إدوارد فيلبس جرجس يكتب : نهاية 2024 م _ بداية 2025م

إدوارد فيلبس جرجس يكتب : نهاية 2024 م _ بداية 2025م
إدوارد فيلبس جرجس يكتب : نهاية 2024 م _ بداية 2025م
 
نهاية عام ميلادي وبداية عام ميلادي جديد؛ العام الميلادي يرمز لميلاد السيد المسيح؛ ويبدأ الاحتفال بميلاد السيد المسيح من نهاية العام المنصرم وبداية العام الجديد أي بالتحديد من الخامس والعشرين من ديسمبر حسب التوقيت الغربي والسابع من يناير حسب التوقيت الشرقي ؛ وفي هذه المناسبة المفرحة أقول لكل العالم كل عام وأنتم بخيروسلام وأرجو أن يحل الخير والسلام  فعلا وقد ابتعد السلام بمسافات لا يدركها العقل أو الفهم  ؛ ميلاد السيد المسيح يمثل ميلاد الخير والسلام على البشرية كلها ؛ ولا يجب أن تمر هذه المناسبة دون التحدث عنه أي عن ميلاد السيد المسيح ؛ لكن دعونا قبل أن نذهب إلى الميلاد المجيد نضع ابتسامة على شفاهنا أو نسمع ضحكة بكلمات تخرجنا ولو قليلا عن ما حولنا الآن من توترات فردت أجنحتها على الجميع ؛حتى نستقبل العام الميلادي الجديد بنفوس مفتوحة على كل ما هو جميل.       
 
                                                                              
يجب أن تضحك:
**********
 انتهى عام 2024 وانتهت حكاياته بحلوها ومرها؛ كوداع لهذا العام قررت أن أكتب هذه الكلمات لنبدأ العام الجديد بفرحة الميلاد المجيد وابتسامة وضحكة للحياة التي وهبها الله لنا لنفرح فيها ناسين أو متناسيين أحداث العام الماضي الممتلئة بالحروب والمعارك والدماء. أبدأها بنصيحة غالية أرجو أن تكون هي البداية وتسير مع الجميع لآخر العام بإذن الله ... أضحك وقهقه كما تشاء وفي أي وقت  ، المهم أن تضحك ، وإن لم تجد شيئا يضحكك، أذهب إلى المرآة وقف أمامها واضرب تعظيم سلام لنفسك ، بعدها حرك كل أجزاء وجهك ؛  أرفع حاجب وانزل حاجب ؛ أغمض عين وافتح الأخرى ، أغمز بعينك وكأنك تعاكس فتاة جميلة ، أفعل أي شيء ، المهم أن  لا تترك المرآة إلا وأنت تقهقه ، هذا أفضل من الجنون ، نعم الجنون ، نحن في عالم أصبح مجنونا ووضعنا على حافة الجنون  ، فكرت أكثر من مرة أن أمتنع تماما عن متابعة أي أخبار على وجه الإطلاق ، وأكتفي بأن أشاهد مسلسلات تافه ، أو أهازيج في حلقة زار لطرد الجن من سيدة ترى في وجه زوجها غراب البين ، أفعل أو أعمل أي شيء  المهم أن تبتعد عن كل الأخبار التي بعد أن تنتهي من الاستماع إليها  تشعر بأن ضغطك أصبح مثل إطار سيارة امتلأ بالهواء بأكثر مما يلزم ويفكر في الانفجار ، نصيحتي للجميع أضحكوا وقهقهوا قبل أن تنفذ الضحكات أو تُسعر أو يصيبها جنون ارتفاع الأسعار ؛ أضحك قبل أن تصبح الضحكة ممنوعة أو يفرض على الابتسامة غرامة والضحكة غرامة مضاعفة والقهقهة السجن المؤبد  ، أضحك قبل أن ينتهي زمن الضحك وتسير في الطريق فلا تقابل سوى الوجوه العابسة التي لا تهب ابتسامتها سوى للجنيه والدولار ، أضحك وأنت تستقبل عاما جديدا ، أضحك في أوله واجعلها مستمرة حتى آخره.  أضحك واشبع قهقهة فقد تفاجأ بفتوى بأن الذي يضحك هو مزدري للأديان والذي يقهقه فهو يعيب في الذات الإلهية!!!!!!!!!!!!؛ أضحك كما تشاء، حتى لو خالفت المثل العامي " الضحك بدون سبب قلة أدب ". اللهم أجعله عاما مفرحا ليضحك البشر على اللابشر وكآاااااابتهم وهم يحاولون جر العالم كله إلى دنيا لا تعرف سوى الشر يقدمونه كهدية للعام الجديد.  
 
                                                 
الميلاد المجيد: 
*************
الطفل المولود في مزود البقر وعيد ميلاده الجميل؛ قلمي تسوقه الفرحة دائما ليكتب عن الميلاد الرائع والطفل الأكثر روعة. قبل أن أتحدث عن المولود في مزود البقر، يجب ألا أغفل عن " الفتاة" التي اُختيرت لتحمل داخل أحشائها ثمرة فريدة من نوعها، لم تأت بمشيئة رجل لكن بـــ"كلمة الله " ، " السيدة مريم العذراء "  ، لم يكن اختيارها عشوائياً لتحمل وتلد نور العالم ، سيرتها منذ بداية حياتها هي التي اختارتها وأهلتها لهذا الدور ، الذي لا يمكن لأي " فتاة " أن تقوم به ، الطهارة والنقاء وهي تخدم داخل الهيكل منذ طفولتها ويحفظانها من أي فكر شرير ، لعل ما جاء في القرآن الكريم ، يوضح الإتفاق التام في العقائد على قدسية هذه " الفتاة" التي اختيرت لهذا الشرف . " وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم" أي أن السيدة العذراء مريم الوحيدة التي أُعيذت وذريتها الذي لم يكن سوى " السيد المسيح " من الشيطان الرجيم، وأصل الخطيئة البشرية هي الشيطان، لكن السيدة العذراء مريم لم يتمكن الشيطان من الاقتراب منها، لأنها محاطة بالعناية الإلهية منذ قدومها للحياة ، ومن قرأ سيرة السيدة العذراء يدرك أن الله كان يعدها منذ البداية لتكون والدة السيد المسيح ، جاء في الإنجيل المقدس ما كتبه لوقا البشير: "أن الملاك جبرائيل أُرسل من الله إلى "العذراء مريم" ، وبدأ حديثه معها بتحية إلهية  "سلامُ لك أيتها المُنعم عليها .. الرب معك.. مباركة أنت في النساء " الكلمات لا تحتاج لشرح أو تفسير، فالسيدة مريم العذراء حلت عليها النعمة الإلهية والرب معها، ومن معه الرب لا يحتاج لشيء آخر، مباركة أنت في النساء تعني أنها الوحيدة التي أُعطيت بركة لم ولن يُعطى مثلها لأي لفتاة أو سيدة أخرى. ثم يُكمل الملاك جبرائيل رسالته قائلاً: "لا تخافي يا مريم لأنك وجدت نعمة عند الله.. وها أنت تحبلين وتلدين ابناً تسمينه يسوع.. هذا يكون عظيماً وابن العلي يدعي "، هذه الكلمات توضح العناية الفائقة بالسيدة العذراء والرفق بأفكارها، فأولاً بث الطمأنينة في داخلها (لا تخافي) ثم التأكيد ثانية على نعمة الله (وجدت نعمة) ليأتي بعدها الخبر المدهش (ها أنت تحبلين) ثم التأكيد على أن كل شيء معد من الله حتى اسم المولود (تسمينه يسوع )  ، ثم الخبر الأكثر عظمة بقوله ( هذا يكون عظيماً وابن العلي يدعى ) . الرسالة كلها كانت غامضة وتثير الخوف والدهشة بالنسبة للفتاة العفيفة الشريفة العذراء مريم، لكن من باب الدفاع عن عفتها وشرفها، وليس عدم الثقة في الكلمات (كما كان من أمر زكريا عندما بشره الملاك بأنه ستأتي له زوجته بأبن " يوحنا المعمدان " فسأل الملاك متشككا كيف يحدث هذا وهو شيخ كبير السن وكذا زوجته). مريم بكل وداعة سألت الملاك جبرائيل كيف وهي عذراء لم تعرف رجل، الإجابة أتت من الملاك جبرائيل لتطمئنها وتبعد الخوف عنها بقوله "الروح القدس يحلُ عليك.. وقوة العلي تظللك.. فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله ". أقوال مدهشة سمعتها لكن تقبلتها بثقة وإيمان ، هذه هي الفتاة أو السيدة العذراء مريم التي ولدت المولود  الذي أتي بطريقة معجزيه ، لم يكن هناك أب " ذكر " لتكتمل  القاعدة الجنسية الوحيدة للإنجاب البشري (ذكر+ أنثى ) ، لكنه أتى بـــ "كلمة" من الله ، في القرآن الكريم وردت هذه الآية " إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم " أي أن الأديان متفقة على أن المولود " الطفل يسوع " جاء بكلمة من عند الله ، كما جاء في إنجيل يوحنا " في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله هذا كان في البدء عند الله" ، وهنا يتحدث يوحنا عن المولود يسوع  ، فما موضوع الكلمة ؟ . الكلمة في حياة الناس الشرفاء عهد وميثاق، فيقال أعطيتك كلمة، والكلمة تكون أقوى من أي صك أو شيء مكتوب، وواجبة التنفيذ، والكلمة بقدسيتها هنا مأخوذة عن الله الكلمة (كن فيكون) ، والكلمة لا تتجزأ ، نفس هذه الكلمة هي التي حلت داخل السيدة مريم العذراء " الروح القدس " وتكون المولود من جسدها الطاهر الذي أتى دون مشيئة رجل ، إذاً المولود وهو الطفل يسوع وهو أيضاً السيد المسيح " كلمة " أو عهد وميثاق الله مع البشرية الخاطئة منذ خطيئة آدم وحواء لتكون الكلمة هي ميثاق العفو عن خطيئة الأب آدم وتفتح أمام البشرية أبواب الفردوس ؛ إذاً لماذا الدهشة إذا قلنا أن الطفل يسوع هو ابن الله، البعض يفكر في البنوة على أنها العلاقة الجسدية البحتة بين رجل وامرأة، نعم هذه كائنة بالنسبة للجنس البشري، لكن إذا كانت الأديان تعترف بأن السيد المسيح هو كلمة الله لمريم، وأن الطفل أتي دون علاقة جسدية، يجب أن نقف ونفكر في هذا الموقف غير العادي، لماذا لم يأت السيد المسيح بالعلاقة العادية بين الرجل والمرأة كباقي الأنبياء منذ تاريخ البشرية ؟! لماذا أتى بالكلمة " العهد والميثاق "، من المؤكد أن له دوره الذي يختلف تماماً عن أدوار الأنبياء والرسل خلال تاريخ البشرية، دور يتطلب صفات خاصة، لا تتأتى لمن هو بشر عادي أتى بالعلاقة الجسدية، دور لا يستطيع البشر المحمل بالخطيئة منذ خطيئة آدم وحواء القيام به، بل هو أتى خصيصاً من أجل أن يمحو عنها هذه الخطيئة وخاطئ لا يمكن أن يمحو خطيئة خاطئ، فلو اعتبرنا أن الخطيئة هي خطوط القلم، وأردنا محو هذه الخطوط، هل يمكن لقلم آخر محوها؟!، أم يلزم لمحوها شيء خال من المداد " الخطيئة " وهو الممحاة. فالسيد المسيح هو الممحاة المقدسة لخطيئة آدم، خطيئة آدم التي كانت ستورث لنسله " الموت الأبدي ". وتتعقب كل البشر في كل الأزمنة.  المولود في مزود البقر أتي بكلمة، والله ذاته كلمة ، والكلمة كما قلت لا تتجزأ ، إذاً المولود بكلمة لا بد أن ينتمي إلى الكلمة التي أتت به في أحشاء السيدة العذراء ، الكلمة المولودة أتت من الكلمة الآب إلى أحشاء السيدة العذراء ، أي تحمل نفس صفات الكلمة المصدر " الكلمة الآب "  ، لأنه لا توجد سوى كلمة واحدة منذ الأزل ، وإلى أبد الدهر ،"فالكلمة الآب قوة إلهية غير محدودة " كن فيكون "  أي أن الكلمة الآبن  تحمل صفات الكلمة الآب، لكي تتم مهمة الفداء بالكلمة الأبن التي أتت للعالم من أجلنا ،الآب والأبن كلمة واحدة لا كلمتين ، وعلى سبيل المثال البسيط ، كلمة " حب " ومصدرها " المحبة " كلمة لها معناها " أقصد بها حب الأب لأبنائه أو حب الجد لأحفاده أو الحب داخل الأسرة أو حب الإنسان لأخيه الإنسان مهما كان لونه أو عقيدته أو جنسه وأعظم الجميع هي محبة الله لخليقته أي للبشر  "  ، هذه الكلمة تُرسل يومياً بوسائل كثيرة كتابة أو عن طريق الهاتف أو السمع المباشر ، هذه الكلمة تحرك المشاعر بالنسبة للمرسل إليه وهو على بعد آلاف الأميال ، كلمة مُرسلة من أصل المصدر الذي لا ينتهي أبداً ، فكلمة "الحب" منذ قديم الأزل وستبقى إلى أبد الدهر ، ولا تنتهي لمجرد إنها أُرسلت ، ينطلق مفهومها ومعناها ليحرك المشاعر على بعد كبير والكلمة نفسها باقية والمشاعر والأحاسيس التي ولدت الحب في الطرف الآخر تنتمي إليها دون نقصان أو تجزئة ، فلماذا الدهشة إذا قلنا أن الكلمة المولودة نابعة من الكلمة الآب  كبنوة روحية وليست كبنوة جسدية . فالثالوث كله " الآب والأبن والروح القدس " ما هو إلا كلمة واحدة، "الآب المصدر"، "الأبن الكلمة"، "الروح القدس هو القوة الفاعلة المنبثقة من الآب "، أي ينضم الثلاثة لذات الله المقدسة. وقد لا يكون من قبيل الصدفة، أن عدد السنوات التي أمضاها السيد المسيح في التبشير ثلاث سنوات من "سن الثلاثين إلى الثالثة والثلاثين “، وأيضاً عدد الأيام التي أمضاها في القبر بعد صلبه ثلاث أيام، وكلاهما يرمز للثالوث المقدس أو الكلمة الواحدة "الآب والابن والروح القدس". المولود في المزود ولد فقيراً ، لكنه ملك تُوج بالنعمة الإلهية وهو لا يزال في أحشاء السيدة العذراء ، هذا الملك المتوج بالنعمة الإلهية وصل بالإحساس إلى هيرودس الملك ، وأثار في داخله الرعب والخوف ، فأمر بقتل جميع الأطفال في بيت لحم دون السنتين ، فهربت به السيدة العذراء إلى أرض مصر ، هيرودس الملك رمز الخطيئة ، والطفل يسوع " الكلمة "  علمنا الدرس الأول وهو الهروب من الخطيئة ، وليس مجابهتها لئلا نخور بالضعف البشري ونقع فيها ، نهرب منها حتى ولو كلفنا الهروب آلاف الأميال  ، الهروب إلى مصر لم يكن فكرة يوسف النجار ، ( لكن في حلم أوحي إليه  قم وخذ الصبي وأمه واهرب إلى مصر ) " الكلمة ألآب"  أوحت إلى يوسف أن يهرب (بالكلمة الابن ) ، وهذا يؤكد فكرة الهروب من الخطيئة ، لأن "الكلمة  الآب " التي تأمر " كن فيكون " كانت قادرة على إهلاك هيرودس حتى لا يتعرض الصبي للأذى دون اللجوء لمشقة الهرب . هذه " الكلمة " هي نفسها التي أوحت للمجوس لتقديم هداياهم من الذهب واللبان والمر إلى الطفل يسوع، (ثلاث هدايا أيضا) الذهب للملك، واللبان للكهنوت والمر للتألم، لكن قد يكون لي تفسير آخر لـ " اللبان " فاللبان لا ينتهي أي لا يذوب في الفم مهما طالت مدة بقائه، وهذا رمز الاستمرارية بالنسبة للطفل يسوع، ولد وتألم وصلب وقام من الأموات، " ليس لملكه انقضاء “، حقاً المولود في مزود البقر " كلمة " (هي نور للناس، والنور يضئ في الظلمة، والظلمة لم تدركه) كما قال عنه يوحنا البشير . بالتأكيد صورة المولود في مزود البقر، تدغدغ الحواس والأفكار، وتشدهم إلى التفكير في سر " الكلمة"                                                                                  
 كل عام والجميع بخير وسعادة بمناسبة عيد الميلاد المجيد؛ ونرجو للعالم أن ينظف ثوبه من الدماء ليأتي العام الميلادي القادم وهو يحمل سلام المولود المقدس.