تصاعدت حدة التوترات بين حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد وإقليم تيجراي ، وأتهم آبي أحمد حلفائه السابقين في الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي بمهاجمة قاعدة للجيش الاتحادي، وإصدار أمراً بعملية عسكرية في إقليم تيجراي.
وعقب ذلك الهجوم بعدة أيام علي الإقليم، قام آبي أحمد بإقالة وزير الخارجية ورئيس المخابرات وقائد الجيش، ولم يذكر سبباً لهذه التغييرات، بينما أعلن رئيس إقليم تيجراي حالة الطوارئ وإن المنطقة في حالة حرب.
أعتقد أن الأوضاع تنذر بحرب أهلية في إثيوبيا وقد تزعزع استقرار البلد الذي يقطنه 114 ملايين نسمة وتضرب منطقة القرن الأفريقي ، وهناك خسائر في الأرواح في هذه الحرب.
في تقديري: من بين أكبر المخاطر التي يثيرها الصراع انقسام الجيش الإثيوبي على أسس عرقية وانشقاق أبناء تيجراي وانضمامهم لقوات الإقليم. ناهيك عن القوات الحكومة التي تحشد من مختلف أنحاء البلاد وترسلها إلى تيجراي مما يخاطر بحدوث فراغ أمني في أجزاء أخرى من إثيوبيا يستعر فيها النزاع العرقي.
ومن هنا يتضح أن حلفاء الأمس بات أعداء اليوم، كانت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي قد قادت الائتلاف الحاكم متعدد الأعراق في البلاد منذ الإطاحة بالإمبراطور هيلا سيلاسي عام 1991 وهيمن أبناء الإقليم على الجيش طيلة هذه العقود.
وكان الحزب الحاكم في الإقليم، الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي الشريك الأقوى في الائتلاف الحاكم في إثيوبيا حتى عام 2018. وعندما تولى آبي أحمد منصبه بعد احتجاجات على مستوى البلاد من قبل عرق الأورومو. منذ ذلك الحين، تضاءلت قوّة الجبهة وتم تهميشهم، وأنشأ آبي أحمد حزباً حاكماً جديداً، لكن الجبهة لم تنضم إليه.
جدير بالذكر أن سلطات أقليم تيجراي في سبتمبر الماضي قد مضت قدما في الانتخابات، في تحدي للتأجيل على مستوى البلاد، الذي تم وضعه في أعقاب تفشي فيروس كورونا ، وكانت الحكومة الاتحادية وصفت انتخابات برلمان تيجراي بأنها "غير قانونية".
لقد أثار التصويت في الانتخابات مخاوف من أن الجبهة كانت تمهد الطريق لإنشاء دولة منشقة، مع تولي البرلمان والحكومة السلطة دون موافقة الحكومة الاتحادية، لكن الجبهة قالت إنها ملتزمة بإبقاء الإقليم داخل إثيوبيا، لكنها أوضحت أنها ستدافع عن "الحكم الذاتي"، وتعارض ما وصفته بمحاولة آبي أحمد لبناء دولة "موحدة".
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل سيؤثر ما يحدث في إقليم تيجراي علي مستقبل آبي أحمد والانقلاب عليه؟، فضلاً عن وجود خلافات وصراعات وانقسامات داخلية في إثيوبيا ، وخاصة وقد شهدت فترة حكمه عدة احتجاجات أدت لمقتل العديد من المتظاهرين.
كل هذه الأمور يمكن أن تعرقل محاولته للحصول على ولاية جديدة من خمس سنوات في الأنتخابات القادمة، وربما يتم الإحاطة بآبي أحمد في ظل استمرار الصراعات المسلحة، وسياسة الإقصاء، وحملات الاعتقالات التي شنتها الحكومة الإثيوبية ضد المعارضة.
إزاء كل هذه المشاكل والصراعات ، نتمني للشعب الإثيوبي الذي تجمعنا معهما مصالح مشتركة وعلاقات وطيدة عبر التاريخ تحقيق ما يصبوا إليه من الاستقرار والرخاء والسلام.