أسعد الله أوقاتكم....((فيروز هاربةٌ من الجنّة))....حماك الله بقلم المنتجب علي سلامي

أسعد الله أوقاتكم....((فيروز هاربةٌ من الجنّة))....حماك الله بقلم المنتجب علي سلامي
أسعد الله أوقاتكم....((فيروز هاربةٌ من الجنّة))....حماك الله بقلم المنتجب علي سلامي
 
لم نعد نسمع فيروز....
لم يعد صوتها ينهمر رقّةً وعذوبةً على نوافذ أيّامنا المُكسّرة...
وبيت جدّتها (الختيارة) العتيق سرقه الزمن الغادر...
ولم يرجع شاديها الوسيم الضائع من جبال الثلج...
وكروم الزيتون والعنب والتين تصارع الحرائق التي لايطربها إلّا الرّيح...
ويرجع أيلول كلّ عام بغيومه الحزينة ومازال بعيداً بعيداً رجوعك أيّها المطر....
فيروز....
لم تعد صلواتها توقظنا.....
لم تعد صباحاتنا تصحو على تراتيلها....
 رسولة الذوق والبهاء والإنسانيّة.....
والتي كانت تداعب أسماعنا وتدغدغ أحلامنا وتغطّي واقعنا بغشاء نهبته من الآلهة.... 
وتغري عيوننا وأفئدتنا بأن تترك النوم لتلامس ذوائب الجنّة....
 وصوتها ينهمر من المذياع العتيق الطيّب وكأنّه الغيث العاشق يقبّل تراب الصيف المُشتاق.... 
أو كأنّه حروف الصلاة تسبح على شفاه المؤمنين الأتقياء  ...
مَن وصَفَك يافيروز بالمغنّية أو المطربة أو الفنانة فقد ظلم الحُسنَ وكفر بالعظَمَة وأشرك بالحقّ...
 وأنا أشكّ بأنّ قلبه ارتوى من ذلك الصوت الهارب من الفردوس ليختبئ في حنجرتك ثمّ في قلوبنا ....
حنجرتك التي عبدها الجمال وركعت لها العذوبة...
فيروز أنت فيروز ....
ولايليق  بأغنياتك إلّا أن تكون قوانين في الكون لذلك الجمال ودساتير لذلك لإبداع.
أنستنا فيروز أنّ في الحياة قبح ومرض وذلّ وجوع ونفاق....
أنستنا فيروز أنّ في الحياة غدر وغرور وجفاف وتعاسة ووحشيّة.....
أنستنا فيروز أنّ في الحياة تجارة وشطارة وحقارة....
أنستنا أنّ في الحياة عشائر وطوائف وأغنياء وفقراء....
لم تكذب علينا فيروز....
لكنّها قرّبت أرواحنا من الجنّة....
وجعلتنا أكثر إيماناً وعبادة لله.....
ومازال الصبا والجمال ملك يديك يافيروز ....
وعندما أرتشفُ صوت فيروز المعتّق بمسمعي
ّ تسكرُ شراييني وينتشي فؤادي بخمرة الكلمات الممزوجة باللحن  والأداء
 وينهض الصباح ضاحكاً من حضن الليل 
ليشرب نخب الجمال بكأس الطرب
 بعد أن يستحمّ بالضوء ليرتدي ثوب النهار 
وقد راح شَعْرُه النورانيّ يتطاير أمام عينيّ اللتين سجدتا مستسلمتين لإرادة هذا الغناء الحاكم المستبدّ الذي يأخذني مقيّداً بحبال عذوبته وأغلال روعته وسيف إحساسه إلى عالم سحريّ جميل
 في سماء النجوم المرصّعة بالذهب والحسن والنشوة... عالم لايشبه عالمنا ،ولا يُطلِقُ سراحي إلّا عندما تجفّ خابية الصوت وينتحر في بئر الصمت....
فأعود من فضاء الجنّة إلى أرض الدنيا 
ومن عبوديّة الطرب إلى حريّة العرب 
ومن النجوم إلى الهموم
 ومن الخيال المزهر  الشاسع إلى الزمن المقفر الواقع.
حماك الله فيروزنا الغالية ...
يا ذكرياتنا وأفراحنا وأوجاعنا وأحلامنا .