بقلم . جاكلين جرجس
حين نغمض أعيننا لوهلة بين الغفوة و النوم تغزو عقولنا فيضان من الأفكار و المشاعر نحاول أن نلقيها جانبًا لكنها تآبى بإصرار عنيد نستسلم لها أو قد يحولها البعض إلى خيالٍ بلا حدود خيال يخترق الأزمان و الأماكن يعلو و يحلق فى الفضاء العجيب يكاد أن يصل لحدود الأسطورة، فتتناثر الحكايات بلا حاجز يحدها حيث يقول البعض إن التفكير البشري، ينزع في الفطرة نحو الأسطورة، بدليل أن الاختراعات، والاكتشافات بدأت بفكرة، تبدو أسطورية عند طرحها مستحيلة فى تنفيذها، لكنها تتحول بعد العديد من المحاولات إلى واقع ملموس فالأساطير و الخيال جزء من حياة و تاريخ الشعوب توغلت فيها و أثرت عليها من قديم الأزمان حتى العصر الحديث.
و فى شهر المرأة تقول الأسطورة أنه فى سالف العصر و الآوان في حقبة ما قبل التاريخ، كانت تُعبد أستغيك باعتبارها آلهة الخصوبة والحب فى أرمينيا ، و في فترات لاحقة أصبحت آلهة الحب والجمال العذراوي ومصدر المياه والينابيع.آستغيك حبيبة وقرينة الإله فاهاكن، إله الشمس والقوة والشجاعة عند الأرمن القدماء. وكانت شقيقة الآلهة الأم، آناهيد - المعروفة بأم الأرمن..و فى عيد فارتافار - Vartavar، والذي يُعتبر يوم مكرس لها، يحتفل الشعب الأرمني برش الناس الماء على بعضهم البعض في الساحات بشكل جماعي، اعتقادا بأنه يغسل الشرور ويجلب الحظ الجيد، ويتم إقامة مراسيم دينية معينة في معبد غارني الوثني في أرمينيا حفاظا على هذا التقليد التاريخي الذي نجى لآلاف السنين.
وعندما تحضر الأسطورة، تستحضر التاريخ متداخلا مع الميثيولوجيا والخرافة، لذا فإنه من الصعب تلمس أوجهها كاملة، وذلك لقلة من استطاع ضبط مصطلح الأسطورة ضبطا دقيقا. لذلك ظهرت وتألقت الأساطير فى الحضارات القديمة، فعكست تفكير وثقافة شعوب بأكملها،. لنتعرف من خلاله على العلاقة بين هذه الأساطير والتاريخ وعلاقتها مع الحاضر ومع حياتنا المعاصرة. خاصة و أن هذه الأساطير لا تزال تعيش معنا وتؤثر فينا وتدخل في نسيج إبداعاتنا الفنية والأدبية، لأنها المنهل الذي لم ينضب في أي زمن من الأزمنة و هو ما ظهر جليًا فى محاولة شركة أفلام كارتون ديزنى بعرض الثقافة الأرمينة فى حلقات Mickey Mouse Funhouse و حلقة خاصة تتحدث عن مهرجان فاردافار، حيث يتم تقديمه باللغة الأرمنية، حلقة “فاردافار” كتبتها كاثلين سارنيلي كابوكيان وزوجها.
بالطبع هناك من يسعى لصناعة أو تقدديم الأساطير لأجل تحقيق مآرب ما ؛ لذلك فعالمنا اليوم لا تتوقف فيه صناعة الأساطير لتغيير عقول الناس وأكثر ما تظهر الأساطير والخرافة في الإعلام وفي الأدب والفن حيث يعاد بناء الأسطورة القديمة أو تصنع أسطورة جديدة محمولة بمفاهيم وتصورات يراد منها إعادة تشكيل العقل الجمعي ، لكن تظل المرأة الأرمنية هى القصة الحقيقية و الأسطورة الخيالية ومصدر الحياة.