عندما يشتد البلاء في كل بقعة من بقاع العالم ، يجعل الجميع وكأنه بين فكي رحى أو على شفا حفرة من نار وخلفهم رياح عاتية تقذف بهم إلي الأمام ، والموت والفناء آت لا محالة ، نداء يأتي من الأفق البعيد يهمس في العقول - اركبوا فيها - فيتوقف الزمن برهة ثم ينظر الجميع حوله فلم يجدوا نوحا ولا سفينته ، يتملكهم الرعب والفزع من جديد ولكن البعض منهم يتذكر قول الله سبحانه وتعالى إن بعد العسر يسرا ، فيحاولون الإبتعاد عن حفرة النار التي ابتلعت منهم أعدادا كبيرة ويظلوا يحاولون مواجهة الرياح الجائحة الهالكة بما يملكونه من وسائل بدائية عجزوا عن تطويرها في الماضي ظنا منهم أنها كافية لتسيير أمور الحياة ، ولكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، تفشل المحاولات وتشتد الحاجة إلى النجاة ، يتوهج فكر المخلصون ويسعى جاهدا الى ابتكار وسيلة فعالة تقضي على ما سبب لهم هذا التوتر والخوف من الهلاك.
وهنا يعود الزمن في توب جديد وتدرك العقول الواعية انه لا عاصم اليوم من هذا الوباء بعد الله سبحانه وتعالى إلا العلم فهو سفينة نوح في نسختها الحديثة ، وكما أخذوا الأنبياء بالأسباب وصنع نوح سفينته لنجاة قومه علينا نحن أيضا أن نأخذ بالأسباب ونجتهد بالعلم لإيجاد مصل فعال للقضاء على هذا الوباء اللعين الذي لا يمكن التغلب عليه بالمال ولا بصمت العقل ، ف الباب الوحيد الذى لابد أن ندخل منه هو باب العلم للوصول الى سفينة النجاة تلبية لنداء الله اركبوا فيها ، ولكن يبقى السؤال أي باب ندخل منه وهل نستطيع ان نصنع بالعلم سفين النجاة ؟
الشاهد أن العالم أيقن أنه أخطأ في حق نفسه عندما ظن أن التنمية تنحصر فقط في ما تنفقه الدول من مليارات على البنية التحتية والفوقية وأهمل التنمية البشرية والبحث العلمى في كافة مناحى الحياة ، فلربما جاءت كورونا لتذكره بهذا ليعود إلى رشده ويدرك أنه في حاجة ماسة الى العلم والبحث العلمى وأنه أصبح ضرورة للبقاء على هذا الكوكب المليء بالفيروسات والزلازل والبراكين والنكبات والصراعات التي يطلقها على سكانه كل حين ، وأن عليه الأن ومستقبلا أن يقدم الدعم الكافي للبحث العلمي والعلماء بآلية جديدة تستطيع أن تساهم بما تقدمه من إنتاج ابتكارى فى حل كافة المشكلات بطريقة علمية صحيحة .