المحامية د.نادية يوسف تكتب : قاتل الجسد مقتول بفعلته وقاتل الروح لا تعلم به البشر

المحامية د.نادية يوسف تكتب : قاتل الجسد مقتول بفعلته وقاتل الروح لا تعلم به البشر
المحامية د.نادية يوسف تكتب : قاتل الجسد مقتول بفعلته وقاتل الروح لا تعلم به البشر
الكلمة هي التي تبني وهي التي تحطم 
 منذ عقود كثيرة ونحن نسمع هذا الكلمات حقوق الإنسان والشعوب والمرأة والطفل 
ما أجمل هذه الكلمات عندما تقترن بالفعل ..
منذ العصر الحجري وفِي كل الشرائع والقوانين التي جاءت بها نسمع نفس العبارات البنت هي الشرف والكرامة وكل المسميات الأم الابنة الزوجة الأخت و أخت الرجال والتاريخ شاهد على عظمة النساء وفِي كل الحضارات من جوليا دومنا و زنوبيا وكليوبترا ومدام كوري وفالنتينا والأم تريزا وأنديرا غاندي وووو
كالعادة عندما نريد الاستفادة من أمر ما فإننا نسوقه لصالحنا وعذراً للكلمة نتاجر به وهذه هي إحدى السمات الأساسية لهذا العصر في كل القضايا المصيرية حتى لو كانت أكثرها شراً كالحروب وتحت شعارات ومبادىء  لها سحر في الآذان كالحقوق والحريات وتخليص شعب من طاغية وهلمّ جرا ونحن كما نعلم علم اليقين أن هذا الكلام في جزء كبير منه عار عن الصحة 
تضج مواقع التواصل الاجتماعي عامةً بالمباركات والكلمات الطنانة عن المرأة والاحتفال بها كما يفعلون في أية مناسبة أخرى 
يرفعون الشعارات و يقولون المرأة التي تهز السرير بيمناها تهز العالم بيسراها، لا للعنف ضد المرأة ، المرأة مساوية للرجل و رفقاً بالقوارير وعيد الأم واليوم العالمي للمرأة ووووووو ....... شعارات وكلام ومؤتمرات ومحاضرات وندوات وقصص عن المكانة التي أحرزتها المرأة فهي قاضية ووزيرة ورئيس مجلس وزراء أو رئيس أو نائب رئيس أو قبطان و مديرة وضابط ....
 وبلحظة ما يتبخر هذا الكلام لتحل  صورة الرجل الحجري يجر زوجته من شعرها .. كلمات تأتي على سبل المزاح بين الْاصدقاء ولكن هي قابعة في الفكر تطفو إلى السطح عند أي عثرة أو هزة صغيرة
ولو عدنا قليلاً بالذاكرة وقراءة سريعة في التاريخ لوجدنا أن النساء أكثر المخلوقات عرضة للإهانات والاعتداء 
أولاً ..كانت القربان (خاصة العذارى) الذي يقدم للآلهة كأضحية  وكأنها شاة أو ناقة
ثانياً ... ثم كانت السبية والجارية التي تقدم للملك أو السلطان أو الأمير أو حتى الكهنة ولا يمكن نسيان ما كان يسمى بحق السيد  تقدم في ليلة زفافها للإقطاعي أو المالك مهما كانت تسميته وفِي أي بلد حيث تم التعبير عنها بحق السيد في فض غشاء البكارة قبل الرجل الذي سيتزوجها والشيء بالشيء يذكر لا يمكن نسيان سوق النخاسة في كل البلدان والذي مازال مستمراً حتى الآن ولكن بصور مختلفة وأسماء منمّقة أكثر 
نأتي إلى الشق الثاني وهو الطامة الكبرى في كل مكان من بقاع الأرض وعلى مر الزمان والعصور كانت الأنثى أول ما يتم انتهاك جسدها قبل انتهاك الأرض حيث يتم اغتصابها من قبل أي جيش غازي لبلدها ويكون الأمر أكثر صعوبة وإذلالاّ  عندما يراد إهانة والدها أو شقيقها فيتم اغتصابها أمامهم ومازال الوضع حتى الآن حيث هناك الآلاف من الأمهات العازبات اللواتي كُنّ ضحايا الاٍرهاب والمعارك والحروب هذا ناهيك عن الاغتصاب الجماعي للنساء من قبل عدة رجال حتى في المجتمعات المتقدمة والتي كانت تنادي بالحقوق والحريات .. كانت المرأة العاملة مظلومة من حيث الأجور مقارنة بالرجل فكان ما تتقاضاه من مال قليل جداً بالنسبة لساعات العمل الطويلة  ..
ويقولون عيد الأم ويوم المرأة العالمي و لو عدنا بالذاكرة لمناسبة هذا الْيَوْمَ لعرفنا أنه نتيجة حادثة مأساوية أيضاً حدثت للنساء وهي باختصار ترتبط بحوادث وإضرابات حدثت في نيويورك لرفع الأجور ومساواة المرأة بالرجل و منهم من ربطها بحرق العاملات في مصنع النسيج من قبل مالك المصنع وتتالت الأحداث والإضرابات والمؤتمرات حتى تحديد هذا الْيَوْمَ للنساء 
المسألة  ليست مجرد تحديد بقدر ما هي احترام لكينونيتها .. وانتقلت مظاهر استعباد النساء بطرق وأساليب مختلفة في الوقت الحالي من ظلم أسرتها أولاً ومن ثم المجتمع ليتوج بالقوانين التي لا تنصف المرأة وخاصة في المجتمعات الشرقية أو ما يطلق عليها النامية أو العالم الثالث ولا يمكن نسيان كم من النساء في الهند وغيرها كن ضحايا المهر ولا يمكن إغفال عبارات مجتمعنا الشرقي "ربي أختك أو اشختها على البلوعة " هذا ناهيك عن طرد الأولاد لأمهاتهم 
جاءت القوانين السماوية والوضعية على اختلافها لتتحدث عن المساواة بين الرجل والمرأة ولكن على أرض الواقع مغاير تماماً فمازلنا نعيش في ظل المجتمع الذكوري الذي يجعل كل شيء من حقه و يمنعه على غيره ومازال يتم تزويج الأنثى دون موافقتها و الرجل يتحكم بمصيرها و بما أن الذهنية المنغلقة هي التي تتحكم بِنَا و بحياتنا فلا يمكن إحراز تقدم في بعض القضايا المجتمعية عامةً والمرأة خاصةً وكم من النساء البريئات كن ضحايا ما يسمى بجرائم الشرف وكم من الرجال لم يحاكموا بسبب هذه المواد هذا ناهيك عن الإجراءات الطويلة والمعقدة التي تتوه فيها القضايا في سراديب المحاكم وكم من النساء يخنعن لإرادة الزوج بالتخلي عن كافة حقوقهن من أجل الحصول على حريتهن أنا هنا لا أتهم الرجال فقط وإنما النساء أنفسهن يشاركن في هذا الظلم من خلال الاستسلام والرضى بالأمر الواقع  بالاضافة من الغيرة القاتلة من المرأة لبنات جنسها حتى تكاد أشد صرامة من ظلم الرجل نفسه و التاريخ مليء بقصص عن قتل النساء للنساء وخاصة الطبقات الحاكمة أو كما يقال عنها سادة القوم 
وكثير من قصص تعذيب السيدة لخادمتها 
وفي حال وقوع الفتاة في الخطيئة أو كما يقال اذا وقع المحظور وفقدت عفتها مهما كان السبب حتى لو كان بالاغتصاب رغماً عنها تتحمل وزره إلى أبد الأبدين حتى ولو توفيت وهنا أخص المجتمعات الشرقية تحديداً تقوم الدنيا ولا تقعد هي منبوذة ومجرمة ولعنها الله لو كانت شريفة لقاومته أكثر له ولم تسمح له حتى لو قتلها و الخ .. هم حملوا الأنثى الموضوع برمته وتركوا الجانب الأخطر بأن هناك فاعل وهو الرجل والمفعول به وهي الضحية الأنثى لأن الرجل هنا يتجرد تماماً عن إنسانيته ولا يتحكم فيه سوى غريزته الشهوانية والتي يبحث عن إرضائها بأي وسيلة وحتى لو تعاطف الناس مع الضحية لا يمكن أن ينسوا الموضوع ويبقى مطبوع بالذاكرة ويذكرونه بين الحين والآخر هذا ناهيك عن الكلام الذي قد نسمعه " الله لا يردها تستحق ما حصل لها لو كانت محتشمة لما تعرضت لذلك " 
ليس ذنبي أنني أنثى  لماذا يريدون مصادرة حريتي بارتداء ما يحلو لي ووفق رغبتي ولماذا يبدون امتعاضهم ويطلبون مني ان أكون نسخة عنهم 
ولعل البعض يفهم من كلامي أو يحرفه كما اعتدنا .. تبررين لها أفعالها هنا لا أبحث عن العذر أو التبرير ولكن كلنا معرضين للخطاً وأن نسلك طريق غير سوي وإذا كان الله يغفر الذنوب ويسامح عليها فمن نحن حتى نأخذ دور القاضي والجلاد بنفس الوقت 
هنا تلعب الثقافة والتربية دور في موضوع الرجل المرأة عندما أعاملها كبشر وليس مجرد أثاث أو تكلمة عدد 
‏‎ولابد من الإشارة للأمر من البدايات أول عبارة نسمعها إذا حملت الزوجة يارب يكون ذكر حتى يحيي ذكركم ومن أجل استمرار العائلة ثم عندما تكبر البنت أول ما تتعلمه الفتاة عمل المنزل ومن ثم تستمر المعزوفة هذا يليق بك وهذا لايجوز عيب و خطيئة وأنت مثل القماش الأبيض يتسخ من أي شي ويجب أن تحافظي على نفسك وكلام الناس لا يرحم ومن ثم يتنمر عليها شقيقها الكبير أو حتى الصغير و لا أريد الحديث عما تتعرض له في المدرسة و الجامعة والعمل والمضايقات اليومية من المحيط الخارجي أو إذا تزوجت أو بقيت دون زواج
‏‎وهنا لابد أن أتحدث عن حياة المرأة الأرملة أو المطلقة لأن كلاهما في نفس الخانة ظلم من أهل زوجها وأهلها والنَّاس 
‏‎نقول أن المرأة مازالت تعاني حتى هذا الوقت من العنف الأُسَري والمجتمعي وفِي كل البلاد لعل الأمر يختلف بين مكان وآخر وطبقة وأخرى وكلما زادت الحروب والأزمات كلما زادت معاناة المرأة أكثر ويمكننا القول أن هذا العصر فيه انتقاص لحقوق المرأة أكثر من أي وقت حيث سلبت أهم ماتتمتع به وهي أنوثتها حيث ضاعت بين أن تكون إمرأة أو تتشبه  بالرجل لأنه تم فهم القصة  وللأسف أن المساواة هي بصفات الرجولة فابتعدت الكثيرات عن أنوثتهن وتشبهن بالرجال من شكل ولباس وحركات جسدية 
حتى الرجل استفاد منه بطريقته الخاصة وجعلها دمية بيديه وخاصة في عصر الإنترنت والسوشيل ميديا حيث تم توظيف واستغلال البعض للمرأة  من خلال التركيز على مفاتن الجسد وتناسي روحها أو علمها أو قدراتها الذاتية 
منهم من يقول أن الجهل والفقر والبطالة هي سبب رئيسي في ما تعاني منه النساء هي حالك نسبية طبعاً  ولكن حتى في المجتمعات الغنية أو المثقفة نرى مثل هذه الظواهر هذا يأتي بالدرجة الأولى من الموروثات المجتمعية العفنة وعقدة التفوق لدى الرجل يخيل له أن من حقه السيطرة على المرأة سواء في البيت أو العمل أو المجتمع و استخدام العنف الجسدي والنفسي والذي يكون أشد وقعاً عليها وهنا يستحضرني قصة الفتاة من دمشق والتي تعرضت للإيذاء والعنف من قبل زوجها وأهله وفِي كل مرة عليها أن تتحمل وفِي النهاية كان الثمن هو حياتها  
ومن ثم نسمع بالمؤتمرات والمحاضرات والخطابات والمسيرات لمناهضة العنف ضد المرأة لعدة أيام ثم تصبح طَي النسيان كما درجت العادة لكل قضية 
ولذلك الحل بيد الأنثى نفسها ألا تجعل نفسها ظل للرجل وأن تحطم قيودها بيديها ولا تسمح بأن تكون أداة بيد أحد هي أو ابنتها وأن تعلم أولادها بأن لها كرامتها وعنفوانها الذي يجب أن لا يذوب بشخصية الرجل .