راجي بشاي يكتب : ‪ حتي لا يزيفوا التاريخ "الجزء ٧": أخطاء مبارك الثمانية‬

راجي بشاي يكتب : ‪ حتي لا يزيفوا التاريخ "الجزء ٧": أخطاء مبارك الثمانية‬
راجي بشاي يكتب : ‪ حتي لا يزيفوا التاريخ "الجزء ٧": أخطاء مبارك الثمانية‬
 
 
 
نختتم مرحلة حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك التي إمتدت قرابة ثلاثون عاما برفيق السوء الذي لازم مبارك طيلة حكمه و هو لم يكن فردا بل قانونا أيضا بإستطلاع رأي عن حكم مبارك و كذلك ما فعله مبارك بأمن مصر المائي .. تلك المشكلة التي نعاني آثارها السلبية حتي الآن ثم ننتهي بتلخيص فترة حكمه و خطاياه الثمانية الكبري التي مهدت الطريق لما يسمي بثورة ٢٥ يناير التي رآها البعض أعظم ما تاريخ مصر و رآه البعض الآخر نكبة تضاف إلي النكبات التي لحقت بتاريخ مصر المعاصر
 
 
مصر في ظل «قانون الطوارئ».. رفيق مبارك من البداية إلى العزل
اعتمد مبارك طوال فترة حكمه على قانون الطوارئ (قانون رقم 162 لعام 1958) وظل يجدد هذا القانون الذي دعم تضييق مساحة استقلال القضاء، وفقًا لتقارير مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، التي رصدت إطلاق يد جهاز الشرطة وأمن الدولة فى تعذيب المواطنين، وإحالة المخالفين في الرأى لنيابة أمن الدولة العليا طوارئ، ومحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، فضلًا عن إلقاء القبض على آلاف المواطنين دون رادع عاماً تلو الآخر. 
ووصل عدد المقبوض عليهم في منتصف التسعينيات إلى ما يزيد علي 30 ألفًا. و على مدار عام 2010 آخر أعوام مبارك في الحكم، لا سيما في الأسابيع السابقة على الانتخابات البرلمانية التي جرت في نهاية 2010، استخدمت حكومة مبارك سلطاتها التي يمنحها إياها قانون الطوارئ في محاولة لتأجيل المصير الذي كشفت الأيام عن أنه لا مفر منه. 
وفي فبراير 2010 نشر موقع ويكيليكس برقيات دبلوماسية أمريكية تشير إلى أن السفارة الأمريكية ذكرت أنه ابتداءً من عام 2007 تكاثرت الشكاوى القضائية بخصوص أعمال العنف التي تمارسها أجهزة الشرطة المصرية، وبين 2005 و2010، كانت النتيجة واحدة: «التعذيب الذي تمارسه أجهزة الشرطة متأصل ومعمم». 
وذكرت  برقية أخرى نشرت في عام 2009 أن «منظمات غير حكومية تقدر وقوع مئات الحالات من حوادث التعذيب يوميًّا في مراكز شرطة القاهرة وحدها».
 
 
 
هل كان المصريون راضين عن مستوى الخدمات التي تقدمها دولة مبارك؟
كان أقل من نصف المصريين (48%) في عام 2010 يشعرون بالرضا عن وسائل النقل العام (الأوتوبيسات والقطارات)، مقارنة بـ78%  في عام 2009، وكان ثلاثة أرباع المصريين لا يجدون مساكن جيدة بأسعار معقولة، وهي نتيجة متفهمة لزيادة أسعار العقارات بأكثر من 10% في عام 2010، وكان 26% فقط من المصريين راضين عن الجهود الحكومية المبذولة للحفاظ على البيئة. وتراجعت نسبة المواطنين الذين يشعرون بالرضا عن مستويات التعليم الابتدائي والثانوي والإعدادي إلى 56% في عام 2010 من 61% في عام 2009.المصدر: مؤسسة جالوب
وتدهورت مستويات الثقة الشعبية في نزاهة الانتخابات إلى مستوى قياسي بلغ 28% في عام 2010، وبموازاة ذلك، انخفض مستوى الرضا عن مستوى الحرية الشخصية الممنوحة للمواطنين بواقع 30 نقطة مئوية، من 77% في عام 2005 إلى 47% في عام 2010.
هكذا اصطدمت طموحات المصريين الديمقراطية بالواقع في أواخر عهد مبارك. المصدر: مؤسسة جالوب.
 
 
 
«ماشربتش من نيلها».. ماذا فعل مبارك بـأمن مصر المائي في 30 عامًا؟
رحل مبارك وترك مصر غارقة في أزمة مياهٍ مزمنة، بعدما تركها تتفاقم طيلة سنوات حكمه، حتى باتت هي التحدي الأكبر الذي يواجه مصر اليوم ومستقبلًا، حسبما كتب جونو إيفانز في صحيفة الجارديان البريطانية بعد أقل من عامٍ على تنحي مبارك، وحينها لم يكن المصريون قد أدركوا بعد مدى ثقل الإرث الذي خلفه لهم رئيسهم المعزول.
صحيحٌ أن هناك عوامل كثيرة تضافرت للوصول بمصر إلى هذه الأزمة، منها النشاط  الصناعي، والزراعة المكثفة، وسوء أساليب الري وتوزيع المياه، ما أثر تأثيرًا مباشرًا في جودة المياه السطحية والجوفية، إلا أن هناك عوامل أخرى لا تقل أهمية تتحمل الحكومة المسؤولية المباشرة عنها، حتى في ظل الإجراءات التي اتُّخِذَت داخليًّا لكبح جماح الأزمة، حسبما يرصد تقرير أصدره البنك الدولي في عام 2003. 
ولا تقتصر المسؤولية الحكومية على غياب التنسيق بين القطاعات المائية المختلفة في الدولة، وعدم وجود سياسة واضحة لتوزيع المسؤوليات من القطاعات وصولًا إلى المستوى الوزاري، بل تمتد إلى اغترار  نظام مبارك بهيمنته الإقليمية المدعومة أمريكيًّا، وإهماله الدبلوماسية الناعمة في أفريقيا، وعدم مد جسور المصالح مع دول المنبع، واكتفائه بدلًا من ذلك بالضغط المستمر على جامعة الدول العربية حتى لا تقدم قروضًا إلى إثيوبيا لتطوير مياه النيل، على حد قول جونو إيفانز، الذي يدرس دراسات التنمية في جامعة كامبريدج. 
وعلى جانب آخر كانت إسرائيل متربصة دائمًا لملء الفراغ الذي تخلفه مصر بمجرد انسحابها من أي شبر في ربوع القارة التي اعتبرت لعقود طويلة امتدادًا طبيعيًّا لها، كما يقول المحلل السياسي عبد المنعم حلاوة.  
كان مبارك ولا شك يعلم أن دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تضم 5% من سكان العالم، لكن لديها أقل من 1% من المياه العذبة المتجددة في العالم، ومصر ليست استثناء، فالمصدر الرئيسي والوحيد تقريبًا للمياه فيها هو: نهر النيل، الذي يمثل 97% من موارد البلاد من المياه العذبة. ويبلغ نصيب المواطن المصري من المياه 985 مترًا مكعبًا تقريبًا في السنة، فيما يتراجع معدل توافر الأراضي المزروعة إلى 0.12 فدان للفرد. 
والنتيجة: أن مصر بعدما كانت تتحدث عن تحويل الصحراء إلى واحة خضراء – حسبما رصد تقرير نشرته مجلة الإيكونوميست في مارس 1999- حتى أصبح هذا الحلم أغنية يترنم بها المغني المصري محمد ثروت، أصبحت تواجه عجزًا سنويًّا في المياه يبلغ حوالي 7 مليارات متر مكعب.
بل تحذر الأمم المتحدة من أن مياه مصر قد تنفد بحلول عام 2025. ومع ارتفاع درجات الحرارة، قد تفقد مصر 30% من إنتاجها الغذائي في المناطق الجنوبية بحلول عام 2040، وفقًا لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.
 
 
 
أخطاء مبارك الثمانية الكبري
أولا: إخفاقه في توزيع ثروة الاقتصاد المصري الذي نما بقدر محترم, لكن معظم المصريين لا يشعرون بأنهم حصلوا على نصيبهم العادل من تلك الثروة, وبدلا من ذلك كانوا يشاهدون رجال الأعمال الأثرياء يقيمون صلات وروابط مع الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم ويسرقون ثروات وخيرات البلاد.
ثانيا: سماحه بانتشار الفساد ليتغلغل في الحياة المصرية وهو ما جعل من المستحيل على أي كان في البلاد تحقيق حياة نزيهة, حيث لا يمكن إنجاز أي شيء بدون تقديم رشوة أو بالواسطة واستشراء الاختلاس.
ثالثا: غياب الرؤية, فمهما يقال عن سلفيه جمال عبد الناصر وأنور السادات, فإنهما كانا يعرفان إلى أين يقودان بلدهما وكانت لديهما خطة للوصول لهدفهما.
وكان عبد الناصر يريد إقامة اتحاد بين الدول العربية تحت شعار الاشتراكية وعدم الانحياز, بينما كان السادات يهدف إلى استعادة كبرياء وشرف مصر قبل تحقيق السلام مع إسرائيل والانضمام إلى الغرب, لكن فيما يتعلق بمبارك: فما الذي قدمه للمصريين؟ هناك بنية تحتية متهالكة وظروف اجتماعية اقتصادية عفنة وولاء كامل للولايات المتحدة.
رابعا: إصلاحات فاترة, أدت إلى تزايد شكوك المصريين وهم على حق في ذلك بشأن مساعي الإصلاح الحكومية المتكررة التي تميزها وترافقها دعاية غير مقنعة، فهم عندما يسمعون كلمة الإصلاح يتطلعون إلى الموجود مثل التعديل الدستوري الذي يحول بهذا القدر أو ذك أو من قريب أو بعيد دون ترشح مستقل للمنافسة على منصب الرئيس.
خامسا: إعداد جمال مبارك لتوريث الحكم .. إن كان هناك شيء يتفق عليه كل المصريين، فهو أنهم لا يريدون أن يحكمهم جمال مبارك البريطاني الثقافة.
ولعب جمال مبارك دورا متزايدا وملحوظا في إعداد السياسات الداخلية خلال العقد الأخير, معتمدا على إصلاحات ليبرالية اقتصادية لا تلقى رضا وعلى صلة مع رجال أعمال أثرياء يعتبرون فاسدين ولا تواصل لهم مع المواطن المصري، وكان من بين الهتافات الشعبية في المظاهرات في السنوات الأخيرة: لا للتوريث.
سادسا: سوء تقييم قدرة الناشطين, فمن الواضح أن وزارة الداخلية والشرطة لم تكن مستعدة
لمواجهة اندلاع مظاهرات عارمة كالتي اندفعت إلى الشوارع يوم 25 يناير , فهي كانت معتادة على مظاهرات صغيرة كانت سيئة التنظيم, أو تنظمها أحزاب المعارضة المنقسمة التي تفتقر كليا إلى الكفاءة.
وكان من الواضح أن قوات الأمن تتوقع مظاهرات على نفس النمط, لكن المنظمين الذين وقفوا خلف إنتفاضة ٢٥ يناير كان لديهم شبكات اتصال إلكترونية ومن شباب مولعين ومطلعين على التقنية الحديثة ويعرفون كيفية التواصل مع المشاهدين ويعرفون كيف يتحدثون, وهؤلاء ليسوا من الأحزاب السياسية وتبين كيف أن قوات الشرطة ارتدت على أعقابها وهي منهكة ولم يكن بيدها حيلة مهزومة ومحبطة يوم جمعة الغضب ٢٨ يناير 2010 يوم أن تدخل الجيش.
سابعا: المبالغة في الخداع , فخلال الحملات الانتخابية البرلمانية في الثلاثين سنة الماضية, سمح مبارك بحصول أحزاب المعارضة على أعداد رمزية من المقاعد البرلمانية, لكن في انتخابات 2010, زور الحزب الوطني الديمقراطي الانتخابات بطريقة جامحة وخارجة على السيطرة وترك حفنة فقط من المقاعد لحزب الوفد المتعاون، في حين لم يحصل الإخوان المسلمون على نصيب من المقاعد البرلمانية وخرجوا بلا مقعد من الحملة الانتخابية, مما حرمهم من حصة بالحكومة وكذلك المقاعد التي يخصصها الرئيس بما يتماشى مع التمثيل بالبرلمان.
ثامنا: إدخاله المقربين منه والمحسوبين رغم خطابه الذي تعهد فيه بإدخال إصلاحات سياسية واقتصادية كثيرة دون أن يحددها, فعين رئيس مخابراته عمر سليمان ليكون نائبه وحل حكومته وعين جنرالا متقاعدا من سلاح الجو رئيسا للحكومة, إلا أن زعماء المعارضة والمحللين اعتبروا ذلك – وهم على حق دليلاً علي حماية المصالح و المحافظة عليها كالعادة
نلتقي إن أحيانا الله و عشنا في مقال جديد قريب عن أكثر مرحلة شائكة في تاريخ مصر الحديث المعاصر و هي ثورة أو إنتفاضة أو نكبة ٢٥ يناير و سنتناولها سويا من منظور مختلف تماما و هو ما سنقرأه سوياً في المقال القادم.