تشعر أن بينه وبين الميكروفون عداوة.. بينما يتصارع عليه الآخرين يتركه هو معلقا على الحامل و يتسحب ببطء بين الشمامسة ،، متحركا من كنبه إلى أخرى و هو يستمع بإذنه إلى ذبذبات أصواتهم… و الويل كل الويل للشاب الذي لا يقول اللحن.. عندها يخرج المعلم سمير دبوسه من جيبه و "يشكه" في يده شكشكة تجعله يردد الألحان الكنيسة كلها من أبانا الذى حتي لحن الجلجثة.. و معها محفوظات اللغة العربية من ابتدائي حتى الآن..
المهندس سمير باسيليوس… المهندس الزراعي الذي عشق الألحان الكنيسة فقررت كنيسة نجع حمادى أن تجعله كبير الشمامسة ..
كاره الميكروفون.. شعاره " الكنيسة أصوات شمامسة و ليست أصوات ميكروفونات "..
نضحك ونحن نقف خلفه عالمين اننا سنتذوق طعم الشكشكه إذا سقط منا اللحن… و لكنه
اهتم بنا في محبة شرحت عمليا جملة " لكى تكون هاما.. كن مهتما"
يكلمه ابونا لوقا هلال مشيرا إلينا :" الزريعة دى عايزه سماد".. فيجيبه المهندس سمير…"عنيا.. دى شغلتى"... نعلم بعدها أننا سنواجه كورسً مكثفً في الألحان استعدادا للصوم الكبير القادم بعد شهر..
يضحك على أخطائنا اللغوية وهو يعلمنا كيف نقرأ القراءات قبل القداس .. تحمل كثيرا و هو يسمع روائع اللغة العربية منا… ف" الابركسيس" تحول على لسان طفل إلى" الاكسبريس".. فيقول له المعلم سمير… " إكسبريس؟ انت حاجز عادة ولا مكيف..؟
.. و.. " شاول شاول لماذا تضطهدني" تحولت إلى " شاول شوال لماذا تضطهدني" .. فيضحك المعلم سمير قائلا " يعنى ربنا سامح شاول و انت تجيبه في شوال. انت جبار" !!!
نتوقف كل سنة عن حصص الألحان بسبب اقتراب الامتحانات على امل ان نرجع مرة أخرى في الصيف..حتى جاء يوماً لم نرجع مرة أخرى بعدما تخرجنا من الكلية… فهاجر من هاجر وسافر من سافر… و حل مكاننا الجيل الجديد..
الآن وبعد 25 سنه غربه بعيدا عن نجع حمادى لازلت أشعر بشكشكه في كفى الأيسر كلما نسيت اللحن أو سقطت منى الهزات.. اعترف بيني و بين نفسي ان طعم الوقف حول مذبح مار يوحنا لا يعادله أي طعم آخر حيث لا يوجد مايك و إنما أصوات ملائكه لا يبحثون عن الاستعراض .. و اعترف أننى كلما عدت إلي نجع حمادي، تسحبني أقدامي الساعة 7 مساءً إلى المبنى الجانبي الكنيسة يوم الجمعة لكي أجد المعلم سمير في حصة الألحان لأقول له : شكرا
شكرا دبوس المعلم سمير