عبارة مفادها أن كل إنسان حر في تصرفاته وإدارة شئون حياته، طالما لم يلحق الأذي بالآخرين " كل الآخرين" أفراد كانوا أو جماعات، وتتحطم سفينة الحرية عند إرتطامها بصخرة القيم والمبادئ المجتمعية!
ما حدث بالأمس بأحد الأندية الراقية وقامت بسببه الدنيا ولم تقعد، سنتناوله هنا بإذنكم وسماحكم وسماحتكم من زاوية مختلفة، بعيدة كل البعد عن كل ما قيل أوأثيرعلي منصات التواصل الإجتماعي أو" التخريب المجتمعي" كما أصفها دائماً أوأسميها!
مجموعة الصورالتي سرت وإنتشرت وتسابق البعض في إرسالها إلي كل من يعرف وكل من لا يعرف، وأخذت القنوات في عرضها والتعليق عليها وانتقادها، تلك الصورالتي لم يكن بإستطاعة كل من رآها سوي الوقوف أمامها فاغرالفم، جاحظ العينين، ممتعض النفس، تنبئنا بأننا مقبلون علي كارثة قيمية ومجتمعية إن لم ننتبه، لأنه ولو نحينا جانباً إعتبار أن الواقعة فردية، لوجدنا أنفسنا أمام حقيقة تخبرنا بأن العالم يسقط إلي أعلي !
قد تبدو العبارة غريبة، ولكن لو تأملناها بقليل من إعمال العقل لوجدناها دالة وصائبة، تؤشر بوضوح علي مدي تأثر مجتمعاتنا المحافظة بتقاليع الغرب المنفتح، البعيدة كل البعد عن عادات وتقاليد ظللنا متشبثين بها طيلة الأزمنة السابقة علي ظهورالفضائيات والمواقع والشبكات علي إختلاف مسمياتها وتوجهاتها .
أنا لا تعنيني الواقعة بعينها، فلدي قناعة تامة أن بالمتهم الرئيس في تلك الواقعة ليس السيدة صانعة الكعكات" حتي وإن أخطأت " وهي بالفعل أخطأت، ولا أي من السيدات الفضليات اللواتي ارتأتين الإحتفال بتلك الطريقة المنفرة، بمن فيهن من قامت بالتصوير!
فالمتهم الحقيقي في هذا الموضوع " حسب قناعتي الشخصية" هو الإنفتاح غير المقيد أو المحدود علي القنوات والمواقع الغربية، والتقليد غيرالمفيد لبعض ما تبثه من مشاهد شاذة وأفكار غريبة، قد تبدو لهم طبيعية ومقبولة، ولكنها بالنسبة لنا غريبة ومرفوضة ومستهجنة!
أخبرني والدي" أمد الله في عمره" أنه وأثناء تواجده بالعاصمة البريطانية لندن في عام ١٩٨٣، شاهد مثل تلك النماذج من الجاتوهات والكعكات معروضة للبيع ، تمتلئ بها فاترينات محال الحلوي الشهيرة هناك!
هذا لا يعني أبداً موافقتي أو تأييدي للإحتفال بتلك الطريقة أو مؤازرتي لأبطال الواقعة، فلدي عليهن الكثير من المآخذ مع الإحترام الكامل لهن، ولحقهن الكامل أيضاً في الإحتفال والإبتهاج .
كان عليهن مثلاً الإنتباه إلي مراعاة الفرق بين ما قد يفعله الإنسان في مسكنه الخاص أو في حياته الخاصة أو في محيط عائلته، وبين تصرفاته وأفعاله حال وجوده بالأماكن العامة، أو في وجود غرباء !
كان عليهن الإلتفات إلي أنه قد يكون من بين الحضور أوالمارين بالصدفة فتيات أو سيدات قد يسيئهم مشهد تلك الكعكات، والتي أصابتني أنا شخصياً عندما شاهدتها بالنفور والتقزز والإشمئزاز، قد يكون هنالك أطفال أو صغار من الأبناء أوالأحفاد، قد يمسك أحدهم بكعكة ثم يسأل جدته عن ماهية ذلك التصميم، أو لماذا صنعت الكعكات بهذا الشكل أوعلي تلك الصورة، فماذا سيكون الجواب ؟!
علي أية حال ...
أنا لم أتطرق إلي الجانب الديني، أوالموقف القانوني، أوما ستتخذه إدارة النادي من إجراءات ولن أفعل، فلست من أهل الإختصاص، كما أنني وكما أسلفت من قبل لا تعنيني الواقعة بعينها، ولهذا لم أنزعج مثلاً لنبأ القبض علي السيدة صانعة الكعك ولن أبتهج لو برأت، ما يعنيني حقاً أننا أمام حقيقة علينا جميعاً اليوم الإعتراف بها، حقيقة مفادها أن ما حدث لنا خلال العقدين الأخيرين من إنفتاح علي العالم قد تأثرنا به بالسلب إلي درجة لم نكن ندرك إلي اليوم مداها، وأظن وليس كل الظن إثم أن هذا الذي حدث لم يكن أبداً ليحدث في زمن ما قبل المواقع والفضائيات، علينا إذاً الإنتباه إلي عدم الإنسياق أو الإنزلاق إلي التقليد الأعمي لكل ما هو غربي !
هناك مثل يقول، عندما تكون في روما تصرف كما يتصرف الرومان ..
أنتم هنا في مصر .. فتصرفوا كما يتصرف المصريون !
حفظ الله بلدنا وأعان قائدنا .