في الأصل كان الكلمة والكلمة حقيقة وصادقة .. ومنذ أن أعي وأنا أنظر إلى الكلمة بكل التقدير والاحترام ومن هذا المنطلق ولمجرد أن هذا يمكن أن ينطبق على الكلمة التي تخطها أقلامنا الأرضية الضعيفة ، صحيح الكلمات التي تخط بالأقلام تنوعت بين ما يستحق أن نقول أنه كلمة وأخرى تعصف بها الرياح هي والأوراق التي كتبت عليها ، ودائما أقول أن الحروف الأبجدية في كل لغة عددها قليل لكن مع التباديل والتوافيق تُصنع منها ألاف وملايين الكلمات لكن هل كلها يستحق التقدير ، في الحقيقة لا فمعظمها لا تصلح له سوى القمامة لعدم مصداقيتها أو احترامها للعقول والمجال كبير جدا الذي يمكن ان نوضح فيه هذا المعنى ، لكنني سأتطرق فقط إلى مجال أعيش فيه ككاتب صحفي وروائي وسأختصر الموضوع إلى الصحف ، وسأحدده أكثر وأقول الصحف المهجرية ، منذ أكثر من ربع قرن وأنا أعيش في مجالها ، عاصرتها بكل اسمائها مولدها ورحيلها ، وبمنتهى الأسف أقول أنه لم يعش في المهجر ( المهجر بالنسبة لي ولاية نيوجيرسي ونيويورك تقاسمت المعيشة بهما ) ، أقول لم تعش من هذه الصحف سوى جريدتان أو ثلاثة على وجه الأكثر ، صمدوا أمام كل الأزمات ، وأمام كل الأعاصير ، ربما تكون هذه الصحف التي رحلت لها عذرها في عدم توافر الأمكانيات أو عدم الخبرة الصحفية ، أو كان الهدف الأساسي منها التركيز على الربح وليس الكلمة ، أو غيرها من الأسباب ، لكن المضحك أمنه في العامين أو الثلاثة الأخيرة سمعت عن أسماء صحف وأقول سمعت لأني لم أرها ، بالرغم من وجودي في هذا المجال وحرصي على أن أرى كل ما يصدر حتى ولو لعدد واحد فقط من باب أن الخطاب الجيد يبان من عنوانه ، لكني سمعت فقط ومن مصادر موثوقة أن هناك بعض الأعداد لبعض الصحف إن كان يحق لي أن أقول صحيفة لأن الصحف الحقيقية عندي مقدسة كالإيمان ، هذه الأعداد يمكن أننا نقول بكل أريحية أنها لا تزيد عن عدد أصابع اليد تظهر كبخار ثم يضمحل ، وعلمت أن هذه الصحف ليست للكلمة لكنها فقط لتوزيع بعض الأعداد منها كركلام أو كصبغة مهرج السيرك التي تلطخ وجهه يعلن بها عن نفسه كمهرج ليثير الضحكات والسخرية ، ما هو الهدف من هذه الركلامات ، قالوا أنها للضحك على العقول واللعب في ساحات غير نظيفة وشريفة ، وسأكتفي بالقول " ساحات غير نظيفة وشريفة " كعنوان لأفق كبير من اللا أخلاقيات خلف كلمة صحيفة ، وخدعوك فقالوا أنها هادفة .