لعل أصدق تعبير على دورة الألعاب الأولمبية بالعاصمة اليابانية طوكيو 2020 هي قصة نجاح وفشل معاً حيث اجتمع التناقض والاختلاف، اجتمع الضدان معاً بين عوامل النجاح الباهر وقمة التقدم العلمي والتكنولوجي والدقة المعروفة عن اليابان ولكنها لم تستطع أن تصمد أمام وجه أتفه المخلوقات وأصغر الفيروسات فكان التحدي والإصرار على عدم الفشل حتى لو تم التأجيل عام كامل على أمل القضاء على الفيروس أو السماح للجماهير بالحضور وهي أكسير الحياة للألعاب وفي النهاية تم الرضوخ أمام الفيروس فتم إقامة اولمبياد طوكيو بدون جمهور وتحت اجراءات احترازية صارمة للوقايةوالحمايةمن انتشار العدوى وبالرغم من محاولات الانبهار باستخدام التقنيات في الاستعراضات ولكنها كانت مخيبة للآمال وكانت المحصلة أنها من أسوأ البطولات وأفشلها مثل الطعام بدون ملح فلا حلاوة تنافس ولا حماس التشجيع التي هي عامل نجاح اللعبات فكانت حفلة الافتتاح كئيبة وكذلك عندما استلمت عمدة باريس الشعلة في ختام الدورة استعداداً لدورة 2024م التي ستقام في فرنسا لم تستحوذ على أي اقبال أو اهتمام جماهيري مثلما حدث عند وصول لاعب كرة القدم "ميسي" للتعاقد مع نادي باريس سان جيرمان وهذا يكشف مافعلته الملعونة كورونافي المزاج العام والسلوك والشعور بعدم الثقة والإحساس بالأمان والتفكير في المستقبل فكل الأشياء غير مضمونة وبالتالي تؤثر سلباً على أساليب التخطيط والاستعدادات والتجهيزات مما اصاب الفرد العادي بحالة من الاحباط، فالمشكلة تخطت الشعوب والدول وكلها تدور في فلك ماذا يخبئ لنا القدر فما بالك بدورة ألعاب عالمية مثل أولمبياد بدأت منذ عام 1896م في أثينا وأول بطولة في العصر الحديث وتوالت كل أربع سنوات وكانت طوكيو لها حظ اقامتها مرتين الأولى في عام 1964م والثانية في عام 2020م وقد اشتركت في أولمبياد طوكيو 206 دولة وعدد المشاركين 11656 لاعبا ولاعبة نصفهم من العنصر النسائي تنافس الجميع على 340 ميدالية ذهبية وعدد 338 فضية وعدد 402 برونزية، وقد كانت تكاليف الدورة التي فاقت كل التوقعات خاصةعن سابقتها هو مبلغ 15.4 مليار دولار وقد تكبدت خسائر فادحةبسبب جائحةكورونا خلاف عدم الحضور الجماهيري وعدم بيع التذاكر أو انعاش الوضع الاقتصادي بعدم اشغال الفنادق والمطاعم والأسواق، فزادت الخسائر وخرجت من المولد بلا حمص مما جعل معظم الدول غير قادرة على الإقدام على استضافة الأولمبياد بشكل مباشر أوحتى في اشتراك بعض الدول معاً.
إن بطولة العالم لكرة القدم التي ستقام بالدوحة العام القادم قد تصاب بنفس الخسائر وربما تصل إلى أزمة مالية واقتصادية خانقةلدويلة قطر.
وعدد الدول التي حصلت على ميداليات 86 دولة وجاءت مصر في المرتبة 54 بحصيلة 6 ميداليات ومايلي بيان بالخمس دول الأوائل في حصة الميداليات.
أميركا
عدد المشتركين 613 وعدد الميداليات الذهبية 39 والفضية 41 والبرونزية 33 بإجمالي 113 ميدالية بنسبة 18%
الصين
عدد المشتركين 406 وعدد الميداليات الذهبية 38والفضية32 والبرونزية 18 بإجمالي 88 ميدالية بنسبة 21%
اليابان
عدد المشتركين 552 وعدد الميداليات الذهبية 27والفضية14 والبرونزية 17 بإجمالي 58 ميدالية بنسبة 10%
بريطانيا
عدد المشتركين 467 وعدد الميداليات الذهبية 22والفضية21 والبرونزية 22 بإجمالي 65 ميدالية بنسبة 13%
روسيا
عدد المشتركين 328 وعدد الميداليات الذهبية 20والفضية28 والبرونزية 23 بإجمالي 71 ميدالية بنسبة 21%
مصر
عدد المشتركين 134 وعدد الميداليات الذهبية 1والفضية1 والبرونزية 4 بإجمالي 6 ميدالية بنسبة 4%
وقد أشتركت مصر بأكبر بعثة في تاريخ الأولمبياد بعدد 134 لاعب ولاعبة ( 86 لاعب مع 48 لاعبة ) وحققت 6 ميداليات وحصلت فريال أشرف على الذهبية في لعبة الكاراتيه وأحمد الجندي على الفضية في الخماسي الحديث وجيانا فاروق برونزية في الكاراتيه، محمد كيشو برونزية المصارعة، هداية ملاك برونزية التايكوندو، سيف عيسى برونزية التايكوندو، وحيث اشتركت مصر في 26 لعبة تنافسية ولم تتحصل على الميداليات سوى في 4 لعبات فقط.
أما الاستعداد للبطولة فقد تم بميزانية وتكاليف وصلت إلى أكثر من 300 مليون جنيه مصري موزعة على الاتحادات حسب عدد المشتركين ومن الملاحظات الملفتة اشتراك بعض اللاعبين من اصول مصرية وحصلوا على ميداليات تحت أسماء دول أخرى على سبيل المثال الرباعي فارس حسونة الذي فاز بالذهبية في رفع الأثقال لدولة قطر واللاعب شادي النحاس في لعبة الجودو بأسم دولة كندا والمدرب المصري أمجد عبد الحليم التي حصلت لاعبته الأمريكية لي كيفر على ميدالية ذهبية في سلاح الشيش.
مظاهر التكريم للفائز ومحاسبة المهزوم
لعل من أوضح مظاهر التكريم للأبطال الذين حصلوا على ميداليات فاق التصور والتخيل فكانت أول فتاة تحصل على ميدالية ذهبية طوال الأولمبياد السابقة الاثنا وثلاثين دورة تكافأ باستقبال حافل وموكب فاخر في حافلة مجهزة بشوارع القاهرة وحتى منزلها وكذلك كل من فاز تقديراً لجهودهم المشكورة في رفع أسم مصر خلاف المكافآت المالية والتقدير المعنوي وتحية الرئيس لهم التي وصلت إلى حد اطلاق أسمائهم على الشوارع ومنحهم الأوسمة والنياشين واستضافتهم على شاشات البرامج المهمة والتكريم المستحق ولهم الحق في كل ذلك بينما لم نسمع عن محاسبة أو معاقبة المقصرين والمهزومين أو حتى تحليل وملخص عن سبب الخروج مبكرا والأداء الهزيل الذي أدوه خاصة بعض الألعاب التي تم المبالغة والتهويل لها والتمني بالحصول على الميداليات أو حتى ترتيب متقدم ومشرف وهذا لم يحدث ولعل أوضح مقارنة بين اللعبات الجماعية وهي كرة اليد والأداء الرجولي وتحقيق نتائج مشرفة والفوز على دولة متقدمة والتنافس الحماسي القوي ووصولهم إلى الترتيب الرابع ومشاعر الحزن على فقدهم ميداليات كانت مستحقة لهم فكان الاحترام والتقدير للمجهود والأداء بعكس فريق كرة القدم الذي كنا ننتظره ولم يحدث للأسف ولم يفرض شخصية مدربه شوقي غريب ولم يؤدي لاعبي الفريق واجبهم أو المجهود الرجولي المعتاد لهم بالرغم من وصولهم للدور الثاني ولولا شجاعة ورجولة حارس المرمى محمد الشناوي لكنا خرجنا بهزائم منكرة وفضيحة، لقد كان الفريق يلعب بطريقة الإفلات من الهزيمة بأقل الأهداف وما حدث عقب خروجهم من تصرفات والخلاف على شارة الكابتن أو تصرف أحد اللاعبين بالتحرش بعاملة الفندق يكشف الصورة الغير مشرفة ويجب محاسبة ومعاقبة المقصرين وأكتفي فقط بإقالة جهاز اللعبة وسحب الثقة منه للإفلات من المساءلة أو حتى مجرد تحليل الفشل بدلا من تقديم الأعذار الغير مقبولة مثل وقوعهم في مجموعة صعبة أو القرعة الظالمة أو مجاملة الحكام للأسف بين المبالغة والتهويل للفائزين والأعذار والحجج الواهية والتهوين والتقليل للمهزومين لا تكون المحاسبة والتحليل المنطقي العلمي والعملي الشفاف والصراحة وسيلة لمعرفة ما تفعله الدول المتقدمة في كيفية معاملة النشء والعناية والرعاية والمتابعة والتدريب الجاد والتخطيط السليم فتكون النتيجة هي الفوز وحصد الميداليات.
كل دورة يبدأ الجدل والنقاش لحظة اسدال الستار للبطولةوتتعالى الأصوات وترتفع للمطالبة بالتحقيق والمحاسبة ومع مرور الوقت يحدث السكون والصمت والنوم في العسل لولا أن نستيقظ قبيل التصفيات بالتهليل والتكبير والتفاؤل بالميداليات والصراع على المطالبة على الاعتمادات المالية وتكون حسب الظروف وضربات الحظ سواء بالدعاء والصلاة فإذا كان النصر نبالغ بالجهد والعرق والكفاح أما الهزيمةفهذا هو القضاء والقدر والظروف وتلك هي المصيبة.
هكذا بدأت دورة أولمبياد طوكيو وانتهت بنفس العقلية والتفكير والتخطيط العشوائي ونكتفي بالقليل ونفرح ونهلل بميدالية ذهبية واحدة يتيمة وأخرى فضية وأربعة برونزية نحتاج معهم لثورة وفكر جديد تواكب الجمهورية الجديدة مصر الحبيبة التي تستحق الكثير