تنظر عيناه إلى السماء والدموع تنهمر منها تبل الأرض تحت قدميه علها تلمح فى الأفق البعيد بصيص من نور، وشريط ثلاث عقود خلت يمر أمامه مليء بالمآسي والعقبات التي ظلت تلازمه منذ صغره وحتى الآن.
صارع أمواج الفقر وسهر الليالي حتى حصل على دبلوم فنى متوسط اعتقد انه سينجيه وعائلته من ضيق الحال، إلا أن الرياح لا تأتى بما تشتهى السفن ، ظل يتخبط هنا وهناك بحثا عن عمل يجني منه قوت يومه هو ووالدته وأخواته حتى أرشده الشيخ إبراهيم إمام المسجد بعد صلاة الجمعة للعمل بائع فى محل ملابس داخلية للجنسين بالبندر، وعلى الفور ذهب واستلم العمل ومرت الأيام والشهور وعينيه على فردوس زميلته فى العمل وعلى ما تعرضه على زبائن المحل من ملابس وتمنى أن يرتبط بها فى يوم من الأيام.
وذات يوم عاد من عمله منهكا يفكر وينبش فى سراديب الرغبات والأماني حتى دخل منزله طرح نفسه على الفراش و صورة فردوس تتراقص أمامه على جدران غرفته، مرت ساعات وهو يغوص فى تفكير عميق بحثا عن حل يقربه من فتاة أحلامه ويحقق ما يتمناه فى تكوين أسره ومر ما مر من الوقت …….. رن جرس التليفون نهض فجأة أمسك به وإذا بها ذات الصوت الملائكي تطلب منه انتظارها فهى فى طريقها إليه ، امسك زجاجة العطر سكب منها كمية كبيرة على ملابسه ، وأعد كوبا من الشاى يلطف به برودة الجو وبعد لحظات دقات متتالية كدقات قلب مجهد اظنته الليالي تدق على باب منزله، فتح الباب فإذا بها فتاة جميلة بيضاء جذابة الملامح ذات فتنة طاغية وقوام رشيق وجهها كالبدر وأنفها كأنف الأطفال مدت يدا صغيرة ملونة الأظافر فصافحه وهى تصلح من وضع شعرها الذى بدا له كآية من نور، دخلت غرفته خلعت معطفها وجلست بجواره على سرير تجاوز العقد الثالث من عمره اقترب منها واقتربت منه ضمها اليه وقبل ان يهم بها ، فتحت والدته باب الغرفة واقتربت منه ، جلست بجواره انهض يا بنى أستيقظ الساعة الآن السادسة ميعاد عملك ، نهض أحمد مفزوعا من نومه وعيناه تتجول فى كل أركان الغرفة بحثا عنها ، صمت قليلا من الوقت ثم ضحك ضحكات هستيرية وقال اللهم اجعله خير اليوم أجازة يا أمى وعاد للحلم من جديد.