يَقْفُو الطَّرِيقَ مُسَيَّراً وَمُخَيَّراً
فِي غَيرِ عِشْقٍ مُسْتَفِيضٍ أَو وَلَهْ
أَضْغَاثُ حُلْمٍ لَا حُدُودَ تَحُدُّهُ
حَتَّى يَرَى نُورَ الْحَقِيقَةِ ، أَوَّلَهْ
كَعَرَائِسٍ لِلْشَّمْعِ فِي صَمْتٍ لَهَا
تَقْفُو أَوَاخِرُ كُلِّ حِزْبٍ أَوَّلَهْ
فِي مُفْرَغَاتٍ يَسْتَدِيرُ طَرِيقُهُ
إِنْ ثَارَ صَوتٌ لِلْحَقِيقَةِ ، أَعْجَلَهْ
كُلٌّ يُعَانِقُ دَرْبَهُ وَمَسِيرَهُ
وَيُنِيرُ مِنْ دَمِعِ الْخُصُومِ مَشَاعِلَهْ
لَمْ يَدْرِ مِنْ أَينَ الطَّرِيقُ وَمَا بِهِ
إِنْ طَالَ ذَاكَ الدَّرْبُ يَوماً قَاتَلَهْ!
قَصَدَ الطَّرِيقَ بِغَيرِ زَادٍ مُوْصِلٍ
مَا اسْطَاعَ يَوماً جَاهِداً أَنْ يَعْقِلَهْ
لَمْ يَقْفُ دَرْبَ الصَّالِحِينَ تَكَبُّراً
لَمْ يَدْرِ مِنْ عُسْـرِ الطَّرِيقِ وَسَائِلَهْ
حَتَّى إِذَا مَلَّ الطّرِيقَ وَمَلَّهُ
نَكَثَ الطَّرِيقَ وَنَالَ مِنْهُ وَسَاءَلَهْ
تَتَنَازَعُ الْأَفْكَارُ عَقْلاً ثَائِراً
وَلِكَثْرَةٍ سَئِمَ الْفُؤَادُ مَسَائِلَهْ
بِبَنَانِهِ خَطَّ الرَّؤَى مُتَمَرِّدَا
وَلِبَغْيِهَا نَكَرَتْ يَدَاهُ أَنَامِلَهْ
مِنْ بَعْدِ آيَاتِ الْسَّمَاءِ وَنُوْرِهَا
مَنْ يَمْنَعُ الْعَقْلَ الْعَنِيدَ تَنَكُّلَهْ؟
مُسْتَنْكِراً مَا كَانَ مِنْ ضَعْفٍ لَهُ
لَا يُنْكِرُ الْبَدْرُ الْعَظِيمُ مَنَازِلَهْ
فِي التِّيهِ لَا يَدْرِي الْخَلَاصَ وَلَا النَّوَى
مِنْ بَعْدِ أَنْ حَكَمَ الزَّمَانُ سَلَاسِلَهْ
مِثْلُ الْغَرِيقِ بِبَحْرِ حُزْنٍ هَائِجٍ
عَبَثاً يُجَاهِدُ أَنْ يَرُومَ سَوَاحِلَهْ
يَهْوِي إِلَيهِ الْحُزنُ دَهْراً سَرْمَداً
يَسْتَوطِنُ الْقَلْبَ الْجَرِيحَ مَرَاجِلَهْ
يَئِسَ الطَّرِيقَ وَمَلَّهُ مُسْتَنْكِراً
ـ مِنْ حُزْنِهِ ـ حَقَّ الطَّرِيقَ وَبَاطِلَهْ
مَنْ يُسْمِعُ الْقَلْبَ الْحَزِينَ غِنَاءَهُ؟!
مَنْ يُرْجِعُ الْرَّوْضَ الْحَزِيْنَ بَلَابِلَهْ؟!
يَسْتَرْحِمُ الْأَيَّامَ رَغْمَ عَدَائِهَا
وَالدَّهْرُ يُحْكِمْ قَبْضَهُ وَحَبَائِلَهْ
يَا أَيُّهَا الدَّهْرُ الْمُعَانِدُ رَحْمَةً
بِمُحَطَّمٍ أَوهَى التَّصَبُّرُ كَاهِلَهْ