حازم محمد يكتب : الرضا هو الطريق للسعادة

حازم محمد يكتب : الرضا هو الطريق للسعادة
حازم محمد يكتب : الرضا هو الطريق للسعادة
 
 
 
الرضا من الصفات والأخلاق الحميدة التي يتحلى بها الإنسان البصير والمؤمن ، الرضا يفرغ القلب لله؛ والرضا ثمرة من ثمرات المحبة ، وأعلى مقامات المقربين ، وهو باب الله الأعظم،ومن ملأ قلبه من الرضا ، ملأ الله صدره غنىً ومنًا وقناعة ، ورضا الله عن العبد أكبر من الجنة وما فيها، لأن الرضا هي صفته والجنة هي من خلقه،الرضا هو السكينة والهدوء، ودائمًا ما يقال أن القناعة افضل من الضراعة، ومن لا يرضى بالقليل لا يرضى ابدًا،ويجب علي العباد الرضا بقضاء الله خيره وشره كركن من أركان الإيمان وأحيانًا يفهم هذا المصطلح بشكل خاطئ، كعدم السعي لتطوير الذات، أو الإصلاح لشئون قد مالت واستفحل فسادها، ولكن ليس هذا هو الرضا المقصود بل ذاك خنوع وهو مرفوض.
ونعمة الرضا، ذلكم السلاح الفتّاك الذي يقضي بحدّه على الأغوال الهائلة التي ترعب النفسَ فتضرب أمانها واطمئنانَها بسلاح ضعف اليقين والإيمان؛ لأن من آمن عرف طريقَه، ومن عرف طريقه رضي به وسلكه أحسنَ مسلكٍ ليبلغَ ويصل، لا يبالي ما يعرض له؛ لأن بصرَه وفكره متعلقان بما هو أسمى وأنقى من هذه الحظوظ الدنيوية
حيث انّه الرضا الذي يجعل الصعب سهلاً ويجعل المرفوض مقبولاً ويجعل القبيح جميلاً. إنّه الرضا الذي يقلّل من تأثير العجز ويملأ نفوسنا بروح الكفاح والسعي، إنّه الرضا الذي يملأ النفس سروراً فيجعل للألم مذاقاً مقبولاً ؛ طريق الرضا طريق مختصرة وقريبة جداً، موصلة إلى أجل غاية، ولكنّ فيها مشقة، ومع هذا فليست مشقتها بأصعب من مشقة طريق المجاهدة. ولا فيها من العقبات والمفاوز ما فيها، وإنّما عاقبتها همة عالية ونفس زكية، وتوطين النفس على كل ما يرد عليها من الله.
والجدير بالذكر  أن الإنسان عندما يرضى فهو في راحة،  وهوا منهاج تسير عليه الحياة، وتطمئن به القلوب، وقد قال علي بن أبي طالب في مقولته الشهيرة (والرضا غنيمتي). فهو غنيمة كل مؤمن بالله وليس الرضا المقصود هو ترك الأمور مميعة والسير على الخطأ واستتباب الأمر على ذلك،  بل هو الرضا بقضاء الله مع العمل واستهداف الأفضل دائمًا.
فرق كبير بين السعادة والرضا، ويقع الناس في فهم ملتبس لهذين المصطلحين. فالسعادة.. هي واحدة من المشاعر الأساسية التي يسعى البشر من أجلها، ومع ذلك فهم ليسوا سعداء؛عوامل كثيرة مرتبطة بالسعادة، قد يشعر شخص ما بالسعادة مثل وجبة رائعة، أو قد لا يشعر شخص ما بالسعادة عند تحقيق رغبة في الحياة، أو في بعض الحالات، قد تتلاشى السعادة بسرعة كبيرة. ومع ذلك، لم يتم العثور على أي طريقة تم التحقق منها لتحسين السعادة على المدى الطويل بطريقة ذات معنى بالنسبة لمعظم الناس. 
فكثير من الناس غير راضين على أحوالهم , ولا عن أنفسهم , ولا عن  شيء قد حققوه في حياتهم , فهم متأسفون على ما مضى إذ لم يجمعوا مالا ولم يصيبوا جاها , ولو جمعوا مالا أو اصابوا جاها فهم ساخطون على أفعالهم فيهما , وكثير من الناس غير راضين عن شئونهم ولا أرزاقهم ولا زوجاتهم ولا أولادهم وربما نما السخط على أنفسهم , فهم يتقلبون ليلا ونهارا بين مشاعر سخط وأفكار أسف , لا يعرفون للرضا طعما ولا يتذوقون له لذة !  
اما ترضا فهو مصدر السعادة، القاعدة العامة للتمييز بين الرضا والسعادة هي أنه "يتم التمتع بالرضا في حين تتمتع بالسعادة مع شخص آخر". وهذا يرجع أساسا إلى أن الرضا يأتي من الداخل، عندما يتم تلبية الرغبة أو الحاجة، في حين السعادة تأتي من المشاركة، أو رؤية شخص ما سعيدًا أو تجعل شخصًا سعيدًا، مما يجعلك سعيدًا.
الثقة بالنفس تمنح الإنسان الرضا , فالثقة تدفع صاحبها إلى الأمام وإلى علو همته والسعي للارتقاء , وللعمل الجاد , وتحقيق أهدافه , والثقة بالنفس لا نصل إليها إلا بتمام الثقة بالله سبحانه , فأنت إذن بثقتك بالله سبحانه ثم ثقتك في خطواتك تستطيع أن تعوض ما فات مهما مرت الايام , ولئن فاتت الايام على شىء لايمكن استرجاعه فلابأس فإن هناك غيره والتوكل على الله وإيكال الأمر إليه سبحانه خير في كل حال  ؛ تعليم النفس الرضا وتدريبها على ذلك ممكن فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول " إنما الصبر بالتصبر ", فالزوج يحاول أن يرضى عن زوجته , ويعلم أنها قد تكون أفضل من غيرها من النساء , والزوجة تحاول أن ترضى عن زوجها وتتذكر حسناته قبل أن تتذكر عيوبه , وكم من امرىء غير راض عن أحواله وساخط على رزقه من مسكن صغير أو سيارة متواضعة أو عمل بسيط  , أو أي شيء من هذا , و ربما يكون هذا المسكن أو السيارة أو العمل فيها من الخير مالايعلم وفيها من البشر والفال والبركة ما يخفى عليه  ؛  فلو رضينا بما عندنا سعدنا , ولو سخطنا شقينا , ولو رضينا بالقليل من الطعام شبعنا , ولو رفضنا وتبطرنا شعرنا بالفقر , ولو رضينا بما عندنا من ملبس ومسكن هدأ بالنا , ولو نظرنا لما هو أعلي منا تعبنا  
لماذا لا نرضي ونحن نعلم أن أيامنا القادمة هي بقية أعمارنا , فإذا كنا نحلم بالغني فإن خير الغنى غنى النفس , وخير الزاد التقوى وخير ما ألقي في القلب اليقين , فارض بما قسم الله تعالي لك تكن أغني الناس.