سعيد شعيب يكتب: إمبراطورية أردوغان الاستعمارية.. هيئة الإغاثة التركية ذراع أردوغان لاختراق وتخريب العالم الإسلامى.. الديكتاتور العثمانى يتجسس على مواطنيه فى مساجد أوروبا وأمريكا وأستراليا

سعيد-شعيب

- لجنة الشؤون الدينية تمهد الأرض أيديولوجيا لإمبراطورية أردوغان الإسلامية
- خدمات الشؤون الدينية فى عهد الديكتاتور العثمانى توسعت حتى وصل عدد الأتراك المُشتغلين بها لـ2043 شخصاً
- رجب العثمانى هاجم ميركل وعاد ليطلب التعاون معها بعد تراجع الاقتصاد التركى وتحالف مع أكثر التنظيمات تطرفا وإرهابا لتصفية خصومه

المشروع الإمبراطورى الاستعمارى لأردوغان ليس ادعاءات يقولها خصومه، لكنها كما تبين من الحلقة الماضية حقائق ينفذها على الأرض وهو نفسه ومن معه من إخوان تركيا يقولونها علنًا.

 

وهذه الإمبراطورية بالتأكيد تحتاج إلى أدوات دينية إسلامية، تنشر «الإسلام الإخوانى»، أهمها رئاسة الشؤون الدينية الإسلامية التى أسسها كمال أتاتورك، والتى تضخم نشاطها فى عهد أردوغان، ففى عام 2010، كان لديها قرابة ألف و85 موظفًا يعملون فى 18 استشارية و21 ملحقية خدمات دينية فى عديد من الدول حول العالم، أبرزها: الولايات المتحدة الأمريكية، وأستراليا، ودول البلقان وبعض الدول الأوروبية. 

 

فى عهد أردوغان اكتسبت خدمات الشؤون الدينية سرعة كبيرة، حتى وصل عدد الموظفين الأتراك المُشتغلين بها ألفين و43 شخصا يعملون فى 52 استشارية و38 ملحقية خدمات دينية، إلى جانب 12 مكتب تنسيق موزعين على 102 دولة فى 6 قارات.

 

ففى القارة الأوروبية، يوجد حاليًا 12 استشارية، و30 ملحقية للشؤون الدينية، تُقدم خدمات تعليمية وتربوية للأقليات المسلمة هناك.. وتنشط فى أفريقيا 17 استشارية وملحقيتان، و4 مكاتب تنسيق، تُقدم إلى جانب التعليم والتوعية الدينية، خدمات ثقافية واجتماعية متنوعة.

 

تسعى رئاسة الشؤون الدينية إلى الوصول إلى كل المسلمين حول العالم، ما يدفعها إلى تشكيل وعقد كثير من المنتديات والمؤتمرات الدولية بشكل دورى؛ لمناقشة أوضاع الأقليات المسلمة، وسبل توفير الخدمات والتوعية الدينية اللازمة لها.

 

ومن أبرز هذه التجمعات، قمة القادة المسلمين فى أفريقيا، واجتماع رؤساء الشؤون الدينية فى دول البلقان، وملتقى المسلمين فى أوروبا، وقمة رجال الدين الإسلامى فى أمريكا اللاتينية وجزر الكاريبى.

 

فى مجال الأنشطة المجتمعية، نفَذت رئاسة الشؤون الدينية، على مدار السنوات القليلة الماضية، مشاريع تشييد مساجد ومراكز ثقافية وتربوية فى مختلف القارات، كان أبرزها المجمع الإسلامى الذى افتتحه أردوغان فى ولاية ميريلاند بالولايات المتحدة فى أبريل/ نيسان 2016.

 

ويتلقى سنويًا آلاف من الطلاب المسلمين الوافدين من دول مختلفة، تعليمهم فى المعاهد والكليات الدينية فى تركيا، بدءًا من التعليم الثانوى وحتى مستوى الدبلوم والدراسات العليا.

 

فى المناسبات الدينية، توفر مكاتب الشؤون الدينية خارج تركيا، رحلات حج وعمرة، كما تقوم بذبح عشرات الآلاف من الأضاحى وتوزيع لحومها على المسلمين فى مختلف دول العالم.

 

وفى عام 2016، بلغ عدد الدول التى ذبحت فيها رئاسة الشؤون الدينية أضاحى بالوكالة، 130 دولة حول العالم.

 

تمهيد الأرض دينيًا وأيديولوجيًا لإمبراطورية أردوغان الإسلامية تنفذها اللجنة فى كل مكان فى العالم.

 

فقد عينت مجموعة من المفتين لتنسيق أعمالها وتأهيل أئمة سوريين فى المناطق التى احتلها الجيش التركى، فى إطار عملية «درع الفرات».

 

كما أشرفت على ترميم 60 مسجدًا متضررًا من الحرب فى عدة مناطق فى ريف محافظة حلب.

 

وافتتحت مسجدًا فى مدينة «الباب»، قادرًا على استيعاب 1500 شخص خلال الصلوات، فيما تتواصل أعمالها لترميم 42 مسجدًا آخر فى المنطقة.

 

كما تشرف على تأهيل 467 إمامًا من السوريين لتوظيفهم فى مساجد ومعاهد المنطقة، بالتعاون مع رابطة العلماء السوريين، فيما عيّنت 4 مفتين لتنسيق الأعمال والأنشطة فى شمال سوريا.

 

وتعمل رئاسة الشؤون الدينية على تأهيل الأئمة السوريين فى ولايتى غازى عنتاب وقيصرى التركيتين، وتنسيق مواصلاتهم وإقاماتهم واحتياجاتهم الأخرى.

 

كما عيّنت رئاسة الشؤون الدينية التركية 50 مدرّسًا لتعليم القرآن الكريم للسوريين فى مخيمات النزوح داخل الأراضى السورية التى استولى عليها فى إطار «درع الفرات».

 

رئاسة الشؤون الدينية لها دور آخر مهم وهو تنمية طاقة السخط والغضب لدى المسلمين فى الغرب، خاصة الأتراك، بتضخيم أكذوبة الإسلاموفوبيا.

 

فقد قال رئيس اللجنة محمد غورماز إنهم تبنوا استراتيجية لمواجهة «العداء للإسلام والمسلمين»، وذلك عبر عقد اللقاءات مع المسلمين القاطنين فى أوروبا، والثانى لقاءات مع مجتمعات غير مسلمة، وبحث سبل درء خطر وقوع عالمنا فى براثن هذه المصيبة والمآلات التى أنتجتها». 

 

كما تتولى اللجنة أيضًا محاربة خصوم أردوغان السياسيين فى كل مكان فى العالم، وبشكل خاص فتح الله غولن حليفه الإسلامى السابق. فقد طلب أردوغان من اللجنة فحص ودراسة خطابه الدينى الإرهابى وكتاباته خلال 40 عاما.

 

وهل تملك اللجنة أن تقول إن غولن غير إرهابى؟!. 

 

بالطبع لا.

 

يقول محمد غومار إن الدراسة أظهرت نوعية الخطاب الدينى الذى يستخدمه زعيم المنظمة الإرهابية فتح الله غولن، وكيفية تعارضه مع الإسلام فى عدد من الجوانب.

 

وأن منظمته تهدف إلى التغلغل ليس فقط فى الدولة، والشعب، والهيئات، والمؤسسات الدولية، والدول، وإنما أيضًا التغلغل فى الدين والقيم الإيمانية، وفى أذهان الشباب.

 

وشدد غورماز على أن الحركات والمنظمات الشبيهة بمنظمة فتح الله غولن لم تنشأ من الإسلام، وإنما هى حركات ومنظمات أسست من أجل تخريب المفاهيم الإسلامية، وإفساد علاقة المسلمين بدينهم.

 

أى أن رئاسة الشؤون الدينية أخرجت معارضًا سياسيًا لأردوغان من الإسلام، ولأنه عدو للإسلام والمسلمين فهو كافر مرتد، وطبقًا للفقه السائد فى أوساط المسلمين السنّة يجوز قتله، بل يجب قتله.

 

يقيم غولن فى الولايات المتحدة منذ 1999، وتطالب تركيا بتسليمه لمحاكمته وترفض الولايات المتحدة لأنه ليس هناك أدلة جادة على الاتهامات التى تقولها حكومة أردوغان والتى تتلخص فى مشاركته فى «الانقلاب المزعوم».

 

طالب جولن من جانبه الحكومة التركية بتشكيل لجنة تحقيق دولية لكشف حقيقة «الانقلاب المزعوم»، وإذا ثبت تورطه فهو على استعداد لأن يتم إعدامه. 

 

فى إطار الدور السياسى الذى تقوم به رئاسة الشؤون الدينية لصالح النظام فى تركيا، فقد طلب رئيسها محمد غورماز، من ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز، أن «يعيد النظر بأوضاع العلماء «المقيدة حريتهم» فى بلاد الحرمين؛ فهم لم يرتكبوا جرما، ولم يقترفوا ذنبا».

 

كما وجه غورماز تعازيته لأسرة الصحفى السعودى جمال خاشقجى الذى تم قتله داخل قنصلية بلاده فى إسطنبول.

 

وقال: «نعلن - باسم الإسلام والمسلمين- أن حزننا كبير على خاشقجى، ولو اختلط حزننا بماء بحر مرمرة لصار أسود كجاره البحر الأسود».

 

ويدعو الرجل إلى توحيد علماء الأزهر الشريف والزيتونة ومؤسسات الإفتاء فى كل العالم، ومراكز الدعوة والإرشاد ومؤسسات البحث والعلوم الشرعية، ونترك النقاش والخلافات، ونوجه طاقتنا لتعود أمتنا أمة واحدة، رسالتها ونبيها واحد، لنأخذ مكاننا بين الأمم العليا.

 

ستلاحظ هنا أن الرجل أعطى لنفسه الحق فى أن يتحدث باسم الإسلام والمسلمين، كما دعى لتوحيد علماء المسلمين، ولكن بالتأكيد تحت راية أردوغان ومن معه.

 

لا يمتلك من يحكمون تركيا رئاسة الشؤون الدينية فقط، ولكن هناك أيضًا عدة جهات حكومية أخرى، منها «وقف الديانة» الذى بنى العديد من المساجد فى الفلبين، كما يقدم المساعدات الإنسانية والاحتياجات اللازمة للمسلمين هناك. بالإضافة إلى نسخ من القرآن الكريم، وهى التى يوزعها فى العديد من البلاد.

 

قال مدير المشاريع والخدمات الخارجية فى الوقف، مراد أويار: قدمنا مساعدات إنسانية وموائد إفطار فى 68 دولة حول العالم.

 

تأسس وقف الديانة التركى عام 1975، ويمتلك نحو ألف فرع داخل تركيا، ويقدم خدمات مختلفة فى 135 دولة حول العالم. 

 

توجد أيضًا وكالة التعاون والتنسيق التركية «تيكا» التى تقدم مساعدات تنموية وإنسانية فى العديد من دول العالم، منها البيرو وأفغانستان وفيتنام.

 

حيث قدمت لوازم تربية الأبقار للمزارعين فى منطقة «جنوب سيررا» فى البيرو.

 

بالإضافة إلى معدات للإسعافات البيطرية، وطاحونة لجرش علف الأبقار وماكينات لحلبها.

 

وفى أفغانستان، افتتحت مبنى لدار أيتام بـ190 سريرًا، بمدينة مزار شريف شمإلى البلاد.

 

وفى فيتنام قدمت تيكا مساعدات إنسانية لـ600 أسرة فى ولايتين بالبلاد، ووضعت حجر الأساس لمركز تعليمى للبنات. وأعدت مأدبة إفطار لـ600 أسرة، وقدمت لها مساعدات غذائية، فى ولاية «آن جيانغ» بالقرب من حدود كمبوديا. 

 

هيئة الإغاثة التركية ذراع آخر لأردوغان للتغلغل فى أوساط المسلمين فى كل مكان فى العالم.

 

فقد أهدت 80 دراجة هوائية لأيتام فى مدينة موستار جنوبى البوسنة والهرسك.

 

وذلك فى احتفال أقامه معهد الثقافة التركى بالتعاون مع جمعية بسمة الأيتام «البوسنية»، ومركز إسطنبول للتعليم والثقافة فى العاصمة سراييفو. 

 

احتفل وقف «المعارف» التركى «حكومى» فى الصومال، بتخريج 84 من الدفعة الأولى من طلاب الثانوية العامة فى مدارسها بالعاصمة مقديشو.

 

هذا الوقف ذراع أخرى لتركيا. قال عضو مجلس إدارة وقف المعارف، أحمد توركبان، «إن بعض الطلاب الذين تخرجوا من الثانوية سيلتحقون بالجامعات التركية لمواصلة مسيرتهم التعليمية».

 

ربما من المهم معرفة أن هذا الوقف حل محل مدارس «غولن» خصم أردوغان والذى استطاع طرده من الصومال. 

 

لاحظ الباحث إيهاب عمر أن أردوغان فى تحركه الاستراتيجى اليوم فى البحر الأحمر، يخطو نفس الخطوات الاستراتيجية العثمانية، سواء النفوذ التركى القوى فى الصومال أو جزيرة سواكن السودانية المكسب الأبرز لتركيا عام 2017.

 

بسط العثمانيون نفوذهم على خليج عدن ثم خليج عمان وبحر عمان ومضيق هرمز وبحر العرب وخليج البصرة، انطلاقًا من ميناء السويس، ثم أمر السلطان سليمان عام 1538 بشن أربع حملات بحرية انطلاقًا من السويس إلى المحيط الهندى لتصفية النفوذ والاحتلال البرتغالى، إذ كان القرن السادس عشر هو قرن الصراع العثمانى البرتغالى بامتياز.

 

هذه الاستعادة للنفوذ فى أفريقيا والقرن الأفريقى بشكل خاص يؤكدها رئيس وكالة «تيكا» سردار جام: الوكالة لديها 62 مكتبًا فى 59 دولة حول العالم، منها 25 مكتبًا فى أفريقيا، مضيفًا «هى قارة غنية إلى درجة أنّها قادرة على أن تغذى العالم كله». 

 

كانت حدود الإمبراطورية الاستعمارية التركية التى بدأت بإمارة صغيرة، ثم احتلت معظم بلاد أوروبا وكادت أن تحتلها بالكامل، واحتلت الشرق الأدنى القديم وكل بلاد الشرق الأوسط ذات الأغلبية المسلمة. 

 

هل أردوغان مخطئ لأنه يساعد المسلمين فى كل مكان؟ 

 

من الأفضل أن يقدم المساعدة لكل البشر أيًا كان لونهم وعرقهم وديانتهم، فهكذا فيما أظن يجب أن يكون المسلم. فالفقر والجوع لا يفرق بين الناس. ويجب ألا ننحاز فقط للمسلمين مثلنا، وإلا تحولنا إلى عصابة عنصرية، ولكن لكل الإنسانية طبقًا للقيم الكلية للإسلام. لو تجاوزنا ذلك فأردوغان ومن معه لا يساعدون المسلمين لوجه الله، ولكن لأهدافهم السياسية، فهم يريدون أن يكون هناك جنود فى كل مكان من أجل مشروعهم «الإسلامى الاستعمارى»، أى ينشرون «إسلامهم»، يحلمون باستعادة «الخلافة» بأى درجة من الدرجات. 

 

هذه الإمبراطورية العثمانية الاستعمارية، بالإضافة إلى كونها استعمارًا لا يمكن تبريره مثل أى استعمار، فقد ارتكتبت جرائم ضد الإنسانية لا أول لها ولا آخر.

 

منها على سبيل المثال المجازر بين عامى 1915 و1917 ضِدَّ الأرمن والتى خلَّفت أكثر من مليون ونصف المليون من القتلى والضحايا الأرمن الأبرياء. 

 

كان من ضمن هذه الجرائم، ما سمِّى بـ«مذابح سيفو»- أى «السيف» فى اللغة السريانية، إذ شنَّت القوات العثمانية سلسلة من العمليات الحربية بمساعدة مجموعات مسلحة شبه نظامية كردية استهدفت الآشوريين والكلدان والسريان فى مناطق شرق تركيا وشمال غرب إيران.

 

قتلت هذه العمليات مئات الآلاف من الآشوريين، كما نزح العديد منهم من مناطقهم. ويقدر الباحثون العدد الكلى للضحايا بحوالى 250 – 500 ألف قتيل.

 

ونتيجة لعدم وجود كيان سياسى يمثل الآشوريين فى المحافل الدولية، فإن هذه المجازر لم تحظَ بنفس الاهتمام الذى نالته مذابح الأرمن. كما أن العثمانيين عندما احتلوا مصر قتلوا فى يوم واحد 10 آلاف من عوام المصريين. 

 

وما يزعمونه حول حماية الأقليات فقد ارتكبوا على سبيل المثال جرائم إبادة جماعية ضد الطائفة الأيزيدية فى العراق. 

 

احتلال البلاد والشعوب لم يعتذر عنه أردوغان، كما أنه لم يعتذر عن جرائم الإبادة الجماعية ضد الأرمن وغيرهم من الأقليات والشعوب، بل ويحلم باستعادة هذه الأمبراطورية الاستعمارية المجرمة.

 

لذلك فهو يحاول تجييش المسلمين فى كل مكان، خاصة فى الغرب.

 

لابد من الثأر من أوروبا التى دمرت «الخلافة العثمانية»، الأتراك موجودين فى كل بلاد أوروبا. لكن النسبة الأكبر منهم موجودين فى ألمانيا.

 

أردوغان يؤمن أن صراعه مع الغرب ليس صراعًا سياسيًا حول مصالح، ولكنه صراع دينى، فالخلافة العثمانية جزء من الدين، بل والإسلام لن يقوى بدونها وكأنها هى الإسلام.

 

وهو الآن لم يعد يحتاج الاتحاد الأوروبى بعد أن ساعده فى إزاحة الجيش من السياسة. لذلك هو يخوض صراعًا مباشرًا ضد أوروبا.

 

يقول على سبيل المثال: إن السبب الرئيسى لرفض انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبى هو أن الأخير اتحاد صليبى، مضيفا: يذهبون للفاتيكان ويجلسون أمام البابا كالخراف ويستمعون لمواعظه ويستمرون برفض انضمام تركيا للاتحاد الأوروبى لأنه اتحاد صليبى.

 

بالتأكيد هذا غير صحيح، ولكن السبب هو أن أردوغان يسير بخطوات متسارعة تجاه ديكتاتورية دينية، وهو ما يخالف شروط الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى، ولذلك انتقدوا على سبيل المثال التعديلات التى أجراها أردوغان على الدستور لأنها ترسخ لديكتاتورية، وهو ما أزعجه ورد بكلام غير مفهوم، حيث قال: تركيا تريد أن تتحرر من مذلة الاتفاق على الحكومات فى الاجتماعات السرية، معلقًا نحن نريد أن تتشكل هذه الحكومات فى صناديق الاقتراع».

 

هناك احتفال ضخم بما يسمونه فى تركيا «ذكرى فتح القسطنطينية» فى مسجد «آيا صوفيا» وهى الكنيسة الأكبر فى العالم المسيحى القديم والتى حولها العثمانيون إلى مسجد، وتم الاستقرار على أن تكون متحفًا، لا مسجدًا ولا وكنيسة.

 

لكن أردوغان وحكومته غيروا هذا وحولوها إلى مسجد وله إمام. لذلك يقول «صالح تورهان» رئيس الجناح الشبابى فى «جمعية شباب الأناضول» التى احتفلت بمرور الذكرى 564 لـ«فتح القسطنطينية»: العديد من المنظمات العالمية بذلت جهودًا حثيثة لأعوام بهدف تحويل «آيا صوفيا» إلى متحف، وحققوا ذلك «عبر توقيعات مزورة»، عام 1934.

 

وأكّد «تورهان» أن جمعيته تكافح من أجل إعادة فتح المسجد التاريخى للعبادة، مبينًا «أن هذه القضية لا تخص الأخوة فى إسطنبول فقط، بل هى قضية المسلمين كلهم فى أنحاء العالم». 

 

فى عام 2017، حث أردوغان الألمان من أصل تركى «الذين يبلغ عددهم حوإلى ثلاثة ملايين» على عدم التصويت لصالح المستشارة أنجيلا ميركل، ووصف تحالفها الحاكم بـ«أعداء تركيا».

 

كما اتهم أردوغان ألمانيا بـ«ممارسات نازية». لكنه فى عام 2018 زار ألمانيا، وقال «نريد أن نترك وراءنا كل المشاكل وأن نهيئ بيئة دافئة بين تركيا وألمانيا مثلما اعتادت أن تكون.

 

السبب فى هذا التراجع أن الاقتصاد التركى يترنح ويحتاج أردوغان إلى تدفق مستمر من العملات الغربية «التى يكرهها»، كما يحتاج إلى الدبلوماسية الألمانية لإصلاح الاضطراب فى علاقات تركيا مع الولايات المتحدة».

 

وقف انهيار الاقتصاد التركى يدفعه فى أى اتجاه، لكنه سريعًا ما يعود إلى أيديولوجيته الإسلامية. ففى قلب سراييفو حاول أن يقدم نفسه لمسلمى أوروبا بأنه حاميهم، فهو البطل.

 

وطالب الأتراك فى المجتمعات الأوروبية بضرورة العمل للوصول إلى مواقع مهمة فى الحكومات الأوروبية والبرلمانات بدلا عمن سماهم «الأتراك الخائنين الذين يحاولون عرقلة جهود تركيا».

 

أى أنه بشكل أو آخر يدعونهم لأن يكونوا بديلًا للأوروبيين أو على الأقل يكونون موجودين فى مراكز صناعة القرار لدعم مشروعه الاستعمارى. 

هؤلاء المسلمون فى أوروبا يقول لهم أردوغان: «كى ننتقم من الأوروبيين، لا تقوموا بإنجاب 3 أطفال، بل 5 أطفال فى كل عائلة تركية». وذلك بهدف زيادة التأثير التركى فى بلاد الغرب. 

 

وهو يعرف أن له تأثير كبير على الأتراك فى أوروبا عبر المساجد والمراكز الإسلامية التى يمولها.

 

لذلك أعطوه فى آخر انتخابات 62% منها أصواتهم. 

استخدام أردوغان مساجد فى أوروبا وأفريقيا وأمريكا وأستراليا وآسيا كقناة للتجسس على المواطنين الأتراك الذين ربما يعارضون حكمه.

 

وفقًا لتقارير وسائل إعلام تركية، جمعت رئاسة الشؤون الدينية التركية معلومات استخباراتية عن طريق أئمتها وغيرهم من الموظفين والملحقين الدينين فى السفارات التركية فى 38 دولة، حول أنشطة الأتراك المشتبه فى دعمهم لرجل الدين الإسلامى التركى، فتح الله غولن، الذى تتهمه الحكومة التركية بتنظيم محاولة الانقلاب الفاشلة.

 

أن «رئاسة الشؤون الدينية» طلبت من فروعها فى الخارج أن تقدم النتائج التى توصلوا إليها فى الوقت المناسب للمجلس الإسلامى الأوروبى الذى أرسلها إلى «لجنة الانقلاب» فى البرلمان التركى.

 

الحكومة الألمانية احتجزت عددًا من الأئمة.

 

ورفضت الدعم المالى الذى تدفعه رئاسة الشؤون الدينية للمراكز والمساجد فى ألمانيا. كما درست إمكانية وضع رئاسة الشؤون الدينية تحت المراقبة.

 

وقال سيفيم داجديلين، نائب رئيس البرلمان الألمانى عن حزب اليسار: يجب على الحكومة الفيدرالية والمقاطعات وقف التعاون على جميع المستويات مع رئاسة الشؤون الدينية لأنها تمثل خطرًا على الجمهور».

 

واتهم بيتر بيلز، عضو البرلمان النمساوى آنذاك، تركيا بالتجسس على من يشتبه فى أنهم من أنصار غولن والأكراد الأتراك عمومًا والصحفيين فى النمسا، عبر منظمة ATIB التى يرأسها الملحق الدينى فى السفارة التركية فى فيينا. وهناك وثائق من مصدر تركى تشير إلى وجود «شبكة عالمية من المخبرين»، تغطى أربع قارات، تقدم تقارير إلى الحكومة التركية. 

 

مشروع أردوغان ليس أكثر من مشروع إمبراطورى استعمارى، يريد تخريب أوروبا والشرق الأوسط لكى يحققه، فهو يمشى على خطى أجداده العثمانيين المجرمين الذين خربوا العالم وأساءوا للإسلام والمسلمين. 

 

فصل من كتاب «إسلام أردوغان» صدر عن سلسة كتاب الهلال يناير 2020 

 

p.6

 


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع