فيما يلى ترجمة حرفية لمجموعة فقرات جاءت فى الفصل السادس عشر من كتاب «ما يكل كوهين» المحامى الشخصى للرئيس دونالد ترامب «مذكرات خائن» أو Disloyal: A Memoir» ربما تساعد على فهم تلك العلاقة المعقدة بين قطر والولايات المتحدة الأمريكية. النص هو ما جاء فى الكتاب فيما عدا المعلومات ما بين الأقواس فهى من كاتب المقال من أجل التوضيح.
هل كنت أستفيد ماليا من علاقتى مع ترامب؟ بالطبع نعم. ماذا كنت تفعل أنت (لو كنت مكانى!)؟ فى مارس ٢٠١٨، سوف أعطى مثالا واحدا، كنت أقوم بسمسرة صفقات على مستوى تعاملات بمليارات الدولارات. لنأخذ مثال العشاء الخاص الذى حضرته فى «مارا لاجو» (المنتجع الخاص بترامب وعملائه وأصدقائه المقربين) فى ذلك الوقت مسافرا فى الطائرة الخاصة لبين أشكنازى المستثمر فى العقارات، الذى يدير صندوقا استثماريا لعدد من المليارات.. وهناك فى بالم سبرنج قابلت «فرانكلين هانى»، رجل الأعمال من ممفيس الذى كان ديمقراطيا منذ وقت طويل لكنه قدم مليون دولار تبرعا للجنة تنظيم احتفال تتويج ترامب، واستأجرنى للمساعدة فى مشروع لإنشاء مفاعل نووى فى ألاباما. هانى كان يريد طنا من الموافقات الفيدرالية لكى يستكمل المشروع الذى أتيت من أجل المساعدة وتوجيه المحامين العاملين معه لتشحيم عجلات التجارة والحكومة.
هؤلاء كانوا من نوعيات الناس الذين لديهم يخوت فاخرة «سوبر»، وكان ذلك هو ما شكل حقيقتى وأنا أعمل تحت قيادة الرئيس ترامب.. السبب الحقيقى الذى جعلنى أذهب إلى فلوريدا كان مقابلة «حمد بن جاسم»، الذى كان رئيسا لوزراء قطر من ٢٠٠٧ إلى ٢٠١٣، ووزيرا للخارجية من ١٩٩٢ إلى ٢٠١٣، والعضو المنتدب لهيئة الاستثمار القطرية من ٢٠٠٥ إلى ٢٠١٣. ولكن هذه الألقاب لا تصف بدقة السلطة الحقيقية للشخص الوحيد المسؤول عن استخدام ٣٢٠ مليارا، خاصة الهيئة. هذا ما جعل منه ربما الشخص الوحيد فى الكوكب الذى لديه سلطة تقارب ما لدى فلاديمير بوتين (رئيس روسيا الاتحادية) عندما يتعلق الأمر بالمال وصنع القرار.
فى هذا الوقت كانت قطر معزولة من قبل المملكة العربية السعودية (الحقيقة هى التحالف العربى الذى يضم السعودية والإمارات والبحرين ومصر) وكنت أحاول أن أضع «حمد» فى الدائرة الطيبة لرئيس الولايات المتحدة كطريقة لكى تجعل هذه الإمارة الصغيرة والغنية للغاية أن تواجه الخطر الجيو سياسى (!). كنت أعرف «حمد» من سنوات قبل ذلك، عندما كان القطريون يحاولون الاستثمار فى مبنى فى نيويورك وكنت السمسار الخاص بالصفقة، ولكننى الآن كنت أعامل بطريقة مختلفة تماما من الأمير والآخرين باعتبارى محامى دونالد ترامب. وكان «حمد» يأخذ ذلك فى الاعتبار، ويتعامل باحترام مع دورى. وعندما طلب حمد أن يقابل ترامب وجها لوجه، اتصلت بجيى سيكلو، المحامى الذى كان يمثل شين هانتى (مذيع مشهور فى شبكة فوكس الإخبارية) والذى قدمته لترامب، وأصبح يوما بعد يوم ضابط الاتصال بينى وبين البيت الأبيض.
وهكذا كنت ذاهبا إلى «مار لاجو» باعتبارى سمسار سلطة قام بإعداد الطعام الذى سيتناوله أغنى رجل فى العالم ورئيس الولايات المتحدة، وقد فعلت ذلك بسهولة شديدة. وهذا ما كنت أتحدث عنه عندما كتبت عن التأثير المغناطيسى الذى يقع فيه من هم حول ترامب: فرغم كل شىء وقح ومزعج، فإنه كان فعليا يدير العالم، وأنا (مايكل كوهين) كنت حقيقة وبجنون المحامى هائل القوة التى لا تصدق والذى يصلح طائرة الوجود فى مجرات الكون.
حجرة العشاء كانت مزدحمة بالمليارديرات مثل نيلسون بيلتز وآيك بيرلمتر، ولكن فى هذا الجمهور كان ترامب إلها بين آلهة. فى وسط الغرفة كانت هناك منضدة واحدة محاطة بحبل من القطيفة الحمراء لكى تعزلها عن الآخرين، وكان هناك ثلاثة مقاعد، واحد للرئيس والآخر لحمد والثالث أنا. الأكثر قوة، والأغنى، وأنا بحق، وهى حقيقة لا زلت لا أفهمها حتى اليوم. ترامب كان كذلك كما وجدته بنفس الطريقة يعيش فى أرض الخيال. هو كان دائما يعيش وسط الأغنياء الذين يتحركون حوله، ولكنه الآن أصبح حرفيا مركز الاهتمام، كما كان يريد دائما. الحقيقة هى أننى شعرت كما لو كنت مليار دولار. لم يكن هناك شىء يمكنه إيقافى، وتصورت أن كل ما علىّ فعله هو أن أطلب وأنا فى حضرة واحد من أغنى رجال الأرض ينظر باهتمام إلى قائد العالم الحر.
«السيدات والسادة، رئيس الولايات المتحدة» هكذا أعلن أحد موظفى ترامب عن مَقْدِمه، ودخل ترامب وسط عاصفة من التصفيق وقوفا. الأمر الوحيد الذى يمكن مقارنته بهذا الاستقبال هو الطريقة التى يستقبل بها الكوريون الشماليون كيم جونج أون. «حمد، أنت واحد من أغنى البشر فى العالم» قالها ترامب كطريقة للتقديم عند اقترابه من الطاولة، و«أنت تعرف محامِى مايكل». هذا التعريف جعلنى أشعر بامتياز خاص بالتأكيد. ودار الحديث من الشرق الأوسط وجغرافيته السياسية إلى الاقتصاد إلى مستويات من التجريد لمشاكل العالم الهامة التى لم أشهدها إلا فى حضرة هنرى كيسنجر. كان لدى حمد بن جاسم معرفة عميقة باحتياجات المنطقة والأسباب العميقة للانقسام الشيعى السنى والحرب فى اليمن. وتحدث الأمير عن داعش وحزب الله وإيران والعدالة فى قضية الحوثيين المتمردين فى اليمن. فى ذلك الوقت كان جاريد كوتشنر يعمل لإنتاج خطة للسلام فى الشرق الأوسط نظريا على الأقل، بينما كان الأمير متوجها مباشرة لترامب متأكدا أن آراءه فى أكثر القضايا وجودية التى تواجه أمته سوف تكون مسموعة. كانت لديه أسباب قوية لكى يطلب هذا الاجتماع. ترامب كان قريبا من صغير السن القائد السعودى محمد بن سلمان، أو MBS، والسعوديون يكرهون القطريين، ولذا كان اجتماع حمد مع ترامب فرصة لها قيمة لا نهائية.
كوكتيل من الجمبرى، واللحم المشوى، والسلمون المشوى، وكان الطعام ممتازا كما هى العادة فى ممتلكات ترامب، واستمر العشاء لساعتين، وفى تقديرى أنه نظر فى قضايا مختلفة مهمة للرئيس وحمد. وشعرت أن كل من كانوا فى الحجرة ينظرون إلى الثلاثة على طاولتنا باهتمام شديد.. شعرت كما لو كنت أنظر إلى بطاقة مراهنات للسلطة ولكن لدى جميع أرقامها الصحيحة وجائزتها كانت ٧٠٠ مليون دولار. كنت متأكدا أن ترامب يؤازرنى وأنه فى النهاية فإن كل مشاكل «ستورمى دانيل» (ممثلة أفلام جنسية «بورنو» عاشرها ترامب عام ٢٠٠٦ ولما هددته إبان حملته الانتخابية بإذاعة الواقعة قام مايكل كوهين بتسوية الموضوع مقابل ١٣٠ مليون دولار) سوف لن تكون أكثر من زوبعة فى فنجان قهوة. لا شىء سوف يحدث لى، كنت متأكدا مهما كان الأمر.
وبينما كان ترامب وحمد وأنا فى طريقنا عبر الحجرة بعد تناول الطعام أكدت على تقديمه إلى «فرانكلين هانى» المطور الذى كان فى طريقه لأن يدفع لى عمولة سمسار قدرها ١٠ ملايين دولار، بالإضافة إلى ١٥٪ فى الشركة إذا ما ساعدت فى الحصول على قدير ضئيل من المال لمحطته النووية. فقد كان حمد بن جاسم قد التزم توا باستثمار ٤٥ مليار دولار فى الولايات المتحدة، ومن ثم فإن استثمارا بسيطا بمقدار ٢ مليار دولار فى مشروع هانى بدا ليس فقط أمرا معقولا، وإنما هو مرجح أيضا.