إلهام غانم عيسى تكتب: التبلغ .. من زاوية أخرى !!

إلهام غانم عيسى تكتب: التبلغ .. من زاوية أخرى !!
إلهام غانم عيسى تكتب: التبلغ .. من زاوية أخرى !!

منذ الخليقة حتى انطلاق التواصل المجتمعي ومن ثم المؤسساتي كانت لغة الاعلام هي تعبير عما يكتنف العملية التواصلية من اخبار واشهار .. ثم اخذ يتوسع الافق بعد تضارب المصالح وترسيخ مفهوم المنافسة والخصومة والحرب كنتيجة حتمية للصراع بمعزل عن تقييمها ( خيرة او شريرة ) .. لياخذ الاعلام بعدا آخر لنصرت المصالح المؤسساتية بكل ما اوتي من علم اتصالي وتقنيات إعلامية لصاحب المؤسسة – أي الامتياز او المؤسس او الممول  – على حساب الاخر الذي يقف بالجهة المضادة ويمتلك فريق عمل اعلامي اخر ..

 

بعد عصور وقرون وصراع حضارات ... اصبح الاعلام سلاح لا يقل كفاءة عن بقية الأسلحة الفتاكة لتحقيق اهداف الدول سيما العابرة للحدود والمخترقة لنظام الجنسية وفرضها مصالح محددة لجماعات معينة ..

تحت هذا الدور الكبير ولخطورة الاعلام .. اخذ مفكرو الاعلام والغزو الثقافي يبحثون عن جلباب وعناوين وأستار تخفف النظرة السوداوية والدور الخطير المتغلغل المؤثر جدا لواجهات الاعلام .. حتى ظهرت نظريات الاعلام الراسمالي والاشتراكي والتنموي ... غير ذلك الكثير من تقسيمات جزيئية مرافقة لم تستطع إخفاء الأهداف الحقيقية المختبئة خلف تلك الشعارات فيما تستبطن اهداف سياسية لا تخجل بالتصريح ان : ( الغاية تبرر الوسيلة ) ..  وما يقتضي ذلك من لغة اغلب مفرداتها تصاغ في الظلام وخلف الاستار وباعماق النوايا وتحرر بحرفنة عالية جدا تأخذ البعد النفسي والمعنوي والدعائي والأمني ... وتحال الى احدث تقنيات التزويق والتدقيق والتجميل قبل الظهور والتجلي  للمتلقي بحلتها المغايرة تماما عما تحمل من مضامين وتستهدف من آفاق بعضها صعب الادراك سيما للشعوب المغلوبة فضلا عن المتخلفة ..

 

حينما تضعف مركزية الدولة باي زمان ومكان كان يخترق جدار الصمت وتفكك عقد التلعثم وتحل اسرار الكتم لينطلق مارد المشاعر والطموحات الجامحة باعتى قواه ( الشهوانية والجسدية ) غير المنضبطة .. حتى يشبع صوت الحرمان العام .. فيما تصطبغ مؤسسات الاعلام بالكثير من هذا اللون كل يعبر عن نفسه بطريقته او عبر مؤسسيه كحق متاح في زمن اللانظام ..

في طرفة مضحكة مبكية لا تتناسب مع الديمقراطية المزعومة والحرية المنشودة ... اذ يسود الهرج والمرج والانفلات من الأطر التقليدية كلما ضعفت مركزية الدولة وتهرات اجهزت الحكم ليسود التدليس والتزوير والكذب ويتحكم التخريب بشكل اقوى واكثر تاثير .. ويبقى التشويه قائم حتى تحدث دكتاتورية جديدة تخرس الالسن ولا تسمح الا لاعلامها الممول والمدعوم .. هكذا دواليك أزمات إعلامية ربما تعد تعبيرا عن معاناة فلسفة أخلاقية ..

بهذه المشهد المترهل تكاد تقسم وسائل الاعلام الى ثلاث فئات :-

1-         موجهة تصرف لها الأموال وترفع الشعار ولا تسعى الا لتحقيق اهداف المؤسسة بمعزل عما يتناول ويقال ويفعل على طاولة اعلامها .. فالغاية تبرر الوسيلة .. لا يهمها ان ترفع شعار مقدس او تلبس أزياء العهر ، الأهم ان تبلغ ما تبتغي وعادة ما تكون صفراء باحثة عن احداث تغطي تمرير ملفات أخرى اهم .

2-         وسائل رسمية او شبه رسمية كحال الحكومات الضعيفة لا تمتلك قدرة التاثير الا بشكل محدود لان اعلامها خبري تقليدي يتماشى مع الذوق العام ولا يحق لها استخدام غيره ..

3-         مستقلة بحدود ضيقة تسعى لنشر المعرفة التربوية تماشيا مع الوضع القائم دينيا وعرفيا ... وهي تثقيفية بحتة لا تملك قدرة التاثير على الراي العام او تحريك الشارع بصيغته الكامنة والمرهبة للاخر.