبناء سيناء، وحركة المركبات والسيارات، فضلاً عن أنها تقلل من التكدس والزحام فى ضوء تزايد معدلات الحركة والملاحة. وبالإضافة إلى ذلك، فإنها تقلل من مدة التنقل بعد أن كانت قد تستغرق أيام؛ حيثُ كانت تنظر السيارات، فى بعض الأحيان، إلى ما يصل إلى خمس كيلو مترات وكانت تنظر الشاحنات الناقلة للبضائع لمدة خمس أيام فى وقت الذروة قبل حفر تلك الأنفاق. فحسبما قال الفريق أسامة ربيع فى أثناء افتتاح نفق الشهيد أحمد حمدى 2، مرت ما يزيد عن 5 ملايين مركبة فى الأنفاق خلال الفترة من يناير 2021 لأغسطس 2021. وكذلك، عبرت 6 ملايين و695 مركبة فوق الكبارى العائمة والمعديات.

كما أن سهولة التنقل فى أجراء الجمهورية، لاسيما فى شبه جزيرة سيناء التى عانت من التهميش لعقود طويلة، يخلق حالة من الترابط بين أبناء الوطن ويعزز الشعور بالملكية والمواطنة لدى أبناء سيناء نتيجة لاهتمام الدولة بهم أسوة بباقى المواطنين. وتتمثل أهمية كوبرى الشهيد أحمد منسى العائم بالمنطقة رقم 6 بالإسماعلية، على سبيل المثال، فى تحقيق تكامل مع عدد من المعديات والأنفاق الموجودة أسفل القناة، وهو ما يضمن سهولة الحركة للمواطنين بين شرق وغرب القناة.

وعلاوة على ذلك، فإنها تعزز مفهوم الأمن الغذائى فى ظل توجه الدولة لإقامة مشاريع الاستزراع السمكى فى أحواض الترسيب شرق قناة السويس والتى تودى بدورها لتعزيز العديد من الصناعات الأخرى التى ستوفر فرص عمل لأبناء الوطن، ومنها تصنيع اللحوم والأسماك وإنتاج الأعلاف.


 

تعرف على أنفاق قناة السويس الأربعة الجديدة للوصول إلى المدن السياحية فى سيناء
 

ونتيجة للتداخل الشديد بين البعد الاجتماعى والتنموى والبعد الاقتصادى، فإن هناك جدوى كبيرة من الناحية الاقتصادية كبيرة لهذه الأنفاق والتى تتمثل فى خلق فرص عمل للمصريين، لاسيما أبناء شبه جزيرة سيناء ومدن القناة نتيجة للتوسع العمرانى ونتيجة لحرص الدولة على جذب المزيد من الاستثمارات من خلال إقامة شبكة طرق تربط محافظات الجمهورية ببعضها البعض فى ضوء المشروعات القومية الأخرى؛ حيثُ تسهل تلك الأنفاق والكبارى العائمة حركة التجارة من خلال توفير إمداد المواد الخام للمنشآت الصناعية على نحو مستمر، وتساعد على إنشاء مجمعات صناعية جديدة، لاسيما مع وجود مدن جديدة كمدينة الإسماعلية الجديدة، هو ما يدفع عجلة التنمية للتقدم. كما أنها تسهل حركة التجارة نتيجة لسهولة نقل البضائع.

كما تكمن أهمية المشروع فى أنها تعزز من فرص نجاح مشروع تنمية محور قناة السويس الذى يهدف لجعل مصر كمركز لوجيستى وملاحى ونقل عالمى من خلال الربط بين مينائى شرق وغرب بورسعيد وميناء العريش ومدينة الأديبة وميناء السخنة ووادى التكنولوجيا بشرق الإسماعلية والمنطقة الصناعية بشمال غرب خليج السويس. وعلاوة على ذلك، تساهم تلك الإنفاق فى زيادة معدلات الصادرات من المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. وكذلك، تساهم فى تنمية وتعزيز الاستثمارات بمنطقة قناة السويس التى يوجد بها ست موائى و4 مناطق صناعية؛ حيثُ إن الأنفاق تبعد عن المنطقة الصناعية لشرق بورسعيد بخمس كيلو مترات فقط، إضافة إلى قربها من المنطقة الصناعية الروسية ومينائى بورسعيد وشرق التفريعة على البحر المتوسط، وهو ما يسهل حركة التجارة الخارجية. بالإضافة إلى ذلك، فإنها تساعد على مد النشاط التجارى للشركات التابعة لهيئة قناة السويس فى محور القناة، وهو ما يدفع عجلة النمو الاقتصادى.

كما أنها تعزز من عوائد السياحة التى يعتمد عليها الاقتصاد المصرى بشكل كبير؛ حيثُ إنها تسهل حركة السياح لكونها تسهل الوصول للمدن السياحية الهامة مثل شرم الشيخ وطابا ونويبع وشرم الشيخ ودهب وسانت كاترين. ويمكن القول أن الربط بين شبه جزيرة سيناء وباقى محافظات الجمهورية سيعظم العوائد السياحية المختلفة، فى إطار خطة الدولة لتطوير السياحة من خلال فتح أفاق جديدة كسياحة اليخوت والسياحة العلاجية وتطوير المواقع الأثرية وإحياء التراث الثقافى وبناء متاحف بالمعايير العالمية، حيثُ إنها مقاصد سياحية. 

 

جدوى استراتيجية وأمنية للأنفاق الجديدة
 

يوجد جدوى استراتيجية وأمنية وعسكرية لهذه الأنفاق وتتمثل فى تعزيز العمق الاستراتيجى لمصر، ونجد أن أنفاق شرق بورسعيد التى تصل إلى شمال سيناء تربط رفح شرقًا بالسلوم غربًا عبر الطريق الدلى الساحلى، وهو ما يضمن الربط بين المحافظات والموانئ والمطارات المصرية مثل منفذ السلوم البرى وميناء جرجوب، ومطارى العلمين وبرج العرب، ومينائى العريش وشرق بورسعيد البحريين، ومزرعة غليون ومدينة الأثاث بدمياط. أما عن أنفاق الإسماعلية التى تصل لوسط سيناء، فإنها تربط مدينتى السلوم وجرجوب الحدوديتين بالعوجة من خلال محور الضبعة والطريق الدائرى الإقليمى وطريق طريق الإسماعلية. أما عن نفق الشهيد أحمد حمدى ٢، فإنه يربط الحدود الغربية والقاهرة والمدن السياحية مثل شرم الشيخ، ومنها إلى الأردن والسعودية. وبناء على ذلك، إن هذا الربط الجغرافى بباقى الجمهورية وخلق شبكة من الطرق والمحاور التى تربط محور القناة بالمشروعات الجديدة الأخرى لا يساعد على تعظيم الاستفادة الاقتصادية نتيجة لنقل الأفراد والبضائع فحسب، بل إنه يساعد على تعزيز التواجد الأمنى نتيجة للتوسع العمرانى، وهو ما يؤدى بدوره إلى مد موجة التنمية لشبه جزيرة سيناء بجذب الاستثمارات بما فيها الاستثمار الأجنبى المباشر وإقامة المشروعات الاقتصادية فى الضفة الشرقية لمصر. وبالتالى، تجفيف منابع الإرهاب والقضاء على أى أطماع فى سيناء وكذلك، القضاء على أى مشاريع ترمى لنشر الفوضى وتفتيت البلاد. كما أنه سيؤدى بدوره إلى رفع نصيب سيناء من الدخل القومى، وذلك فى ظل توجه مصر لإحياء وإقامة كيانات اقتصادية وإقليمية مثل المحور الثلاثى المصرى والأردنى والعراقى وكذلك، سيعزز التجارة فى منطقة حوض المتوسط.

إن هذه الأنفاق لا تقتصر على كونها مشروعًا لربط طرق فحسب، بل إنها نموذج لمشروع تنموى متكامل يراعى الجوانب الاقتصادية التى تؤثر بدورها على الجانب الاجتماعى والأمنى. كما أنها تعد نموذجًا لتطبيق المفهوم الشامل للأمن الذى يشتمل على البعد الإنسانى والأمنى والاقتصادى والغذائى. كما أنها ستجعل مصر مركزًا سياحيًا ولوجستيا وتجاريًا عالميًا ومركزًا إقليميًا للطاقة نتيجة للموقع الجغرافى والاستراتيجى الفريد الذى يربط بين القارات الثلاثة، وهو ما يعظم الدخل القومى من العملة الصعبة فى ضوء سعى مصر للتوسع فى الأنشطة الصناعية بمحور قناة السويس كصناعة تجميع السيارات والإلكترونيات والصناعات المعدنية الخفيفة، وتموين السفن وصيانتها، تصنيع وصيانة الحاويات، كما أن كل هذا سيساهم فى تقليل الاستيراد وتوطين الصناعات الاستراتيجية المختلفة.

 


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع