سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم.. 22 فبراير 1954.. محمد نجيب يكتب نص استقالته من رئاسة مجلس قيادة ثورة 23 يوليو

سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم.. 22 فبراير 1954.. محمد نجيب يكتب نص استقالته من رئاسة مجلس قيادة ثورة 23 يوليو
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم.. 22 فبراير 1954.. محمد نجيب يكتب نص استقالته من رئاسة مجلس قيادة ثورة 23 يوليو

«بسم الله الرحمن الرحيم.. السادة أعضاء مجلس قيادة الثورة:

بعد تقدم وافر الاحترام، يحزننى أن أعلن لأسباب لا يمكننى أن أذكرها الآن، أننى لا يمكن أن أتحمل من الآن مسؤوليتى فى الحكم بالصورة المناسبة التى ترتضيها المصالح القومية، ولذلك فإنى أطلب قبول استقالتى من المهام التى أشغلها، وإنى إذ أشكركم على تعاونكم معى أسأل الله القدير أن يوفقنا إلى خدمة بلدنا بروح التعاون والأخوة».

هكذا كتب اللواء محمد نجيب، نص استقالته من رئاسة مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952، وذلك بعد أقل من عامين من قيام الثورة، فى مثل هذا اليوم «22 فبراير 1954» حسب ما يذكر هو فى مذكراته «كنت رئيسا»، وكانت تتويجا لخلافات محتدمة بينه وبين مجلس قيادة الثورة، وصلت إلى طريق مسدود، وحسب أحمد حمروش فى كتابه «قصة ثورة 23 يوليو» «المؤسسة العربية للدراسات والنشر –بيروت»: «انفجر الموقف عندما وجد نجيب أن استمراره رئيسا للجمهورية ورئيسا لمجلس قيادة الثورة أصبح أمرا مستحيلا بعد أن وصلت الأمور إلى حالة يصعب علاجها ولا يملك وحده – على حد تعبيره – القدرة على الفصل فيها».

كتب «نجيب» الاستقالة وأعطاها إلى سكرتيره الخاص إسماعيل فريد، كى يسلمها إلى مجلس قيادة الثورة، وطبقا لـ«محمد صلاح الزهار» فى كتابه «عبد الناصر وزيرا للداخلية» «طبعة خاصة – القاهرة»: «فى اجتماع لمجلس الثورة عقد يوم الثالث والعشرين من فبراير لم يحضره نجيب بالطبع، فوجئ المجلس بحضور إسماعيل فريد، الذى قدم لكمال الدين حسين مظروفا معنونا باسمه، ومدون عليه عبارتى «سرى للغاية، شخصى»، وكان كمال يقوم بأعمال سكرتارية المجلس، فقام بفض المظروف من محتوياته ووجد أنه عبارة عن استقالة لنجيب من جميع المناصب والسلطات المخولة له».

حضر هذا الاجتماع بعض الضباط الأحرار من الصف الثانى، وقام صلاح سالم بعرض مسألة النزاع بين نجيب ومجلس الثورة، وقال إن المجلس ليس أمامه إلا ثلاثة حلول، إما أن يحل نفسه، ويعاد تشكيل مجلس ثورة جديد، وإما قبول استقالة نجيب، وإما التوفيق بينه والمجلس، وانقسم المجلس فى الرأى، ففريق على رأسه جمال عبد الناصر رأى قبول الاستقالة، وفريق آخر بزعامة جمال وصلاح سالم، رأى إقالة نجيب، وإعلان ذلك على الشعب، ولكن خالد محيى الدين اعترض على تنحية نجيب بأى شكل، مبينا للمجلس، أن هذا الإجراء سوف يؤدى إلى قيام تمرد فى القوات المسلحة.

وفيما يتحدث محمد نجيب فى مذكراته «كنت رئيسا» عن هذه القضية متهما الجميع باتهامات بالغة، يتحدث عنها خالد محيى الدين عضو مجلس قيادة ثورة يوليو فى مذكراته «والآن أتكلم» «مركز الأهرام للترجمة والنشر – القاهرة»، مشيرا إلى بداية الخلاف بين نجيب الذى كان خالد فى صفه ومجلس قيادة الثورة ورجلها القوى جمال عبد الناصر، وموضحا الخلاف بين طبيعة الشخصيتين، نجيب، وناصر، فالأول كان «يربط مشكلته وصراعاته وطموحه بشخصه فقط، بينما ربط جمال طموحاته بقضية جماعية هى سلطات مجلس قيادة الثورة، فاستطاع أن يستقطب إلى صفه باقى أعضاء المجلس، وواصل نجيب ومن منطلق شخصى التصادم معنا واحدا تلو الآخر، فقد اصطدم بصلاح سالم وأنور السادات، بل حاول الوقيعة بينى وبين جمال، عندما قال إن ضابطا نقل إليه تذمر خالد وثروت عكاشة من محاولة جمال للاستحواذ على كل النفوذ».

يؤكد خالد محيى الدين، أن ورقة الاستقالة التى دخل بها إسماعيل فريد، على اجتماع مجلس قيادة الثورة أربكت كل الحسابات ووضعت مجلس الثورة فى موقف حرج للغاية: «بسرعة فائقة أدرك جمال عبد الناصر خطورة الموقف، وأدرك أن الزمام يفلت من أيدينا جميعا، فصاح فى وجه فريد: روح بلغ نجيب أن يبقى فى بيته ولا يغادره، ثم تذكر أنه لا بد أن يكون إسماعيل فريد نفسه يعلم بمحتوى الورقة التى أتى بها، فمع أن إسماعيل فريد كان عين عبد الناصر على نجيب إلا أن عبد الناصر لم يشأ أن يترك شيئا للمصادفة، فصاح فى إسماعيل فريد: وأنت لا تغادر هذا المكان، ثم أردف بعبارة لم أزل أذكرها: قول لنجيب «إن المسألة مش لعبة»، يضيف محيى الدين: «كان حرص جمال أن لا يتسرب نبأ الاستقالة قبل أن نرتب نحن أمورنا، وبدأنا فى مناقشة الاستقالة وتداعياتها»،

وتتواصل القصة.


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع