نهاية بلا وداع بقلم : د . إبراهيم محمود هارون

نهاية بلا وداع بقلم : د . إبراهيم محمود هارون
نهاية بلا وداع بقلم : د . إبراهيم محمود هارون
اللص الأمين رحلتي معه لم تكن مجرد علاقة ما بين سارق و مسروق و إنما كانت علاقة ما بين محب و محبوب ، وضعنا منهج لحياة عناصره لا نعرف اليأس و الكسل و الضعف و مفراداته هي القيم الحميدة و الأخلاق النبيلة و لا يوجد امامنا سوى الارادة و المثابرة و الكفاح و الاجتهاد و مساندة بعضنا البعض حتى نصل الى مبتغانا حيث عالم النور المليئ بالكنوز و الأسرار و مرافقة الاخيار و دراسة حياتهم و التحقق بهم و نيل درجاتهم ، تعلمنا أن اليأس عدونا و مصدره الشيطان فوضعنا أيدينا بأيدي بعض لمكافحته و القضاء عليه  ، علمنا أن لابد ان نضع قدوتنا أمامنا و إمامنا و نسير على خطاه كي نقِ أنفسنا من شرورها و نحصن أرواحنا من فتن الزمان و ما ادراك ما فتن هذا الزمان حيث كثرة الغفلة و موت الفجأه و ضياع الأخلاق و تلف المبادئ فهذا الزمان من يعيشون فيه مرعبين بأخلاقهم و تصرفاتهم القذرة ، فخفنا على انفسنا فصنعنا حصن متين لنحتمى فيه سويًا من هذه الآفات التي تؤدي للهلاك و كان كل واحد منا يخاف على الآخر و ما جعلت علاقتنا وطيده سواء المحبة فيها كانت المدخل الرئيسي فهي الباب الاعظم الذي دخل منه اللص الأمين ليسرق المجوهرات و يحافظ عليها من عبث المستهزئين بهذا الزمان كُنا حاضرين مع بعضنا البعض حتى و إن لم نلتقى فالوفاء مدخلا لاسترجاع الوصايا و العمل بها و الحب نافذة نقف أمامها لنستحضر لحظات الوصال فعندما تنظر القلوب لبعضها البعض اُجتيزت الحواجز و الخواطر المدمرة و فتح باب القبول للدخول في مقام المحبة و العبادة حيث أعلى مقامات العشق لنصحب بعضنا الى معرفة هواتف الحقيقة و تحليل الحجج العظيمة و الاستدلال بالبراهين الدقيقة لنسير في سفينة النجاة قبطانها فرعًا من الأصل و الأصل لا ساحل له فبه نلجئ و نحتمى كي لا نتعرض لامواج الفتن الذي تعيق سير المحبين إلى حضرة الادب المبين 
و عليه بدأ المشوار بعد أن هدمنا سفن الاشرار و نلنا نصيب من ترياق الأطهار 
و ااه و اااه من تلك الايام الطاهرة البهية الذي لا تضيع مادمت في ودائع رب البرية فالحب عنواننا و الخُلق بابُبنا و العلم أسوارونا و الحياء حيطاننا و زرعنا ما حصدناه من قبطاننا و لكن هجمات المزعزين لم تكن في حسباننا فحاولنا نتماسك و الايدى ترتعش من ساعة الفراق الذي لا ندرى متي ستكون و لكن كان قدر الله نافذ و ذهب بلا وداع في عشية عيد حيث كان اللقاء الأخير و في عيناه الحزن المزيد و دقات قلبه تعبر عن شدة قلقه عند الاحتضان و كأنه يريد أن يقول شي و أستحى و القي السلام بعد أن مكث دقائق عجاف عرضت فيهن ذكريات أعوام مليئة بالود و العرفان و ذهب دون وداع و الاجساد تفرقت و الأرواح  لم تتحمل ألم الفراق فجتمعت لتحدث بعضها ربما تلتقي أجسادنا ذات يومًا بعد أن عز اللقاء و لتجاوبها أنا في إنتظارك و أن غابت الاجساد مئة عام فالاروح تحن دائمًا للقاء مادمت القلوب في نقاء
.