مَن شاهدَ التلفزيون في الثمانينيّات ؟؟
أيّام الأبيض والأسود عند الناس أكثرهم، والتلفزيون الملوّن المُدلّل عند بعضهم....
والهوائيّ(الأنتيل)العادل ،الذي كان يشمخ منتصباً فوق السطوح، وهو القاسم المشترك بينها جميعاً، وكان يُحرّك يدويّاً من مكانه في الأعالي بعد تكلّف الصعود إلى مكانه بواسطة السلالم والأدراج ،وتحمُّلِ سرعة الرياح وجنونها وبرودة الشتاء وثلجه وحرارة الصّيف وغباره وخاصّة في القرى الجبليّة....
يُحرّكُ ذلك الهوائيّ في كلّ الاتّجاهات ليلتقطَ القنوات التي لاتتجاوز في عددها عدد أصابع اليد الواحدة ...
ومن أهمّها قناة (لبنان) التي كان يبرزُ فيها إعلاميٌّ وسيمٌ باسمُ الثغر خفيفُ الدم والظلّ سريع البديهة ،يبدو متواضعاً طيّباً أنيقاً مثقّفاً.....
رحمه الله كان يجيد فنّ الارتجال والخروج عن المألوف في تقديم برامج التسلية والرفاهية التي لا تخلو من الفكاهات والضّحكات والثّقافات....
إنّه المذيع رياض شرارة الذي تباهى بلغته العربيّة الفصيحة والمحكيّة....
و الذي يشدّك إلى برنامجه أسلوبه الخاصّ الرائع وضحكته الذكيّة وعفويّته التي تجعلك تظنّ أنّك تعرفه منذ زمن طويل...
فهو لبنانيّ ممزوج بالسوريّة وقرويّ بنكهة المدينة كان يُشعِرُك بأنّه قريب لك ،ويسرق نظراتك ويخطف انتباهك ليأخذك إلى تفصيلات برامجه التي جعلها في قمّة التألّق والنجاح......
لقد أصيب هذا المبدع منذ أكثر من عقدين من الزمن بنوبة قلبيّة وهو يُقدّم أحد برامجه وفارق الحياة....
تاركاً له في ذاكراتنا نبرة صوته المُحبّبة وابتساماته وضحكاته البعيدة عن التكلّف والتصنّع وخفّة دمه ومرحه وثقافته وقبلاته الإنسانيّة التي كان يسخو بطبْعها على وجنات ضيوف برامجه وأكثرهم من النساء، من أبواب الفرح والمرح والاجتهاد ، ليصنع البهجة والسعادة على أفواه متابعيه وفي قلوبهم....
رحمك الله أيّها المبدع رياض الشرارة وأنت الراحل ولم ولن ترحل.