إن توازن القوي ماهو إلا نظام دولي يكون من المقبول فيه أن يكون أفضل السبل أمام دولة من الدول لكي تحافظ علي بقائها الذاتي أن تعتمد علي قوتها العسكريه .وأن تتحالف مع القوي العسكرية لدول أخري حيث وحين تستدعي الظروف ..
إذن ..فتوازن القوي ..في جانبه العملي يعني يعني نظاما ذا موازنات دفاعية ضخمة وتحالفات عسكرية كبيرة
ولعل أهم نقطة فيما يتعلق بتوازن القوي تتضح ضمنا في التعريف الذي تقدم وهي أن هدفها الأساسي ليس الحفاظ علي السلام الدولي بل الحفاظ علي أمن الدولة أو إستقلالها وخاصة بالنسبة للدول الكبري بعبارة اخري فان الغرض الرئيسي من توازن القوي هو الحفاظ علي نظام الدول أو الإستقرار الدولي وقد تكون الحرب أمرا ضروريا لكي تحافظ الدول علي إستقلالها .
لذا...فمن غير المنطقي الزعم مثلا بأن نظام توازن القوي في القرن التاسع عشر تحطم بإندلاع الحرب العالمية الأولي في عام 1914 إذ إن ما إنكسر ها هنا كان كان في الحقيقه هو الدبلوماسية وهي مجرد عنصر واحد من عناصر توازن القوي ولو انه صحيح بالطبع أن التطور الرهيب لهذه الحرب قد وضع نظام توازن القوي موضع تساؤل ...
وبعد كل هذا فإن السلام يعد بكل تأكيد هدفا ثانويا بالنسبه لأنصار توازن القوي وكانت له بالطبع ضغوطة الصعبه علي الإستقلال منذ ظهور الأسلحة النووية ..ومع ذلك فقد دفعت الأسلحة النووية الثمن السياسي المحدودالذي تكون الدول علي إستعداد لدفعه نظير السلام في إطار توازن القوي .
هناك بالفعل شواهد بأنها قد رفعته إلي درجه لا متناهيه .وتبقي القيم والأحاسيس التي تضفي علي الإستقلال لا السلام هي الاهداف الرئيسيه لتوازن القوي
تزايُد الدّور الإقليمي لإيران في المنطقة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في 2003م.ظهور تركيا وإيران كقوةٍ مؤثرة في مرحلةِ ما بعد الحراك العربي، انعكاسًا للفراغ الإقليمي الذي أفرزته تحوُّلات ما بعد الحراك، وتراجُع القوى المحورية التقليدية.
إن . فراغ القوّة على المستوى الدولي وأثره على ميزان القوّة الإقليمية، ويتكشَّف من خلال عدة متغيرات:
تحوُّل إيران إلى لاعبٍ أساسيٍّ في العراق، بل أهمِّ لاعبٍ على هذه الساحة، لا سيّما بعد أحداث ما يُعرف بـ«الربيع العربي».بروز دور روسيا والصين على الساحة الإقليمية، إذ تمكّنت روسيا والصين من الحفاظ على بقاء بشار الأسد والنظام السوري من خلال استخدام حق الفيتو في مواجهة الجهود العربية والدولية لتحقيق الاستقرار في سوريا ووضع حدّ للأزمة، وكذلك وقفت روسيا والصين ضد كثير من القرارات المتعلقة بالتطورات والصراعات في الشرق الأوسط.صعود هذه القوى التعديلية انعكس بصفةٍ مباشرة على ميزان القوّة الإقليمية، إذ تعزَّزَ دور الأنظمة الحليفة للصين وروسيا.ظهور ملامح الصراع والتنافس بين إيران وتركيا وإسرائيل.
بدورها مهدت التعديلات والتحولات في ميزان القوة دوليًا وإقليميًا الطريق لظهور حالة الانكشاف الكبير الذي تعاني منه المنطقة العربية، الأمر الذي أسهم بشكلٍ غير مسبوق في زيادة فُرص ونفوذ الدول الإقليمية الأخرى، بحيث أمكن الحديث عن تأثير ثلاث قوى إقليمية غير عربية في مستقبل المنطقة هي: إيران وتركيا وإسرائيل.
هذه القوى تملك من المقومات، والنفوذ، والإرادة، الأمر الذي جعلها ترسم أُطر التفاعل الإقليمي بشكلٍ أكثر فاعلية من أي دولةٍ عربيةٍ أخرى، وهكذا دخلت المنطقة سباقًا سياسيًا على الأدوار والنفوذ، وأضحت المناورة السياسية ومحاولة تكوين التحالفات والتكتلات أحد السمات البارزة في السياسة الإقليمية.
كان وما يزال دور وأهداف إسرائيل في المنطقة مقرونًا باستثمار الوجود الأمريكي الكبير في المنطقة، والتفوق الإسرائيلي العسكري المدعوم بالردع النووي، فضلًا عن استثمارها للمتغيرات التي عصفت وما زالت تعصف بالمنطقة، ومن ضمنها تدمير القدرات العراقية بعد الاحتلال الأمريكي 2003م، وخروج هذه الدولة المهمة من ميزان القوة الإقليمية، وحالة الفوضى التي تعيشها اليوم الكثيرُ من الدول العربية،
ستفادت إسرائيل من حالة الفوضى والأزمات التي عمَّت المنطقة، لأن ذلك يُرجح كفتها الإقليمية لعاملين مرتبطين بهذه التطورات، الأول: أن هذه الفوضى خلقت تصدعاتٍ حقيقية في جبهة المواجهة التاريخية معها، والثاني: أن هذه الفوضى أنهكت دول المواجهة وجعلتها أمام مشروعات تقسيم محتملة.
وبالنسبة لتركيا فقد أكدت الأحداث خلال السنوات الأخيرة على طبيعة دورها وأهدافها وعلاقاتها بدول المنطقة بمن فيهم إسرائيل وإيران، فبعد الهجوم الإسرائيلي على غزّة في ديسمبر 2008م، تحسّنت علاقات تركيا مع جيرانها العرب ومع إيران، وتدهورت علاقاتها مع إسرائيل، وقد بلغت الأمور إلى أسوء نقطةٍ بالهجوم الإسرائيلي على سفينة الإغاثة التركية «مافي مرمرة» الذي تسبّب في تسعة قتلى من الأتراك، الأمر الذي أدى إلى طرد السفير الإسرائيلي آنذاك من أنقرة ثم اعادت العلاقات مع إسرائيل وكأن شيئا لم يكن تبعا لمصلحتها الحاليه
المقابل تستمد إسرائيل قسمًا كبيرًا من مكانتها وقوتها من قدرتها العسكرية التقليدية والنووية بدعم الولايات المتحدة، وإلى الآن كان الهدف الحيوي للولايات المتحدة أن تضمن لإسرائيل السيادة العسكرية التقليدية والاستثنائية النووية في الشرق الأوسط، وهذا هو ما شجَّع إسرائيل على التمادي في سياسة الاحتلال والاستيطان على حساب الأراضي الفلسطينية، كما ساعد ذلك إسرائيل أيضًا على تدمير المنشآت النووية العراقية والسورية، دون خوفٍ من محاسبة، وبتهديدٍ خطير لإيران حول منهاجها في تخصيب اليورانيوم، بقصد استدراج واشنطن إلى حربٍ مع طهران
بالنسبة لدول الخليج فعلى الرغم من وجود خلافات بين دول مجلس التعاون حول مدى خطورة إيران على أمن واستقرار المنطقة وعلى تأثيرها على توازنات القوة والنفوذ الإقليمي، غير أن المملكة العربية السعودية والإمارات تحديدًا كقوى إقليمية لها تأثير كبير في المنطقة، نجحتا في خلق تحالفاتٍ إقليمية ودولية للتأثير للحدِّ من طموحات إيران الإقليمية، ونجحتا في فرض تكلفةٍ باهظة على مشروع إيران الإقليمي، وأصبحتا قوةَ توازنٍ لهذا المشروع بما تمتلكه الدولتان، ولا سيما السعودية من تأثيرٍ في الدائرتين الإقليمية والدولية، وهو ما يهدد قدرة إيران على إدخال تعديلاتٍ جوهرية في ميزان القوة الإقليمي.