- حزب المصريين الأحرار حزب ليبرالى ينادى بالرأسمالية المنضبطة ، ونحاول بكل الطرق أن نسترجع كيان الحزب و اللب الليبرالى له
- الحرية ليست فوضى فأى دولة متقدمة هى دول حرة و المواطن الحر يستطيع ممارسة حرياته كاملة فهو مواطن من الدرجة الأولى
- المرأة تستطيع النجاح فى كل المجالات و المناصب القيادية ، و التجربة أفرزت وجود سيدات استطعن تثبيت أقدامهن فى المعترك السياسى
- المواطنة مسألة لها علاقة بتطبيق القانون ،و يجب أن يطبق القانون بلا جنوح و بلا مِزاج لنحصل على المواطنة الكاملة
حاوره : جاكلين جرجس
السياسة هى الحياة و لا حرية سياسية بدون أحزاب و يقول الكاتب و المفكر الراحل فرج فودة عن السياسة : " المسألة كلها باختصار أنه عندما تفلس الأحزاب ويفلس السياسيون .. يلعبون على المشاعر الدينية لأنها المدخل السريع لمشاعر الناس وليس عقولهم وهذا الخلط بين الدين والسياسة هو الخطر " .
لكن فى ظل التغيرات السياسية و الاقتصادية التى تشهدها مصر والتطور الملحوظ في النظم السياسية وإهتمامهـا بإرسـاء الديمقراطية في العصر الحديث وإشراك الجماهير في صنع القرارات السياسية ، و تمثيلهم عن طريـق الأحزاب السياسية كمبدأ وجوبي للممارسة الديمقراطية و أيمانًا بأن الأحزاب السياسـية هـى الإطار المنظم، والمنضبط لأي نشاط سياسي تتحدد فيه الأفكار والمصالح، ويسـوده الإنسـجام المدروس ؛وعليه فكلما تعددت الأحـزاب سادت العدالة في تمثيل كل فئات الشعب الواحد، و عن أهم سمات مرحلة التحول الديموقراطى و ما هى أهم المعوقات التى تواجة الاحزاب السياسية و مستقبلها فى مصر يحدثنا الدكتور محمود العلايلى الكاتب السياسى البارز و عضو مجلس أمناء حزب المصريين الأحرار .
و إليكم نص الحوار .
*ما هو اللقب الأقرب لشخصيتكم طبيب أم سياسى بارز ؟
هناك أمور عديدة نمارسها فى حياتنا و لكل شخص مهنتة التى تنحصر فى مجال معين ؛ لكن أفضل ما فى السياسة أنها مسألة أكثر اتساعًا و تنوعًا و هى أكثر تأثيرًا فى عقول الاشخاص، و فيها تغيير مستمر فى طرق التفكير خاصة عندما نتحدث عن الليبرالية و الحرية و الفردية و أيضًا لا يوجد شأن من شئون الحياة لا يرتبط بالسياسية و الاقتصاد فهما يؤثران على بعضهما و يؤثران فى كل مناحى الحياة و التى تتكون من خطط سياسية و إمكانيات اقتصادية .
* حدثنا عن بدايتكم فى مشوار العمل السياسى و الاجتماعى ؟
بدأت العمل السياسي منذ عشرة أعوام و لا أزعم بأى حال من الأحوال أنى شاركت فى ثورة 25 يناير ، و وقتها لم أكن بدأت ممارسة العمل السياسى لكنى كنت أمارس العمل العام فيما يتعلق بالتنمية المستدامة .
وأتذكر و قتها أن الدكتور مكرم مهنى رحمه الله كان بدأ تأسيس المرصد المصرى للمواطنة وكان يجمع العديد من المهتمين بالشأن العام خاصة ما يخص أمور المواطنة و المساواة بين المواطنين المصريين ، كالمساواة فى التعليم ، المساواة بين الرجل و المرأة و الطبقات المختلفة فى المجتمع و ليس المساواة فى الدين فقط ، ففى المرصد لا يتم تصنيف المواطن بأى حال من الأحوال .
* " الفنانين يفسدون فى الأرض" مقولة طرحها إحدى النواب فى أولى جلسات مجلس النواب الحالى ... ما تعقيبكم على هذه المقولة ؟
مع اعتراضى الشديد على العبارة لكنى لا أصادر عليها و أجد أن هناك أمور من الأجدى فيها عدم الرد ؛ فهذا الرأى ليس له قيمة و نحن الأن فى أواخر الربع الأول من القرن الواحد و العشرين و لانزال نتحدث عن قيمة الفن بشكل عام أو قيمته فى مصر بشكل خاص ، فهذا ما يسمى بالجهل المدقع ،أجدها أمور تثير الشفقة أكثر من السخرية ، و بالطبيعى أن يضم مجلس النواب بين أعضاؤه اختلافات و تباينات فى أراء و وجهات نظر نوابه ، لذلك لن نستطيع أرغام أى شخص على اعتناق وجهات نظر معينة .
* تسعى الدولة لتمكين الشباب و مشاركتهم فى العمل السياسى و المجتمعى ... ففى رأيكم ما مدى نجاح الشباب فى هذه المهمة الموكلة إليه ؟
بالتأكيد أن مسألة تمكين الشباب فى أروقة الحكم مسألة فى غاية الأهمية و ما حدث فى مجلس النواب و الشيوخ يؤكد على تواجد الشباب بنسبة كبيرة غير مسبوقة ، لكننا لا نستطيع الحكم على التجربة قبل أن يتم وضعها على المحك و نرى نتائجها على أرض الواقع ، لكن الأهم هنا هى الطريقة التى يتمكن منها الشباب لأن أماكن مثل مجلس النواب و الشيوخ ليس المعيار الأهم فيها السن لكن القدرة على إنجاز ما هو مطلوب من النائب ، و مهم جدا عند الحديث عن مجلس الشيوخ أن يؤخذ فى الاعتبار أنه مجلس أصحاب الخبرات ؛ لكن بتشكيله الحالى فأصحاب الخبرات فيه قليلين جدًا و أن كنا نأمل يستقى الشباب الموجودين الخبرات اللازمة التى تؤهلهم لنجاح التجربة فى الفصول التشريعية القادمة .
* من المؤكد للعيان أن هناك بعض التغييرات السلبية التى طرأت على سلوك المواطن المصرى ... فما هو السبيل لاستعادة اخلاقيات الشارع المصرى الطيبة مرة أخرى ؟
السلوك لا تحدده ثقافة الفرد و لا هويته ولا تراكمات من الماضى ؛ فالسلوك يحدده القانون و للأسف الشديد - عند السفر لأى دولة اوروبيا نتحدث عند العودة إلى الوطن الأم عن مدى ثقافة شعوبهم وإلتزامهم بالسلوك الاجتماعى القويم ؛ و هذا الإلتزام نتيجة تطبيق القانون بكل صرامة على كل أطياف الشعب من عشرات السنين إلى أن تحول هذا الإلتزام إلى سلوك وتناقله الأجيال إلى أن أصبح ثقافة شعب ، و هذا لن يتأتى لدينا بالمنشورات و الأقوال فقط ؛ لكن علينا تطبيق القوانين على الجميع .
* هل ترون أن الهوية المصرية أصابها بعض التشوه و هل على المؤسسات الوطنية محاولة استعادتها مرة أخرى ؟
وجهة نظرى فى مسألة الهوية أن الهوية الفرعونية أو القبطية أو الإسلامية هى روافد ثقافية أثرت على مدى التاريخ فى الشخصية المصرية و أن كان بعض هذه الروافد قد تطغى على أخرى و هى التى تشكل السبيكة التى تتكون منها الشخصية المصرية ؛ فى رأيى أن هوية الفرد تتحدد من حاضره وما ينجزه، فى الوقت الذى تتشكل فيه هوية الدول بحكم ما تنتج من سلع وخدمات وما تؤثر به الدولة فى الاقتصاد والسياسة العالمية .
ولا أجد أن هناك أى فائدة عملية من إستعادة ما يسمى بالهوية فمسألة التاريخ أو الجذور الثقافية هى مسألة للبحث و التحليل ؛ لا يعنينى إستعادة الأصول المصرية القديمة أو غيرها فجميعها جذور تاريخية و روافد ثقافية للبحث و الدراسة و التفاخر بها ، نحن نحتاج أن نفكر فيما نريده اليوم و يؤثر على الفرد و المجتمع و يصلح للمستقبل .
* هل ترون أن هناك حالة من الفراغ فى الفضاء السياسى فى مصر ؟
نظام الحكم لديه طريقة معينة فى إدارة أمور الدولة لكن ليس من ضمنها إعطاء الدور الحقيقي للأحزاب و الذى يجب أن تقوم به ، و بالتالى نجد فراغ سياسى و هو خطأ شديد على المستوى السياسى و طرق تشكيل المؤسسات السياسية ؛ فالمبرر الذى ترتكز عليه هو الخطورة من جماعات الإسلام السياسى و هو الجدل السياسى بيننا و بين الدولة ، لأن الدولة لم ولن تستطيع بأى حال من الأحوال منذ بدايات حركات الاسلام السياسى فى مصر منذ 2011 وحتى الأن أن تستحوذ الفراغ الذى تستحوذه جماعات الإسلام السياسى ولكن الذى يجب أن يستحوذه هى الجماعات السياسية الأخرى عندما يترك لها المجال ،و قد ظهر ذلك بأشكال متفرقة صعودا و هبوطا على مدى التاريخ المصرى المعاصر ، و ظهر بشكل أكثر وضوحا عندما حازت التيارات و الأحزاب السياسية المصرية الفراغ الذى كانت تحوذه الجماعات الإسلامية فى الشارع .
* اطلق البعض على حزب المصريين الأحرار " حزب الصفوة " ... فهل لكم بمشاركة القارئ الأسباب التى جعلت الحزب ينزوى و يخفت ضوءه و مشاركته فى الساحة السياسية الفترة الأخيرة ؟
حزب المصريين الأحرار حزب ليبرالى ينادى بالرأسمالية المنضبطة و ما حدث هو انقسام شديد بين أفكار و رؤى و قيم حزب المصريين الأحرار و أى انقسام سياسى يؤدى إلى فتور دور الحزب و هو ما حدث الفترة الأخيرة ؛ لكن بكل الطرق نحاول أن نسترجع كيان الحزب و اللب الليبرالى له .
ومن الجدير بالذكر عندما نتحدث عن الليبرالية ومن يتبنى سياسات اقتصاد السوق الحر أن المؤسسة الاقتصادية ليست بحجمها المالى ولكن بطريقة إدراتها و هذا ما كان ينادى به حزب المصريين الأحرار فهو حزب يسع كل المصريين و ليس شرطا أن يكون الشخص من الصفوة أو من ذوى الأموال ؛ لكن يكفى أن يكون قادرًا على الاعتماد على نفسه و إدارة مؤسسته الاقتصادية مهما كان حجمها المالى ، و عليه نأمل فى عودة حزب المصريين الأحرار بكل قوة فى المرحلة القادمة .
* بين الحين و الآخر يتم الحديث عن ملفى الحريات و حقوق الانسان ... ففى رأيكم ما هى الإشكالية الأهم بخصوص هذين الملفين فى الحالة المصرية الحالية ؟
الإشكالية الأهم فى ملفى الحريات و حقوق الإنسان هو أننا نحتاج أن تبدأ الدولة فى النظر إلى هذين الملفين بنظرة اكثر شمولا فيجب أن تعى أن هذا الملفى ليس ترفا و أن مسالة الحريات ليست مجرد التعبير عن الرأى ؛لكن فكرة الحريات يتبعها مبدأ الحقوق و الحريات فالمواطن الحر يعرف حقوقه و يلتزم بواجباته .
فكرة حقوق الإنسان مسألة يحكمها القانون فهذا المواطن هو مواطن يمارس حريته و يعلم حقوقه و يعلم أن هذا كله تحت مظلة القانون و دولة القانون من مميزاتها أنها لا تفرق بين شخص و غيره و لا تفرق بين الكيانات الإعتبارية مثل مؤسسات الدولة و المواطن الفرد و هى من أول البنود فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان فهى دائرة تكمل بعضها الموضوع ليس فقط ممارسة الحرية فهى جزء من منظومة متكاملة و بالتالى اتصور أن الدولة تحتاج أن تنظر إلى هذا الأمر بنظرة أكثر شمولا و ليس بشكل سياسى و كأن الحريات أو تطبيق حقوق الإنسان هو لتجميل الوضع السياسى أمام المجتمع الدولى لكنه فى واقع الأمر هو ما يؤدى إلى تنمية مستدامة حقيقية و وضع اقتصادى جيد و مواطنين منضبطين فممارسة الحرية ليست فوضى فأى دولة متقدمة هى دول حرة و مواطن حر يستطيع ممارسة حريات كاملة فهو مواطن من الدرجة الأولى .
* سعدنا جميعا بترأس النائبة فريدة الشوباشى بالجلسة الافتتاحية لمجلس النواب و خاصة بعد نجاح 162 إمرأة بالفوز بعضوية البرلمان و 89 سيدة أخرى فى مجلس الشيوخ ... فهل ترون أن هذه الأحداث بداية لتحقيق الحلم الكبير بتمكين و قيادة المرأة فى كل المجالات و على رأسها الأجهزة السيادية ؟
بالتأكيد المرأة تستطيع النجاح فى كل المجالات و المناصب القيادية ؛ و التجربة تفرز وجود سيدات قياديات يستطعن تثبيت أقدامهن فى المعترك السياسى ، و اقتناص المناصب ؛ فى الحقيقة أنا ضد أى نوع من أنواع التمييز حتى التمييز الإيجابى ؛ لكن فى الواقع أثبتت لنا التجربة أنه إذا لم يوجد هذا النوع من التمييز الإيجابى فى بعض القطاعات فلن يتواجد بعض هؤلاء المواطنين المصريين فى هذه المؤسسات على الإطلاق .
* وافق مجلس النواب خلال الجلسة العامة على قرار الرئيس بالموافقة على اتفاقية منحة المساعدة بين مصر و امريكا بشأن الحوكمة الاقتصادية ... فهل ترون أن الحوكمة الاقتصادية هى مفتاح لنمو الاقتصاد المصرى ؟
مفتاح الاقتصاد هو فتح المجال أمامه لينمو و يثمر و ترك السوق لوضعه الطبيعى فى العرض و الطلب لتنشيط الحراك الاقتصادى ، بعد ذلك تأتى المحاسبة فى المرتبة الثانية أو الثالثة ، فكيف نتمكن من المحاسبة أو وضع القوانين و الإلتزامات قبل فتح السوق و المساهمة فى إدارة عجلة الإنتاج فى البداية !!.
* عندما خرج الشعب فى 30 يونيو كانت إحدى أمنياته و احلامه إرساء دعائم المواطنة و المساواة ... لكن الأفكار الظلامية ظلت جاثمة على صدورنا حتى وقتنا هذا بالرغم من دعوة الرئيس فى أكثر من مناسبة بتصويب الخطاب الدينى و نبذ التطرف .... فما هى مقترحاتكم لدعم المواطنة ؟
المواطنة مسألة لها علاقة بتطبيق القانون يجب أن يطبق القانون بلا جنوح و بلا مِزاج لنحصل على المواطنة الكاملة من كل بُد ، فالجميع متساوون أمام القانون فيما يتعلق بتعليمهم و صحتهم و إعطائهم فرص متساوية فى العمل و تقلد المناصب ؛ ،لكن الخطاب الدينى لا يطور فهو قديم بطبعه ؛ لكن يجب أن يحدد ،لا يجب أن يمس السياسات العامة للدولة و لا يمس الحياة الشخصية للمواطنين أو الاقتصاد ؛فالخطاب الدين يجب أن يكون فى الأماكن الدينية و يختص بالشأن الدينى و يختص بالعبادات و طرق تنفيذها أما غير ذلك فهو ليس خطاب دينى بل تدخل فيما لا يجب أن يتدخل فيه.
و إذا أردنا أن نوقف افكار التيارات المتطرفة فعلينا إعطاء الفرصة للتيارات الأخرى و ما يسمى بالعلمانية و هى أن نخرج هذه المنظومات الدينية من المجال العام تمامًا و يتم تحديدها فى المجال الدينى فقط و نعطى الفرصة للمجال العام أن يتسع أمام الجميع ، فالعلمانية هى أكثر طريقة فى التفكير تحترم الأديان .
* فوجىء جميع المصريين الوطنيين بقرار محكمة الجنايات ببراءة جميع المتهمين فى قضية " سيدة الكرم " ... ثم أعقب ذلك صدور قرار النائب العام بتكليف المكتب الفنى بدراسة أوجه الطعن على الحكم الصادر ببراءة المتهمين .. فشعر المواطنين بإختلال فى ميزان العدل ... فما تعليقكم على هذا القرار الذى يضرب المواطنة فى مقتل ؟
بعد الحكم بالبراءة لمن قاموا بتعرية سيدة المنيا..قلت من يأمن على نفسه فى أن يظل مستورًا ... شئ مخيف ، وهناك فرق بين العدل و الحق أجد أن هناك اختلال فى ميزان الحق و ليس العدل ؛ أين تطبيق القانون بحيادية معروف أن القانون مجرد يكتب فيه وقائع و تجريم لهذه الوقائع و عقوباتها فأين العقوبات ؟!! .
الحقيقة أنها مسألة تثير الرعب فكرة تعرية سيدة فى المجتمع المصرى مليىء بالقسوة و الانتقام الغير مبرر و الإهانة و كسرة النفس و عدم الإحساس بالأمان و فى مجتمع مثل المجتمع الذى تعيش فيه السيدة الفاضلة سعاد ثابت نعرف عنه أن إهانة جسد المرأة أكثر إيلامًا من القتل ،و لذلك نتمنى أن يتم قبول الطعن على الحكم و أن محكمة النقد يكون لديها رأى فى تغيير الحكم أو فى إعادة المحاكمة لأن المسألة لا تخص السيدة وحدها أو المسيحيين فقط لكنها تخص المواطن المصرى واحساسه بالأمان و يجب أن يطبق القانون بشكل اكثر تجردا .
* قلتم أن العلمانية لا تعنى محاربة الأديان لكنها ترفض توغل الدين فى السياسة .. فكيف ننأى بالدين عن المعترك السياسى ؟
الدين مسألة يقينية لا تحتمل النجاح و الفشل أو الصواب و الخطأ و لا يجب أن يعترك المجال العام و أرى فصل الدين على السياسة يجب أن يكون توجه دولة خاصة عندما يكون التيار عالى جدا فى المؤسسات الدينية الرسمية محاولاً أخذ دورا فى رسم سياسات الدولة ، و اتصور ان الفترة الحالية فترة مواتية جدا لأن التمويل لجماعات الإسلام السياسى قّل بشكل ملحوظ .
* هل تعتقدون أنه سيتم الاستغناء عن المُعلم و المدرسة فى المستقبل القريب خاصة بعد رقمنة التعليم و تفشى جائحة كورونا ... و ما هو تقييمكم للتعليم عن بُعد ؟
د . طارق شوقى كان بدأ بدخول التابلت إلى التعليم و كانت خطوة متقدمة جدا و استفدنا منها فى جائحة كورونا و التجارب الرقمية ذات طابع عولمى ،فلن يحدث استغناء عن المُعلم أو المدرسة لكن سيحدث تغيير لنمط التعليم ليصبح تعليم بعيد عن الحفظ و التلقين و هو ما يتجه إليه العالم و بظهور كوفيد اضطرننا لتطبيق الرقمنة بشكل أسرع .
فالعالم يتجه إلى آفاق واسع جدًا و دخل مرحلة الذكاء الاصطناعى و اولاد القرن الحالى عقلهم و طريقة تفكيرهم تختلف عن الجيل الأقدم منهم و طريقة حصولهم عن المعلومة تختلف عن غيرهم مما يؤهلهم للتعليم الرقمى .
* فى رأيكم ماذا تحتاج مؤسسات البحث العلمى لننهض بها ؟
البحث العلمى الغير قائم على الإنجاز والاهداف لن يستمر ، و يحتاج البحث العلمى التطبيقى إلى الصناعة الحقيقية ،فعندما يكون هناك حرية اقتصادية و مشاريع صناعية يكون تطويرها قائم على وجود البحث العلمى و نتائجه تؤدى إلى زيادة الإنتاجية و تطوير الصناعة مما يؤثر على الإقتصاد بالإيجاب ،و هناك جزء من البحث العلمى يجب أن تتبناه الدولة خاصة فى مجالات مثل الصحة و التعليم .
* ذكرتم فى إحدى مقالاتكم أن هناك إصرار على فهم الحضارة الغربية بلغة شرق أوسطية ... فهل ترون أننا بحاجة إلى إعادة فهم و استيعاب للحضارة الغربية ؟
تتسم الذهنية المصرية بسمات شديدة الخصوصية فيما يتعلق بالتصورات عن العالم الخارجى، وبخاصة ما يطلق عليه بالتعبير الدارج (بلاد برّه) ويطلق هذا التعبير حينما يريد أن يستشهد أحدهم بقيم النظام والنظافة والتحضر الحضارة منظومة متماسكة من القيم لا يمكن أن يتم التعامل معها بشكل انتقائى، ومدونة مبادئ لا يمكن التعامل مع بعضها والعداء للبعض الآخر، لأن الحرية الشخصية وحرية الاعتقاد تؤديان إلى الديمقراطية، والتى بدورها تؤدى إلى سيادة دولة القانون التى ترسخ للعدل والشفافية ليزدهر الاقتصاد، لتتحقق سبل الحضارة وتثمر إنجازاتها التى يعيش عليها من يطبق مبادئها، إلا أن الصعوبة تكمن فى أننا نريد أن نفهم «بلاد برّه» بصيغتنا الخاصة، بينما من يريد أن يفهم «بلاد برّه» فيجب أن يفهم عقلية «بلاد برّه»، خاصة و أن البعض ينظرون إلى الحضارة الغربية بنظرة ساذجة على أنها حضارة متحررة و ملحدة و منفلتة و هذا غير سليم فالحضارة الغربية شىء عظيم تشمل نهضة علمية و ثقافية و فنية و سياسية ، نحتاج أن نتحرك فى اتجاه الثقافة الغربية و السعى نحو انجازاتها و تقدمها العلمى .
* هل ترون أن الدولة المصرية اقتربت من الإعلان عن اليوم ( صفر ) و هو اليوم الذى ستنقل فيه كل دولة جزءا كبيرا من المسؤولية إلى المواطنين ليعتمد كل مواطن على حماية نفسه بنفسه و دفع الأذى عن الأخرين مع اتخاذ الإجراءات و التدابير الإحترازية فى التعامل مع كوفيد 19 ؟
مصر لديها تجربة جيدة و نتعامل مع المسألة بشكل عملى مما سيعطى نتائج ايجابية ، لكن لدينا مشكلة فى قاعدة البيانات و تسجيل العدد الحقيقى للمصابين بكوفيد و الإعلان عنها .
مصر لا تتحمل اقتصاديا الإغلاق مرة أخرى ، هناك بعض الدول تستطيع ذلك لكن مصر صعب ، واتصور المطلوب فى المرحلة القادمة مزيد من الجدية فى تطبيق الإجراءات الإحترازية و تطبيق القانون بشكل صارم .
* هل هناك أرقام أو تواريخ معينة أثرت فى حياتكم ؟
الارقام هى أدق شىء يمكن التعامل معه فهى لا تتحمل مرونة ، فهى أن لم تصرح بالحقيقة دلت عليها ، أما التاريخ الذى أقف عنده دائما هو تاريخ وفاة والدتى خاصة كلما يتقدم بي الوقت اشعر بفداحة الأمر .
* ما هى الرسالة التى تودون توجيهها للشباب ؟
أتذكر مقولة د . زكى نجيب محمود عندما تحدث عن الحرية قال " الحرية ليست أن تفعل ما تريده لكن أن تعرف ما تريده ،تعرف مساوءه و مميزاته " ، ،تحروا و انظروا للأمور بشكل أعمق و ابتعدوا عن السطحية ، عيشوا حياتكم وتعلموا من تجاربكم فالتجربة الخاصة لا تمحى من الذاكرة ، أن تتكون أفكاركم و أرائكم من خلال علم و دراسة فلديكم فرصة الحصول على المعلومة بكل سهولة من خلال وسائط متعددة ، أوجدوا لأنفسكم مثل أعلى حددوا أهدافكم و ركزوا أنظاركم على الأشخاص الناجحين وتعلموا منهم ، انظروا على الدول الناجحة أن كنتم تريدون أن تكون بلادكم ناجحة و متقدمة.