أخبار عاجلة

على الفاتح يكتب: الإعلام في مواجهة دعاية الإرهاب

على الفاتح يكتب: الإعلام في مواجهة دعاية الإرهاب
على الفاتح يكتب: الإعلام في مواجهة دعاية الإرهاب

 

علي الفاتح

 الضربات الاستباقية والمعارك الفكرية والمائدة الشهية أساسيات يفتقر إليها الإعلام في تلك الحرب الضروس التى يخوضها ضد دعاية جماعات الإرهاب والفوضى التى تعتمد بشكل كلى على سلاح الشائعات وبث الأكاذيب.

التدليس وتزييف الحقائق عبر سيل من الشائعات المحمولة على متن مجموعة من الأفكار والمفاهيم النمطية المغلوطة الأسلوب الذى تعتمده جماعة الإخوان الإرهابية منذ نشأتها في مواجهة الدولة بهدف السيطرة والتحكم في اتجاهات الرأى العام، وهو منهج يعتمد على رسائل دعائية سريعة الانتشار بحكم طبيعة الشائعة التى تعتمد في حركتها على إرث طويل من التشكيك في مصداقية كل ما تفعله الدولة أو تتخذه من إجراءات وقرارات؛ هذا الإرث الذى يتشكل من مجموعة أفكار ومفاهيم دينية وسياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية مغلوطة وترتبط في الأساس بمعتقدات هذه الجماعة ومن يدور في فلكها.

صحيح أن حكومات دولة الثلاثين من يونيو المتعاقبة اعتمدت منهج الرد السريع على الشائعات بتقديم المعلومة الصحيحة، لكن أثر وتأثير الرد على الشائعة ليس كأثر إطلاقها، ذلك أن اتساع نطاقها أبرز سماتها، إضافة إلى سرعة الانتشار؛ فيما يضيق نطاق تأثير الرد عليها وتصحيحها؛ لذلك لم يعد كافيًا الاعتماد على البيانات الرسمية في دحض الشائعة وتكذيبها.

مادمنا بصدد الحديث عن حرب ضروس فلا بد من الأخذ بمنهج الضربات الاستباقية ونظرية الإلحاح في الإعلام لإبطال مفعول أى شائعة حتى قبل إطلاقها؛ علاوة على ذلك وحتى في حال عدم وجود إعلام معادٍ تستحق إنجازات الدولة أن تأخذ حقها في العرض على الجمهور إذا كان هدفنا تحقيق اصطفاف وطنى.

سبع سنوات كاملة خبرنا فيها أسلوب العدو العقيم، وبات علينا بناء خطاب إعلامى يعيد مصداقية وسائل إعلامنا وثقة الجمهور فيها؛ خطاب لا يكتفى بالرد على الشائعة، أو نشر وثائق ومعلومات تفضح ممارسات أمراء جماعة الإرهاب، فذلك يشكل جزءًا من الخطاب ودور الإعلام، لكن ليس بأى حال المكون الأساسى له أو لدور الإعلام.

وليكون حديثى واضحًا، وكنموذج مبسط لما أعنيه بالضربات الاستباقية للإعلام، أجريت ما يشبه استطلاع رأى بسيط طوال الأسابيع الماضية بين أشخاص عديدين يعملون في مجالات مختلفة من أستاذ جامعى ومحامٍ وطبيب وموظف بنكى وأشخاص عاديين، وكان سؤالى ماذا تعرف عن مدينة العلمين الجديدة؟! الإجابة كانت تقريبًا واحدة، مقر صيفى للحكومة وأبراج وقرى سياحية فاخرة ومركز تجارى، لكن أحدًا ممن سألت لم يعرف أن في العلمين الجديدة منطقة صناعية ضخمة للصناعات الإلكترونية المتطورة وصناعة البتروكيماويات على مساحة 4000 فدان، الأمر ذاته كان بالنسبة لمدينة جبل الجلالة.

هذه الإجابات تعكس على نحو أو آخر أثر الشائعات حول المشروعات القومية العملاقة، وتؤكد في الوقت ذاته أن الإعلام لم يتحرك لشرح تفاصيل مشروعات وإنجازات الدولة، وفى هذا المثل لم يقدم لنا أحد معلومة عن عدد المصانع التى تم تخصيص أراض لها في العلمين الجديدة أو جبل الجلالة، حجم استثماراتها وطبيعة إنتاجها، عدد العمالة التى شاركت في تنفيذ تلك المشروعات وعدد العمالة التى ستستوعبها المصانع الجارى تشييدها، قس على ذلك في أغلب مشروعات الدولة، مدينة الأثاث في دمياط، مدينة الروبيكى، الصوبات الزراعية، كل ما نشر مجرد بيانات رسمية جافة، ولم يقدم على مائدة شهية جاذبة للقارئ، لو حدث ذلك في كل مشروع من مشروعات الدولة لتحققت نظرية الإلحاح في الإعلام، ولواجهنا كل الأكاذيب والشائعات بضربات استباقية تبطل أى مفعول لها.

مواجهة أفكار ومفاهيم جماعات الإرهاب لا يكون فقط بتكرار الحديث عن تاريخها الأسود، وإنما أيضًا بتفجير المعارك الثقافية والفكرية، وهى مهمة كانت دائمًا تقع على عاتق الصحافة الواعية المستنيرة، معارك تشتبك مع قضايانا الفكرية والثقافية والاجتماعية الملحة مثلًا لم نشهد معركة يشتبك فيها كبار مثقفينا وعلمائنا حول قضية تجديد الخطاب الدينى، كل ما قرأناه وسمعناه لم يقترب بعد من جوهر القضية هى فقط مجرد مطالبات بالتجديد أو يقابلها خطاب ممانعة.

تفجير مثل هذه المعارك يخلق حوارًا مجتمعيًا راقيًا كفيل بتقديم أطروحات تنقد وتفند وتصحح مفاهيم ومفردات الخطاب الدينى والسياسى والثقافى والاجتماعي الذى كرسته جماعة الإخوان طوال عقود وتعمل على تحصين المجتمع ضد أى محاولات لبث سموم الفتنة.