هويدا عوض احمد تكتب : الحصار

هويدا عوض احمد تكتب : الحصار
هويدا عوض احمد تكتب : الحصار
تعددت أنواع الحصارات ضد وطننا العربي وتطورت ونشأت ضروب منها هدفها ليس بلوغ أهداف تكتيكية أو جزئية بل تعيين سقوف عليا لتطوره يحظر علي الواقع العربي تجاوزها أو حتي الإقتراب منها .
ليست الحصارات المفروضة علي العرب موضوعا جديدا .ربما نتذكر أول محاولة حصار عاشها جيلنا في الخمسينات عندما إمتنعنت إحدي نقابات عمال الشحن الأميركية عن شحن الباخره المصرية كيلوباترا بالقمح من إحدي موانيء أميركا فقرر العمال العرب الإمتناع عن شحن البواخر الأميركية في جميع المرافيء العربية من المحيط إلي الخليج إلي أن تتراجع النقابة الأميركية عن موقفها وهو ما حدث بعد أربع وعشرين ساعة فقط يومها واجه العمال العرب الموقف الأمريكي بموقف موحد فحققوا إنتصارا سهلا .
ليس الحصار بحد ذاته ظاهرة جديدة إذا فقد أخذت أمريكا به منذ القرن التاسع عشر واستخدامته بصورة ثابتة إما لإحتواء قوي لا تروق لها او لتكييف سياسات ومصالح أجنبيه مع مصالحها وسياساتها ثم إستخدمته الدول الغربية بهذا القدر او ذلك من التواتر والفاعلة 
بإعتماد الحصار أداة للسياسة الخارجية تعددت أنواع الحصارات ضد وطننا العربي وتطورت ونشات ضروب منها هدفها ليس بلوغ أهداف تكتيكية او جزئيه بل ترمي إلي تعيين سقوف عليا لتطوره يحظر علي الواقع العربي تجاوزها أو حتي الإقتراب منها 
إكتشفنا هذا حين تم بناء أول مفاعل نووي مصرى في نهاية الخمسينات وحين ضرب المفاعل النووي العراقي 
ساعة قال رئيس وزراء إسرائيل السابق مناحيم بيغين .علنا إنه من غير المسموح للعرب إختراق سقف محدد في تطورهم .يمكنهم إختراقه من إمتلاك تقنيات أو أوضاع متقدمة تتيح لهم الإنتقال من حالة الضعف إلي حالة منجبة للتقدم والقوة حالة مفارقة للتأخر والتخلف .
لكن الغرب عموما وأميركا يوجه خاص لم يتخلوا عن سياسة فرض الحصارات الجزئية التي أرادا بها تقويم مسار بلد من البلدان العربية وإعادته إلي الخط الصحيح الملائم للمصالح الغربية بل وسعاها إلي أن صارت أداة رئيسية لترويض العرب 
وقد إبتكرا في العقد الأخير نموذجا من الحصار يقوم علي إخراج بلد ما من السياسة ونبذه ووضعه خارج العلاقات الدولية والإقليمية وخارج عصره بتفكيك روابطه مع العالم .كائنا ما كان شكلها أو طابعها 
هذا الضرب من الحصار هو حصار شامل لا يقف عند حد يشمل جميع جوانب وجود البلد المعني ويستهدف تخريب واقتلاع بني وهياكل دولته ومجتمعه فهو أنشوطه تضغط علي عنقه وتخنقه ببطء .مانعه تقديم اي عون أو مساعدة إلية 
في هذا النمط من الحصارات البنيوية ليس الهدف تكييف او ترويض بلد ما بل تفكيك دولته ومجتمعه والحيلولة بينهما وبين الخروج من وضع يقيدهما ويجد من قدرتهما علي الاستمرار وللعلم فإن هذا الحصار البنيوي الشامل يتسم بالديمومة وبالتدرج والتراتب لأنه يبدأ بتدمير ممكنات البلد المعني تدميرا منهجيا ثم يحدد سقوفا متزايده الإنخفاض يفرضها علي مختلف مناحي حياتة لفعلها أثر مدمر علي دولته ثم علي تكويناته المجتمعيه ..
وأخيرا علي كل فرد فيه من هنا يغطي هذا الحصار الشامل الحياة 
الإقتصادية والسياسية والثقافة والروحية للشعب المحاصر الذي تتم إعادة صياغته وإنتاجه بحيث تأتي أفعاله مجافيه لأهدافه ومصالحه الخاصه ومتسقه مع أهداف ومصالح من يحاصرونه ويبرمجون حياته في الغرب
ليس الحصار جديدا علي الأمه العربيه الجديده هو اشكاله الحالية فبعد إنهيار الإتحاد السوفيتي اخذت اميركا تتصرف وكأنها وحدها صاحبة القرار الدولي وشرعت تستخدم مجلس الأمن الدولي لإصدار قرارات محددة موجهة ضد بلدان محددة تطبيق وفق آليات محددة بقصد فرض حصارات عليها هي عقوبة علي ممارسات معينه قامت هذه البلدان بها او يقال إنها قامت بها .
هذه الضروب من الحصارات فرضت بفعل سيطرة أمريكا علي مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بيد أننا كعرب نتعامل مع الحصارات منذ زمن طويل فالعرب يتعرضون منذ بداية القرن العشرين لمجموعة من التدابير الراميه إلي إحتوائهم أو إعاقة وحدتهم او منع تضامنهم وتجيير أوضاعهم بمجملها لمصلحة الولايات المتحدة والغرب 
والمسؤولية فيما يجرى لا تقع علي أمريكا والغرب وحدهما فهناك نوعان من الحصارات .
خارجي يفرضه الآخر.
وحصار داخلي يفرضه العرب علي انفسهم او تفرضه عليهم بعض حكوماتهم مع الإلحاح علي ان النوع الأخير قد يكون أقسي وأفعل وأشد إيلاما بكثير من الحصار الخارجي .
والحصار مفروض علي العرب منذ الإستقلال .أي منذ الحرب العالمية الثانية وكان هدفه منع أي لقاء عربي يتخذ طابع تعاون او تضامن أو تكامل إقتصادي عربي وقد فرض هذا الحصار المستتر من أجل الانفراد بالنفط العربي ومنع العرب من إستخدامه لغايات تتعلق بتنميتهم .لهذا الحصار صورة سقوف غرضها منع التنمية العربية المستقلة لإعتقادهم بحق بأن تنمية كهذه ستضع النفط في خدمة العرب هكذا توجهت سياسات الغرب العملية نحو هدف أساسي هو منع أي تنمية عربية تقوم علي النفط وتضع عائداته في خدمة الأمة العربيه حصرا 
من أجل منع التنمية الإقتصادية العربية المستقلة بأموال النفط منعوا العرب من القيام بأي نوع من التنمية السياسية أي الوحدوية لإيمانهم بان وحدة العرب ستحرر نفطهم وستحمي تنميتهم .يمكننا الآن تعيين الجهات التي فرضت علينا السقوف الإقتصادية والسياسية المذكوره إنها خاجيا الشركات متعددة الجنسية والمؤسسات المالية العالمية وإسرائيل ..وداخليا الكوابح الذاتية العربيه المختلفة التي تم تنشيطها وتفعيلها في جميع المجتمعات العربيه .
إن فكرة محاصرة الوطن العربي ووضع سقوف لتطوره تعود إلي أزمنه بعيده بدأت مع بروز النزعات الأوروبية لضرب الشخصية الحضارية للأمه العربية وللمنطقة العربيه والدليل الحروب الصليبية ثم السعي لغرس كيان غريب بين مشرق
الوطن الوطن العربي ومغربه في فلسطين تحديدا منذ نهايات القرن الثامن عشر
هذا حصار جعفرافي .سياسي يضاف إلي انواع الحصارات السابقه واهمها الحصار الفكرى وهدفه فصل مكونات الشخصيه العربية ووضع بعضها في مواجهة بعضها الآخر ومنعها من التفاعل مع الواقع .