من زاوية أخرى (قصة قصيرة لـ سامح ادور سعدالله)

من زاوية أخرى (قصة قصيرة لـ سامح ادور سعدالله)
من زاوية أخرى (قصة قصيرة لـ سامح ادور سعدالله)

برع الشاب الأمين في مجال عمله جدا , وكان مكافح مجتهد جدا الى جانب الأمانة والصدق الذى جعلوه محبوبا من الجميع ونجح أن ينال أعجاب رؤسائه . وأبتسم له القدر حتى حجز مكان هام في العلاقات العامة في الشركة حتى فاز سريعا بالكرسي

كان لهذا الشاب الدور الأساسي في أنجاز العمل على اكمل وجه بالدقة والاتقان وفى الموعد المحدد ولربما قبل الميعاد كلها كان متقن فيها هذا الشاب .

فلم يكن محباً للمال أكثر من أن يعمل بالجد والاجتهاد حتى يرضى ربه اولاً

 ثم صاحب الشركة ثانيا . فكلمة ثناء واحدة كفيلة بأن تجعله ينقل الجبال . حب الأخرين له اجبرهم على طاعة من يرأسهم فى العمل حتى صيرهم مثل العبيد .

والشركة ذات فروع كبيرة من القاهرة الى اسوان لتوزع بضائعها . في جميع ارجاء الجمهورية

وهى عبارة عن مكاتب للمحاسبين والسكرتارية والعمال ,والمخازن كانت عبارة فناء كبير لتفريغ البضائع

وعنابر في الدور الثاني لنوم وهؤلاء العمال هم يحملون كل الطاقة وهم أساس العمل وأكثر فئة تعمل وتبذل طاقة ولولاها لما كن للعمل معنى او أساس بالإضافة الى السائقين الذين ينقلون البضائع  الى الموزعين فلا عمل لهم غير قيادة السيارات وأخذ البقشيش .

وكثيرا ما تأتى الشحنات تفرغ بالمخازن ليلا حتى يظل العمال ساهرين طوال ليل الشتاء القارس الذى يتحول الى ليل ساخن جدا من كثرة الطاقة والجهد المبذول طوال الليل

وكان امناء المخازن تعد وتحصى البضاعة والأشراف على رصها  في صفوف منظمة داخل المخازن واعطاء التقارير بذلك ويكون المكتب على علم بالكميات المستوردة وكل هذا عن طريق هؤلاء العبيد وعندما تنتهى تفريغ الشاحنات صباحا حتى يبدا عمل أخر وهو شحن البضائع مرة أخرى في عربات الشركة لتوزيعها على الموزعون والتجار فلا يعرفون في هذه الأيام النوم ابدا كانوا أشبه لعمال مناجم الفحم  في اوروبا قبيل عصر الثورة الصناعية .عمال محرومون ليس لهم موعد عمل محدد متى يبدا أو ينتهى فعملهم في الصباح أو المساء او فجرا وربما كانت في اجمل لحظات النوم ! لا موعد محدد

عمال حسب الطلب ولكن موظفون المكاتب يبدا عملهم من الساعة التاسعة صباحا حتى الثانية ظهرا

الا مدير المكتب الذى يغادر المكتب بدون موعد محدد ولماذا لا يعرف. ربما للعمل ذاته. المكان المكيف صيف شتاء أو لهذا  كان يجلس طويلا  او لا ليس لديه واجبات  أخرى

كان العمال مجبرون على العمل لماذا ؟

فالعائد قليلا والعمل شاق وصعب أو لأنهم كانوا بسطاء يعيشون سعداء مع بعضهم البعض  يلعبون ويلهون

كالأطفال

على الرغم فكثيرا ما كانوا يتعركون مع بعض ولا ينتهى الخلاف الا بحضور مندوبا عن الشركة او المدير شخصيا  . فلأجل هذا كانوا يحبونه جميعا ولم يهتم بهم أبدا ولا بمطالبهم ولا بحاجاتهم  كل اهتماماته هو العمل فقط و الإخلاص و التفاني حتى يرضى صاحب العمل معتقدا انه يرضى ضميره وربه . حتى جار على حق الضعفاء المرغمين على العمل دون جبرا من احد ولكن هناك عمالا قد يتركون العمل تحت الذل والاجحاف  وكان عن يقين انه لا يظلم احد

هو مرح يرحب بالعمل ولا يشتم  و لا يهين احد والأهم عنده هو ارضاء صاحب العمل فأنه على حق ولكن نسى حق الأجير ورغم ذلك كثيرا ما كان يتفنن في توفير المال بربط الحزام . بتوفير النفقات بالخصم من رواتب العمال فقط مستندا لأسباب ضعيفة كالتأخير عن العمل أ وتأخير في يوم الاجازة او أي أخطاء غير مقصودة ليوفر لخزينة الشركة التي لا تفرق معه مئات المرتبات  بمثل قيمة مرتب هذا العامل . رغم من هذه القوانين التي تطبق على العمال الا انها لا تطبق على موظفي المكاتب .

ذات مرة في أحدى ليالي الشتاء البارد جاءت عشرة شحنات دفعة واحدة وعدد العمال قليل جدا لم يتجاوز الخمسة عمال وأجبر العمال على تفريغ الشحنات   جاء صاحب العمل بسيارته وعندما نزل من السيارة ليباشر العمل صرخ احدهم في صاحب العمل (ليه كل الظلم ده كفاية كل دي بضاعة  و مفيش عمال كفاية .حرام . حرام)

وازداد الهرج والمرج حاول مدير الشركة وامناء المخازن تهدئة الموقف ولكن كان الانفجار وضع طبيعي من كثرة الكبت والعمل حتى تمكن الظلم من الفتى حتى انفجر . وقرر الرحيل الان . بينما تنهار العمال من كثرة العمل  كان صاحب الشركة يمشى متبخترا  مختالا فها هي المخازن تملأ ليلا بالبضاعة وتفرغ صباحا والاموال تدخل دفعات الى الخزانة ولايتهم بباقي البشر  ورغم هذا العمل الشاق المجحف والجهد المضنى والعرق المسكوب في ليالي طوبة ذات البرد القارص  كل هذا ولم يكن يصرف لهم مكافأت ولا حتى أبسط الأشياء حتى وجبة بسيطة لا تتكلف أبسط القروش

وعندما طالبوه ببعض النقود لأجل وجبة للعمال رفض متحججا أن هذا من اختصاص مدير الشركة وعندما طالبو المدير. تلعثم ورفض الاقتراح .

ولم يكن قانون ولا نظام يحكم العلاقة بين مالك العمل والاجراء سوى هذا المدير الظالم الذى لايهتم  بشيء سوى العمل ثم العمل واخيرا راضي صاحب العمل .

والغريب في هذا الأمر أن الشركة لا تجبر على احد العمل ولا يوجد اجبارا نهائيا والمحير ايضا ان العمال كانوا يتمسكون بالعمل رغم كل هذا  تمر الأيام والشهور والسنوات تتغير العمال والأمناء والمحاسبون حتى يرحل مدير الشركة ويكبر المالك وتكبر شركته وتزداد امواله فى البنوك و يرحل المدير و قلبه  مطمئن ولكن كان  هناك رأى أخر  ....................