اختتم المصريون قبل نحو الشهرين من نهاية العام الفائت مشاهدة مسلسل كتبه عمرو محمود ياسين ، ابن الراحل محمود ياسين ، معنونا بسؤال : "ونحب ثاني ليه؟" ، وهو عمل فني عده كاتبه - على حد ما اوضح لمنى الشاذلي بضيافتها له ببرنامجها - محاولة للجم المعدلات المرتفعة للطلاق في المجتمع ، ودعوة للمقبلين على طلاق بعد زواج بني على حب للمراجعة و ترميم العلاقة العاطفية من ندوب و رضوض اصابتها
و لم ينفرد هذا المسلسل الذي من بطولة ياسمين عبد العزيز و شريف منير و كريم فهمي بدعوته هذه للمراجعة ، بل شابهه في ذلك على نحو آخر مسلسل رمضاني آخر اسمه : " فرصة ثانية" من بطولة ياسمينة جميلة اخرى ، هي ياسمين صبري اضافة لكريم مجدي و ايتن عامر
وكل من الياسمينتين تمردت على حبيبها بطريقتها ، غير ان النهاية المتشابهة كانت خروج الحب من غرفة العلاج بالصبر و العناية المركزة سليما معافى ، على نحو يدعو الزواجات التي يحوم من حولها الطلاق محاكاة ما في روايتي المسلسلين : " ونحب ثاني ليه" و "فرصة ثانية"
غير انه مما يخشى منه الا يفت الفن برسائله و مشفراته و امصاله الفكرية في عضد المجتمع ، فينبغي الاعتراف بانه من الصعب تخيل ان يؤدي مسلسلان الى علاج حالات الحب المثخن بجراح الغيرة و العناد و الكبرياء في مجتمع ذكوري ، بل ولايزال مجتمعنا يعرف الثأر الدموي الذي لا يطيق فكرة الغفران
و اغرب ما يلفت بمجتمعنا في هذا الصدد انه ينصرف الى تجفيف دموع الطلاق ، و الى معالجة آلامه و تداعياته و و ليس الى كبح هذه الظاهرة ذاتها من اساسها ، تماما كانصراف الانسانية في الوقت الراهن الى علاج اعراض الكورونا و الارتباك في علاج جذري و حاسم لهذا المرض الفيروسي اللعين و التحصين منه على نحو يسلبه خطورته الراهنة
الطلاق - اذا - كورونا اجتماعية مسئولة عن عوار اجتماعي خطير و يطول شرحه و ينبغي البحث له عن علاجات ، بان يكون في الحياة الزوجية : "فرصة ثانية " و بان يطرح المتهددون بالطلاق ، بعد حب التئم اثره الشمل ، على انفسهم سؤالا منطقيا : " و نحب ثاني ليه " ، اليس من الممكن ترميم الحب الاول و الحيلولة دون دفنه حيا ، و لماذا يغير المحبون و المحبات حبايبهم كما يغيرون جواربهم ! ، و لماذا تتلف الحياة الزوجية احيانا بسرعة تلف الزهور ، و لماذا تحرر عقود الزواج على عقود و اوراق طلاق ، حتى ان متزوجين ، من الجنسين ، يخبئون في عقولهم سيناريو الطلاق و هم في حفلات زواجهم ، فتجدهم يدقون مبكرا طبول الحرب بعد شهر عسل قصير !