انتهيت من قراءة كتاب الفنان المبدع الصديق حسين نوح فشعرت انني تناولت وجبة دسمة من الفن والابداع والجمال ولم اشبع وللدقة شعرت بحسرة على هذا الزمان الذي تحدث عنه حسين نوح في كتابة (صرخة نوح ) وقبل ان اتحدث عن الكتاب اتحدث عن صاحب الكتاب وكاتبه ،،حسين نوح والذي تحتار في تصنيفه وربما هذا ماظلمه لانه فنان شامل موسوعي هو الفنان التشكيلي المتميز باسلوبه المتجذر من ارض وطين هذا الوطن والمتماهي مع ميثولوجيا وتضاريس تراثه وحكاوي الجدات والمصطبة والجرن والترعة وشجرة الجميز وقوالب الدرة والطبلية. بنفس العشق والتماهي مع مع التراسينا والقلة بماء الورد واليشمك والكستبان في الحارة الشعبية ، حسين كفنان تشكيلي هو من حيث المحتوى وجراة الخامة واللون والخط هو تشكيلي من طراز فريد لم يأخذ حقه وسط جيله من التشكيليين رغم حرصه ان يقدم ابداعه التشكيلي الغزيز في اعظم وافخم القاعات جامعا بين الاصالة والمعاصرة ولاانسى معرضه عن المرأة بالاوبرا ووقوفي امام السيدة الريفية التي نسجها بعمق وبساطة مشحونة بحنان واسى وحنين وتجذر ومعاناة ،وحسين هو عازف الدرامز الذي تعلم كيف يضيف هذه الالة للاغنية والموسيقى الشرقية بوعي وثقافة موسيقية رفيعة المستوى من خلال مشاركته لفرقه النهار في عز مجدها في السبعينات وهي اول فرقة مصرية حقيقية تمزج بين الغربي والشرقي في تناغم هارموني شديد التميز ويصبح اسلوب الفرقة تيارا في بحر الموسيقى المصرية ،وحسين هو المنتج الموسيقي والسينمائي والدرامي والذي اشرف على انتاج اعمال عظيمة ومسلسلات محفورة في ذاكرة الابداع المصري والعربي ،وعندما يقرر حسين ان يكتب عن تاريخ محمد نوح الموسيقار الايقونة الذي صنع مدرسة بمفرده وغرد خارج السرب وسافر لكل بلاد الدنيا لينقل احدث الاجهزة في الصوت حتى يواكب العصر ويبحر في الموسيقى المصرية القديمة ويسجل التاريخ الموسيقي منذ عهد مينا ويعلن للعالم ان الفراعين كانوا رواد الالات والعزف والنوتة
كل هذه يذكره حسين سردا وهو يمزج الخاص بالعام فيتحدث عن امه الريفية العظيمة التي كانت امراة ورجل لتربي اولادها واحفادها الذين وصل عددهم لخمسين فردا ويحكي عن البحيرة والزرع والنخل والفلاح والارض وكيف هاجر مع شقيقه محمد نوح الى القاهرة وكيف كانت اجتماعات المثقفين ورموز الابداع في مقهى سوق الحميدية ايام كانت هناك مقاه ثقافية ،وكيف غنى نوح بعد. النكسة مدد مدد شدي حيلك يابلد واخذ فرقته للجبهة وعندما اتصل به السادات ليذهب للجنود في سينا بعد العبور وكيف صنع نوح حالة في الشارع المصري والجامعات والنوادي وكيف قرر ان يطلق مسرحه الاستعراضي ليعيد وهج سيد درويش فيقدم انقلاب مع صلاح جاهين وكيف قدم نوح ثنائي عبقري مع يوسف شاهين جعل الغرب يصفق للابداع المصري المواكب والمتطور ،حكايات وقصص وثقت لوطن كان المبدع والمثقف نبراسه ومنارته وكان نوح في طليعة المثقفين الذي حاربوا الجهل والفساد بالفن والفكر والموسيقى وعندما انتقد وزارة الاعلام تعمد صفوت الشريف ان يغلق مسرح النهار ليسقط نوح في بئر الاكتئاب ويقيم صالونه الثقافي مع رموز التنوير في مصر حتى مات في رمضان بعد ان انهى صالونه في ذات الليلة،حسين حاول ان يكتب عن رحلة شقيقة وصرخته فوثق تاريخ وطن ،وانا عن نفسي كنت محظوظا ان عرفت محمد نوح عن قرب ولحن من تأليفي واشعاري مسلسل ومسرحية ،،مسرحية الشبكة كانت مسرحية استعراضيه على المسرح العائ من اخراج احمد زكي بطولة سحر نوح ورامز جلال وانتصار وداليا مصطفى وكانوا وجوها جديدة في التسعينات وايضا مسلسل الحصيدة اول بطولة لمحمد رياض ونرمين الفقي وكان محمود الجندي يغني من. كلماتي والحان نوح اخراج يوسف ابو سيفو جلست ليال طويلة مع العبقري محمد نوح واشهد الله انه كان فنانا متفردا في احساسه وذوقه ورغم انني كنت في العشرينات وصغير السن والاسم بالقياس لعملاق مثله لكنه كان عبقريا في التعامل مع الاختلاف وهذا ماجعله معشوق الصغار والكبار وهي سمة العمالقة عندما يجيدون الحوار مع كل الاجيال فيكبرون رغم صغر محاوريهم كان يكبرني ويكبرني اي يثني علي ويقول لي ياولدي انا ضعيف قدام الموهوب ،يااه ،،حركت شجوني ياحسين ،،فين الايام دي ،اجمل مافي الكتاب صرخة نوح انك تشعر بعد قراءته انك عاوز كمان ،ادعوكم لقرائته لتعرفوا ان مصر كم كانت وستظل عظيمة بمبدعيها وفنانيها شكرا حسين نوح ايها الحكاء وهذه موهبة اخرى تضاف لمواهبك العديدة حفظك الله وادامك زخرا لكل قيمة نبيلة وعظيمة وذاكرة لوطن افة حارته النسيان كما قال عمنا نجيب محفوظ شكرا ياصديقي ،يااه ياحسين.