لأنني مهتم بالشأن الأثري منذ زمن بعيد وحتى اللحظة، وإلى أن يشاء الله العلى القدير لي أن أغادر هذه الدنيا، فقد آلمني جدا ما وقعت عليه عيني من "هرتلة" يوم الاثنين 14 سبتمبر 2020 بأحد الموقع الالكترونية المصرية نقلاً عن "مُدع" أو "خرفان" أمريكي يُدعى "دكتور كريس نونتون" عن الهرم الأكبر تحت عنوان: "الفراغ الكبير بالهرم الأكبر يتطلب هدمه".....!!.. وفي التفاصيل:
-"داخل الهرم الأكبر أسرار وكنوز لم يفصح عنها ولم تكتشف حتى الآن، وعلى ما يبدو أنها لن تكتشف أبدًا، حيث قام عالم الآثار الدكتور "كريس نونتون" بتفصيل أحد أكثر الاكتشافات إثارة للاهتمام داخل الهرم الأكبر في الجيزة لموقعExpress.co.uk" "، ولكن هناك مخاوف من أننا قد لا نكتشف محتوياته الحقيقية أبدًا"، ويضيف:
- قبل خمس سنوات ، تم إطلاق مشروع " "ScanPyramidsلتوفير العديد من التقنيات غير الغازية وغير المدمرة التي قد تساعد في توفير فهم أفضل لكيفية بنائه منذ أكثر من 4500 عام، بعد ذلك بعامين، أعلنوا عن اكتشاف "الفراغ الكبير"، وهو تجويف يبلغ ارتفاعه 30 مترًا لم يكن معروفًا، ولكن لم يحدث أي تطوير منذ ذلك الحين"، ويستطرد:
-"لا يتوقع الدكتور نونتون أن يتغير ذلك، حيث قال في حديثه: "لا أستطيع أن أرى الكثير من الاحتمالات ، في الوقت الحالي ، أن المعلومات الجديدة ستأتي من الهرم نفسه"، ويتابع:
-"تم حفر المنطقة المحيطة بها على نطاق واسع للغاية، وهناك أجزاء من الجيزة لم يتم حفرها بعد بشكل كامل ، لكن لا أعتقد أنها من المحتمل أن تخبرنا بمعلومات ضخمة، ويسترسل:
- "كان اكتشاف الفراغ مثيرًا للاهتمام ، على الرغم من أن التقنية التي تم استخدامها للقيام بذلك تم التخطيط لاستخدامها لبضع سنوات"، ولكن هناك حاليًا الكثير من القيود المفروضة، والمشكلة ، كما هو الحال مع الوضع الشاذ في مقبرة توت عنخ آمون ، حتى تتمكن من الذهاب والدخول إليه ، لا يوجد شيء يمكنك قوله حقًا"، ثم يهزي المُدعي الأمريكي قائلاً:
- "لا توجد طريقة للوصول إلى الهرم دون تحطيمه، لحل لغز هذا الفراغ الكبير، "ما لم يكن هناك تقدم في الروبوت الذي تم تشغيله هناك قبل بضع سنوات ، ولكن بقدر ما أعرف أن هذا المشروع قد توقف الآن".....!!.. وهنا نطرح السؤال التالي على أساتذة وخبراء الآثار المصريين:
-ما ردكم على كلام هذا الأمريكي عندما يقول: "لا توجد طريقة للوصول إلى الهرم دون تحطيمه، لحل لغز هذا الفراغ الكبير"......؟؟!!
كلام في منتهي الخطورة، جعلني أسترجع ما نُقل عن المحاولات الفاشلة للإضرار بالهرم الأكبر عام 820 ميلادية، وذلك عندما نظم الخليفة المأمون حملة من: المتخصصين للبحث عن الكنوز المزعومة داخل الهرم الأكبر، لكن الحملة فشلت في العثور على مدخل الهرم، لذا قرر المهندسون أن يحفروا في الأحجار الصخرية التي تشكل جسم الهرم، لكنهم فشلوا أيضاً.
وأثناء الحملة الفرنسية على مصر، حاول الجنود الفرنسيين الإضرار بالهرم وأبا الهول بمدافعهم، وظلوا أيامًا يطلقون عليهما، لكنهم لم يفلحوا فيما يريدون، وسرعان ما انتهت الحملة الفرنسية على مصر إلى اللاعودة.
أما في عهد محمد على باشا - والى مصر – فقيل أنه أمر مهندسيه ببناء القناطر الخيرية بأحجار من الهرم الأكبر، لكن المهندسين رفضوا الفكرة بعدما درسوا الموقف، مبررين ذلك بأنه "لا يمكن هدم الهرم لبناء القناطر بأحجاره، لأن قطع الحجارة من محاجرها بالجبال أسهل بكثير من انتزاعها من جسم الهرم، لأن انتزاعها منه يحتاج إلى جهد ضخم وكبير لا يقدر عليه أحد.
وعلى قدر حزني ويأسي وهمي مما قرأته عن أعداء الحضارة المصرية، فقد كنت سعيداً جدا عندما وقف الرئيس الفيتنامي أمام الهرم الأكبر أثناء زيارته لمصر يوم 28 أغسطس 2018، وقال: "إنه إذا استطاع أن يبنى الإنسان هرمًا كهذا، يستطيع أن يفعل أى شىء"، أما "هيرودوت" المؤرخ الإغريقي المُلقب بـ "أبو التاريخ" فقال أن "كهنة مدينة "أون" – مدينة الشمس، أو هليوپوليس، هي المعلم الوحيد الظاهر حاليًا لمدينة عمرها 7 آلاف سنة، كما كانت أول مركز لعبادة الشمس، وهي مدفونة تحت منطقة عين شمس ومنطقة المطرية القريبة منها - أخبروه بأن سر العالم والحياة موجود داخل الهرم الأكبر، ولو عرف بعض أسراره لغير الكثير من حياة العالم".
وحتى يعلم القارئ العزيز خطورة ما تم نشره نقلا عن المُدعى الأمريكي، لابد من العودة إلى ما كتبته منذ 5 أعوام تقريبا عن هذا المبني العظيم، إذ يعلم جميعنا – كمتابعين لهذا الملف إلى جانب الخبراء والأثريين - بأن هدف هذا الأمريكي وغيره من الجماعات والمنظمات المشبوهة، هو الترويج لأكاذيب سخيفة بأن المصريين القدماء ليسوا هم من بنوا الأهرامات.....!!
في بداية تسعينيات القرن الماضي، طلب المعهد الألماني للآثار تكوين بعثة مشتركة لاستكشاف الفتحات الموجودة بحجرة الملك خوفو، والتي تعرف خطأ باسم "فتحات التهوية"، وتم بالفعل إدخال إنسان آلي "روبوت" يحمل كاميرا دقيقة إلى المكان المقصود.
وردد المعهد المشار إليه مزاعم حول ما يخفيه هذا الباب، وأثمرت تلك الأكاذيب لهذا السر المزعوم أنه تم الإعلان عن تفاصيل هذا الكشف بعد ثلاث سنوات، وبالتحديد في أبريل عام 1993، وهو عبارة عن "حجر الصغير ذي مقبضين نحاسيين" أطلق عليه "الباب السري".
وقد جاء الإعلان عن هذا الكشف من خلال فيلم تسجيلي أذيع في ألمانيا دون علم هيئة الآثار المصرية للأسف الشديد آنذاك، وهو الأمر الذى ترتب عليه ظهور أزمة في "الآثار" جعلت قياداتها يقررون عدم السماح للبعثة بالعمل مرة أخرى.
ورغم هذا لم يتعلم المسئولون الدرس، إذ إن نفس الموقف تكرر فيما بعد مراراً، وهذا ما أوضحته منذ أربع سنوات تقريبا "صحيفة لوفيجارو" عن التوصل لفجوتين بالهرم الأكبر، الأمر الذى جعل مدير منطقة الهرم آنذاك يهرول بتكذيب الخبر من باب ذر الرماد في العيون للجرائد المصرية.
وفى عام 1993 طلب وفد ياباني عمل ثقوب جديدة لنفس الادعاءات، وقد تم بالفعل الموافقة للفريق الياباني بثقب الهرم بدعوى إن أعضاءه سيتعاونون معنا بالتكنولوجيا اليابانية المتطورة، ثم بدأ اليابانيون في العمل داخل الهرم باستخدام معدات غير مخصصة لعمليات الآثار.....!!
وبالتالي لم يتم التوصل إلى شىء، بينما تم استغلال هذه الأعمال في الدعاية للآلات المستخدمة وتسويقها تجارياً بإعلان صورها وهى تعمل في أحجار الهرم في ظل صمت مخز من جانب قيادات الآثار.....!!
مع بداية عام 1994 وقع "المحظور"، حيث ظهرت شروخ في مقبرة خوفو عندما حدثت المفاجأة بظهور شروخ جديدة "إضافة للشروخ القديمة" بإحدى أركان حجرة دفن الملك بطول حجم الحجرة العلوية، هذا ما أكد عليه مصدر أثري حينئذ، لافتا إلى أنه لاحظ وجود أعمال حفر في أرضية الحجرة بجوار تابوت الملك، مما تسبب في الثأثير على الحائط.
وأشار نفس المصدر إلى أن البلاطات التي تغطى الحجرة، يصل وزن البلاطة الواحدة إلى عدة أطنان، وأنه سبق اكتشاف فراغات أعلى الحجرة لتخفيف الحمولة عنها، وكان هذا في أواخر القرن الماضي، ورغم أن هذا الأمر كان كافياً لعدم تكرار التجربة، إلا إنها تكررت عام 1995، ورغم مرور عام 2000 دون الكشف عما تم الترويج له من أسرار مختبئة داخل الهرم الأكبر، إلا أن محاولات عمل مثل هذه الثقوب لم تتوقف.......!!
وبالتالي استمرت مهاترات وأكاذيب المُدعين بحجة معرفة السر وراء "الباب الصغير ذي المقبضين النحاسيين" داخل الهرم بعد تجربة الألمان عام 1993، تم السماح لجمعية ناشيونال جيوجرافيك الأمريكية باستكمال هذه الدراسات، فكان واقع الحال أنه تم السماح للألمان واليابانيين، و حتى أحد الهواة ويدعى «كريزل» بعمل ثقوب في الهرم، وما حدث حينها – بحسب ما كتبه زميلي الكاتب الصحفي على القماش في مؤلفاته ومقالاته - هو السماح لفريق الجمعية المذكورة - بواسطة إنسان آلي جديد - بدخول الفتحات الموجودة بحجرة الملك لاستكشافها.....!!
وبالفعل، تم نقل الحدث على الهواء مباشرة، حيث شاهده معظم العالم، بالطبع عدا مصر والشرق الأوسط، نظراً لأن عملية البث أذيعت قبيل الفجر....!!، وقد ربحت الجمعية الأمريكية مئات الملايين من الدولارات بعد أن حصلت على حق الامتياز فى تسويق الحدث إعلامياً......!!
وجاءت المفاجأة فى إعلان مذيعة التليفزيون المصرى من خارج الهرم نقلاً عن مذيع الجمعية الجغرافية من داخل الهرم بعفوية شديدة أن «الهدف من الثقب هو العثور على المخطوطات التى تزعم وجود مزامير وألواح التوراة و أوراق عن قارة أطلانتيس المفقودة».......!!
في هذا السياق، أوضح خبراء وأساتذة الآثار إن الهرم الأكبر بُنى بنظرية تفريغ الهواء، وأن هذه الثقوب يمكن أن تتسبب في كارثة انهياره، فالأمر الثابت علمياً لدى الأثريين وعلماء الهندسة المعمارية الأثرية، أنه يوجد بالهرم الأكبر عدة غرف صغيرة جداً، صممت خصيصاً لتحمل أثقال الأحجار الفوقية لتخفيف الضغط على الممرات والغرف، وهذه النظرية معروفة عالمياً بنظرية "تفريغ الهواء"، وهو أمر يشهد بأعجاز وبراعة المهندس المصرى "حم إيونو" الذى أشرف على بناء الهرم الأكبر.. وللحديث بقية.