نسيم عبيد عوض يكتب: تدمير الهيئة القبطية الأمريكية

نسيم عبيد عوض يكتب: تدمير الهيئة القبطية الأمريكية
نسيم عبيد عوض يكتب: تدمير الهيئة القبطية الأمريكية

منذ أن أعلن الإعلام المصرى الساداتى كذبا ‘ بأن الهيئة القبطية الأمريكية قامت بقذف الرئيس السادات بالبيض والطماطم فى أثناء زيارته لواشنطن فى أعقاب إتفاقية السلام مع إسرائيل ‘والحقيقة أن الذى حدث أن الهيئة كانت تحمل يافتات الدفاع عن حقوق الأقباط ‘ فى حين كان الفلسطينيون يحملون البيض والطماطم ورموه بها ‘ فالتصقت التهمة بالهيئة ‘  وفى خطاب السادات المشهور أمام مجلس الشعب فى مايوعام 81 الذى إتهم فيه قداسة البابا شنودة  بالتخطيط لإقامة دولة قبطية فى أسيوط ‘ لم ينسى السادات أن يذكر الدكتور شوقى كراس " بالواد الدكتور " فى أميركا ‘ ووعد فيه كيف سيعمل على إيقافه ‘ ومنذ ذلك الحين وبدأت حربا ضروسا على الهيئة القبطية فى جيرسى سيتى لتدميرها والقضاء عليها بكافة الوسائل ‘ وبدأت هذه الحرب بإشاعة أن العقيد القذافى مول الهيئة القبطية بمليون دولار ‘ وهذا غير حقيقى بالمرة لأننى عندما كنت أمين صندوق الهيئة لم أرى فى ميزانية الهيئة أى أثر لهذا المبلغ ‘ والهيئة كانت تعتمد على تبرعات الشعب القبطى بالدولار والخمس دولار ‘ وسرا أقوله لم يعلن من قبل لقد حاولوا قتل الدكتور كراس فى كنتكت فى سيارته وهو عائد من الجامعة ‘ وقبل وصوله لمنزله حاول شخص أفريقى ضربة بآلة حادة على رأسه ‘ لولا أن الدكتور وبسرعة بديهة أغلق زجاج العربة‘ وأنطلق بسرعة فخابت الضربة وهرب الجانى ‘ وكان الله معه فنجى بحياته ‘( ومن المصادفة العجيبة أن يوم إغتيال السادات كان يوم أحتفال الدكتور كراس بعيد ميلاده ) ‘وهذا بخلاف سيل شتائم المكالمات التليفونية اليومية للدكتور ولزوجته الفاضلة ‘ والتهديدات المستمرة بالقتل والحرق ‘ وأنا شخصيا تلقيت مكالمات كثيرة مثل هذه عندما أكون فى مكتبى بالهيئة ‘ ولذلك كانت الهيئة فى إجتماعاتها تستخدم شركات الحراسة فى الدخول والخروج ‘ ولما لم تفلح هذه الوسائل الإجرامية بدأوا فى أساليب أخرى لإحتواء بعض الأشخاص وإستمالتهم ‘ وكانت البداية وقد كشفنا مثل هؤلاء فى منشور مشهور كتبته للشعب القبطى ‘ حسب ماطلبه منى الدكتور كراس ‘ والذى طلب التشهير بهؤلاء بإعتبارهم خونة للقضية القبطية ‘ وكانوا ثلاثة أشخاص من الأقباط المرموقين(لن أذكر أسمائهم منهم أثنين إنتقلوا ورقدوا وبقى الأخير ومازال يكتب) ‘ إثنين حاصلين على درجة الكتوراة ‘ وثالثهم كاتب وشاعر مشهور ‘ وقد تم إستضافتهم فى القاهرة فى أحد الفنادق الخمس نجوم ‘ وإجتمعوا بالمسئولين هناك ‘ وعادوا لأميركا بخيبة أمل ‘ بعد أن إكتشف المصريين هناك أنهم أشخاص ليس لهم أى تأثير على الشارع القبطى فى أميركا ‘ ثم بدأوا بإيفاد لجان من الأمن المصرى بحجة الإلتقاء بالمصريين ‘ومعرفة مشاكلهم وكانوا يهتمون بالأقباط بدرجة كبيرة ‘وقد أعلن الدكتور كراس رفت أى شخص من الهيئة القبطية ومنعه من التواجد بالهيئة ‘ إذا إجتمع بمثل تلك اللجان ‘ وأعلنها الدكتور صراحة بأن هذه اللجان رجال أمن يحاولون إستمالتكم للعمل ضد الهيئة وتدميرها ‘ وكان من أبطال هذه المرحلة دكتور طبيب صديق لى وكان يعيش فى نيويورك ومن بلدة أخميم نفس بلدة الدكتور كراس ‘ وكان شخصا محبوبا من الجميع ‘ مصريا وطنيا لا شائبة عليه ‘ وأذيع سرا أن الدكتور كراس كاشفنى بأنه يعده ليرأس الهيئة من بعده ‘  ولكن هذا الأخ الذى ظلت صداقتى به دائمة حتى وفاته رغم ما حدث ‘ جاء فى أحد الإجتماعات وطلب أن يحضر إجتماع دعى إليه من أحد هذه اللجان المصرية للنظر بمشاكل الأقباط فى مصر‘ ورفض الدكتور كراس الفكرة وحذره من لقاء مثل هذه اللجنة ‘ وبالفعل بعد أن علمنا بحضور هذا الأخ إلإجتماع ‘ طلب منى الدكتور كراس إبلاغه بأنه غير مرغوب فى حضورة للهيئة مرة أخرى ‘ وقرر إستبعادة نهائيا من الهيئة ‘ وبالعل إنقطعت صلته بالهيئة.

 ولكن هذه المحاولات من أعداء الهيئة لم تتوقف بل إستمروا فى إستمالت بعض الأشخاص الأقباط وكان يحذرنا منهم الدكتور كراس وكان يطلق عليهم صراحة بأنهم جواسيس ‘ فمثلا عندما كنا نعد لمظاهرات أمام البيت الأبيض أو الأمم المتحدة  كنا نتكتم الأمر حتى لا يصل لأعداء الهيئة ‘ ورغم ذلك كنا نذهب لنجد المجندين ضدنا وللهتاف ضد الهيئة فى واشنطن ونيويورك‘ وظلت هذه المحاولات لوقف مسيرة الهيئة ولم تفلح ولم تنجح ‘ لأننا كنا نتحوط بكل سرية فى أي عمل ‘ وكنا نعرف هؤلاء بالإسم فكنا نتجنب معرفتهم بأى عمل للهيئة ‘ وقد نجحنا فى ذلك طوال وجود الدكتور كراس على قيد الحياة ‘ ولكن يوم رقاد الدكتور كراس فى 3 أكتوبر 2003 ‘ وفى يوم جنازته بدأ المخطط علانية لوقف مسيرة الهيئة بل وتدميرها كما هو الحال الآن ‘ وبدأ المخطط فورا بإدخال الصراع بين أعضاء الهيئة ‘ وبالفعل يوم جنازته وفى الكنيسة ‘ إنعقد إجتماع لم أدعى أليه للإتفاق على عدم إعطاء شخص معين فرصة لرئاسة الهيئة لعداءات شخصية بين هذا الشخص وبينهم ‘ وقاموا فعلا بإنتخاب أخ من كليفورنيا ‘ وظل الصراع بين أعضاء الهيئة حتى تم وصل الأمر برفع قضية أمام المحاكم ضد بعضهم البعض وهذا الشخص ‘ فظلت الهيئة عاجزة عن العمل ولمدة 3 سنوات ‘ وكان هذا نجاحا لمخطط تدمير الهيئة وشل حركتها ‘ وفى السنوات التسعة التالية ‘ إستطاع أعداء الهيئة التمسك بحبال العرائس يحركونها كما شاؤوا ‘ حتى وصل الأمر بإجتماع مجلس الهيئة بمحمد مرسى أثناء إجتماعه المشهور فى نيويورك ‘ وتخيل معى أعضاء الهيئة القبطية فى إجتماع مع زعماء الإخوان المسلمين العدو الرسمى لأقباط مصر ‘ ولكن كانوا قد سقطوا فى حبال مسرح العرائس ‘ ثم بعد ذلك إستضافت الدولة رئيس الهيئة بكل التكريم ‘ ورتبوا له لقاء مع رئيس الدولة ‘ وأقاموا الإحتفالات ‘ ويمكن أن نقول قول ورد فى "مسرحية ريا وسكينة " "وشبكنا الحكومة " وهكذا وجدنا إحتفالات مشتركة بين الهيئة وأعضاء القنصلية المصرية ‘ وزيارات متبادلة وصداقات معلنة ‘ ولم يعد للهيئة إلا قليل من التنفس ‘ وقليل من الحركة ولكنها كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة‘ وفى السنتين الأخيرتين ‘ وقد وجدنا أن الهيئة ومجلسها لها موضع تقدير من القنصلية المصرية ‘ وإحتفالات وولائم ‘ وزيارة للقاهرة وتكريم ولقاء مع أعلى المسئولين ‘ وحتى إلتقوا مع شيخ الأزهر ولم يلتقوا ببابا الأقباط ‘ وعندما حاول الشعب القبطى الحقيقى من الدخول لمبنى الهيئة لإعادة تنظيمها وتطهيرها ‘ فوجئوا برجال البوليس يمنعونهم بالقوة من الدخول بناء على إستدعاء رئيس الهيئة لهم ‘  وكانت الطامة الكبرى بأن يعلن تكريم القنصلية المصرية لرئيس الهيئة وأعضائها فى حفل رسمى ‘ وهى اللحظة التى رقدت فيها الهيئة ولفظت أنفاسها الأخيرة ‘ وأعلن بدون أسف إنتقال الهيئة القبطية الأمريكية إلى عالم آخر ليس له علاقة بقانون إنشائها وليس له علاقة بقضايا الأقباط ‘ وهذا هو المخطط الذى بدأ ونجح فيه تدمير الهيئة نهائيا.

 وما يتم الآن وأحذر منه وهومخطط أيضا للتدمير ‘ مايحدث بين الأقباط وبين رئيس وأعضاء الهيئة ‘ ونشر إتهامات علنية لبعضهم البعض ‘ إتهامات نالت الحياة الشخصية ‘ وإتهامات بالعرض والشرف ‘ وخطورة هذه الإتهامات المعلنة على صفحات الجرائد والسوشيال ميديا ‘ أنها تقضى نهائيا على شباب الأقباط فى التفكير مستقبلا بالإشتراك مع أى هيئات قبطية لتجنب الفضائح والتشهير غير الشريف ‘ وهذا أيضا مخططا للتدمير ‘ وكل ما أتمناه أن يتحرك الشارع القبطىى سريعا لإيقاف هذا المخطط بتطهير الأجواء وتطهير الحركة القبطية من العملاء والدخلاء والذين باعوا قضايا شعبهم على موائد المطاعم والقاعات.

لماذا الهيئة القبطية الأمريكية فى جيرسى سيتى بالذات ؟

والسؤال لماذا التركيز على الهيئة القبطية بجيرس سيتى بالذات ‘ وللإجابة على هذا السؤال نقول:

1- كانت الهيئة القبطية هى لسان حال الشعب القبطى الوحيد فى كل مكان  ‘ فقد كانت الأصوات فى مصر مكممة بالقوة ‘ وكانت هى الهيئة الأم لجميع الهيئات القبطية الأخرى مثلا أستراليا وكندا‘ كما بدأت الهيئة فى إنشاء هيئات قبطية فى إنجلترا وفرنسا وبعض الدول الأوروبية ‘ وكان من أهداف رحلة الدكتور كراس التى توفى فيها ‘ أن يقوم بعمل إتحاد كامل بين الهيئات الأوربية ‘ ولكن لم يسعفة الأجل من أجل تحقيق ذلك. والكثير من الهيئات الموجودة الآن لم يكن لها ذكر حتى عام  2003 .

2- أنشأت الهيئة القبطية فى عاصمة كل ولاية من ولايات أميركا فرعا لها ‘ فكان هناك خمسين هيئة قبطية بما فيها الهيئة الأم فى نيوجيرسى‘بالإضافة إلى ثلاث هيئات قبطية فى ولاية كاليفورنيا فقط ‘ ولكنهم كانوا يعملوا تحت مظلة واحدة.

3- كانت الهيئة القبطية تعمل بالمشاركة مع كل هيئات حقوق الإنسان فى الأمم المتحدة وكل بلاد العالم.

4- قوة الأعلام القبطى فكانت الهيئة تخاطب كل وسائل الإعلام فى الولايات المتحدة ‘ كل أعضاء مجلس النواب الأميركى وكل سناتور فى الولايات المتحدة ‘ بالإضافى إلى كل الدول أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة.

5- لحبى للكتب وللكلمة المكتوبة فقد ساعدتنى الظروف وأقمت مكتبة بالدور الثانى من مبنى الهيئة ‘ وكان فيها مكتبى فى نفس الوقت ‘ وأقمت مكتبة أحتوت على أعداد ضخمة من الكتب ‘ ومن جميع التخصصات ‘ وكنت أنشر لستة بالكتب تنشر على الشعب القبطى فى المهجر كله ‘ مع فتح باب الإستعارة للشعب ‘  فقد كانت مبيعات الكتب تمثل حجما معقولا من دخل الهيئة ‘ وكان الدكتور شوقى كراس دائما يفتخر بها ‘ ولو أننى شخصيا قد تآذيت وطعن فى حقي بسبب هذه المكتبة التى لم يكن لها وجود‘ ونلت إتهامات كثيرة كانت تنكسر أمام حقيقة واضحة وجلية ‘ أن الظلمة تكره النور ‘ والذى يعمل فى النور لا يهمة شعاعات البغضة والكراهية ‘ فقد كانت هذه المكتبة وسيلة إعلامية وثقافية ساهمت فى إنضمام أعداد كبيرة من الشعب القبطى للهيئة القبطية ‘ وكانت أشعة نور لكل من يبغى الحقائق وتعريف بالتاريخ القبطى الحقيقى وليس المزيف‘ وأغلقت جدران هذه المكتبة مع رقاد الدكتور كراس ‘ ولا أعلم عنها أى شيئ حتى يومنا هذا ‘ ودائما السالكين فى الظلمة يكرهون الكتب لأنها تمثل المعرفة ‘ والمعرفة نور لا يستقيم مع ولاة الظلمة ‘ وأتمنى أن يعاد لهذه المكتبة زمنها وتفتح أبوابها لإشعاع المعرفة والفكر والتاريخ فى عقول الناس.

مع الإشارة أنه لم يكن يتوفر لدينا أي  من وسائل الإتصال الموجودة اليوم ‘ فلم يكن لدينا حتى كمبيوتر‘ بل آلة كاتبة عادية‘  ولا إنترانت ولا كل السوشيال ميديا الموجودة اليوم ‘ ومع ذلك كانت كلمة الهيئة تهز الجدران وكان الكل يعمل حسابها ‘ لذلك دفعوا الكثير من أجل تدميرها ‘ وقد نجحوا فى ذلك .

 وبقى لنا أن نترحم على أرواح الدكتور شوقى كراس والمهندس مراد سليمان والمهندس ألفونس قلادة والدكتور سليم نجيب وكثيرين من الذين قدموا لنا المثل والقدوة فى العمل من أجل شعبهم القبطى.