بعد وصول يد الإرهاب الأسود إلى ذروته وانتقاله إلى عواصم عالمية ، يضرب شمالاً ويميناً في عمليات ينفذ أغلبها ما ينتمون إلى تنظيم داعش الإرهابي أو تنظيم القاعدة أو جماعة الإخوان المسلمين أو الجماعات التكفيرية وغيرها من جماعات الإسلام السياسي. ونجد المحصلة النهائية سفك دماء الأبرياء الذين لا حول لهم ولا قوة.
لذا كان لابد من وضع تصور للمشهد العام جيدا بشكل عملي و متأن، في محاولة لتدارك النتائج السلبية من تبعيات هذا الفكر المتطرف ، وفهم ماهية هذه الحرب الشعواء الخبيثة، التي يتم تحت مظلتها الهجمات الإرهابية، وأعمال العنف بحق الآمنين ، والنيل من المجتمعات ، إضافة إلى قتل وتشريد أبنائه بشكل مروع ،ومفجع، ومستمر ، ومستفز مباشرة أو من خلال زجهم في نفق مظلم في صراعات ،وحروب مشبوهة، تخاض بهم وعليهم، ليس للآمنين منها إلا نزف الدماء ودفع التكاليف وذرف الدموع و الحسرات.
فنحن لم نر من أي تنظيم أو جماعة رفعت شعار الدين سوى الدم والصراعات والعنف ، وعلى رأسهم تنظيم القاعدة وداعش والجماعات التكفيرية المتشددة وجماعة الإخوان الإرهابية التي حكمت مصر عاماً فكادت أن توقع مصر العروبة في حرب أهلية، فهذه الجماعات والتنظيمات لا طموح لهم سوى السيطرة والتمكن والاستيلاء على مقاليد الحكم ونهب خيرات وثروات البلاد ، أما الخطوة التالية لا يعرفون عنها شيئاً سوى قتل وإبعاد وإقصاء أي صوت معارض أو مندد بهذا الفكر وتوجهاته الإجرامية.
أن الإرهابيين لا تحركهم دوافع دينية، وإنما ينفذون مخططات أجندات سياسية مشبوهة، يقف خلفها متآمرون على استقرار البلدان ، وسلب نعمة الأمن والأمان من الحياة المجتمعية، وخلق أجواء من التوتر والخوف، وإلحاق الضرر بحياة الأفراد، ومنشآتهم ، وتعتبر تلك الأعمال إنتهاكات إجرامية غير مشروعة، وتفرض هذه الجماعات الإرهابية قوانين خاصة بها تكون إجراميّة وتنتهج تكتيكات مماثلة ،هدفها الأساسي إذكاء الصراعات في الدول ، وإشعال الفتن الطائفية والمذهبية، وتقويض استقرار الدول عن طريق تغييب عقول الشباب، وإثارة النعرات المذهبية والطائفية.
وقد شهد العالم على فترات مختلفة مظاهر وصور متعددة للإرهاب، كان مصدراً لكثير من الأزمات والكوارث والمصائب وما شمله من أوجاع كبيرة ما زالت آثارها خالدة في قلوب من تذوق بؤسها، وكذلك تهديد الأمن المجتمعي وزعزعة كيانه نتيجة تفشي ظاهرة الإرهاب والعنف ، وتشبعه في معظم مكونات المجتمع.
لمكافحة هذه التيارات المتطرفة وعملياتها الإجرامية لابد من العمل على صياغة إستراتيجيات توعوية مناهضة للتطرف والجنوح نحو العنف الذي تدعو إليه تلك التيارات، ذلك أن التطرف والعنف لا يؤدي إلا إلى زعزعة الإستقرار، وترويع الآمنين وتقويض التنمية وفرض سيادة القانون.
لابد التوحد وتصحيح مسار الإعلام وبرامجه المقدمة للمتلقين، وإدانة العنف بمختلف أشكاله وأنواعه وصوره ، وتوعية الشباب بأهمية الاحتكام للأعراف والقوانين دون الاجتهاد الشخصي بتحصيل الحقوق بطريق القوة والعنف .دون الاستجابة لدعاة التخريب والعنف.
لابد من تحرك دولي ومجتمعي بناء وناجح يسهم في تعزيز سيادة القانون ومعالجة العديد من التحديات التي يواجهها المجتمع الدولي في هذا الوقت الحرج ، بعد أن أصبحت بعض البلدان والأنظمة الحاكمة ثكنة للجماعات المتطرفة والإرهابية والتي أسهمت بشكل ملموس في زعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط وإثارة الفتن فيها ، وبالعالم أجمع.
إذ إن عدم التعامل بحسم وقوة وتكاتف والاستجابة لرغبات الإرهاب الأسود وأفكاره المجرمة ، وترك هؤلاء المفسدين في الأرض هو إنتصار له .