للتعرف إلي الخصائص الإساسيه المميزة لما يسمي بحرب الاستنزاف يلزم التفرقه من حيث الطبيعه بين هذا النوع من الحرب وبين حروب الفناء التي تمثل صوره عنيفه ومتطرفه من صور الحرب المسلحة في المجتمع الدولي .فمن متطلبات حرب الإفناء مثلا ..أن تلقي الدوله بكل الثقل المتاح لديها من قوتها الثأريه التي تستخدم فيها الأسلحه النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل وحيث يكون الإطار الزمني الذي تستغرقه عمليات الإباده النهائيه والكامله محدودا للغايه
ولعل هذه سمه بارزه من سمات حرب الإفناء في العصر النووي .فمن الصحيح أن المجتمعات الإنسانيه شهدت خلال مراحل تاريخها المختلفة
مايمكن تسميته بحرب الإباده أو الإفناء إلا أنها كانت أكثر أكثر إتساعا من ناحية الإطار الزمني .وغالبا ما كانت علي شكل ضربات متتاليه إلي عصب قوة الخصم كمراكز لتجمعاته العسكريه وغيرها من الموارد الحيوية التي يعتمد عليها في
إدارة الحرب..والتي كانت في العديد من الأحوال بعيدة جغرافيا عن قلب المعركة .أما إستيراتيجيه حرب الإستنزاف فانها تبني علي فكرة الإستهلاك التدريجي لقوة الخصم .مما يؤدي إلي إرهاقه والنيل من معنوياته لإضعافه المستمر وإنهاء مقدرته علي الرد والمقاومه
وقد يتسع النطاق الذي تطبق فيه إستراتيجيه حرب الإستنزاف بحيث يشمل دولة الخصم باكملها .او
انه يقتصر علي بعض القطاعات الإستيراتيجيه المتمثله في قواته أو أسلحته أو صناعاته العسكريه والمدنيه التي تشكل العمود الفقرى لمقدرة الإستيراتيجيه العامه علي الثأر والإنتقام .ولحرب الإستنزاف مباديء أساسيه تتحكم في الكيفيه التي تدار بها
ومن بعض تلك المباديء...
١_ضرورة الإستفاده الكامله من كل العوامل والمزايا الجيوبوليتيكيه التي يوفرها الإقليم الذي تدور فوق رحاه حرب الإستنزاف وليس بخاف أنه في بعض الأحيان تكون هذه الخصائص الجيوبوليتيكيه مواتيه تماما لإدارة حرب الإستنزاف .في حين أنه في حالات أخرى قد لا تكون تلك الطبيعه مواتيه بدرجه كافيه .
٢_ ضرورة ان تدار حرب الإستنزاف علي أساس إنتقالي مدروس .أي الأساس القائم علي التمييز بين تلك القطاعات الإستيراتيجية التي يؤدي تدميرها التدريجي إلي التصفيه النهائيه للقوه الضاربة للخصم وبحيث يتعمق الشعور لديه بعدم جدوي الإستمرار في مواجهة ميؤس منها .وبين إهدار إمكانيات الحرب في مواجهات جانبيه ليس لها مثل هذه المردودات الحاسمه علي مجرى الصراع .ضرورة الإحتفاظ المستمر بوضوح الرؤيةالسياسيه تسهيلا لتحقيق الهدف النهائي من وراء إدارة حرب الإستنزاف .
وحرب الإستنزاف يجب ألا تتوقف حتي لا يتيح توقفها للخصم فرصة أستعادة تماسكه أو إجراء تجميع جديد لعناصر قوته
كما يجب ان تدار بطريقه تفقده زمام المبادأه وتحصره في دائرة رد الفعل
فإذا وصلت القيادة المسؤولة عن إدارة حرب الاستنزاف في ضوء تقييمها ومتابعتها المستمره لهدفها السياسي النهائي من تلك الحروب إلي إقتناع بأن الظروف أصبحت مهيمنه تماما لتوجيه ضربه أخيره وحاسمه ضد الخصم فانها يجب ان لا تتردد في ذلك
ضرورة إستيعاب الأهميه القصوى للعوامل النفسيه التي تقترن بالتطبيق الفعال لإستيراتيجيه حرب الإستنزاف .ولعل ذلك وحده هو الذي يستطيع ان يفسر لماذا تنهار قوي مفتوحه من حيث مستوي التجهيز العسكرى في مواجهة قوي أقل منها.
ومن هنا ..
يجب ان يستغل هذا العامل النفساني بكل وسائل الدعايه السياسيه الماهره الموجهه ضد الخصم وبصوره يمكنها أن تستقطب كل القوي المناوئه له كمقدمة نحو السيطره النهائيه عليها.
وتبني حرب الإستنزاف علي إفتراض بأن الفوز في الحرب يأتي من تدمير مواطن القوه للعدو والتي تتجسد في قدراته الماديه .ومن ثم فان الجهد الرئيسي يجب ان يتركز علي التدمير كما ان محور إهتمام التخطيط العسكرى يجب ان ينصب علي كشف ثم إستهداف نقاط القوه للعدو لتوجيه أكبر قدر من القوة الناريه ضدها.
ومن ناحية النظريه علي الأقل يصبح التدمير هدفا في حد ذاته وفقا لهذه النظره وتتحول المنظمه العسكريه إلي آله تدمير هائله تخطط عملياتها حول المعركه التكتيكيه ومعدلات تبادل النيران بين الجانبين .
أنصار هذه النظريه دعوا إلي تطبيقها في مواجهة التهديد وعلي سبيل المثال حرب الاستنزاف مع اسرائيل التي انتهت بحرب لقنت مصر اسرائيل درسا لتنهي ملف حرب الاستنزاف