في الوقت الذي استطاعت فيه مصر جذب أنظار العالم دبلوماسيًا إلي سد النهضة، وجعلته قضية اهتمام للكثير من الدوائر السياسية والإعلامية، واتضح ذلك في قيام الولايات المتحدة بتعيين مبعوث للقرن الأفريقي وسد النهضة ، وقيام رئيس الكونغو " رئيس الاتحاد الأفريقي" بجولة تحمل مقترحات للحل بين الدول الثلاث مصر السودان أثيوبيا، فجأة وبدون سابق إنذار انفجر الوضع في فلسطين.
والسؤال الذي يطرح نفسه الان ، هل هناك ارتباط للتصعيد بين إسرائيل وحماس وما بين مشكلة سد النهضة ؟ ؟ الإجابة تكمن في سؤال اخر ، هل لإسرائيل علاقة بسد النهضة ؟ والإجابة يعلمها القاصي والداني وهو أن كما ذكرنا سابقًا أن السد هو عبارة عن مشروع دراسة تحت اسم " بنك المياه " له عدة أهداف وهو تحويل المياه إلي سلعة تجارية علي غرار البترول، وهدف اخر وهو الأهم خنق الحياة علي ارض مصر وتركيع القرار السياسي لها وأيضًا التحكم في ما يمكن أن تصل إليه من تنمية وقوة.
ونعود للسؤال المطروح ،هل لإسرائيل دور في سد النهضة ؟ الإجابة تكمن في أن سد النهضة اكبر بكثير من حجم إسرائيل السياسي والجغرافي،، لكنه ملك للصهيونية العالمية التي استطاعت عولمة جميع الأحداث في العالم وجعلت ريموت كنترول تلك الأحداث في يدها تحركه كما تشاء ،،، وأهداف الصهيونية هو دولة إسرائيل والحفاظ عليها وعلي مصالحها والتقدم نحو تحقيق حلمهم المزعوم وهي مملكة إسرائيل من النيل إلي الفرات.
فانفجار الوضع في ذلك التوقيت في الأراضي المحتلة هو رد فعل مزدوج من جميع الإطراف علي استمرار مشكلة سد النهضة ،، فمصلحة إسرائيل تكمن في سحب الاهتمام المصري عن طريق إشعال حدودها مع غزة وربما حدوث بعض المشاكل الأمنية في سيناء في ذلك التوقيت، لكي يمر توقيت الملئ الثاني وبعده يتم فرض الامر الوقع علي مصر والسودان.
ولكن براعة الموقف المصري الذي ما زال يبهر العالم خلال السنوات الأخيرة، استطاع تحويل ذلك إلي خناق علي دولة إسرائيل وسحب تأمينها واهتمامها بسد النهضة إلي داخل حدودها وجعل السد عاري امنيًا وسياسيًا، بسبب سحب جميع الأنظار المساندة للسد إلي الداخل الإسرائيلي بل وصل الامر إلي "امن وجود إسرائيل سيكون أمام وجود السد" .
أول مرة في تاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تصل النيران إلي كل شبر في أرضهم، وتفشل القبة الحديدة والدفاعات الجوية في صد صاروخ لا يتعدي ثمن تكلفته 400 دولار، في حين أن ألاف الصورايخ التي تنطلق من القبة الحديدة التي تحاول وقف ذلك الصاروخ البسيط يتكلف ثمن الواحد منهم 100 ألف دولار ،،، وألان مهما كانت طريقة وقف هذا النزاع، فقد فقدت إسرائيل الهيبة السياسية والعسكرية في المنطقة وهكذا اصبح سد النهضة عاري من الغطاء الأمني والسياسي الإسرائيلي.
وما أود الذهاب إليه أن ذلك النزاع قد كشف بكل تأكيد عن ضعف النفوذ والمكانة الأمريكية بشكل كبير جدًا وأيضا خلو الساحة العالمية من " المعلم "، ولذلك فقدت المنظمات العالمية كمجلس الأمن الدور المؤثر في القضايا العالمية، وأعتقد أن العالم الان في مرحلة مخاض نظام عالمي جديد تحاول الصين الزحف عليه من الخلف رويدًا رويدًا لتكون قائدا له
أما إقليميًا فهناك ملاحظة سياسية وأمنية هامة للغاية، تحتاج إلي نظرة تحليل من المختصين السياسيين والعسكريين،، فالمنطقة العربية التي تعرضت إلي خريف عبري عاصف خلال السنوات الماضية أدت إلي إضعاف وأنهاك الكثير من الدول العربية وتفكك العلاقات بين معظمها،، وكان المقصود بذلك هو الهيمنة الإسرائيلية العسكرية والسياسية والاقتصادية علي المنطقة مع ضياع هوية القضية الفلسطينية.
ولكن اظهر الصراع الحالي عكس ذلك تمامًا هو ضعف إسرائيل وهشاشة وضعها الأمني،، مع قوة المقاومة وأيضًا ظهور تكتل عربي مؤثر وقوي بقيادة مصر ومعها الأشقاء في السعودية والإمارات... وخلاصه القول هو ان ثمن وجود وامن إسرائيل سيكون رهن حل مشكلة سد النهضة الصهيوني