الغراب والجمع غِرْبَان، من الطيور ينتمى إلى فصيلة الغرابيات، تتعدد أنواعه وأشكاله وفصائله، وإن غلب عليه اللون الأسود الذى يطلق عليه «الْغُرَاب النُّوحِىّ».
يتميز الْغُرَاب النُّوحِىّ، بحدة صوته الذى جعل الناس تتشاءم من رؤيته أو سماع صوته إضافة إلى لونه الأسود القاتم.. يحوم فى دوائر حول الأحزان وكأنه ينوح على الميت!
ومن الناس غِرْبَان، يتأبطون شرًا، ويعتملون ثأرا، وقلوبهم سوداء، أسود من لون صخور البازلت، موتورون من كل الناس، أحياء وأمواتا، حتى كلمة «الله يرحمه» فى إثر الميت يضنون بها ترحما بل يستتبعونها بأذى، فعلا الأذية طبع أسود.
فى زمن الوباء الأسود، الناس تترحم على موتاها، إلا هذا الكظيم، تقول له قول كريم من قول المصطفى صلى الله عليه وسلم «اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِيهِمْ»، يرد متنطعا «ماكانش له حسنات»، تقول ترحم عليه، الرحمة تجوز، يرد متنطعا الله يجحمه راح مطرح ما راح!.
بالمناسبة ترحمك عليه يا هذا لن يفرق معاه فى الآخرة، ولن يدخله الجنة، ولا تعنتك سيزج به فى النار، فقط كف أذاك، بخلت على الميت بالرحمة، حنانيك لا تتطوع بطلب الجحيم، حد ضامن عمره، ترحموا على الموتى يترحم عليكم الأحياء، تخليص الثأرات من الأموات فى القبور خلق دميم.
ميبقاش على المداود غير شر البشر، ربنا رزقنا ببشر ما هو بشر، جلمود صخر، لا تهزهم الجائحة، ولا يرعوون للموت، الموت مبقاش له جلال يا جدع، ولا يزعجهم الفقد، ولا يتعظون، يظنون أنهم مخلدون، يشيعون هواء فاسد فى الأجواء.
الناس الطيبة تترحم وتذكر الحسنات، وناس شريرة تتلمظ، الموت فرصة تسنح لاستخراج صديد نفسانى متحوصل فى أعماق نفس مريضة، يبخ فى وجه البشر سخام أسود، والناس مجروحة وتعبانة، ومتلهفة على كلمة طيبة ترد الروح المتعبة.
عجبا، يغتبط اللئيم فى المصاب الأليم، ينتشى فى مواكب الحزن، يسارع بالتويت والتغريد ليحجز مكانا فى سباق الشامتين، عقور لا يحتمل تعزية طيبة، ولا دعوة بالرحمة، يدخل بفأسه يحفر قبرا موقدا، وهات يا تقطيع فى كفن الميت، يعريه من الطيبات، ويلقى عليه من السيئات، الناس تعزى، وعديم الرحمة يقطع فى الجثمان بالسكين، ويتنطع مستهجنا الترحم على المرحوم، لا بيترحم ولا بيسيب رحمة ربنا تتنزل على العباد..