ونفر الإمام الأكبر الدكتور «أحمد الطيب»، شيخ الأزهر الشريف من فوره، ومن مستشفاه العلاجى فى ألمانيا، شفاه الله وعافاه، لتعزية شعب الكنيسة باتصال كريم بقداسة البابا «تواضروس الثانى» بابا الكنيسة المصرية، وقبلها وضع إمكانيات المؤسسة الأزهرية طبيًا وخدماتيًا فى خدمة المصابين.. بوركت فضيلة الإمام.
التنويه عن عطفة الإمام الأكبر الطيب مستوجب وطنيا، ليعلم المحبون أن ما يجمع بين الأزهر والكنيسة محبة وتعاطفًا وتعاضدًا لا يفرقه إنسان، وما بين الإمام الطيب والبابا تواضروس (على المستوى الشخصى) محبة قلبية خالصة لوجه الله، ولا تشوبها شائبة.. ومعجميا، لا تشوبها شائبة، تعنى محبة صَافِيَة، غَيْرُ مُخْتَلِطَة بِشَيْءٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا. لاَ يَخْلِطُهُا شَىءٌ مَعِيبٌ، ولا يُدَنِّسُهُا شَىءٌ.. ومن قاموس طيب الذكر الشيخ الشعراوى وعلى قوله (وبتصرف): «لا يفرق بينهما حاقد أو حاسد أو مُستغَل أو مستغِل أو مدفوعٍ من خصوم الوطن هنا أو من خارج هنا».
تجلت فى حريق كنيسة «أبوسيفين» صور المحبة المصرية، ومنها العطفة الأزهرية، و«فقه المحبة الشعبية» عميق الجذور فى التربة المصرية، سبر أغواره يحتاج إلى التعمق فى فهم الشخصية المصرية التى تثبت جدارة وطنية فى الملمات التى تحيق بالوطن.. إذ فجأة وعلى غير توقع، فتستنفر طاقات المحبة الكامنة فى أعماق الأعماق.
فقه المحبة ليس بجديد على الإمام الأكبر الطيب، ويسجل كتاب المواطنة فى مصر للإمام شيخ الأزهر كلماته الطيبات فى حق أخوة الوطن. مسكوكات الإمام الطيب ستُكتب بمداد فوّاح فى سجلات المشيخة العريقة. سطور فى صفحة منيرة نباهى بها العالمين إذا احتكموا إلى بيان المواطنة فى المحروسة.
راجع من فورك حديث الإمام الأكبر عن الإنجيل والتوراة ولا يمسهما إلا المطهرون، كحكم مس القرآن الكريم وحماية الكنائس وبنائها، جريًا على مذهب العلامة المصرى الكبير «الليث بن سعد»، وأخوية المسيحيين، وتشديده على حذف مصطلح «أهل الذمة» من صفحات التاريخ الحديث، وغيرها من مقولات كريمة تشى بصفاء قلب الإمام وتمثله سُنة المصطفى صلى الله عليه وسلم الذى أوصى بالمسيحيين خيرا.. ثبتت عن سيدنا النبى صلوات الله عليه الوصية بأهل مصر فى الحديث الشريف: «إنكم ستفتحون أرضًا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرًا فإن لهم ذمة ورحما». (رواه مسلم).
الإمام يحلق بالأزهر الشريف عاليًا فى سماء الأخوية الوطنية، بمعنى المحبة والتسامح ما يترجم بالمواطنة، ويرسم بفقهه وعلمه وتواضعه ملامح وسطية المشيخة العريقة المستقاة من وسطية الإسلام وعدله ورحمته بالعالمين كافة.
فى حريق «أبوسيفين» تجليات «فقه المحبة» وكرمات الأصلاء، سلو بلدنا الطيبة، ولا تعجب، ولا تسألن عن السبب، وهل يسأل محب عن المحبة، ما فاضت به جموع المصريين من محبة، من رأس الدولة الرئيس السيسى، مرورًا بالإمام الأكبر، وصولًا للمسؤولين والعاديين، تعبير جمعى عفوى جميل، من عناوين المحبة.
وإن تُعدوا صور المحبة فى هذا الوطن الطيب لا تحصوها، صورة مصر إزاء الحريق بألف مما تعدون، صورة تقول إن المحبة ساكنة فينا، تحت الجلد، تحديدًا فى قلوب الطيبين، ليتكم تفقهون «فقه المحبة» الذى جافاه قساة القلوب.