لحظة فارقة مرت فى حياة الشعب المصرى يوم ٣٠ يونيو، غيرت مسار تاريخ وطن كان منبع الحضارة الإنسانية منذ آلاف السنين، تداعت أرواح الماضى من أبناء الشعب المصرى، صُناع الحضارة، ودعاة العلم والموحدين، واحتشدت تلك القوة الكامنة فى جينات المواطن المصرى، تتحدى كل الجبابرة من الذئاب والثعالب الذين خططوا لاختطاف الدولة المصرية وتجريدها من تاريخها وحضارتها حتى لا يستمر نورها يضىء للعالم معانى العدل، الحرية، السلام، التعاون وصحوة الضمير.
ولذلك استعان الأعداء التاريخيون للدولة المصرية بحلفائهم الذين استطاعوا تطويعهم والسيطرة على مقدراتهم وقراراتهم السياسية، المالية، والإعلامية، وأن يسخروهم لمحاصرة الشعب المصرى وتمزيق وحدته الوطنية وفك الارتباط والتلاحم بين مكوناته، ليسهل لهم بعد ذلك تقسيم مصر وتوزيع ولاءات شعبها إلى طوائف وفرق تقاتل بعضها بعضًا كما حدث فى: العراق، سوريا، ليبيا، اليمن، والصومال.
واستعانوا كذلك بمن تربوا فى أحضان المستعمر البريطانى «الإخوان المسلمين»، الذين أنشأتهم المخابرات البريطانية سنة ١٩٢٨م، ليكونوا هم الطابور الخامس المُراد توظيفه لتنفيذ مخططاتها لإسقاط الدولة المصرية، والقضاء على مقدراتها حتى تتمكن إسرائيل من تحقيق حلمها التاريخى بقيام دولتها الكبرى «من النيل إلى الفرات»، وبذلك يتحقق لها كذلك حُلم الانتقام التاريخى من المصريين من تجفيف نهر النيل، وإصابة مصر بالجفاف، فتموت الأنعام من: بقر، وخرفان، وتتساقط الطيور من العطش...!!
وليس هذا فحسب- حسب الحلم الإسرائيلى- بل ويموت الناس فى الطرقات، وحينها يستمتع الإسرائيليون بالعقاب الإلهى كما تدعى كُتبهم فى العهد القديم، التلمود.
وتشاء العناية الإلهية أن تفشل مخططاتهم فى يوم أعد الله لهم فيه مفاجأة صادمة لكل أمنياتهم، وذلك بخروج الشعب المصرى عن بكرة أبيه، مُناديًا بصوت اهتزت له الأرض والسماء، ولسان حاله يقول لهم «لن تمروا فوق أرضى»، لن تمروا ودماء الشعب تسرى فى رمال الأرض، زرع، ياقوت، ودرر، ليبقى يوم ٣٠ يونيو علامة فارقة ووسامًا على كتب التاريخ، بل وصرخة شعب مدوية أطاحت بالقوة الجبارة التى أرادت استعباده وإذلاله.
فمن ناحية، تم إسقاط حلم الإخوان كما سقط حلم بنى صهيون، ومن ناحية أخرى، شاهدنا وسمعنا عن حُزن وبكاء مسز كلينتون- وزير خارجية أمريكا فى هذا التوقيت- على ضياع أملها الذى تم التخطيط له منذ سنة ٢٠٠٨م تحت إشراف أجهزة المخابرات «الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية» برعاية الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، الذى ألقى خطابه الشهير فى نفس العام بجامعة القاهرة العريقة، ليُدشن به بداية تنفيذ المخطط الشيطانى على أيدى إخوان الشيطان الذين خدعوا المسلمين وأساءوا للإسلام، وذلك من خلال توظيفهم السيئ لرسالة الإسلام الخالدة، التى تدعو إلى الرحمة، العدل، الحرية، السلام، التعاون والدفاع عن الحق لخدمة أعداء الإسلام...!!
صحيح أن إخوان الشياطين نجحوا فى تدمير جزء غالٍ من الوطن العربى «العراق، سوريا، اليمن، والصومال»، وفشلوا أمام عظمة الشعب المصرى وإيمانه بحضارته، وتاريخه المجيد، وستظل مصر- بوعى قادتها، وإدراك شعبها لما يُحاك له- فى تلاحم وترابط بين كل أطيافه، بل سيظل صلبًا كالصخرة التى تتحطم عليها كل مؤامرات الصعاليك من الذئاب والثعالب.
هؤلاء الذين لم يدركوا بعد أن الله سبحانه وتعالى حين تجلى على أرض مصر، إنما نشر نوره فى كل حبة رمل من رمالها، وأيقظ فى أبناء الشعب المصرى روحًا تثور على الظلم، وتدافع عن الحق، روحًا نقية وسمحة، تستقبل المستضعفين، وتعين المكلومين، وتقف مع أشقائها فى السراء والضراء، لذلك فإن الله حاميها.
وباطل كل من يدعى نفسه وكيلًا عن الله فى الأرض، أو مُرسلًا منه سبحانه وتعالى، لينشر الإسلام، كتلك الفئة التى رفعت- كذبًا وافتراء- شعار «الإسلام هو الحل»، ذلك الشعار المُخادع، فالله سبحانه لم يُرسل غير محمد- عليه الصلاة والسلام- رسولًا للناس ليبلغهم رسالته، وخاتمًا للنبيين.
ولذلك، فعلى الشعب المصرى ألا ينساق خلف أتباع الشيطان والمنافقين الذين يظهرون على الناس بملابس الوداعة والرأفة، إنما هم فى حقيقة الأمر كـ«الذئاب» فى ملابس «الحمل الوديع»، فكم أحرقوا من مراكز الشرطة!.. وكم مرة دمروا من مؤسسات عامة- ملك للشعب المصرى!.. وكم من عمليات اغتيال ضد الأبرياء نفذوها منذ نشأتهم وإلى اليوم!.. وكم مرة أنشأوا فرقًا إرهابية تنشر الخوف، والفزع، وتهدد حياة المواطن المصرى باسم الإسلام، والإسلام منهم ومن جرائمهم برىء!.. لقد سولت لهم نفوسهم الشريرة شنَّ حرب على الله ورسوله ودينه، فباسمه يقتلون، ويدمرون، ويحرقون، ويشردون النساء والكهول والأطفال، لذلك وغيره، كانت صرخة الشعب المصرى فى ٣٠ يونيو، التى أقضت مضاجعهم، وبخرت أحلامهم، وأسقطت كل آمالهم فى التسلط على حكم مصر، حمى الله مصر، وحفظ شعبها، وأعان رئيسها ليستمر مع شعبه فى تحقيق الإنجازات، والتطور بيد تبنى، ويد تحمل السلاح لترهب أعداء الله، وأعداء الوطن.