الصور التي انتشرت قبل فترة لترعة العزيزية، ومنظر القمامة فيها بعد أيام قليلة علي تبطينها، وتطهيرها آلمتني، ولكنها ذكرتني بحكاية كان قد رواها شريرالشاشة الراحل عادل أدهم بأحد مقابلاته التليفزيونية.
يقول عادل أدهم ... سافرنا إلي كندا لتصويرعدد من المشاهد السينمائية، كان من بينها مشهد سنقم بتصويره علي إحدي البحيرات هناك، ذهبنا إلي البحيرة ونصبنا الكاميرات والمعدات، أنجزنا جزء كبير من التصوير، ثم أرهقنا العمل، وأتعبتنا برودة الجو ، فكان قرار المخرج أن يأخذ الجميع إستراحة مدتها نصف ساعة نواصل من بعدها التصوير،
تفرقنا مؤقتاً ووجد كل واحد منا ما يشغله، اهتم بعضنا بمراجعة دوره، و تضبيط ماكياجه، وهندمة ملابسه، وجلس البعض لتناول الطعام، بينما ترجل آخرون إلي حافة البحيرة من أجل تدخين السجائر!
كان من بين المدخنين عامل للإضاءة، إنتهت فترة "البريك" ونادي المخرج علي الجميع، فما كان من صاحبنا عامل الإضاءة هذا إلا أن أخرج السيجارة من فمه ثم ألقي بها بسرعة إلي مياه البحيرة، وإذا بشاب كندي كان يعمل معنا ضمن طاقم الفيلم، لأن قوانين النقابات هناك ...
"والكلام لايزال للفنان عادل أدهم"
قوانين النقابات هناك تلزم صناع الأفلام بمنح فرص العمل لأبناء البلد بالأفلام التي يتم تصويرها عندهم ... إنتفض الشاب الكندي، وقام بخلع حذاءه و ملابسه، ثم قفز في البحيرة التي كادت مياهها أن تتجمد بسبب برودة الجو، وراح يبحث كالمجنون عن السيجارة، وما أن وجدها وأمسك بها، حتي خرج من الماء غاضبا ليصيح في وجه العامل المصري ...
لماذا ؟ لماذا؟ ... لماذا فعلت هذا ؟
لقد منحنا الله تلك المياه نظيفة، فهل أتيت إلي بلدنا لتشرب معنا منها أم أتيت من أجل تلويثها ؟!
ثم يختم الفنان الراحل حديثه قائلاً، أخذنا في تهدئة العامل الكندي، علي الرغم من عدم قناعتنا أو اقتناعنا بأن زميلنا قد أجرم!
المؤلم في حكاية الفنان عادل أدهم ليس تصرف العامل الكندي الغيور علي بلده، فتصرفه طبيعي ومقبول، بل وواجب عليه كمواطن يحب بلده، ولكن ما آلمني هي الجملة الأخيرة التي ختم بها الفنان حكايته، من أنهم وخلال تهدئتهم للكندي، لم يقتنعوا أصلاً أو يشعروا بأن زميلهم المصري قد أجرم!
وهنا يبزغ السؤال ..
والذي سأصيغه أنا أيضاً علي طريقة العامل الكندي، حتي وإن غضب البعض!
لماذا؟ لماذا؟ .. لماذا تفعلون هذا ؟!
لقد منحنا الله تلك المياه نظيفة فلماذا تريدون إفساد كل ما هو جميل في بلدنا، سواء بقصد أو عن غير قصد ؟!
قامت الدولة بعمل عظيم فيما يخص الترع، نقت وطهرت وبطنت وطورت، من أجل ترشيد الفاقد من المياه، كونها سبب الحياه، فضلاً عن إنقاذ أهلنا وحمايتهم من الأمراض والأوبئة، فألقي البعض بالقمامة فيها وكأنهم يعاندون الحكومة" وكأنك يابوزيد ما غزيت" !
وقبل أن يقول لي أحدهم أنه كان علي الحكومة توفير صناديق القمامة، سأطلب أنا إلي ذلك "الأحدهم" أن يلقي نظرة واحدة ولو من بعيد علي أي صندوق للقمامة، ليري بأم عينيه كيف أن الصندوق فارغ تقريباً من الداخل، في حين امتلأ محيطه بالنفايات والمخلفات، وتراكمت أكياس القمامة علي جوانبه!
ليست المشكلة ياسادة في وجود أو قلة أعداد الصناديق، وإنما تكمن المشكلة، أو صميم المشكلة في ثقافة شعب حان الوقت لأن تتغير .
وأخيراً نقول ..
سيتبوأ وطننا مكانته التي يستحقها، حين ينظرالمواطن للدولة نظرة الجندي للقائد، لا نظرة الطير إلي الصائد!
حفظ الله بلدنا وأعان قائدنا وزعيمنا ..
قائد جمع الحق والإيمان .