جمال رشدي يكتب : البابا شنودة بطريرك المحبة عشر سنوات على رحيل بابا العرب

جمال رشدي يكتب : البابا شنودة بطريرك المحبة عشر سنوات على رحيل بابا العرب
جمال رشدي يكتب : البابا شنودة بطريرك المحبة عشر سنوات على رحيل بابا العرب

مصر وطن يعيش فينا وليست وطنا نعيش فيه، هكذا تجسد الوطن مصر في شخص قداسة البابا شنودة الراحل، فكانت حياته وتعاليمه ومواقفه كلها تنضح حبا للوطن مصر،
 كم قسا الظلم عليك كم سعى الموت اليك كم صمدت أمام الإضطهادات وضناك التعذيب كم جرحت كيسوع بمسامير وشوك كانت هذه الابيات ارهاصات للشاب الأديب نظير جيد عام 1946 ، ذلك الشاب الذي توفيت والدته بعد سويعات قليلة من قدومه إلى العالم الدنيوي في 3 اغسطس 1923 ، حيث ولد الشاب نظير جيد روفائيل في احدى قرى اسيوط وبالتحديد في قرية السلام التابعه لمركز منفلوط ، ونتيجة ليتم الطفل نظير المبكر لم يجد من يحنو عليه سوى شقيقه الأكبر روفائيل وشقيقه شوقي الذي اصبح فيما بعد الاب المتنيح بطرس جيد وكذلك 5 من الأخوات الفتيات .فى عام 1939.
ولد الطفل نظير جيد في العالم ولم يولد العالم فيه،فمسيرة طفولته وشبابه جعلته ياخذ السماء ام له واصبحت حياة الصمت ابا له، حينئذ ولد الشاعر والاديب والمفكر بداخله،
وكانت الرهبنة طريقه فاصطحب مصر التي تسكن بداخله وفي مغارته حيث كانت الوحدة والتجرد، فكتب ورنم وسبح وشكر، الا ان جاء نداء السماء ليكون جليس كرسي الكاروز مار مرقس الرسول، 14 نوفمبر 1971 واصبح البابا رقم 117 في تاريخ البطارية. 
وفى تلك الفترة كان الصراع السياسي والعسكري على أشده مع الكيان الصهيوني، ولا ينسي التاريخ لهذا الوطني العظيم مواقفه واستقراءه للأحداث وكشفه زييف واكاذيب ذلك الكيان عن أرض الميعاد في كثير من اللقاءات والتصربحات مما جعله في قلب كل عربي  وأطلق عليه بابا العرب. 
 فقال بوضوح: إن إسرائيل ليست شعب الله المختار وأكد أن فكرة شعب الله المختار كانت لفترة معينة أو لغرض معين وانتهت، وأن إسرائيل الحالية ليست شعب الله المختار، وأن اليهود جاءوا إلى فلسطين بوعد من بلفور، وليس بوعد من الله.
واستمرت مسيرة البابا شنودة في الدفاع عن القضية الفلسطينية وقاوم بشدة أكاذيب المحتل ومنع زيارة الأقباط للقدس رغم كل المعارضة من اتجاهات متعددة قائلا: «لن ندخل القدس إلا وأيدينا في أيدى إخواننا المسلمين».
كان موقف البابا واضحًا من الاحتلال الإسرائيلى، كما أنه كان محل الاحترام من ياسر عرفات الرئيس الفلسطينى الراحل الذى كان يزوره في العباسية كلما جاء إلى القاهرة.
وحينما حاصرت إسرائيل ياسر عرفات في رام الله أقام البابا شنودة فاعلية المؤتمر الوطنى الشعبى من أجل تأييد الشعب الفلسطينى وكان ذلك مساء يوم الخميس 11 أبريل 2002 في الكاتدرائية بالعباسية ومعه عدد من أبناء الكنيسة معلنين دعمهم للقضية الفلسطينية وقضية القدس.
كشف البابا شنودة الثالث أيضا في ندوة معرض الكتاب منتصف التسعينيات عن أكذوبة عودة اليهود وقال بوضوح: إن قلنا إنه لا يوجد آيات عن عودتهم سيرصدون عشرات الآيات عن عودتهم، ولكن الحقيقة أنهم عادوا بالفعل أيام سبى بابل واشور، وهناك ترنموا وبكوا قائلين على أنهار بابل هناك جلسنا ولكن عودتهم المزعومة الآن غير حقيقية.
استمرت الكنيسة في موقفها الوطنى ورفضها التطبيع مع الاحتلال الصهيونى وقاد البابا شنودة الثالث حملة المقاطعة وكان موقفا وطنيا دفع البعض إلى منحه لقب بابا العرب، وذكرت منصة تاريخ الأقباط واقعة تؤكد مكانة ودور الكنيسة قادة وشعب في رفض أكاذيب الاحتلال، حيث في مايو عام ١٩٩٧م كان البابا شنودة على موعد لحضور اجتماع رؤساء مجالس كنائس الشرق الأوسط بسوريا ثم يتبعه لقاء مع الرئيس السورى حافظ الأسد.
وكان البابا قبل سفره تلقى دعوة لزيارة اللاجئين الفلسطينيين بمخيم اليرموك ورغم ترتيب جدول الزيارات لكن لم يتردد ورحب البابا وفى مساء الخامس من مايو وصل البابا شنودة إلى المخيم وحالت الجموع المحتشدة دخول سيارته وسيارات الوفد المرافق فنزل مترجلا وسار بموكبه محاطًا بأبناء المخيم وهم يرددون: «بابا شنودة أهلا بيك.. شعب فلسطين بيحييك».
وهناك ألقى عصام القاضى الأمين العام لمنظمة طلائع حرب التحرير الشعبية الفلسطينية كلمة ترحيب بقداسة البابا قال فيها: يسرنى أن أقول لك يا قداسة البابا إنك موجود في قلب كل فلسطينى بل في قلب كل العرب والمسلمين إنك بابا الشرفاء في العالم الذين يناضلون لأجل الحق والعدل.. إنك بابا القدس بابا العرب واستعرض البابا وقتها في كلمته أوجاع القضية الفلسطينية وختمها بكلمته المشهورة لن ندخل القدس إلا مع أخواننا المسلمين عندها لم تهدأ القاعة من التصفيق ثم ختم جولته بالمخيم التى كانت حديث فلسطين والبلاد العربية.
وعندما رحل البابا شنودة وتقديرا لكشفه أكاذيب الاحتلال نعته الجامعة العربية وكان بيانها: «لقد كان قداسته رمزا دينيا كبيرا وقامة مصرية ووطنية عظيمة حملت هموم المصريين والعرب جميعا وعاش بإيمانه العميق مدافعا عن الوحدة الوطنية، وعن القضايا العربية، وعن روح التسامح والمحبة والحوار بين أتباع الديانات السماوية».
رحل قداسة البابا شنودة في مثل ذلك اليوم عام ٢٠١٢ ومنذ ذلك الحين وهو يعيش في وجدان الوطن وضمير القضية الفلسطينية، ويوميا تعج مواقع التواصل الاجتماعي بكلماته ومواقفه وشعره ومحبته،، ان الوطن مصر لا يموت هكذا هم أبناء الوطن يحبيون بسيرتهم داخل ضمير الوطن وتاريخه، سلاما لروحك يا قداسة البابا شنودة .