كتاب الإمام والبابا لمؤلفه القاضي محمد عبدالسلام، الأمين العام للجنة العليا للأخوة الإنسانية، والمستشار السابق للدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر
في ذلك الكتاب.استطاع المؤلف أن يؤرخ لهذه الحقبة الإنسانية وتوضيح اللمحات الشخصية و الوطنية والإنسانية ،لكل من البابا والامام الأكبر، ويشير المؤلف في مقدمة كتابه إلى علل وأسباب تأليفه للكتاب، فيذكرقائلا: "فكَّرتُ مليًّا في إمكانيَّةِ نشرِ شهادتي عن وثيقةِ الأُخوَّةِ، بعد أن ظَهَرَت للعَلَنِ، وتقبَّلَها العالَمُ بقَبولٍ حَسَنٍ، فاقَ كلَّ التَّصوُّراتِ والتَّوقُّعاتِ، وشعُرتُ بعدها أن العالَمَ أصبح قريتي، والبشريَّةَ أُسرتي، ومِن ثَمَّ أصبحَ واجبًا عليَّ مُحتَّمًا أن أنقُلَ للنَّاسِ ما جرى.. فنَشِطتُ في تسجيلِ ما وَعَتهُ الذَّاكرةُ، وانطبعَ على لَوحِ حافظتِها، وبالرَّغمِ من أنَّني لستُ من الكُتَّابِ البارعينَ، ولا مِن المتضلِّعين في فنونِ الأدبِ والبيانِ؛ إلَّا أنَّ القلمَ- بفضلِ الله- تَسخَّرَت له الألفاظُ، فعَبَّرَ عن المعاني بصُورةٍ هي دونَ ما كنتُ آمُلُ بالتَّأكيدِ، ولكنْ ما كلُّ ما يتمنَّاه المرء يُدرِكُه، فحسْبي أنَّني سجَّلتُ خواطري في هذه الشَّهادةِ، أقولُ: (الشَّهادة) وأنا أَعِي كرجُلِ قضاءٍ وعدالةٍ ما أقولُ؛ فالشَّاهدُ يجبُ أن يكونَ الميزانَ الَّذي لا يميلُ إلَّا للحَقِّ؛ فلا يجذبُه هوًى، ولا تُميله رغبةٌ أو رهبةٌ" .
ولَعَلَّه- الكاتب والمؤلف - واستطاع بدقة متناهية أن لا تقتصر نظريته علي جانب من المفاضلة في القول أوالسعة في صنع المنهج، ولكنه أدار اهداف الكتابة من اتجاهات متطورة تناسب ومنظور شكل الحياة الإنسانية الآن ، ناهيك عن طريقة الكتابة وأسلوب النسق الذي لن يتأرق القارئ -ابدا-في فهمه أيا ما كان القارئ من بساطة فكره أًو تعمق عقله إذ يجد القارئ أنه بين دليل وبرهان علي ما بذلاه شخصيتين تاريخيَّتين أقدمتا علي نص وتنسيق وثيقة الأُخوَّة الإنسانيَّة.. وثيقة فالأخوة الإنسانية، منذ بدءها حتى توقيعها في الرابع من فبراير 2019 في أبوظبي. وأجاد المؤلف كالغيث الثري البدايات المتسارعة و التي أدارها الأمام الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والبابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، نحو نشرمبادئ وأسس السلام العالمي، والتي نبتت جذورها بزيارة الإمام الطيب إلى مقر الفاتيكان، ثم بادله البابا فرنسيس زيارة إلى مقر الأزهر الشريف، بالقاهرة لتثمرتلك النبتة المتسامية فروعا نضرة وثمارا من العلاقات الأخوية بين العلمين الكبيرين والرمزين الشهيرين للدين الإسلامي الحنيف العطر؛ والمسيحية السمحة الغراء؛
وجاء في كتاب الإمـام والبابا كتب القاضي المؤلف :
"كان للنموذج الناجح الذي قدمه الأزهر داخل مصر، دور كبير في لفت أنظار العالم إلى خطـاب الأزهــر ومنهجه المعتدل، ونجح أن يكون مظلة جامعة لكل المصريين، موحدا لصفوفهم في مواجهة محاولات بث الفـرقة والاضطــراب."
ثم جاءات الزيارات وتوالت اللقاءات التي أعقبها بزوغ ميلاد عهد جديد ومختلف للعلاقة بين الدينين اللذين هما عملاقا الديانات والأكثر اتباعا وشهرة؛انه ميلاد فكرة وثيقة الأخوة الإنسانية، وتوالي القاضي المؤلف في سرد جيد لاحداث ترتيبات الإعداد للوثيقة إلي تم خروجها بمواثيق شهد العالم ببراعتها في إرساء دعائم الاخوة الإنسانية العالم، وجاءت خاتمة الكتاب علي لسان مؤلفه؛ بسرد فعاليات وتطورات العمل للترجمة الفعلية والعملية لوثيقة الأخوة الإنسانية ؛وذلك علي نحو تشكيل اللجنة العليا للأخوة الإنسانية.
ويتميز الكتاب بتسلسل منطقي يفيد القارئ في فهم واستيعاب الأحداث ويساعده على معرفة العناصر من البدايات إلي احداث النهايات، واستطاع الكاتب أن ينقل قارئيه ليشاهدوا بعين العقل ويعايشون تفاصيل هذه الرحلة واحداث ومجريات كتابة الوثيقة ، حيث تناول الكاتب شخصية الإمام الأكبر جملة وتفصيلا إذا أنه عاصره وعرفه عن قرب، وتمكن بجم من الكلمات أن يجسد الجوانب المختلفة لتلك الشخصية العظيمة،التي قطنت أحضان الصعيد المصري وتربت في بيئة في قمة السلام اللإسلام تؤمن بالتعايش مع الآخر وتؤمن بمختلف بكل الرسل ومختلف الأديان وكيف أثر هذا التكوين الديني والبيئي في بناء شخصية الإمام والقائد الذي يرحب بالسلم ويدعم ويدعو للسلام لكل شعوب العالم علي مختلف أديانهم ينبذ العنف والطائفية والتعصبية . وحول الكتاب وجاء البابا فرنسيس : (لم أكن أتوقع أن القاضى محمد عبدالسلام سينتهى بهذه السرعة من كتابه هذا، ويحتوى هذا الكتاب على اللحظات المهمة لهذه الرحلة والتى دفعتنا إلى التوقيع على وثيقة الأخوة الإنسانية فاصبح الأبن العزيز محمد عبدالسلام شاهد عيان على الخطوات التي تم اتخاذها من قبل البابا ومن قبلنا ، والتحديات والصعوبات التي واجهتنا من أجل تحقيق هذا الهدف، لم يكن شاهدا فقط، بل شارك بحماس وتفان في هذا العمل، لقد أظهر القاضى محمد عبدالسلام لى ولأخى الإمام أحمد الطيب أنه يستحق الثقة التي منحه إياها).وقال الأمام شيخ الأزهر عن الوثيقة الإنسانية : (أحسَنَ القاضي المؤلف صُنعًا في كتابِه هذا عندما نَشِطَ له، وجَدَّ واجتهدَ في تأليفه بهِمَّةٍ عاليةٍ وعَزمٍ نافذٍ، فخرج لنا بهذا الكتابِ.. وقد تصفَّحتُه فوجدتُه كتابًا مهمًّا، جامعًا لمراحل صناعة (الوثيقة) كاشفًا عن بعض المقاصد والأسرار، مُتكفِّلًا بذِكر لطيفِ الإشارات التي صاحبَتْها، كلُّ ذلك بأسلوبٍ حديثٍ مُنمَّق، وروايةٍ صادقة للوقائع والأحداث، بعيدة عن المجازفات الفكرية، والتعصب والجمود)و"كان للنموذج الناجح الذي قدمه الأزهر داخل مصر، دور كبير في لفت أنظار العالم إلى خطـاب الأزهــر ومنهجه المعتدل، ونجح أن يكون مظلة جامعة لكل المصريين، موحدا لصفوفهم في مواجهة محاولات بث الفـرقة والاضطــراب."
وظل الكاتب القاضي يسرد كيف أعاد وصول البابا فرنسيس إلى رأس الكنيسة الكاثوليكية الأمل إلى الإمام الأكبر لعودة العلاقات مع أكبر مؤسسة دينية مسيحية، حيث عرف عن البابا فرنسيس، حبه للسلام وانفتاحه على الآخر، فكان قرار الإمام جريئًا وقويًا بزيارة الفاتيكان، كما يكشف صعوبة العقبات التي تم تخطيها لإتمام هذه الخطوة، خاصة في ظل الفتور الذي كان يشوب علاقة الأزهر بالفاتيكان قبل فترة الامام الطيب والبابا فرنسيس، وغيرها من الصعوبات التي آلت ألا تجد سوي إرادة قوية ومثابرة وصبرلاتمام مثل هذه الوثيقة وانجازها وإنجاحها للعام كله، ويأتي اختيار الإمارات لإعلان( وثيقة الأخوة الإنسانية) جاء علي لسان الإمام الطيب للبابا، قائلا: نحن متَّفِقونَ على فكرة (الوَثِيقة) وأهميتها لكل الإنسانيَّة، أما كوّن المقترح بالإعلان عنها من داخل دولة الإمارات العربية الشقيقة ليس علي سبيل المجامَلَة، إذ إنه من الجور والحيف المجاملة بمشروعٍ إنسانيٍّ عالميٍّ مثل هذا؛ وإنَّما ونحن ما نشهد الآن من اتجاهًا قويًّا في تلك المنطقة للانفتاح ودعم قيم التَّسامح والسَّلام، وهذا الاتجاه تقوده دولة الإمارات، وهي رائدة في هذا المجال منذ عهد والدهم الشَّيخ زايد رحمه اللَّه، كما أنها تدعم منهج الأزهر الوسطي، وهذا المنهج يُمثِّل أساسًا قويًّا لنجاحِ مِثلِ هذه المبادرات الإنسانيَّة لذا كان لزامًا منا أن يتم الإعلان من دولة الامارات الشقيقة .